مساء الخير أستاذتي الفاضلة
أنا أستاذ........ من السعودية معلم علم نفس تربوي، عفوا على إزعاجك ولكن لدي مشكلة تتعلق بابني البالغ من العمر 9 سنوات.
وهي أنه يخاف جدا من أي شيء من لسعة الحشرة ومن الحكة ويخاف من أي مغص أو ألم ويخشى أنه سيموت ويبكي ويقلق بشكل كبير وهذه حالته منذ سنوات عمره الصغيرة، والمشكلة الأكثر إيلاما هي أنه يخاف أن ينام لوحده في غرفته وحتى لو نامت معه أخته، ويجلس وهو في قمة النعاس ولا ينام إلا بجنب أمه
ولقد تحدثنا معه وطبقنا كل ما يقول علماء النفس عن توفير بيئة مناسبة له، فأنا وأمه نحب بعض جدا وهو يرى كيف علاقتي بأمه التي تقوم على المرح والدعابة والثقافة، ونحن نعيش في بيت كبير جدا يضم آباء وأمهات وأخوات ولكن لا يضم إلا بنت صغيرة هي أخته وهو فقط
لقد طبقنا معه كل شيء فلقد تحدثنا معه كثيرا وناقشناه بروية ومرح، وتركنا له غرفة نومه مضاءة ومفتوح الباب، ولقد دربناه على قراءة الفاتحة والمعوذات والآيات وغيرها فهو في الصف الثالث، فمرة يدعي أنه خائف من وحش شاهده في التلفاز ومرة كابوس، ونحن دائما نناقشه ونقنعه فيقتنع ويهدأ لأسبوع ثم يرجع مرة أخرى.
هذه المشكلة أصبح لها سنوات ونحن نعاني معه خاصة في الأجازات الطويلة حتى أني فكرت في عرضه على طبيب نفسي حيث أن مشكلته أصبحت متعبة ومحيرة، فهو يخاف الآن فقط من النوم لوحده في غرفته ونحن نقنعه بكل الخرافات والخيالات في التلفاز ونراقب له كلما يعرض في التلفاز ونناقشه ونقنعه ولكن لا فائدة، وصدقيني لست أبالغ لك إذا قلت لك بأني قد قرأت أكثر بحوثكم في الموقع
فوجدت أن البيئة التي تنشدون قيامها في كل أسرة من حب وحنان وحزم واحترام الذات نعيشها أنا وزوجتي وأولادي ولكن هي مشكلة خوف مصطفى من النوم لوحده فأرجو أن تشيري علي بماذا أفعل أو أصنع وتقبلي أسفي لإزعاجك، ولا حرمني الله من مقالاتك وأفكارك
6/2/2004
رد المستشار
الأخ العزيز أهلا وسهلا بك، وصلتني استشارتك من الأخت المستشارة أ.نفين عبد الله، وأعتذر لتأخري في الرد، وما نستطيع استنتاجه حسب وصفك لمخاوف ابنك المتعددة والمتباينة والمستمرة معه رغم محاولاتكم المعرفية معه والتي تحسنه قليلا ثم ينتكس، هذا الوصف يجعلنا نفكر في ما نسميه اضطراب القلق الرهابي في الطفولة Phobic anxiety disorder of childhood فقد يكتسب الأطفال مثل الكبار، خوفا يركز علي نطاق واسع من الأشياء أو المواقف.
وأنا أخذت هذا الانطباع التشخيصي لأننا في الطب النفسي نستخدم هذه الفئة فقط لتشخيص المخاوف الخاصة بمرحلة نمائية معينة عندما تستوفي المعايير التالية:
(1): تكون البداية في فترة عمرية ملائمة نمائيا، وهذا ما حدث بالفعل كما يفهم من قولك: (يخاف جدا من أي شيء من لسعة الحشرة ومن الحكة ويخاف من أي مغص أو ألم ويخشى أنه سيموت ويبكي ويقلق بشكل كبير وهذه حالته منذ سنوات عمره الصغيرة)
(2): تكون درجة القلق غير طبيعية سريريا (إكلينيكيا)، وهذا واضح
(3): لا يكون القلق جزءا من اضطراب أكثر عمومية، وهذا ما سيفصل فيه الطبيب النفسي.
وبعض هذه المخاوف (أو الرهاب) ليس جزءا طبيعيا من الرهاب النفسي والاجتماعي، وتظهر بدرجة ما في أغلب الأطفال وينطبق هذا مثلا علي الخوف من الحيوانات في فترة ما قبل المدرسة، إلا أن من الواضح أن عددًا من العوامل قد تضافر في حالة ابنكم بحيث أنني أنصح لا بالعرض على طبيب نفسي فقط، بل أنصح بالمتابعة والمواظبة منكم كأسرة أنت وزوجتك وأخت الولد أيضًا.
وليس ذلك لأن نقيصة لا قدر الله توجد في الأسرة التي أفهمتنا أنها بفضل الله رائعة، ولكن لأن آليات التفاعل النفسي داخل الأسرة جزء مهم جدا من العلاج في مثل هذه الحالات، وأحسب أن تواجدكم مع الطفل في الجلسات سيجعل بإمكان الطبيب النفسي ألا يلجأ للعقاقير وهذا ما أظنك تفضله، كما أنني أنصح بسرعة العلاج قبل أن يؤثر الخوف في تركيبته النفسية.
ولا أدري بالتحديد ماذا تقصد بقولك أن المشكلة تزيد في الأجازات؟، مع أن الأكثر ورودا إلى عيادات الطب النفسي هو الطفل الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة، وهذا ما يسمى برهاب المدرسة School Phobia وهو أحد أهم علامات ما نسميه الآن اضطراب قلق الانفصال في الطفولة، المهم أنني أنصح بألا تترد في اللجوء إلى أقرب الأطباء النفسيين، وأنصحك بقراءة:
أخاف من النوم في الظلام
وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا بأخبارك.