عمري ضاع مني
الابنة الختيارة الصغيرة
(على فكرة ختيارة يعني: عجوزة ... تخيلوا ..29 سنة وبتقول عن نفسها عجوزة !! .. الله يجيزيك ضحكـتينـي.. مع إني ما ليش نفس أضحك النهاردة
أمال إحنا بقى نبقى إيه ؟؟ .. ده أنا عديت الـ 50 سنة ولسة بركب البسكليت مع بناتي - البسكليت للي ما يعرفش يعني عَجَلة )..
مشكلتك يا بنتي إنك محبطة.. مكتئبة... آدي كل الحكاية .
ولو قعدت وحاولت تحللي أسباب هذا الاكتئاب .. ها تقدري تحلي مشكلتك.. بدون أي من الدكاترة الأفاضل (ولو إننا ما نستغناش عنهم طبعاً) .. وبدون فتاوى من الدكر (اللي هو أنا يعني) .
أنا ممكن أقولك على سبب أو اثنين من تلك الأسباب.. الأول: ولادة طفلك(وما يمثله ذلك من تحدي ومسئوليات جديدة)، والثاني: ابتعاد زوجك عنك بعد الولادة لأسباب منطقية قد لا تريـنها أنت كذلك.
الطفل الأول:ولادة الطفل الأول كارثة ..ومصيبة كبيرة.. لا يدرك أبعادها إلا مجرب ..واللي يقولك غير كده يبقى لسه ما خلفش .
البكاء الغير منقطع .. بداعي ومن غير داعي، والترجيع، والشخاخ (أرجو المعذرة ولكن هو اسمه كده ..مهما حاولنا نلطف المعنى..أو الرائحة).. والبامبرز (قطيعة تقطعه وتقطع سنينه) ..والأكل : تأكله إيه المخلوق الصغير ده .. خصوصاً إذا كان مش عاوز يرضع ؟ وأمه لا تعرف كيف ترضعه ؟ ده إذا لديها لبن أصلاً ..
كمية مركزة من المشاكل المتلاحقة لا تجد لها حلاً. ولما تشتكي يقولوا لك: أنتم بتدلعوا ..حسرة علينا كنت مخلفاك أنت، وحامل في أخوك التاني، وأختك كانت على كتفي ولسه بترضع (ناقص تقول لي : وكنت بأسوق الأوتوبيس بإيد واحدة) وعمري ما اشتكيت .. طبعاً دي كانت أمي اللي بتقول .
طبعاً كان لابد من التعاون مع زوجتي في هذه الكارثة ..لأنها مسكينة ..الولادة الأولى كانت صعبة، إستدعت عملية توسيع لتسهيل الولادة، وكانت تعاني من آلام الخياطة ..ومش طايقة تبص في وشي ..علشان أنا السبب في كل ده . وقالت لي بالحرف : دي أول وآخر مرة أخلف ..وإذا كنت عاوز ولد روح إتجوز واحدة تانية (طبعاً أنكرت تلك الواقعة لاحقاً، وجابت لنا إبنتنا الثانية) .
طبعاً دلوقتي بأحكي لكم الحكاية وعمالين تضحكوا ..لكن ساعتها ما كانتش مضحكة بالمرة . كانت شبه اختبار للأعصاب.. وللحب كمان.. وانتصر الحب، ما قصدته إن تجربة الطفل الأول هائلة بدون شك ..وممكن يترتب عليها مشاكل كثيرة. وعلى الزوج أن يعي ما تمر به زوجته من مشاعر وأحاسيس، وأن يدرك أنها مسئولية مشتركة وألا يلقي بالعبء كله على الزوجة . أنا عن نفسي - عند ولادة بنتنا الأولى - كنت ست البيت في الأربعة أشهر الأولى .. بأطبخ (مش طبيخ بالمعنى العلمي للكلمة ولكن حاجة قريبة كده ..مش كده وبس : وبآكل منه .. وده كان أصعب من الطبخ نفسه)، وأغسل، وأنظف البيت .
وكنت لما أشتكي من كتر الطلب على البامبرز، وأنه لازم يكون هناك تقـنين لاستخدامه ..كنت أتهم بأني بخيل .. وجلدة . ولما أتعب وأقول لزوجتي قومي أعملي لي فنجان قهوة .. كان يتفـتح موضوع الخادمة، ومش كان زماننا مرناحين دلوقتي ..بالمناسبة..أنا ضد فكرة الخادمات ..ليس عن بخل .. ولكن أحب أن أكون على طبيعتي في بيتي، وكمان عاوز زوجتي تعتمد على نفسها وتتحمل مسئوليتها في بيتها . وكمان عاوز أولادي لما يكبروا يبقوا رجالة (قصدي يبقوا نسوان رجالة) يعتمدوا على نفسهم .
عارفين .. إحنا ما جبناش خادمة إلا من وقت قريب .. بعد عشرين سنة زواج ( أقصد بعد عشرين سنة شغل) وزوجتي وبناتي كانوا معارضين للفكرة .. ولكنني رأفت بزوجتي المناضلة .
ابنتي " العجوزة "
الطفل الأول اختبار كما قلت لك ..وتحدي ما بعده تحدي . وأدعو زوجك أن يبادر بتحمل مسؤوليته عن عملته السودة ..وصدقيني ..سوف تمر السنين وها تقعدوا تفتـكروا الحكايات دي وتتـندروا بيها، وتتحسروا عليها بعد ما الولاد يكبروا ويخنشروا، السبب الثاني(للاكتئاب) ..ابتعاد زوجك عنك بعد الولادة:
أنت عارفة إيه أكتر حاجة بتشغل تفكير الزوجة أثناء الحمل ؟ مش إزاي ها تولد، ويا ترى الولادة ها تكون صعبة ولا سهلة ؟ يا ترى ها رضع الطفل اللي جاي إزاي ؟ ..كل ده مش مهم .
السؤال المهم هو: يا ترى جسمي ها يرجع زي زمان ؟
وتلاقيها بعد الولادة (وهي تعبانة ولسة بتتألم) عاوزة جوزها يلاعبها ويقرب منها !! طب إزاي ؟؟ وتلاقي الزوج المسكين بيحاول قدر استطاعته عدم الخوض في هذا الموضوع أو إثارته، أو الاقتراب منه بأي صورة من الصور، كي لا يثير مشاعر زوجته ويزيد همها .. رأفة بها ولعلمه بتألمها ومعاناتها .
ولكن الزوجة في المقابل تفسر هذا على إنه خلاص ما بيحبهاش ..علشان جسمها بقى مفشول .. ولاّ يمكن شايف له واحدة تانية ..ما إحنا خلاص راحت علينا .
ومع هم رعاية الطفل الأول (أنظر أعلاه).. تهمل الزوجة نفسها وتكون النتيجة إن جسمها يفشول بجد .
مش لاقي حد يقول لي ليه النسوان الأجانب لما بيحبلوا بيـبقوا طبيعيين وما تعرفش إنها حامل ؟ بعكس نسواننا.. تشوفها تفتكر إنها حامل في مجموعة عيال ؟
كله من الأمهات ..يا ختي كلي كويس ..ده أنت دلوقتي بتاكلي لاثنين !! وطبعاً صاحبتنا تاكل ..وتاكل لحد ما تبقى زي الدولاب (خزانة الملابس الشتوية) وبعدين تجيب لك عيل 500جرام !!
يا نهار اسود ..أمال الأكل اللي أنا صرفت عليه دم قلبي راح فين ؟؟ وابقى قابلني لو قدرت تنزل 2 كيلو من الـ 40 كيلو اللي زادتهم .
ابنتي العزيزة ..الصغيرة ارحمي نفسك ..وكفاك تعذيباً لذاتك . الحياة جميلة ..حتى مشاكلها جميلة ..عندما نتغلب عليها .
وإلى اللقاء غداً
19/2/2006
رد المستشار
السلام عليكمسأنتظر قبل صاحبة المشكلة مشاركتك التالية فأمثالك يا باشمهندس يجعلون الحياة جديرة بأن تعاش لا نحن كمستشارين (أعاننا الله عليكم وأعانكم علينا معلش استحملونا بجملة).
تعاطفك مع الأمهات والزوجات الجديدات رائع ويشير إلى أنك والد للفتيات مصدق للحديث ما رزقهن إلا كريم, وبموضوعية جزآك الله خيرا على مشاركتك تجاربك الشخصية لقرائنا للاستفادة منها في تخطي صعاب الحياة موضحا كيف يمكن أن تختلف نظرتنا للأمور بعد تجاوزها.
وأذكر قولي لابنتنا أن ما تعانيه قد يكون لحظة مظلمة لا تخلو منها حياة, ولو كان لدكتور وائل رؤية لبوادر أمور أكثر تعقيدا تبقى المتابعة المباشرة هي الفيصل في الحكم.
وأيا كان الحال فالجميع سيسعد بقراءة كلمات مشرقة مثل كلماتك التي تذكرني بالدكتور عاطف عزت لكم نفس روح الفكاهة (ويسألوني بحب المصريين ليه؟؟؟ من يستطيع أن يحول معاناته إلى قطع ساخرة بهذا اللطف).
تفسيرك للأمور يحتمل كثير من المنطق من المسكوت عنه من أشكال التفكير الوجودي والخوف من المسئولية بعد الإنجاب والإحساس بعظم الدور وضغط المسؤولية, أخبرتني صديقة واكبت إنجاب جميع من حولها بحب ورعاية ونصح وتوجيه بعدما من الله عليها بكرمه فأنجبت بعد أربعة عشر عاما إجابة على سؤالي إيه الأخبار "اسكتي أتاري الموضوع مش سهل خالص" أهلا بك وأرجو الله أن ينفع ابنتنا بكلماتك.
لا تتوقف لو سمحت عن دعم بناتنا ولا موقعنا بخبراتك وكلماتك ولك كل التحية.