التعثر الدراسي
أنا فتاة عمري 21 سنة تربيت في السعودية طوال عمري حيث أن والديّ كانا ومازالا هناك منذ عام 1978. والدي خريج دار العلوم، كان معلمأً للغة العربية ثم موجهاً ثم مشرفا تربويا على أحد المدارس هناك،وأمي خريجة كلية التمريض وتعمل أيضاً هناك. لي 4 أخوة الأكبر يكبرني ب12 عاما وهو طبيب عيون زوج وأب، والآخر يكبرني ب10 بسنوات مهندس، وأخت وحيدة تكبرني ب6 سنوات خريجة آداب إنجليزي وتكمل حاليا دراستها العليا, وأخ يصغرني بعامين وهو في كلية التجارة. أثناء دراستي لم أكن مهتمة أنه أنا أبقى من الأوائل زي بقية المصريين وزي إخوتي من قبلي وبابا كان نفسه دايما إن ولاده يبقوا من الأوائل ويا سلام لو كانوا كلهم أطباء يبقى أحسن وأحسن والضغط ده كان بالترغيب أحيانا وبالترهيب حينا وتم له ذلك مع أخي الأكبر ثم أخي وأختي ولكن....
وبرغم إنه بالطبع كان عازني دايما متفوقة وأبقى من الأوائل بس ماكنش بيضغط عليَ أبدا لأني كما يقولون عني في المنزل بسكوتة يعني مجرد ما بابا يزعق أو حتى يعاملني بجفاء شوية أرضخ وأنفذ فورا لغاية لما وصلت لثالثة ثانوي كان في بنت من أصدقائنا أكبر مني بسنة طلعت الأولى على المنطقة الشرقية كلها -اللي كنا فيها- وشفت فرحة باباها إزاي وقد إيه بابا إتمنى أنه يكون حد من ولاده من الأوائل على المنطقة وحبيت جدا إن أنا لازم أبسط بابا واجتهدت في المذاكرة وفعلا طلعت السابعة على المنطقة وبابا فرح ونزلنا مصر وبدأنا نناقش موضوع الكلية اللي أنا لازم أدخلها، أنا كان نفسي أدخل هندسة لأني كنت بحب الرياضيات والفيزياء وبكره الكيمياء وبابا كان عازني أدخل صيدلة، أخويا وأختي اللي أكبر مني قالوا لي أدخلي اللي إنت عايزاه خصوصا إنهم مروا بتجارب في الدراسة فاخويا كان في طب وقعد فيها ثلاث سنوات وبعدين حوّل هندسة وأختي كانت في طب وحولت آداب إنجليزي ولما حبيت أخد موقف وصممت على هندسة، تعصب وزعل مني وبدأ يعاملني بجفاء (مابقاش يدلعني كالعادة, يرد علي ردود واقفة وهو على فكرة مستعد إنه يعاملنا كده شهر, اتنين ,تلاتة لغاية لما نرضخ له في أي حاجة بيطلبها مننا) فوافقت إني أدخل صيدلة لسببين:
1- إن شخصيتي ضعيفة مع بابا ومش بقدر أقوله لأ
2- إني ماكنتش مستعدة إني أقعد في مصر وبابا زعلان مني أو بيعاملني بجفاء وخصوصا إن بابا و ماما هيسافروا السعودية.
ودخلت صيدلة أول سنة نجحت بس كنت طالعة تانية بمادة... وتاني سنة نجحت بس طلعت بمادتين وأعتقد إن سبب نجاحي في السنتين دول أنه كانت أغلب المواد خارجية يعني كمبيوتر,علم نفس، محاسبة...... إلخ وبنبقى داخلين ومعانا الامتحان وكنت بجيب في المواد ده تقدير أما بقية المواد اللي علمية زي الكيمياء العضوية والنبات إما بشلها او بنجح فيها على الرفع أو مقبول وقليل أوي لما أجيب تقدير فيهم أما سنة تالتة فبدأت بقى المواد الأساسية في صيدلة المواد التقيلة يعني زي الفارما والميكرو بيولوجي وسقطت في تالتة ودلوقتي أنا بعيدها تقريبا على كل المواد ودلوقتي ظهرت نتيجة الترم الأول وسقطت في ثلاث مواد يعني حتى لو نجحت في الترم التاني كله هعيد السنة لتاني مرة أنا شايفة سبب سقوطي,إن الدراسة بالإنجليزي ومش فاهمة المواد كويس وأني ببقى عايزه أفهمها بالعربي الأول وبعدين أذاكر لدرجة إني وديت إحدى المواد لمترجم عشان يترجمها لي عشان أعرف أذاكرها ونفسي أعمل في المواد كلها كده ده زائد إن الحفظ عندي فيه مشكلة كبيرة جدا أنا مش بعرف أحفظ خالص بحب أفهم وأتكلم من عندي.
والمشكلة إن امتحاناتنا كلها اختيارات وصح وغلط وأكمل يعني حفظ والدكاترة بيحاسبوا زي ما يكون قرآن والدكاترة عندنا بيضربوا الورق بتاع المعيدين عشان يمنعوا الدروس المشكلة عندي دلوقتي إني عايزه ما أدخلش امتحانات الترم التاني لأني مش قادرة خلاص أكتر من كده.
وعايزه أحول لكلية تانية عربي ونوعا ما تعتمد على الفهم بس أخويا ببقولي إنها مش حتفرق لأن التعليم في مصر وحش والشهادة مش هتفرق يبقى بدال ما أحول وأخسر سنين أكمل وأخلص حتى لو سقطت تاني وأختي بتقول من منظورها إني أحول خصوصا إنها لما حوّلت نجحت في كليتها وجابت تقديرات عالية وأنا مش عارفة اعمل ايه وباستخير وحاسة اني نفسي ابدا في كلية تانية مع ناس جداد مع صحاب جداد واني لو كملت في صيدلة حتبقى مش فارقة معايا ومش هاضمن إني أخد رابعة وخامسة على طول خصوصا أن المواد بتصعب وفي نفس الوقت خايفه إن بابا مايرضاش إني أحول هي ده مشكلتي.
أرجو منك الإفادة سواء في دخول الامتحانات أو التحويل؟
وجزاكم الله خيرا
23/03/2007
رد المستشار
ابنتي الطيبة؛
أشعر وأحس وأتألم لمعاناتك الصعبة، فأنت بين شقي رحى: دراسة الصيدلة الصعبة على نفسك من جهة ورغبة والدك الغامرة في إكمالك لدراسة الصيدلة وحصولك على البكالوريوس، وأن يفتتح بإذن الله للدكتورة ابنته صيدلية فخمة لممارسة مهنة مرموقة ماديا واجتماعيا لطالما حلم هو بها في شبابه، وليت الحياة يا ابنتي تسير دائماً وفق ما يرغب فيه البشر، ولكن هيهات هيهات، فحتى تحقيق الحد الأدنى للنجاح بالنسبة لك لم يتحقق خلال ثلاثة أعوام من الدراسة، ومع ازدياد صعوبة مواد الصيدلة عليك وأنا أعرف أنها تحتاج لمجهود كبير في حفظ الأسماء اللاتينية للنباتات والأدوية.
وأنا أتوجه لوالدك الفاضل المُحِب لأبنائه وبناته بالكلام أولاًً: طالباً منه أن يتيح لك حرية اختيار نوع الدراسة التي ترغبين فيها سواء هندسة أو آداب أو تجارة أو غيرهم من الدراسات الجامعية المختلفة، وأقول له أنك تعلم أكثر مني كرجل تربوي خرّج الكثير من الأجيال أن العبرة بأن يكون الطالب محباً لما يدرس ومتوائم معه وفقاً لإمكاناته وقدراته، وذلك حتى يكون المُنتَج النهائي للعملية التعليمية ألا وهو الطالب ناجحاً في حياته موفقاً فيها محبا لنفسه شاعراً بالنجاح والقدرة على الإنجاز. ما الفائدة يا سيدي العزيز أن يكون لدينا مائة ألف صيدلي ثلاثة أرباعهم لا يحبون دراسة الصيدلة؟!، ثم هم كارهون لعملهم في مجال الصيدلة بعد تخرجهم؟؟!!..
سيدي الجليل؛
لقد عشت تجربة حفصة مرتين من قبل مع أختها وأخيها وكلاهما بعد سنوات قليلة من دراسة الطب غيرا المسار إلى ما يحب كل منهما من أنواع الدراسة، وابنتك الكبرى الآن لك أن تفخر بها لأنها تواصل عمل دراسات عليا بكلية الآداب، وفقها الله وفرحك بهم جميعاً.
أيها الأب الرحيم
لقد حاولت ابنتك "حفصة" أن تحقق من أجلك -ما قد يكون- آخر أمنية لك ترجوها من أبنائك، وأظن أنك تقدر لها وتشكر لها شرف المحاولة، وكما أقول دائما أن التعليم الجيد في حياة أبنائنا من الأمور الحيوية الهامة ولكنه ليس نهاية المطاف ولا دخول الجنة، وهناك ما هو أهم من النجاح في اختبار التعليم، ألا وهو نجاح أبنائنا في معترك الحياة، والله عز وجل أعطانا الأبناء أمانة ونعمة ومتعة وزينة لحياتنا الدنيا كآباء وأمهات؛ لذا وجب على الآباء أن يسعدوا أبناءهم قدر استطاعتهم وذلك بالتفاهم والحوار معهم دائما، وأن يجعلهم الآباء أكثر استعدادا لمواجهة مشاكل الحياة القادمة، لا بأن نفرض عليهم آراءنا ونبتزهم عاطفياً أحياناً بحجة أننا الوالدان ولنا ما لنا من حقوق أمام الله ثم أمام المجتمع – سامحني يا سيدي فأنا أحياناً أشعر بأنني أبتز ولدي الصغير عاطفياً ليفعل شيئاً أريده، وبنفس الحجج السابقة، ولكنني سرعان ما أتدارك وأتذكر أنه غيري، وأن الله خلقه ليعيش بإذنه في زمن غير الزمن الذي عشت أنا فيه.
سيدي الأب المناضل من أجل سعادة أبنائه، بعد كل هذا الحوار أرجو منك أن تفك أغلال الدراسة عن رقبة ابنتك الصغيرة "البسكوتة"؛ كما كنت تطلق عليها زمان، وأن تترك لها حرية اختيار الدراسة التي ترغب بها وتشعر هي أنها ستتفوق فيها، بإذن الله، ولك أن تشترط عليها التفوق في دراستها الجديدة التي ستختارها بنفسها، ولا تأس سيدي ولا تحزن على ما ضاع منها من سنوات دراسية في كلية الصيدلة، فما درسته بالتأكيد سينفعها بصورة أو بأخرى في حياتها القادمة.
ابنتي "صفية"
كل ما أطلبه منك هو أن تجلسي مع نفسك وتحددي نوع الدراسة التي تنوين دراستها بعد أن تتركي دراسة الصيدلة، وذلك بالتأكيد بعد أن يوافق والدك على التحويل لكلية أخرى تناسب قدراتك وإمكاناتك، أما إذا أصر والدك على استكمالك لدراسة الصيدلة –وإن كنت أظنه سيغير رأيه– فالأمر لله ستكملين مشوار الصيدلة مهما طال ذلك المشوار أو قصر، ومهما عانيت من عوائق وأشواك وآلام؛ وذلك لأن البديل أقسى وأمر وهو أحد أمرين: وسامحيني لن أذكرهما لك ولوالدك من باب التبشير والابتعاد عن التنفير، وسأقوم الآن بمحو هذين الأمرين بعد أن كتبتهما!!!!.
وفي النهاية لم يعد لدي اختيارات أخرى أعرضها على والدك أولاً ثم عليك أنت ثانياً، كما أنصحك يا ابنتي الصالحة بالإكثار من الدعاء والتقرب إلى الله تعالى بكل عمل صالح، وصلوات للاستخارة أن ييسر الله لك الخير ثم يرضيك به.
وبعد ذلك أتوجه للآباء والأمهات جميعاً قائلاً:
"أتوسل إليكم وأرجوكم حملوا أبناءكم مسؤولية اختياراتهم ومسؤولية مستقبلهم منذ نعومة أظفارهم، حتى لا نفرض عليهم عند نضجهم دراسة جامعية معينة أو عمل معين أو زيجة معينة وفق أهوائنا، فهم غيرنا وزمانهم غير زماننا، وليس من العدل أبداً أن نطالبهم بتحقيق ما عجزنا نحن عن تحقيقه في شبابنا"...... اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه..... آمين
وتابعينا بأخبارك يا بنيتي الطيبة، والتي ستكون طيبة دائماً بإذن الله
واقرأ أيضًا:
التردد والوسوسة بين الصيدلة والهندسة