دور مجانين في حياتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أشكر الدكتور مصطفى السعدني على إجابته لرسالتي المعنونة دور مجانين في حياتي، كما أعتذر له عن طولها وتشتتها غير المقصود، وليست قسوتك الظاهرية في الإجابة مشكلة أبدا ولا أن لدي اضطرابا في الشخصية شيء مفزع. ولكن كل المشكلة هي كلمة المعالج النفسي فقد قلت في الرسالة السابقة أني لا استطيع بل مستحيل أن اطلب العلاج في هذه المرحلة لأسباب كثيرة قد لا تعذرني فيها بل أنا متأكدة أنك لن تعذرني فيها لذا لن أذكرها لكن ليس منها بالتأكيد نظرة المجتمع لزوار العيادة النفسية، إني ألوم نفسي كثيرا أني لم استمع لنداء عقلي عندما ذكرني بما درست في مادة علم الأوبئة أن من شروطscreening test القدرة على توفير العلاج بعد اكتشاف المرض وإلا فلا فائدة من ذلك لكن ربما هي الاندفاعية التي يتسم بها أصحاب الشخصية البينية (الحدية)، وربما تكون هي الشماعة التي تلقي عليها نفسي تصرفاتي، المهم لدي بعض الأسئلة التي لم تجبني عليها الاستشارة التي حولتني إليها لأبحث على الإنترنت عن هذا الاضطراب:
1- هل اضطراب الشخصية مرض نفسي يستلزم علاج دوائي؟؟
2 - ماذا قصدت بالمعالج النفسي طبيب أم دارس لعلم النفس؟؟
3- هل مجرد معرفة الشخص بأن لديه اضطراب يستطيع تغييره ب (إنما الحلم بالتحلم)؟دون مساعدة؟!
4- قرأت أن أصحاب هذه الشخصية يميلون لإيذاء أنفسهم وهذا غير موجود فيني أبدا بل أني أخاف على نفسي بشكل مبالغ فيه أحيانا، أيضا يميل لإيذاء الآخرين وأنا لا أقوم بإيذاء أحد إلا لو كان البادئ وهذا بالكلام فقط ،أما ما قلت عن مضايقتي لوالدي فهو ليس باحتقار إخوتي إنما أقول أنا لا أحب فلان ولا زيد عن هذا.
5- وأخيرا كنت فقط أتمنى أنك لم تقل لي يجب أن تتصالحي مع نفسك؛ أولا لأن هذه الكلمة سمعتها كثيرا حتى مللتها وكرهتها من أعماقي، فهلا تفضلت بشرحها علني أغير نظرتي لها!!
جزاك الله كل خير.
ولكم ألف شكر
12/08/2007
رد المستشار
ابنتي الطبيبة؛ سأجيب على أسئلتك الخمسة كالتالي:
أولا:
صاحبة الشخصية البينية قد تحتاج لعلاج دوائي عندما تزداد حالتها سوءاً، وذلك بعد وقوع بعض الضغوط النفسية الإضافية عليها، وهذا للأسف ما يستشعره من حولها أحيانا من أهل وأقارب، بينما قد لا يشعر صاحب اضطراب الشخصية نفسه إلا بأنه مضطهد من الآخرين ومظلوم منهم، وأنه ضحية لأسرته ومجتمعه وأصدقائه وحسب، وتلك هي الطامة الكبرى؛ أي أن المريضة غير مستبصرة بحالتها النفسية، لذلك غالبا ما يتغير أصدقاء تلك الشخصية المضطربة كل عدة أشهر أو كل عدد قليل من السنوات، وذلك بالطبع لتقلباتهم السريعة من حيث السلوكيات والأفكار والعواطف، ولا يتحمل الأصدقاء عادة تلك التقلبات السريعة، وكذلك نوبات الغضب التي تكون واضحة لديهم.
الإجابة عن سؤالك الثاني هي:
يشتمل فريق العلاج النفسي على الطبيب النفسي (خريج كلية الطب) والحاصل بعد تخرجه على تخصص ما في الطب النفسي، وهو الوحيد المسموح له بكتابة ووصف الأدوية النفسية للمريض النفسي، والأخصائي النفسي وهو خريج كلية الآداب قسم علم النفس وله الحق في التوجيه وعمل جلسات العلاج النفسي وعمل الاختبارات النفسية التي تساعد على التشخيص وفي تقويم مدى تقدم العلاج، وكذلك الأخصائي الاجتماعي الذي يشرف على الجانب الأسري والاجتماعي للمريض،ثم المرشد الديني والذي ينمي الجانب الديني ويرشد إليه لدى المريض، ثم الممرضة النفسية والتي تشرف على منظومة العلاج ككل وتنفذ العلاج الدوائي وبالذات في المصحة أو المستشفى النفسي، وقد تساعد في عمل بعض جلسات العلاج النفسي للمريض (بعد حصولها على دورات وورش عمل متخصصة في مختلف أنواع العلاج النفسي المتاحة)، وهي أكثر أعضاء الفريق العلاجي قربا من المريض، لأنها تقضي أوقاتا طويلة مع المريض يوميا.
الإجابة عن السؤال الثالث:
عليك دور كبير يا ابنتي في التعديل من شخصيتك وجذبها وبشدة نحو الوسطية والاتزان، بمعنى أن تحاولي دائما التزام بأوسط الأمور من حيث الفكر والاعتقاد، وفي عواطفك؛ بمعنى أن تحبي من تحبين هوناً ما، وأن تكرهي من تكرهين (لمعصيتها وبعدها عن الله عز وجل مثلا) هوناً ما، وأيضاً من حيث السلوكيات فلا تجنحي وتستسلمي لنوبات الغضب والعنف بل عليك كما قلت أنت بالتحلم والأناة والصبر وطول البال، وأن تقدمي وتلتمسي الأعذار دائما للآخرين، وعليك أيضا بالتسامح والعفو عمن تجاسر وأخطأ في حقك (بدون قصد غالباً) وقدم الاعتذار اللازم، وبالذات إذا كان هؤلاء الأشخاص مثل والديك وإخوانك ثم مع أقاربك وأصدقائك.
الإجابة عن رابعاً:
معك حق في موضوع إيذاء المرضى باضطراب هذه الشخصية (الشخصية البينية أو الحدية) لأنفسهم بمحاولات الانتحار وأخذ جرعات زائدة من الأدوية عند شعورهم بالإحباط، أو بتقطيع جلد بطنهم وأحيانا أيديهم وأرجلهم "بالموس أو الكتر"، ولكن تذكري يا بنيتي أن من الكلمات والعبارات ما قد يجرح بعض الناس ويكون أكثر إيلاما بل وقتلا من السكين والسيف والخنجر بل ومن الطلق الناري أحياناً، وكما قلت لك من قبل عليك بالتسامح والعفو قدر استطاعتك وعدم مقابلة الإساءة بالإساءة دائما بل تأني وتريثي دائما في استرداد حقك، وإن نويت الانتقام فلا تزيدي عن استردادك لحقك فقط بلا زيادة وبلا عدوان؛ (لأن أصحاب الشخصية البينية غالبا ما يميلون إلى العدوان بحجة استرداد حقهم وتأكيد ذاتهم).
أما إجابة سؤالك الخامس والأخير فأظنها قد وصلتك الآن، فأجمل ما تصل إليه الشخصية المتزنة الناضجة هو التصالح مع النفس بمعنى أن يحب الشخص نفسه، يحب تفكيره الخيِّر، يرضى عن شكله، يحب الآخرين بلا قيد أو شرط،، ويلتمس الأعذار للآخرين قدر استطاعته، يسامح الآخرين ويتسامح مع أخطائهم قدر إمكانه، يبدأ دائما بالعطاء وفي هذا قمة سعادته، وقد لا يأخذ مقابل كل ما يعطيه لكل الناس في الدنيا، ودائما ما يساعد الملهوف والمحتاج ولو كان قد آذاه في يوم ما، هذا باختصار هو قدرتك على التصالح مع نفسك، وتلك هي علامات التصالح مع النفس، فلا تجدي إنسانا متصالحا مع نفسه يحسد أو يحقد أو يطمع أو يعتدي أو يظلم أو يكره (إلا ما يُغضِب الله عز وجل؛ فالناضج يكره كل ما يُغضِب الله عز وجل، بل ويحاربه)، ولكي تستزيدي معرفة عن طبيعة شخصيتك يا ابنتي العزيزة: أرجو منك أن تقرئي هذي الاستشارة على مجانين:
عاشقة للشراء وعصبية وحدية جدا
والآن قد انتهيت من الإجابة على كل أسئلتك، وبقي عليك التنفيذ؛ بمعنى أن تبدئي في مداواة نفسك وأظن أن عليك مجهودا كبيرا في تطوير وعلاج نفسك وذاتك، وتابعينا بأخبارك.