بين المتناقضات: كيف نكون أنفسنا؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور الفاضل أحمد عبد الله أود أن تجيب على أسئلتي واستفهاماتي فقد لمست من خلال إجاباتك عمق فكري رائع أستسيغه كثيرا وأقدر فيك إعطاءك لكل استشارة حقها من الإجابة جزاك الله خيرا.
ما أود أن تساعدني فيه هي شخصيتي فأنا أعجب منها كثيرا فكلنا يلمس في نفسه متناقضات سبحان الله لكن كيف نتقبل هذا التناقض في شخصيتنا وهيئتنا وكيف نتعامل معها من يراني للمرة الأولى لا يعطيني أكثر من فتاة طيبة ساذجة في العشرين من عمرها في حين من يعرفني جيدا يعلم أني أملك من العقل والحكمة والمواهب أكثر مما يظن البعض وهذا من فضل الله.
فبشهادة من حولي وحتى ما ألمسه من نفسي لي قدرة على الفراسة وحل المشاكل وأحب كثيرا العمق الفكري [أو كما أحب أن اسميه الانفلات الفكري الذي كثيرا ما سبب لي مغص عقلي] أنا أكتب وكتاباتي على ما يصلني من تعليقات القراء أنها فلسفية عميقة وحكيمة أرمي فيها أبعادًا شتى وأحيانا بأقل الكلمات فتصل للقارئ بسلاسة عجيبة أتعلم كل ما أحاول أن أفعله الآن هو أن تتأقلم نفسي الداخلية بما فيها من قوة وحكمة ومنطق وعاطفة مع نفسي الخارجية بما فيها من طيبة وتواضع وسماحة وطفولة أمر آخر وهو أني لا أحب الكلام كثيرا إلا في الأمور التي أفهمها وأشعر بالراحة أكثر عندما أكتب فأنا عندما أتحدث أكون منفعلة ومندفعة والأفكار تسابقني فأحيانا لا أستطيع أن أوفيها حقها كما يجب والعكس عندما أكتب فأنا آخذ وقتا في كتابة أفكاري وترتيبها وإيصالها بطريقة سلسة وهذا يجعل التناقض يزيد فالذي يعرفني كاتبة قد يستغرب عندما يسمعني أتحدث وذلك لعدم انتظام كلماتي وسرعتها حدثني كيف نتوازن ونعطي أنفسنا حقها؟
كيف نعرف هل نحن نتصرف ونتعامل بما نحن عليه أم أننا نتصنع شيئا لا يليق بنا ولا بشخصياتنا الحقيقية؟ بارك الله فيك واسترسل معي في الإجابة فهذا يطمئنني..
27/01/2008
رد المستشار
أعتذر لتأخري عليك في الرد، وحين قرأت رسالتك وجدتني أهتف بيني وبين نفسي قائلا: أجيب لكم وقت منين؟!
من علامات النضج يا ابنتي أن نستطيع ضبط مشاعرنا وسلوكنا وقيمنا لنكون ذواتنا دون كثير اهتمام بآراء الآخرين، وفي الحقيقة فإن رأي الآخرين فينا يؤثر على تصورنا لأنفسنا، وصورتنا عن ذاتنا بشكل سلبي غالبا، فالناس تراك طيبة وساذجة فإذا بك تقبلين نظرة الناس، وتذهبين في محاولة للتوفيق بين الصورة التي يراك بها الناس، والحقيقة التي تقولين أنك تدركين نفسك عليها، وقد يدركك الآخرون كذلك!!
ومن السهل أن أنصحك وأرشدك أن تكوني نفسك دون كثير مبالاة بآراء الناس، ولكن في مجتمعاتنا السعيدة يبدو أن ذلك يبدو صعبا إلا بعد جهد ونضج كبير لأن آراء الناس وأحكامهم جزافية ومتسرعة وضاغطة جدا، ولا ترحم ولا تتمهل ولا تتبين، والناس نفسها مضغوطة ومشوهة ومتناقضة فكيف يمكن التعايش مع هؤلاء المرضى دون أن يتوارى الإنسان خلف أقنعة ومتاريس ليحمي نفسه من الكلاب العاوية ونظرات الفضول، واقتحام من لا يعرفون أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده؟!
وتحتاجين إلى المزيد من الاحتكاك لتعرفي نفسك أكثر، ولتتأكدي أن أحكام الناس خاطئة غالبا، ولتتدربي على ما يمكن أو ينبغي أن يكون منك حتى تعيشي متوازنة في وسط الخلل الذي يحيط بنا.
انظري إلى نفسك بتروي، وارسمي لنفسك الصورة التي تريدينها لا التي يراها الناس تناسبك، أو يتسرعون فيظنونك عليه!!
وتعلمي كيف تعبرين عن نفسك بهدوء حتى يفهمك من أمامك، ولو رفض بعد الفهم وجهة نظرك، وستعرفين صدق وجدية تعبيرك من استغراب الناس ودهشتهم، فمن يلتزم بالتفكير السليم، والمشاركة الهادئة الفاعلة، ويحرص على العطاء الدائم ولو قليلا، فإنه لن يسلم من النقد اللاذع في سياقات ودوائر تحتاج إلى العلاج أكثر مما تحتاج إلى التوائم معها أو القبول بنظرتها أو أحكامها!!
ابنتي تحتاج إلى الاسترسال، وأرجو أن يتحقق هذا إذا أرسلت متابعة تسألين فيها مجددا عن نقاط أخرى، وكلامك وردي مفتوحين للمشاركات لعل الله أن يفتح بيننا قومنا بالحق، وهو خير.