عدم الثقة بالنفس
السلام عليكم،
لا أدري من أين أبدأ؟! أنا فتاة كنت أعيش في دولة خليجية وكان أبي يعمل هناك في مهنة حرفية، كان إنساناً فاشلاً جداً لا يحسن التدبير مطلقاً، وكان كثير التدين لذلك نشأنا في ظروف مادية صعبة كونت عندي عدم الثقة بالنفس وكونت عندي حسداً وحقداً شديدين على الأغنياء هذه أول نقطة بالنسبة لي. النقطة الأخرى؛ فلقد تأخّرت كثيراً على دراستي عدة سنوات لأني رجعت إلى بلدي بسبب تسجيل أختي في الجامعة، عندها عانيت من صعوبة في الدراسة فتركت المدرسة ورحت أتعلم الدّروس الخصوصية التي لم تفدني شيئاً بسبب عدم دراستي، هناك بدأت مشكلتي في عدم دراستي الجيدة، ثم تركت فكرة الدّراسة لتعلقي بجماعة دينية تعتمد على فكرة ترك المدرسة للفتاة بعد الابتدائية.
لا أدري لماذا تعلّقت بهم، أظنه الفشل الدّراسي لأني كنت أريد التستر بالدين ولأنهم عاملوني بلطف، ولكن بدأت أحس بأنّهم يغسلون دماغي ويقنعونني بأشياء وأني أستجيب لهم بكل شيء، عندها تركتهم وبدأت بخرق استقامتي ورجوعي كثيراً عن طاعة الله عز وجل، فرجعت للأغاني وأصبحت عبادتي مقتصرة فقط على الفرائض فقط. من العام الماضي فكّرت في دراسة الشهادة الثانوية بشكل حر فلم أستطع الدّراسة عندها لم أذهب للاختبارات، وأيضاً هذه السنه نفس الشيء لم أستطع الدّراسة، مر فصل دراسي ولم أستطع الدراسة، أيضاً أحس بشيء يقبض في صدري عندما أجلس على الكتاب ولم يبق إلا بضعة أشهر على الاختبارات النهائية.
ساعدوني أرجوكم. وأيضاً أحب التّهرب من صديقاتي الجامعيات بسبب فشلي.
لكم جزيل الشكر.
3/2/2008
رد المستشار
حضرة الأخت "فاشلة" حفظك الله،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كنت لأسمّيكِ ناجحة في اتصالك بنا، وناجحة في كتابة الرّسالة بشكل واضح، وناجحة في وضع النقاط على الحروف، حيث أنك عرفتِ المشكلة، وبقي عليكِ الحل.
نعم! نعرف الكثير من المجموعات التي تارةً باسم الدين، وطوراً باسم المفاهيم العلمانية والفلسفية والإيديولوجية تحاول جرّ الناس للخضوع لإراداتها ومبادئها وأفكارها.
نعم، هؤلاء الناس الذين وضعوا نصب أعينهم مصلحتهم الشخصية في "شَدّ" أكبر عدد من العناصر للترؤس على رقابهم. إنهم الإحباطيون الذين يرون كل أخطائنا ولا يرون في شخصياتنا حسنةً واحدة، وإن لم نفعل ما يريدون، فإنهم يفتحون باب جهنم ويمسكون بعصا العقاب ويبعدون جنة الثواب، فيصبح بيدهم الخير، يعطون ويمنعون مَن يشاؤون مما تملّكوا منه أسهماً في الجنة. نستغلّ رسالتك اللطيفة لننبّه كل الناس بأن علاقتنا مع الباري عزّ وجلّ، وأن لا نُدْخل بيننا وبينه أحداً.
أما عن ظروف نشأتكِ وعدم تمكّنك من الدراسة؛ فأقول لكِ بأن الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أميّاً، وقد مدحه الباري عزّ وجلّ بأنه على خُلُقٍ عظيم، وأُخْبِرْنَا عنه بأنه سيد الكونين، لا لعظم شهاداته من "السوربون"، و"هارفرد" ونحوها، ولا لكمية أمواله "الأوناسيسية" أو "القارونية"، ولكن لما تحلّى به من صفاتٍ حميدة ومزايا تفخر الإنسانية باجتماعها في فردٍ منها.
يا أخت "فاشلة"،
"إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، فاربحي السباق لكسب رضا الله عزّ وجلّ، وعندها سوف نسميكِ ناجحة قطعاً وبامتياز. مَن يفشل بالدراسة لا يعني بأنه فشل بالحياة، فاعرفي كيف تحبي الناس وتخدميهم؛ حاولي أن تمسحي دمعة باكٍ، مرري يدكِ على رأس يتيم، أطعمي جائعاً واحداً ولو ليوم واحد، زوري مَن لا يزوره الناس، تنازلي عن "الأنا" من أجل "الهوَ"، من أجل "هم".. عندها سترين إلى أي عالَمٍ كبيرٍ تنتمين، وكم من النجاح الضخم قد حققتِ، وكم من النجاح الكبير ما زال بانتظاركِ في صفوف مدرسة الحياة البعيدة عن مدارس اللغة والرياضيات والعلوم..
وفقك الله يا فاشلة لأن تجدي في ذاتكِ كمية النجاح التي تتمتعين بها، كما ونتمنى عليكِ أن تقرأي ردّنا على الأخ أحمد النابلسي الذي يعاني من مشكلة مشابهة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته