السلام عليكم......
أنا طالبة في كلية من الكليات النظرية وعددنا كبيرٌ جدا في الكلية، أنا كنت متفوّقة في التعليم الثانوي لكن في السنة الثالثة في الثانوي مُنيت بفشل ذريع جداً وكنت فقط أريد أن أدخل أي كليّة.
أنا من الناس التي خططها طويلة الأمد ولذلك هذا الموضوع قلب كل الخطط التي وضعتها لنفسي وأحسست أني لن أنجز أي حاجة كويسة في حياتي بعد ذلك وكل عائلتنا دكاترة ومهندسون ومعيدون وصعب جداً في كليتنا أن يصبح أحدهم معيداً، بعد ذلك تجاوزت هذه المرحلة وفكرت أني من الممكن أن أشتغل شغلاً خاصاً بي.
أنا من أسرة متوسطة لكن قلت لنفسي من الممكن أن أدّخر وأعمل مشروعاً، هذه مقدمة عن الحياة التي أعيشها لكن مشكلتي الحقيقية أني متطلّعة جداً لا أحب الحياة low quality، أنا أحسد كل الناس ممن تلقوا تعليماً راقياً ومن معهم فلوس لأنهم قادرون على اختيار الكلية التي سيدخلونها وأن يختاروا مستقبلهم بأيديهم، أنا لا أريد التعليم الراقي حتى أتباهى به ولكن لأكون حاجة مهمة في الدنيا، أكون مشغولة بحاجة مفيدة وجادّة.
في الكلية عندنا الناس تافهون وفشله وأنا صرت مثلهم، أنا مثقّفة قليلاً أقرأ المواقع الطبية والسير الذاتية للأدباء والعلماء وأقرأ الروايات وأهتم بقصص حياة الناس التي يكتبونها وأشاهد أفلاماًُ تسجيلية وأتابع المواقع ومشتركة في منتديات كثيرة جداً وأقرأ كتباً للأطباء النفسيين وفي التنمية البشرية وأحب أيضاً أن أرى هؤلاء الناس كيف يعيشون وأدق التفاصيل عن أسرهم بقدر الإمكان.
أنا أعرف أن أناس كثر تعمل مثلي لكن أنا أحس بالنقص جداً، يعني تمنيت جداً مرةً أن أكون في مكان مروة مستجير بنت الدكتور أحمد مستجير، هي طبيبة وتعمل أبحاثاً في السرطان في النمسا، وبعد ذلك أنظر في حياتي أجد أني لا شيء من تراب الإنسانية، يمكن أقلّ، أنا ممكن أكون غير قادرة على إيصال فكرتي، ممكن أقدر أواصل الكلام معكم متبقاش دي آخر رسالة. شكراً جداً.
09/03/2008
رد المستشار
صديقتي؛
إحساسك بنفسك وتقييمك لها هو من اختيارك أنت، فأنت تختارين من تقارنين نفسك به وتختارين كيفية تقييمك لها. مشكلتك الحقيقية تكمن في أنك لم تحددي هدفاً خاصاً بك وتريدين أن تكوني مثل هذا أو ذاك أو هذه أو تلك، ولكن من الممكن أن تكوني أفضل منهم في مجال آخر، فما هو المجال الذي تريدين العمل والإنجاز والبراعة والاحتراف فيه؟؟
إن التعليم الراقي ليس بالضرورة يضمن كل هذا، هناك الملايين في العالم ممن حصلوا على درجات رفيعة في العلم ولكنهم على قدر كبير من التفاهة ولا يستخدمون علمهم ولا يبرعون في أي شيء سوى التنظير وانتقاد الآخرين ويكتفون بتعليق شهاداتهم في إطارات فاخرة على حوائط منازلهم ومكاتبهم كأوراق مقدّسة ولكن لا معنى لها ولا فائدة منها على الإطلاق سوى إعطاء أنفسهم الحق في التعالي على الآخرين.
حددي ما تريدين من العلم والإنجاز والحياة دون هدف محدد لا يمكن الوصول إلى مستوىً رفيع في أي شيء، هذا هو أول شيء فعله الناجحون والسعداء في الحياة، قلّدي من تعتبرينهم ناجحين، الكثير منهم أو أغلبهم بدأ بإمكانيات علمية ومادّية واجتماعية ضئيلة وفي كليات نظرية أو بلا كليات على الإطلاق.
يحضرني طه حسين وعباس محمود العقاد على سبيل المثال لا الحصر، اقرئي عنهما وافعلي مثلما فعلا. اجعلي من نفسك شيئاً أكثر من مجرد تراب أو إنسانة تعيش حياة المحافظة على البقاء فحسب وهذا لن يحدث دون تحديد الهدف الذي تريدينه والمجال الذي تحبينه.
وفّقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.