أود أن ألخص معاناتي ولكن لا أعرف لو يمكنني ذلك.. أنا عمري 25 سنة، ومصيبتي في حياتي هي والدي. بدايتها أن أبي ابن خالة أمي، وما شعرت به ولا زلت أنه إنسان متعجرف صلب جاف ومرعب.. بدأت معاناتي عندما كنت صغيرة تزوج أبي من امرأة أجنبية عربية، وقاطعنا وقاطع والدته وكل الناس، وكنا نذهب إليه هو وزوجته وكان يقول لي "هذي الجنة بعد ما أموت"، وحاول أن يغرينا بالعيش معه، وبعدها طلق تلك المرأة بعد أن اشترى لها شقة في بلدها وأمّن مستقبلها. بعد ذلك دخلنا في معمعة معالجته هو وأمي من السحر؛ فقد سحرتهم تلك المرأة، ومن ذلك الوقت ولعنة زيجات أبي مستمرة للآن، فأصر على أمي أن تخطب بنت خالتها له وهي من بلد خليجي آخر، وأحضرها لتعيش مع أمي ووالدته في نفس البيت، وطلقها بعد أن أنجبت له بنتاً..
وبعدها ذهبت أمي لتعيش عند أهلها، وبقيت أنا وجدتي لوحدنا معه في البيت.. وكان يعاقب أمي بنا دائماً، فلا يسلم عليّ ويهجرني ويعاملني معاملة "الحقير".. ومرت عليّ أيام وقتها كنت أغسل ثيابي بنفسي وقد أروح المدرسة وهي مبلولة، بعد ما كنت متعودة على العز مع أمي.. ورجعت أمي بعد ضغوطات منه علينا بأنه سيحرمنا منها، وبعدها ذهب إلى بلد عربي آخر وتزوج من مراهقة سنها بسني، وعاشت معنا في نفس البيت وبدأت مشاكلها مع أمي لكون زوجة أبي صغيرة في السن و"هبلة"، مع العلم أن أمي شخصية مرحة وطيبة وحنونة وشهمة وصابرة ومتنازلة ومتسامحة وكريمة ومؤمنة ولولا الله ولولاها لكنّا أنا وأخواني في خراب..
المهم بعد ست سنوات من زواجه أنجبت زوجته 3 أطفال، وللعلم أن أبي بخيييييييييل لا يصرف على البيت، فتعوّدت أن جداتي وأمي من يصرفون علينا أغلب الوقت ولو صرف هو بالشيء القليل، فأمي تصرف حتى على زوجة أبي وأطفالها لحد الآن من راتب عملها.. وأبي لا يشبع من النساء ولا من الزواج.. وهو من عائلة غنية ولكن دائماً يقول أن ما عنده!..
المهم بعد هذا كله وبعد زواجي أنا وإنجابي لا زال الوالد يخوض في زيجاته، وقد تزوج كذا مرة في الخارج وطلّق.. وفي النهاية "وقد بلغ السيل الزبى" تزوج من إحدى الموظفات عنده في الشركة بعدما كانت متزوجة وقد تطلقت وتزوجت من أبي بدون أن تدخل العدة! وبعدما دخلت بيتنا كضيفة شرف في إحدى العزائم، تدخل بيتنا كزوجة لأبي وغصة لا أستطيع بلعها، وأبي يريد أن يفرضها علينا وأن يجاهر بها في العائلة والمجتمع كزوجة له، وهذه سبب المشكلة فنحن غير موافقون على تقبلها وأن تدخل حياتنا لأننا أنا وإخوتي وأمي من سيتحمل نتائج زواجه وإنجابه.. ولعدم تقبلنا لهذه المرأة فهو يقاطعنا جميعاً وهذا نوع من الضغط حتى نرضى بها..
سؤالي الأهم: كيف لي أن لا أعقّ والدي؟؟ بعد الكره وبعد الجفاف وبعد الفضائح.. ويقول لي أكثر من مرة "أنا عندي عيال غيرك"؟ ما هي الطريقة التي أبرّه فيها؟.. ونحن تعودنا من صغرنا أنه لا يتصل ولا يصل ولا يسأل عنا.. كيف لي أن أتقبل أن يتزوج وينجب وأنا أعرف أن أمي هي التي تتحمل خطايا نزواته وهي التي ضمت أولاده جميعهم عندها في البيت وتحت رعايتها؟ وهذا يسلبها صحتها ومن نفسها؟
كيف أربط لساني عن الدعاء عليه؟
كيف ألا أجعل التفكير في مصائب أبي يتدخل في زواجي وألا أشك في الرجال.. وأكرههم؟.
23/03/2008
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.....
كان الله في عونك وعوضك في زوجك وعيالك خيرا عن اضطراب وتقلقل حياتك في أسرتك الأصلية. جميلة هي أسئلتك وبعضها أسهل من غيره. ستعرفين كيف تبرين والدك حين تتذكرين وتفهمين معنى البر بأنه التأدب مع الوالدين وهو أمر يسهل عليك بحكم أنك مشغولة بأسرتك الخاصة وبالتالي فرص احتكاكك بوالدك أقل كثيرا مما كانت عليه وأنت في أسرته وبما أنه مقل في الاتصال من الأساس ومقاطعكم فهذا يزيد الأمور سهولة أي أنك لن تريه كثيرا فلا تجعليه في بؤرة تفكيرك ليفسد عليك حياتك ويدفعك لسوء الظن بزوجك خاصة وكره الرجال عامة فهو ليس سوى نموذج منهم لا يمثلهم كما أن نموذج والدتك بارك الله في صحتها ورزقها مثال لعطاء الأم وليس فقط لمن أنجبت ولكن مشاعرها شملت أبناء ضرائرها في حين تخلت عنهم أماتهم فكم مثيل لها؟
كلا والديك نماذج بشرية يمثل أحدهما خير ما فيها من صبر وحب وعطاء ويمثل الآخر شر ما فيها من شهوات وأنانية ولكن يبقى كلاهما مجرد نموذج لا يمكن تعميمه وكأن رحمة الله كانت منك قريبة حين جعلت كلا المثالين أمام عينيك كي لا تيأسي من الحياة أو الناس فكما تعلمين أن الحسن يظهر حسنه الضد ولولا انفلات والدك وراء نزواتك لما أتيح لوالدتك أن تظهر ما لديها من كنوز العطاء.
لا تدعي عليه فهو يتألم من عدم استقراره دون أن يعرف لنفسه مرفأ ترسو عليه مراكبه ويشعر معه بالأمان فهو يخسر من أمنه النفسي مثلما يخسر ماله في هذه الزيجات والحمد لله أنها زيجات مهما كرهتها تبقى أمرا أحله الله فإن خطر على بالك فلا تدعي عليه بل ادعي له بالهداية وادعي لوالدتك بالصحة والبركة فما تدرين بما ينفع الله أو يدفع فوحده علام الغيوب فادعي عزيزتي بالخير دائما عسى أن تؤمن لك الملائكة بلك مثله إن شاء الله.
تذكري أن لا شيء يجبر والدتك على القيام بأمر عياله سوى رغبتها أو تدينها حتى وإن أدركت أنها مجبورة فصدقيني أن عطائها يجعل لحياتها معنى ويشعرها بالسعادة. يجب أن تعرفي حدود مسئوليتك وأنها مقصورة فقط على أفعالك فأنت لا تملكين ردع والدك ولا منع والدك من القيام بما تقوم به من تضحيات فلا ترهقي نفسك في التفكير في تغيير أمر لا تملكينه للأسف ويبقى أن نقول أن بر الوالد المقاطع يكون بالدعاء له في ظاهر الغيب وحسن الحديث عنه والأدب في معاملته عند مقابلته بغض النظر عن حقيقة مشاعرك فنحن نحاسب على أفعالنا.
تجنبي التعميم الخاطئ فما كل الرجال كوالدك ولا والدتك كباقي النساء وانظري لزوجك وحياتك القادمة بإشراق باعتبار أنها النهار الذي يجلو الليل ولا تنسي الدعاء لزوجك ونفسك ووالدتك ووالدك ولا بأس أن تذكري المجانين بخير في ركعتين السحر.