الهدية الملعونة: م. مستشار
عزيزتي أستاذة أميرة...
بداية لا يسعني شكرك على ردك.. فعندما وجدت رسالتي منشورة على موقعكم تملكتني رهبة السعادة للحظات ولم أجرؤ على فتحها وكأن كل صلواتي قد استجيبت بردك علي.. ورغم العنوان الغريب الذي سميتم رسالتي به 'الهدية الملعونة' إلا أنه بالطبع لم يمنعني من شعور الاستمتاع أن العالم ليس فارغا كما أظن.....
لقد كان ردك علي بدرجة عالية من الرقي والتفسير والعمق وإن دل على شيء فيدل على تقديرك لي ولمشكلتي وأشكرك ألف مرة عليه.. شكرا بطول نهر النيل الذي أطلينا عليه سويا...
عندما أرسلت رسالتي إليك قرأتها مائة مرة وقد أصبت بالصدمة مما في صدري من مشاعر ولم أصدق أنني كنت أعذب نفسي بهذا الشكل لكن راحة غريبة أحسست بها بعد ذلك وكأن ما في صدري من هموم ألقي خارجا وأزيح الثقل عني وعندما وصلني ردك قرأته مرارا وتكرارا كذلك كأنني أريد أن أحفظ كل كلمة منه.
أستاذة أميرة...
ربما خانني التعبير.. لكنني لا أضع اللوم على الجميع ولا ألوم نفسي فأنا أفعل.. ألوم سلبيتي واحتياجي إلى أحد... ألوم صمتي وعجزي أمام كلمة لا.. أنها كلمة صعبة جدا للقول والتطبيق ولا أظنك قد تخالفينني في هذا... وألوم نفسي بطريقة لا تساعدني على وضع الأمور في نصابها الصحيح.. ومعرفة حدود ما لي وما علي وقد يكون أكبر أخطائي هو تحميل نفسي وصبري أكثر مما أطيق... أعلم أن الحياة أسوأ فلا تظني أنني أعيش في قوقعة أعزل فيها نفسي ولا أرى غير مشكلتي.. أبدا يا سيدتي... إن معرفتي بما يزخر به العالم من شر وظلم وحرمان هو ما أبقاني حية للآن وهو أيضا ما يزيد من جلدي بقولي لنفسي دوما أنني أستطيع أن أتحمل أكثر إذا استطاع شخص آخر في مكان ما فعل ذلك!! هذا هو خطأي.. أليس كذلك؟؟
سيدتي.. قال أحد الأئمة يوما.. العلم يؤخذ من الصدور وليس من السطور.. نعم لقد قرأت كثيرا وفكرت أكثر ونظرت وتعلمت أكثر وأكثر.. لكن يبدو لي كما يبدو لك أن هذا لم يساعدني لأنه لا يكفي 'فذكائك الواضح في سطورك وقوة تعاملك النفسية مع الظروف وفهمك لهم؛ منعتني من التفكير بأنه لم يكن أمامك إلا الرضوخ لهم عن ضعف وقلة حيلة'، قولك هذا أشعرني بالفخر حقا وبالحزن وبالخوف معا... بالفخر برأيك بي وبالخوف من أن أكون أضعت المفتاح.
هل تصدقين أن القوة التي استشعرتها أنت وأشعر بها في داخلي أنا أيضا لم تقنعني من أن الرضوخ هو الخيار الوحيد المتاح.. لقد شككت بنفسي كثيرا أنني سبب ما يحصل وهذا هو الدافع الرئيسي من سؤالي النصح... لكنك ربما ظلمتني قليلا.. فعندما دخلت هذا المنزل لم يكن عمري يزيد عن ثلاث أعوام...
أوافق بشدة على قولك أنني من سمحت لهم بمعاملتي بهذه الطريقة لكن هل يوجد طفل يعيش بهذه الوحدة ويمكن أن يكوّن فكرة صحيحة ومتكاملة عن الأشخاص والأحداث والأفعال وردود الأفعال وما يجب أو يمكن أن يكون كل شيء.. لا أظن هذا أبدا... قد أخطأت ربما لكن صغر سني لم يسعفني أو يهديني لطريق أفضل ولم يرشدني أحد ولا أظن أن لولا ابن عمي ووجوده بجانبي بطريقة ما فلن أستطيع الكتابة لك الآن كما أفعل.. نعم أنا أفهمهم وأعرف مفاتيحهم كما تفضلت لكن إسقاط هذه المعلومات على أرض الواقع والتعامل معها يختلف تماما.. مثل فهم الرياضيات واستغلالها فعلا..
وهنا تأتي الحاجة إلى المرشد المفقود.... وربما كان هذا سؤالي منذ البداية.. كيف أغير الطريقة؟؟؟
لم أكن صامتة كالقبور لكن كل فعل من جهتي يقابل دوما بردود أفعال عنيفة تضعني دوما في صورة لا أتحملها فأهرب إلى تهميش نفسي حتى لا يكون لي أي ملامح اجتماعية.. فكل شيء يكبر ويصغر حسب الإطار الذي يوضع به... هل تظنين أن رفضي ومحاولتي تغيير فكرة الضحية هي الحل.
لم أوضع عنوة بصورة الضحية لكن لم يسمح لي أن أكون غير ذلك ولا أنزه نفسي لكن هذا ما هو متاح لي...
هل تظنين أنني سكنت بعيدة عنهم لأنني أريد ذلك.. أبدا.. لقد بدأت ذلك عندما كنت في العاشرة حيث بدأت بنات عمي بإثارة غيرتي _ولا أشعر بالحرج من قول ذلك_ بالمقتنيات والدلال الذي لا أحصل عليه، ولم يكن أمامي إلا الهروب...
والتعامل مع عماتي وأعمامي وذريتهم كان وما زال يتخذ نفس الأسلوب في محاولة إثارة حفيظتي وإشعاري بالنقص عنهم وهذا هو ربما سبب زهدي بكل شيء.. وهو الخيار الوحيد أمامي والذي احتفظ بسلوكه بشيء من كرامتي.. لم يكن الرفض خيارا أبدا فكل رفض على أمر يصدر لي كانت الدنيا تقوم ولا تقعد بسببه وكأنه النهاية .. أليست الطاعة أفضل بهذه الحال؟؟؟
عماتي يعاملنني وكأنني ندّ لهن... عندما أخطئ بقول جملة أو أعلق علي شيء بشكل طبيعي يؤخذ مني على محمل الجد وكأنني أتقصد كل واحدة منهن وليس أنني طفلة قد أقول أي شيء ولم يتفضل احد بتوجيهي يوما لما هو صائب إذا أخطأت فعلا..... لم يكن هذا فقط ما يجري فقد كن جميعا يضخمن أي شيء يصدر مني بشكل مبالغ فيه حتى ينبذني الجميع وكل شخص بأسلوبه ولأوضح ذلك.. فلو قلت لأحد أن لباسه لا يعجبني أو لا يليق به لكنت إضافة لقلة ذوقي وتذوقي للجمال فجة في تعليقاتي وسليطة اللسان على من هم أكبر مني وأتكلم عندما لا يطلب رأيي وهلم جرا.. أليس الصمت أفضل؟؟..
وإذا أجبت أحدا أنني لا أريد الاعتناء بطفله في غيابه لأصبحت من قواد ثورة قلة الأدب مع من هم أكبر سنا في عدم إطاعة الأوامر وتنهال علي جمل المنّ بما فعلوه لي ولن أرده مهما بذلت..... أذكر كما هائلا من الرحلات والأعراس والمناسبات التي لم أذهبها لأبقى في البيت وأعتني بأطفالهم حينا وحينا آخر لأنني لا أجد ما أرتديه ويقترب من مستوى الجميع.. لم أكن أتذمر أبدا وربما هذا هو خطأي... فقد كنت أبدل التذمر والحرمان الذي أعيشه بقولي دائما أنني لا أريد الذهاب لأنني لا أحب الذهاب وكفى وأنني لا أرتدي ما هو أفضل لأن المظاهر لا تهمّ!!
هذه هي الحياة التي أوصلتني إلى ما أنا الآن.. إضافة إلى النقد الذي لا ينتهي من الجميع.. أن الملابس لا تليق بي و جسمي ليس جميلا أبدا والألوان التالية لا تتناسب مع بشرتي والمقارنة بدون داعي مع جميع بناتهم خاصة فيما يتعلق بالأنوثة فكان الجميع يصفني وما زالوا بفاقدة الأنوثة وكنت لفترة طويلة من الزمن أخجل من كوني أنثى ولم تتغير هذه الفكرة عن نفسي وشكلي وأراها كما هي إلا بعد أن تعرفت إلى العالم في الخارج والجميع يطري على رقتي و لذلك إن وصفي لنفسي بالجمال في الرسالة الماضية استغرق سنينا طويلة من العذاب وكره الذات والخجل من نفسي ووجهي الذي لم أرَه على حقيقته إلا حديثا.. ولولا ابن عمي وأناس أقابلهم في الخارج لما علمت أن طولي الفارع وجسدي النحيل أشياء يجب أن أفخر بها لا أن أخجل منها.
كل شيء يصبح له تعريف جديد عندما يتعلق بي.. فالطعام لا يُؤكل بهذه الطريقة والباب لا يفتح هكذا وإذا تعثرت فأنا فاقدة العقل ولا أركز أبدا وإذا تلعثمت بالكلام يضحك الجميع بقوة على أفضل نكتة سمعوها في حياتهم وصوتي حاد وإن علمت لاحقا أنه ناعم وحاد كما يجب أن يكون صوت الفتاة.
لا أحد يذكر محاسني أبدا أو يثني على تفوقي وإذا أخفقت في صنع شيء يحذف أي إنجاز جيد فعلته على مذبح خطأ واحد سواء كان بقصد أو بدونه وهكذا دواليك
عندما كنت في جميع مراحلي المدرسية لم آخذ يوما مصروفا كالجميع وكنت من الجوع الذي أحس به _وأقسم على ذلك_ أقوم بأكل بقايا طعام كانت على الأرض
الخطأ الذي طالما لمت نفسي عليه هو محاولة السيطرة على الأشياء بأسلوبي وقد تبدو لك طريقة غريبة ولكن هذه هي أنا وكانت ردة فعلي تجاه كل شي تتخذ الرفض... الرفض أن يكون الوضع مسيطرا علي فأغضب أو أثور، كنت أظن وما زلت أظن أن القرار يجب أن يكون بيدي لأستطيع تحمله، وللآن لا يمكن أن أترك الطعام وأنا أحس بالشبع... أتركه وما زلت أحس بالجوع.. وفعلت أشياء أخجل من ذكرها جراء النقص الذي كنت أحس به.
وربما سأطيل عليك لكن أذكر مرة آلمتني جدا عندما كنت صغيرة أن ابنة عمتي طلبت استعارة أقراطي الذهبية وقد كنت أرتديها دوما منذ وصولي لهنا وقد رفضت بداية لأنها الشيء الوحيد من أبويّ ولأنها ذهبية أمدتني دوما باستقرار من نوع ما.. كنت أظن أنه في يوم ما عندما أحتاج إلى شيء أستطيع بيعها والحصول على ما أريد.. فقط قرطان ما كانا يمدانني بالأمان.. الشيء الوحيد الثمين الذي اقتنيه..... لكنها أصرت بقوة على أخذها وطلبت من أمها أن تسألني ذلك وعندما رفضت أخبرت عمتي الجميع كم أنا بخيلة ولا أطيعها وبأنني اتهمتها أنها لن تعيدها مع أنني لم أفعل وأزعجتني جدا بل وأرهقتني شبكة الاتصالات حتى ذهبت أنا لعندها وأعطيتها الأقراط التي لم تعد للآن.. وكلما طلبتها ترد علي عمتي بجفاء أنها ليست لصة لكي لا تعيدها فصمتّ
وعندما تحصل أي مشكلة بيني وبين أحد أبنائهم أو بناتهم كجميع الأطفال وتكون عبارة عن أشياء تحدث بين الأطفال فقط ولا شيء مهم فيها يهم يقف الجميع جبهة هجوم ضدي فإذا تكلمت بهدوء لا يسمعني أحد وإذا صرخت أكون عصبية.. وإذا تبين أن الحق علي أكون بحاجة إلى إعادة تربية وتوجيه لا أحصل عليهما أبدا وإذا تبين أن لي الحق يحجمون عن الأمر ويضعونني في موقف لا أستطيع احتماله من مراضاة ابنه عمي حتى لو كانت مخطئة لأن عمي يريد ذلك فأفعله من أجله مرغمة لأن الموضوع ينحني منحنى عصيانه أو لأن فلان أكبر مني سنا ويجب احترامه وأسباب لا تكاد تنتهي ولا تصب أبدا في الموضوع الأصلي من الحق والباطل.
بفترة ما كنت لا أتحدث مع إحدى عماتي بسبب مشاكل كثيرة تصنعها لي من العدم ونقدها المؤذي الذي لا ينتهي... وكأن كل ما يحصل لا يكفيها، لا أكرهها لكن لا أريد أن أفعل لذا توقفت عن التحدث معها مطلقا.. أو كان هذا قراري في ذلك الوقت... الجميع يقول عني الآن أنني أحب القطيعة وقاسية القلب وحقودة، أليست العزلة والصمت أفضل بهذه المحكمة المجحفة، إنني لا أسمي أي حوار بيني وبينهم إلا المحكمة الصورية، وكان الجميع وما زال من أقراني يستغل عدم وجود حامي لي للآن ويستفزونني بطرق مختلفة لكني دائما لا أرد إلا بالصمت، أغضب وأصرخ في داخلي وأبكي في وحدتي كثيرا لكن أمامهم لا أظهر أي شيء لأنهم لا يكفون يسخرون من دموعي لأنني أبكي بسرعة وبدون سبب على حد قولهم... لماذا إذن لا أعتزلهم؟؟
وعندما بدأ ابن عمي بالاعتداء علي خفت أن أخبر أحدا بذلك خوفا من أن يتهمني أنه ذنبي لذا ذهبت لمنزل جدي وطلبت منه أن أبقى هناك ووافق جدي إلا أن عماتي جميعا حتى المتزوجات أقنعوه بشدة أن يرفض لأن مسؤوليتي كبيرة كما يقولون ولأن زوجة عمي رفضت فتكاتف الجميع معها رغم اطلاعهم بالضبط على ظروفي هناك، وعندما قرر ابن عمي أنه يريد أن يدخلني الجامعة رفضت والدته بداية وأخبرت عماتي وأعمامي ودعمها الجميع بذلك ورغم إصرارهم جميعا على إكمال تعليم أبنائهم إلا أن التعليم لي لم يكن ضروريا برأيهم.. يقولون أن الحياة ممكن أن تستمر بدون تعليم ويضربون أمثلة لا تحصر لأشخاص ما زالوا على قيد الحياة رغم عدم إكمالهم لدراستهم!!! وهات من الأمثلة ما تريدين
كيف يا ترى سأختلط بهذا المجتمع بصورة سليمة ولا أكون بالسلبية التي هي أنا الآن.. أنا أقول هذا رغم إطالتي فقط لأنني لا أحتمل أن أكون بالنسبة لك كما أنا بالنسبة لهم.. أريد أن أدافع عن نفسي وأرجو أن لا تسيئي فهمي.
.. نعم لقد هربت.. بملء إرادتي لكنني أعلم أنني أكره نفسي وأعلم أنها مشكلة عويصة لم أغفل عنها وأذكر عندما كنت في السادسة عشرة وكانت تلك من أسوأ سنين حياتي أنا... إذا اطلعت على مقدار الكره الذي أكنه لنفسي.. فكنت كل يوم بعد الانتهاء من دراستي أكتب على ورقة.. إنني أحب نفسي ويمكن أن يحبني أحد حتى تمتلئ الورقة وأبقى أكتبها حتى أشعر بالاطمئنان وإن كان سرعان ما يختفي... وأعرف أيضا أن 'عدم أنانيتي' المطلقة هي مشكلة أيضا.. فقبل عامين عندما كنت مريضة وأحسست أن مشكلتي مع نفسي هي سبب المرض فعلا وليس أمرا عضويا إذ أن حواراتي مع نفسي لم تكن تنتهي حتى شعرت أنني على حافة الجنون.. كنت أعلم أن تقديري لذاتي في تلك المرحلة معدوم وبالرغم من تذكير نفسي بها وتذكير ابن عمي لي كذلك أنني فتاة جيدة لكن لم أستطع العيش على هذا الأساس وهذا التناقض بين معرفتي بالحقائق واضطراب تصرفاتي مع معلوماتي هي سبب المشكلة الرئيسة للآن... في ذلك الوقت وضعت ملاحظة تنبيه على هاتفي النقال أنني يجب أن أكون أنانية وأحب نفسي.. وكانت تذكرني بذلك كل أربع ساعات.. قد يبدو سخيفا لكن لم أستطع التصرف بأسلوب أحب فيه نفسي إن كنت قد نسيتها أصلا ويجب أن اذكر نفسي أنني ما زلت هنا.. أعرف المشكلة وأعجز عن حلها.
أما أبي فلم يعد يشغل أي شيء في فكري ولا أريده أبدا حتى لو عاد وكانت آخر علاقة بيني وبينه هي الكلمات التي شاركتك بها عنه وأقسم أنه تلاشى من عقلي تماما وأشك أحيانا أنه كان موجودا أصلا.
أما عن رأيك بابن عمي فقد توقعت كل شيء إلا ما قلته بصراحة... لم يكن شيطانا ربما ولم يكن ملاكا أيضا... لكن لا أتحمل أبدا أن يكون هذا ذنبي... ربما الآن لأنني قبلت أن أكون له، لكن عندما كنت في الخامسة عشرة مهدت له الطريق.. كيف؟ لقد كنت طفلة بكل معنى للكلمة.. بشكلي وأفكاري ولباسي وتصرفاتي وكان رجلا ضخما وخشنا وكبيرا وله سطوة وسلطة.
إذن هل هذه هي الحياة؟؟ كلما رأينا شخصا يصلح للاستغلال لا نوفره لأحد آخر.. لقد بذلت جهدا جهيدا في إقناع نفسي أن الحياة ليست هكذا وأن الخير موجود لأنه موجود وليس لأننا نطالب به ونمنحه لأنفسنا.. أليس كذلك؟
في تلك المرحلة حرمني من كل شيء ربما من دون قصد منه ولا أحقد عليه لذلك لكنه حرمني من أن أحب في سن المراهقة كجميع الفتيات.
ومن فرصة أن أكون فتاة عادية بمشاعر غضة تبكي الحب المفقود والوحيد الذي تظنه في ذلك السن.... لا يهم أن تكون أجمل مغامرة في حياتي.. فقط أن تكون موجودة تكفيني.. حرمني من الأفكار الساذجة والبريئة بيوم الزفاف والفستان الأبيض وكلام الحب المتخيل بين أي محبين.. كل هذا كان أكبر من الخيال ولا أستحقه برأيي... ألا يكفي هذا....
الاقتران الشرطي بين دخولي الجامعة وعلاقتي الجسدية معه_رغم ما فيها من مشاعر _هي سبب وصفي له بما وصفت ولا أكرهه مع كل ذلك كما أسلفت سابقا...
في أثناء الأعوام الماضية لم أكن أجرؤ على إبداء رغبتي بشيء أريده لأنني أعرف تفانيه في حصولي عليه.. لم أكن أجرؤ على طلب ما أتمناه لأنني كنت تربط دوما حصولي على شيء بحصوله على شيء أكثر.. لذا لا أبدي أي شعور بالسعادة; لأي سبب مهما كنت سعيدة وفرحة في داخلي.. يصفني دائما بالبرود وأنني صعبة المراس ولا يرضيني أي شيء وأنا أقول لنفسي دوما أنه يريد تملكي كلي وشراء عواطفي وهذا لم أحتمله
هل المشاعر التي يكنها لي كما تقولين تكفي لغفران كل شيء... في أوقات ما أتذكر أياما خلت لا أستطيع نسيانها وإن تظاهرت بذلك.. لكن كرهي لذلك الماضي ما زال حيا وإن توارى قليلا.. فأبكي أيام الخجل من نفسي بسببه وكوابيس حلول الليل.
والآن هو يخنقني بحب وحنان لم أعتده وعطاء لم أقتنع بعد أنني أستحقه لأنني أستحقه وبدون مقابل رغم أن هذا رأيك ويجب أن يقنعني بما أنني سألتك إياه... أحيانا أوشك أن أقول له.. أرجوك ألا تحبني.. لا أستطيع استيعاب كل هذا العمق والدفء أو هذه العواطف التي لا أعرف ما هي .. لكن لا أريدها وأخافها
فكرت كثيرا في رفضه لكن خوفي الشديد من غضبه وإضافة إلى سيطرته الكاملة علي لم تساعدني... خفت من كلمة سوء توقعتها دوما وأخاف الآن سماعها وخفت من الحرمان الذي مللته واعتدت الحصول على كل ما أشتهي منه فقط فيظن أنني استغليته ماديا وانتهيت منه... وخفت أن أذكره بالماضي الذي يقيدني فيتهمني بالحقد ولا يستطيع فهمي... وخفت أيضا أن أشعر بالوحدة من جديد بدونه فيتركني بعد أن اعتدت حمايته لي... وبالأصل إن اتفاقنا المشئوم يضع التزامه المادي بالإنفاق علي أمام التزامي بدفع نفسي له ولا أستطيع الرفض إذ وافقت منذ البداية بكامل إرادتي وأخشى أن يقول ذلك لي ولا أستطيع تقبل سماع هذه الكلمات منه وتقبل أنني فعلت هذا لنفسي
قد بدأت فعلا بالبحث عن عمل رغم أنني لم أتخرج بعد وأفكر بالحصول عليه في العاصمة ليكون عذرا للسكن وحدي هناك لأكون مرتاحة ويحضني هو على فكرة الابتعاد بل بالأصح هو من اقترحها علي..... فهو من زرع في فكرة أن الشخص يجد نفسه لوحده....
إذا سكنت وحدي فلن يعود أمر الزواج من أولوياتي.. فأنا أفكر به فقط هروبا مما أنا فيه وليس أن لي فكرة واضحة عن الحياة الزوجية المشتركة.. لا أستطيع حتى أن أضع التركيب 'الحياة المشتركة' في جملة مفيدة... بصدق إن فكرتي عن الرجل والجنس مشوهة نوعا ما وسأعطي نفسي فرصة قبل أن أقرر شيئا آخر وربما يجب أن أتخلص من لعنتي كهدية قبل أن أكوّن عائلة جديدة!!
وبالطبع فكرة مصارحة أحد هي شيء غير وارد أبدا.. فلا يوجد من يستطيع أن يستوعب ما حدث وإن فعل فهو ليس مضطرا للحياة مع هذا الماضي
وشكرا لك فعلا... فقد أشعرتني بالأمان وصدقا وبدون مراوغة أشعر أنني أكلمك عن كثب وليس عبر الأسلاك وكأن عيوننا تتلاقى وأنتظر كلماتك بفارغ الصبر.. فقد كان كلامك معي رائعا وعميقا ينم عن اهتمام بالغ
شكرا لك أستاذة أميرة
.. اسم على مسمى...
24/5/2008
رد المستشار
رغم غزارة المشاركات على الرد، لكنني كنت أتمنى من داخلي أن أسمع منك أنت رداً وحين وجدت متابعتك كنت سعيدة جدا لأنك فعلاً أهم شخص لي ودوما صاحب المشكلة هو أهم شخص يقدم إضافة أو استفسار جديد، ولا أتمالك نفسي أمام دقة تعبيراتك وقوتها وتدفقها ومذاق الصياغة الأدبية الجميلة فيها ولقد أشار كثير من المشاركين الذي رددت عليهم والذين للأسف لم أتمكن من الرد عليهم على تلك الملكة الرائعة لديك فلا تهدريها،
أما بعد؛ فأتصور بصدق لو أن رسالتك مبعوثة من ابن في عائلة ما تغير منها حرفاً!! وهذا ما قصدته حين قلت لك أن تصرفاتهم للأسف هي تصرفات الكثير من الأهالي حتى مع أبنائهم مباشرة فلا تلقي كل تلك المواقف على انك لست ابنتهم مباشرة، وأمامك آلاف المشكلات التي تؤيد كلامي من خلال الموقع ولكن حين نقرر أن نرفض علينا أن نتخير طريقة الرفض التي تناسب الموقف والشخص الذي سنرفض تصرفه وكذلك فهمه ونظراً لأني أراهن على قوة ذكائك فأنا أعلم انه لا ينقصك إلا القرار بأن تبذلي هذا الجهد؛
فحين تكوني على علم كاف بمفاتيح التواصل معهم ومستوى تفكيرهم ستستطيعين أن ترفضي بألطف طريقة ممكنه، ففهم الآخرين لنا مهمتنا نحن وحين نتخاذل عن توضيح صورتنا الحقيقة لهم يكون خطؤنا نحن.
أما ابن عمك يحميك من غضبة وثوراته والاتفاق المشئوم تطوره! نعم فلقد تطورت مشاعره تجاهك وصار أكثر نضوجا وفهما وحنانا عليك فأنت تحتاجينه فعلاً ولكن تحتاجينه أخاً قوياً ومدافعاً عنك تحتاجينه ظهراً يحقق لك الأمان وهذه المساحة أكبر وأبقى من مساحة "الجنس" المسروق أو حتى الزواج الاضطراري أو المجاملة وهذا هو الرهان الثاني الذي أتتصور نجاحك فيه،
أما الزواج وبناء البيت فلو أن كل منا جلس بجانب أخطاء تربيته وصار أسيراً لها لما تزوج أحد يا صديقتي فلقد كبرت بالقدر الذي يمكنك من احتواء أخطاء الماضي ونسيانه فالتسامح شيء عظيم ويحتاج لقوة إرادة وجهد وأنت أهلاً له وهذا ما سيجعلك زوجة وأما رءوماً حنونة آجلا أم عاجلاً.
ويتبع >>>>: الهدية الملعونة م1