السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الرائع.
سأحاول عرض المشكلة بطريقة مختصرة؛ أنا فتاة تعيش في أسرة مفككة فأمي وأبي منفصلان منذ زمن بعيد وأنا وإخوتي نعيش معها. أنا مختلفة عن إخوتي نوعاً ما؛ فقد تأثرت بعدة عوامل وهي انفصال أبي وأمي ومحاولة كل منهما تولي الأمور بدون الآخر وتشويه صورة الآخر.
العامل الثاني هو فقدي لكل إنسان أحبه؛ بداية من أقرب الأقربين حتى زملائي ومن حولي إما بالموت أو بالفراق بسبب ظروف الحياة أو اكتشافي أنهم كاذبون أو تغيّرهم من ناحيتي وبعدهم عني.
العامل الثالث هو عدم تفهم من حولي لشخصيتي وعقليتي وطريقة تفكيري ومع ذلك الكل يشهد لي بحسن معاملتي لجميع من حولي من قريب أو غريب.
أنا أحاول إرضاء كل من أمي وأبي حتى أرضي ربي ولكن لكي أصل إلى إرضائهم كان المطلوب مني التخلي عن أشياء كثيرة منها رأيي وعدم جدالهما لأنهما أصبحا يستخدما أسلوب الغضب فإذا لم أتفق معهما في الرأي يعلوا صوتهما وينهيان الموضوع، وهذا الأمر أثر عليّ بالسلب فأصبحت قليلة الثقة في نفسي لا أحاول تشغيل عقلي لأنني كلما فكرت في عمل شيء ما ظهرت كل العقوبات ونبدأ في مسألة الحلال والحرام -رغم بعده كل البعد عن الحرام-!
كل هذه الظروف جعلتني قاسية إلى حدٍّ ما؛ فتأثري بمن حولي بات قليلاً ودموعي لا تسكب أبداً بالرغم من احتياجي إلى البكاء. علاقتي بإخوتي تعتبر سيئة فأخي كثير الشجار معي بسبب وبدون سبب، أما أختي فهي الفاهمة في شيء ولكل شيء لأنها الكبيرة وأنا مازلت صغيرة لا أفهم الدنيا من حولي، أبي يعاملني كطفلة طائشة لا تفهم أي شيء ولا تعرف أي شيء في الدنيا غير كتبها، أمي تحاول أن تفهمني ولكنها لا تستطيع الوصول إلى ما بداخلي وهي تتعامل معي على أساس أنها تفهمني جيداً... نسيت أن أذكر أن أبي يفضل أخي علينا فإذا حدث شجار بيني وبين أخي وأخبرته يجبرني على الاعتذار حتى لو كان أخي هو المخطئ،.أبي وأمي الآن يصبان غضبهما عليّ فإذا حدث أي شيء من إخوتي يحاسباني لأنني لا أرد عليهما بعكس إخوتي.
كل هذا أدى بي أن أتجه إلى خارج البيت لكي أجد الحب والحنان فوجدته مع أصدقائي ثم مع من أحب وهو معيدي؛ شعرت منه اهتماماً ومعاملة مختلفة- مع العلم أنه لم يتعد حدوده معي- وقد لاحظ هذا بعض أصدقائي المقربون، حاولت البعد عنه ولكني لم أستطع... الآن أنا لا أراه بسبب الإجازة وأنا أريد التخلص من هذا الحب الذي لا فائدة منه.
أرجو أن تساعدوني في التعامل مع أسرتي واستعادة ثقتي بنفسي والتخلص من هذا الحب الذي لا رجاء منه غير تعذيبي.
وجزاكم الله خيراً عنا.
نسيت أن أذكر أنني رومانسية ولكن لا يمكنني التعبير عن مشاعري تجاه الأخر! فلقد حاولت التعبير عن مشاعري لأمي وأختي فوجدت نظرات وتعبيرات استغراب وتعجب فقررت الاحتفاظ بمشاعري لنفسي؛ أنا أعيش على التخيلات وأحلام اليقظة التي تسعدني وتريحني من الدنيا التي أحياها لكنني أريد التخلص منها فأنا أشعر أني مجنونة؛ أحياناً أظلّ أتحدث مع نفسي لساعات طويلة دون أن يشعر بي أحد؛ أنا أعرف أن حبي للمعيد قد يكون مجرد إعجاب أو تعلق بالشخصية التي تفهمت مشاعري وأحاسيسي في حين لم يفهمها أهلي.
أعتذر عن الإطالة ولكن أرجوكم ردّوا عليّ سريعاً لكي يضحك قلبي دائماً وليسعدني كما يضحك وجهي ليسعد الآخرين.
29/06/2008
رد المستشار
عزيزتي "م ع"؛
من الواضح هنا أن الأساس لشكواك هو نشوءك في أسرة مفككة ونقص في الحب والاهتمام في بدايات حياتك.
هذا جعلك تشعرين دائما أنك بحاجه إلى الآخرين لتستمدي منهم سعادتك ورضاك وإشباعك العاطفي, كما أن خوفك الكبير من فقدان حب الآخرين لك يجعلك مستعدة للتنازل عن أي شيء والتساهل بكل شيء وهذا يجعلك فرصة سهلة للابتزاز العاطفي ممن حولك.
الحل عزيزتي في حالتك سيكون من خلال فهمك لما سبق ومن ثم نبدأ بتعديل الأساس وهو استعادة ثقتك بنفسك, أحبي نفسك فيحبك الآخرون.
دعينا نعالج موضوع نقص الثقة بالنفس عندك ولكن في البداية سأوضح لك لماذا هو الأساس في مشكلتك فهي سلسلة مرتبطة ببعضها, فانعدام ثقتك بنفسك يؤدي إلى
ما الحل؟
أولا: حددي مصدر المشكلة:
كوني صريحة مع نفسك وابحثي عن البداية لإحساسك وليس أن تضعي اللوم على الآخرين.. رتبي أفكارك باستخدام ورقة وقلم واكتبي قائمة بالأشياء التي تعتقدين أنها سبب مشكلتك.
ثانيا: ضعي حلول لكل مشكلة:
اسألي نفسك.. ما الذي سيجعلني أسيطر على الإحساس السلبي بالنقص في داخلي؟ أين مصدر قوتي؟ ومن ثم ابدئي بكتابة حلول لكل سبب من أسباب مشكلتك
الأهم هنا أن تبعدي تماما عن الأفكار السلبية والأشخاص السلبيين والأفضل أن تقومي بوضع الحلول بمفردك وفي مكان هادئ.
ثالثا: أساس ثقتك بنفسك هي اعتقادك:
ابحثي عن ايجابياتك, أظهريها وأبرزيها أكثر وانظري لنفسك
حاولي أن تنظري لنفسك على أنك شخص ناجح وواثق بنفسه واغرسي هذه الأفكار وابتعدي تماما عن أي كلام محبط.
واعلمي عزيزتي أن ارتفاع روحك المعنوية هي مسئوليتك أنت فقط لذا اعتبري أن الماضي كان وقتا ومضى وفكري فقط في المستقبل وكوني متسامحة وتقبلي منهم انتقاداتهم بروح متسامحة وخذي الجانب الإيجابي منها وهو أن مصدرها الحب وليس النقد.
عزيزتي من خلال تحسين ثقتك بنفسك فإن تعبيرك عن نفسك ومشاعرك سيختلف وبالتالي فإن نظرة أهلك لك سوف تتغير وسيدركون نضج تفكيرك.
النقطة الأخيرة التي ذكرتها وهي اتجاهك للبحث عن الحب خارج المنزل.. فقد يكون شيئا متوقعا فأنت تبحثين عن الأمان والاهتمام, تبحثين عن نموذج شخص بالغ يعوضك حنان الأب ومن هنا كان تعلقك بالمعيد.
وخطوة ممتازة منك أنك تنبهت وترغبين في الانسحاب لأنه الوضع الصحيح. وهذا شيء لا أسهل منه إذا اتبعت القاعدة الذهبية: إذا أردت الابتعاد عن شيء أو شخص فلا تفكري في الابتعاد عنه فقط اشغلي تفكيرك بهدف أو أهداف أخرى واشغلي وقت فراغك بهوايات وأعمال مستمرة وشيئا فشيئا سيبدأ طيفه بالانسحاب من نفسه
وبالتوفيق في حياتك.