دلوعة والدي ومشكلتي....!
وأنا في قمة إحباطي أتصفح دليل المواقع شدني عنوان موقعكم فدخلت من باب الفضول، أي مجانين وأي عقلاء! ولكن المفاجأة كانت أن هذا هو غرضي، موقع على مستوى كبير من التقدم والعلم يديره أعلام ورواد في مختلف المجالات وأحسست أن علاجي بين أيديكم.
أساتذتي الأفاضل،
قصتي طويلة جداً وسأحاول أن أختصر مشكلة صفحات في بضع أسطر. أنا ولله الحمد على قدر معقول من الجمال والأناقة والرقة، هذا مما جعلني منذ صغري محط انتباه الرجال. بدأت أولى قصصي وأنا في 17 من عمري بحب ظننته الحب الأبدي، وبعد 3سنوات تلاشى ولكن بقي كذكرى، وحاولت أن أملأ فراغه كما قالت لي صديقتي بتجديد علاقاتك، وفعلاً الثانية والثالثة، وكنت أستمتع بتعذيب الطرف الآخر وذوبانه عشقاً بي إلى أن يصل الموضوع رسمي فينفرط، ولكن ليس مني. يقولون لي أني مسحورة لأن أحد أقاربي هددني بذلك، وفعلاً نفذ وعده. عانيت الكثير ولكن الحمد الله رقيت نفسي بنفسي بعد عدد كبير من محاولات الدجالين؛
أخير جاء الرابع وكان شخصاً عادياً بالنسبة، وكنت أعرفه منذ عامين، طلبني للزواج وتحت تأثير كبير من أهلي وافقت وكنت لست مقتنعة به تماماً، كان دائماً إحساس بداخلي يقول لي انتظري هناك الأفضل والأجدر بك، ولكن لم تستمر هذه الخطوبة سوى 20 يوماً فقط، بسبب انتقام حبيب صديقتي الذي كان مجنوناً بي وكنت أعامله كأخي وأحكي له كل مشاكلي، ذهب لخطيبي وأخبره بأني على ارتباط به.. المهم، كانت طعنة العمر بالنسبة لي، فقدت الثقة بكل من حولي وبقيت شهرين في الفراش وخسرت ثقة أهلي بي، والأهم اعتزلت عالم الرجال نهائياً.
وبعد عامين، في غلطة هاتف تعرّفت على أحدهم شدّني إليه أسلوبه وشدّه لي لباقاتي. كان الحوار بيننا بالشعر وهو نقطة الاشتراك بيننا، وبعد 11 يوماً، اكتشفت بأنه قريبي وجار لمنزل جدي، من أول يوم كانت هناك قوة خفية تشدني إليه، كنا نتكلم بشكل يومي أكثر من 5 أو6 مرات باليوم، أحببته حباً لم يشبه أي حب من قبل، لأنه لم يكن يشبه أي أحد من قبله، كله رصانة وقوة واحترام.
كنت أعرف أنه يهيم عشقاً بي، لكنه لم يتكلم وبعد شهرين انتقلت لمنزل جدي لكي أكون قريبة منه، وبعد الشهر الثالث أخبرني بأني الفتاة الأولى في حياته وأني أنا هي الفتاة التي يرغب بها زوجة، ولكن طلب مني تأجيل الموضوع لأن لديه التزامات، كان رجلاً مسؤولاً وصاحب مركز ويكبرني ب 5 أعوام، كنت أحس معه بالأمان وبالراحة، كنت لا أحب أحداً في الكون يملي عليّ تصرفاتي حتى والدي، ولكن أحببت ذلك منه.
أنا دلوعة جداً لأني أكبر إخوتي، وهو صعب ذو شخصية قوية جداً، المهم بعد 10 أشهر مرّت عليّ كلحظات شعرت بأني أعيش في الفردوس، قال لي بأنه سيسافر لكي يكمل دراسته، في تلك الليلة بكى بكاء مريراً وطلب مني أن أحافظ على نفسي، سافر ولمدة 15 يوماً لم يكلمني فيها ولا مرة، بإمكانكم تصور حياتي كيف أصبحت، لكنني كنت أسمع أخباره عن طريق أهله لأنه كان يتصل بوالده فقط، وبعد ذلك رجع ولكنه لم يرجع حبيبي السابق حبيبي صاحب الطرفة الذي كله حياة.
رجع محبطاً وكئيباً وقال لي بأنه سيرجع ويسافر مجدداً وأن سفرته ستدوم طويلاً جداً ويمكن ألا يرجع مجدداً بسبب أمر خاص به غير الدراسة، وفهمت مغزى سفره، قال لي بأني حرة بحياتي وأنه لا يستطيع ظلمي معه، طلبت منه أن يأخذني معه فقال لي لا أستطيع أن أحملك لمستقبل مجهول وحياة تشرد وبكى بكاء مريراً، وبكى قلبي دماً قال لي بأني الشيء الوحيد الذي يؤثر به حتى أهله لم يؤثروا به مثلي، ألححت عليه بأن أشاركه حياته بكل ما فيها وسألته متى ستسافر فقال لي بعد 5 أو 6 أشهر طلبت منه أن يتزوجني ويطلقني حتى لا أكون ملكاً لغيره ورفض بشدة.
وأنا الآن لا أدري ما زلت على اتصال به وهو يحاول إقناعي بأن ألتفت لحياتي وأتزوج لأن أختي الصغرى خطبت وهو لا يريد ظلمي، خاصة أن أهلي كلهم على علم بعلاقتي معه. أنا لا أريد الحياة من غيره ووصلت لقناعة كاملة أن من المستحيل أن أحب مجدداً، مستحيل أن أنساه، مستحيل أن أجد من هو أفضل منه، ولولا عاداتنا وتقاليدنا لقررت أن أعزف عن الزواج طوال عمري... لا أستطيع ولو للحظة بألا أفكر به، حبي له تخطى اللامعقول. ساعدوني أرجوكم، ساعدوني بألا يبتعد عني فأنا والله بحالة يرثى لها، وصرت آخذ عقاقير ضد الاكتئاب والقلق.
أرجوكم ردّوا عليّ بأسرع وقت، واعذروني على طول رسالتي، لأني مع هذا كله لم أوصل لكم سوى نقطة من بحر مشاعري.
جعلها الله في ميزان حساناتكم.
12/10/2008
رد المستشار
حبيبتي،
لن يستطيع الأعرج أن يسير باستواء مهما فعل! وكذلك الحب غير المتبادل فالحب حين يكون من طرف واحد ما هو إلا استنزاف للمشاعر، ولا تتصوري أن بكائه المرير في تلك المرتين كان تعبيراً عن فراق حب رجل يحب امرأة، ولكنه قد يكون تعبير لفراق شخص ارتاح إليه أو شخص سكن معه بجوارحه وفكره. ورغم أنك حجبت عني السبب الآخر الذي جعله يفارقك إلا أنني أعرف الرجل؛ فالرجل حين يحب امرأة يريدها زوجة له يفعل كل ما في وسعه وما ليس في وسعه، وحين يحب قد تصطك ركبتيه ببعضهما البعض ارتعاداً من نشوة حبه، ولكن حين يفكر في الزواج يحل برأسه أموراً أخرى تكون في مقدمة تفكيره فتجعله ينسى اصطكاك ركبتيه ولا يترك مساحة إلا للعقل، ولقد احترمت فيه صدقه معك وأنه لن يستطيع أن يتزوجك رغم تأخره كثيراً لأنه كان يعلم أن مصيره للهجرة ويسعى إليها، وعلى الرغم من ذلك لم يتركك في حالك وإنما ترك الحب يأخذ مجراه، واعترف لك بأنك مررت بتجارب قاسية أرجو أن تكون دروساً لك تستفيدي منها لا أن تتجرعي مرارتها وتعيشي في متاهتها الباقي من عمرك.
ما تشعريه الآن من حب لا يوصف لمحبوبك هو تكرار لما شعرت به في كل مرة يتركك فيها حبيب، ولكنك تلك المرة أعياك التعب فثقل الحمل، وتستصعبين أنك ستجددين جراحك من جديد فترفضين فكرة أنه ليس لك وتتصرفين بجنون كأن تعرضي عليه الزواج والطلاق منك دون علم أحد، وفي الحقيقة أنت بذلك تقللين من رصيد حبه واحترامه لك، وأعرف كذلك أنك لن تقتنعي بحديثي لك الآن ولكن ستعودين إليه بعد حين فلا بأس.
دعينا الآن نتحدث بالعقل، ما الذي يمكنك أن تفعليه؟ لقد عرضت عليه كل المقبول وغير المقبول ليرضى بالاقتران بك ورفض، يعلم بحبك له ولكنه يجد سببأً أقوى لفراقك، فأنت منذ أن تعرفت عليه وأنت من يقدم ويعطي؛ أنت من ذهب لجوار جدك للاقتراب منه، وأنت من يعرض عليه حلولاً بديلة، فماذا قدم هو لأجلك؟ هل ترضي لنفسك أن يرتبط بك بلا علاقة حقيقية في النور؟ لقد كان يتصل بجده حين سافر أول مرة ولم يتصل بك أبداً، ومعنى ذلك أنه كان يفكر من قبل سفره وقرر ألا يتصل بك، فمن لا يقدّر حبك لا يستحق منك مجرد التفكير فيه، وأعلم أن جرح المشاعر مؤلم وصعب ويأخذ وقت ليبرأ، وهذا هو الأهم الآن، وهو أن عليك أن تفيقي من غيبوبتك لتقفي على قدميك فتستطيعي أن تري المشهد كما هو وليس كما تودين رؤيته، وقد تكون "قرصة أُذُن" لتعرفي كم فعلت بآخرين أحبوك بصدق وخذلتهم.
فكري بما حدثتك ولك أن تختاري الغرق أو النجاة، وإن قررت النجاة فنحن هنا من أجلك نعينك ونساعدك.