حبيبي مسافر
ذكرياته تقتلني ولا أستطيع أن أنهي هذا الحب!
أنا صاحبة هذي الرسالة (حبيبي مسافر)، للأسف تمنيت أن تكون مشكلتي قد انتهت، لكن... بعد أن رحل في صيف 2007 عشت هذه المرحلة الصعبة وقتلت الأمل في علاقتنا، واقتنعت أنها مجرد خيال. لكن أصبحت لا أهتم إلا بدراستي ولا أتكلم كثيراً، علاقاتي الاجتماعية باتت شبه معدومة فشغلت نفسي بالدراسة، حتى ولشدة التعب كنت حين عودتي للمنزل ألقي بنفسي على السرير بلهفة لأنام من شدة الإرهاق، لا أخفي أني كنت أحنّ إليه أحياناً.
رجع للديار في شهر 5 عام 2008، وكما العادة، جمعة العائلة في يوم الجمعة، حاولت أن أمنع نفسي حتى من رؤيته حتى أني لم أسلّم عليه مطلقاً، لكن ما أن سمعت صوته أحسست أن قلبي عاد للحياة وبدأت دقاته تزيد شيئاً فشيئاً، حاولت أن أمسح هذا الإحساس من ذاكرتي وأقنعها أن شيئاُ لم يحصل. في الأسبوع التالي حين رأيته جرت محادثة بسيطة عن أمور الدراسة وما إلى ذلك، حينها نسيت أنه كان غائباً، كأنه حاضراً طيلة أيام غيابه؛ صوته، نظراته، طريقته نفسها... لم يتغير أي شيء، ولم أستطع منع قلبي من الحياة مجدداً.
بعد ذلك أصبحت أنتظر يوم الجمعة مرات، وأكره يوم الجمعة مرات أخرى! هكذا إلى أن بدأ الفصل الصيفي (نهاية شهر 6). كانت قاعة محاضراته بجانب قاعة محاضرتي، لم أستطع منع نفسي من رؤيته يومياً، والسلام عليه بالنظرات حيث أنه يكون مع زملائه وأنا مع زميلاتي، مجتمعنا لا يسمح لنا بالسلام فكنا نسلم على بعضنا بالابتسامة، وبعد أيام لا أنساها جاء اليوم الذي ينتهي فيه الفصل (بداية شهر 8)، قبل أن أسافر علمت من بنت خالتي أنه تكلم معها عني وقال أنه معجب بشخصيتي وأخلاقي. سافرت مع عائلتي لشهر، طبعاً كلامه الأخير عن شخصي أعطاني آمالاً وأحلاماً لم أستطع مقاومتها وأعطتني الدافع للصبر على سفره وسفري.
بعد عودتي في بداية شهر 9 كان قد سافر مجدداً للدراسة، وعلمت أنه مرتبط بإحداهن لكني لست متأكدة، بعدها أدركت مدى غبائي بآمالي وأحلامي، فمجرد أنه معجب بشخصيتي فربما هذا لا يعني شيئاً. محوت جميع صوره التي أمتلكها وأردت أن أنساه وأبعده عن حياتي، لكن لم أعد أهتم مطلقاً للحياة، وابتعدت عن جميع الناس، فكنت لا أخرج من المنزل مطلقاً وفقدت شهيتي.. لا أرى شيئاً يدعو للسعادة في هذه الحياة، حتى اضطررت للخروج حين بدأ الفصل الأول في بداية شهر 10.
ذهبت إلى الجامعة، لم أستطع تحمل المكان دون وجوده، وصرت أذهب يوماً وأغيب يوماً... أشعر بضيق دائم في صدري، فقدت اهتمامي بكل شيء حتى دراستي، وأضحت الجامعة ثقيلة على كاهلي. كثيراً ما أرى أشخاصاً يخيّل إليّ أنه هو، ذكرياته تقتلني ولا أعلم متى سأستطيع أن أنهي هذا الحب!
هل من الممكن أن يأتي يوماً ولا يدق قلبي له؟
أم هذا اليوم كالحلم؟.
26/10/2008
رد المستشار
لا يا حبيبتي ليس حلماً أن تنسيه، فهل تسمحي لي أن أوضح أمراً لك لا ترينه؟ أنت تنسين أنك تمرين بمرحلة الميل للجنس الآخر وأن المشاعر الأنثوية تدب الآن في أوصالك، وهذا تفسير رجائك فيه رغم معرفتك بحقيقة الوضع من ناحيته تجاهك، ولكنك تتشبثين بحالة "الحب" التي تحتاجين لوجودها ولا يوجد في حياتك سواه أو بالأصح منذ أن طرأت على رأسك فكرة أنه من تهوين وأنت لا تسمحين أن تجدي سواه وترفضين فكرة أنه يمكنك العيش بدونه أو في وجود آخر غيره، ورغم ثقل ووطأة ما أقول إلا أنه مفيد لك، وأرى أن تكرار تصرفاته الطبيعية ستقوي من فهمك لحقيقة الأمر. ما تعانين منه الآن هو الاكتئاب بعينه، ولكنني أثق في قوتك النفسية وأنك تستطيعين أن تقهري هذا الاكتئاب حين تستمعي لصوت العقل والمنطق الذي يقول أنه لا يحمل لك مشاعر الحب كما تريدين، وأنه لم يضحك عليك أو يقول لك شيئاً لتحاسبيه عليه، وأنك من ضخمت إحساسك به وغذيته من وحي خيالك الذي يحتاج لرفيق.
والآن سأترك لك عدة خطوط عريضة تعينك على تحدي اكتئابك:
.. أن تستحضري البديل؛ بمعنى أن البديل هو الحب من طرف واحد حتى يتزوج هو من يختار، فكيف سيكون الوضع؟
.. أن الحب الأول ليس بالضرورة أن يكون حباً حقيقياً أو ناضجاً، ولكنه فقط يستمد قوته من كونه الأول.
.. افعلي ما كنت تحبين فعله قبل اكتئابك حتى وإن كنت لا تشعرين بالرغبة فيه كالخروج أو الاستذكار أو نشاط أو أي عمل يشغلك "ذهنياً" وليس فقط جسدياً، وستستطيعين لأنك حاولت قبل ذلك حين قررت قتل الأمل فيه سابقاً ونجحت لو تلك الانتكاسة، فهيا استعدي مرة أخرى.
.. الحب جزء من الحياة وهو جزء جميل يجعلنا نتذوق طعماً آخر لها، ولكن حين نحرم منه لا يجوز أن نظل أسرى له، علينا أن نتذوق أنواعاً أخرى من الحب نجدها في القرب من الله ونجدها في عمل تطوعي ومساعدة أصدقاء ونجاح عملي ودراسي، حتى يأذن الله بوجود شخص يبادلنا حباً بحب واهتماماً باهتمام ورغبة جادة في شراكته لنا الباقي من أعمارنا، وهذا الشخص قد يتأخر أو قد لا نراه لأننا مشغولون بآخر يقطع علينا الطريق إليه، فلنكن مسؤولين عن سعادتنا ونخطط لها ونتمكن من أدواتها بإرادتنا.
.. لا تدخلي في علاقة أخرى حتى تبرئي من حبك الأول مهما حدث.