السلام عليكم
احترت كثيراً قبل أن أكتب لكم وترددت كثيراً، ولكني قررت أن أتشجع بعد أن قرأت مشكلات الآخرين وأحسست بقربها من مشكلتي. أعاني من رهاب اجتماعي أو فوبيا كان من قبل منحصراً في الدراسة والخوف من معلمة مادة الجغرافية في الابتدائي التي كانت تحمل دوماً عصا مخيفة، ثم انتقل لخوف إلى جميع المواد والخوف من المعلمات والفحص والسبورة، وقد أثّر هذا الخوف على التحصيل العلمي كما ترافق بخوف من أي جو جديد أدخله، وكنت أعاني من نوبة ولكن خفيفة، حيث كانت على شكل ارتجاف في اليدين وتسارع في دقات القلب وإحساس بأرجلي وكأنها قطع إسفنجية، وكنت أشعر بالخجل كلما تعرّضت لموقف محرج وأظل أتذكره لفترة طويلة، وأكثر ما يزعجني أن التوتر يظهر عليّ حينها وترتجف يداي ويحمّر وجهي، وإذا تذكرت الموقف ولو بعد سنة يعود إليّ نفس الإحساس وأغضب من نفسي وربما أصفع نفسي من الغضب، وربما أكره الشخص الذي حصل معه الموقف وأتذكر الموقف كلما رأيته فيؤثر هذا على شعوري نحوه وعلى علاقتي به.
وهذا الخوف يخف مع الوقت وخاصة بعد أصبحت أعمل في الخارج، ولكني أريد أن أعرف هل هناك علاج دوائي يمكن أن يخفف من الأعراض؟ وخاصة القلق الذي ينتابني قبل أي اجتماع مع أصدقائي، ويخفف آلام معدتي التي يسببها التفكير الكثير في ما يمكن أن يحصل معي في هذا اللقاء، حيث أنني أفكر كثيراً في الحديث الذي سيدور وماذا يمكن أن أقول، كما أنني في بعض الأحيان أنشئ حواراً بيني وبين نفسي أو أتخيل موقفاً وغالباً ما يكون هذا الموقف فيه وفاة لي أو لأحد أفراد عائلتي أو أنني عملت عملية معينة وجاء أصدقائي ليزوروني، وهذا ما لا أفهم سببه أي لماذا تأتيني هذه التخيلات؟ -والصراحة أني أستمتع بها- وما علاقتها بالخوف المرضي؟.
أيضاً أريد أن أذكر حادثة تذكرتها منذ فترة كانت تحصل معي وأنا صغيرة، لا أدري إذا كان لها علاقة، فلقد كنت عندما أذهب للنوم -وهذا في الابتدائي ولا أتذكر بالضبط العمر- بعد أن تغطيني والدتي أقوم بإنزال بنطالي وملابسي الداخلية دون أن أعلم السبب -ولا أحد علم ولا مرة بما أفعل- وكنت أستمتع بذلك، وبعدها بفترة تركت هذه العادة. ثم في الفترة الإعدادية كنت أستمتع باختلاق القصص لصديقتي المقربة عن ذهابي إلى الطبيب الذي نزع عني ملابسي وفحصني وأنه آلمني بفحصه لي! أريد معرفة تفسير هذا أيضاً إذا سمحتم.
مرّت المرحلة الثانوية بصعوبة فرسبت في امتحان الشهادة الثانوية في أول سنة وقد كنت من الفرع العلمي فلم أستطع أن أعيدها بنفس الفرع فحولت نفسي إلى الفرع الأدبي، ونجحت دون علامات تذكر والتحقت بالجامعة الخاصة لأن علاماتي لا تخولني أن أدرس في الجامعة العادية، لذلك قررت أن أبحث عن عمل لأعتمد على نفسي في دفع تكاليف جامعتي.
تخلصت الآن من مشاكل طفولتي التي أظنها جنسية والتي لا أعلم سببها وأتوق لأن أعلم سببها، لذلك أرجوكم أن تخبروني ما معنى هذا فأنا أخجل أن أخبر أحداً به، وربما أني احتقر نفسي عليه مع أني كنت صغيرة ولا أعرف سبب تصرفي. أما الآن فما زلت أعاني من قلة ثقتي بنفسي وخجلي وخوفي، كما أني بعدُ أعاني من مشكلة أحلام اليقظة وتخيّل المواقف الذي يزعجني كثيراً، فأنا أشك أني أعاني من انفصام أو ربما ذهان! فأنا لا أكتفي بتخيّل المواقف إنما أقوم برد فعل وأصحو من هذه التخيلات وأنا أحدث نفسي أو ألفظ كلمة ما أو أضحك وحدي كالمجانين.
أرجو أن تساعدوني فأنا أخشى الأدوية النفسية كثيراً، وأخشى الذهاب وحدي إلى الطبيب النفسي، وأخشى تناول أي دواء لأني اعتقد أن هذه الأدوية لا تساعد على تخطي المشكلة وإنما تزيدها وتسبب الإدمان عليها فما صحة اعتقادي هذا؟.
آسفة على الإطالة لكن شروطكم تتطلب التفصيل حيث بقي فقط أن أذكر أن علاقتي بوالدتي مضطربة جداً ويزداد اضطرابها يوماً بعد يوم، وذلك بسبب انعدام التفاهم بيننا حيث أن والدتي من النوع الذي يصعب التفاهم معه أو إيصال الفكرة له، كما أنها تكون قاسية في ردود فعلها من أخطائنا أنا وإخوتي وخاصة كلامياً، أي أنها تتهم الذي يخطئ بالغباء والإهمال والكسل حتى أنه مرّت فترة صدّقت أني غبية وانخفضت ثقتي بنفسي إلى الحضيض، ولكني الآن أعلم أني لست كذلك وأصبحت أطلب منها أن تحترمني وأن تراعي مشاعري وأن تُفهِمَني أين خطأي دون إهانة، ولكن بعد أن فات الأوان، فانا أحس أني أعاني من اضطراب وأن مشكلتي متعددة الأوجه ومعقّدة.
أنا خائفة من الذهاب إلى طبيب نفسي، كما أنها لا تستجيب لي أبداً وأي محاولة نقاش معها تنتهي بالفشل، حتى أني تعوّدت سماع كلماتها والاكتفاء بالصمت، ويحدث في بعض الأحيان أني لكثرة ما أعانيه من الحصر والتفكير تجاه المشكلات اليومية الكثيرة مع والدتي تصيبني نوبات من البكاء وأعجز عن التوقف حتى لو أردت، وأشعر بأسىً شديد، كما أنني كلما توقفت أتذكر مشكلتي فأعود للبكاء ويستمر حالي هكذا حتى أني أمتنع عن الذهاب للعمل في هذا اليوم، وهذه طريقتي الوحيدة في تفريغ غضبي وربما تمر أشهر حتى أعود لمثل هذه العادة.
أما والدي فهو شخص مثقف وحنون وكريم ولكنه ترك عبء تربيتنا إلى والدتي وهو لا يتدخل إلا نادراً، ودائماً يكون تدخله لمصلحة والدتي ذلك لأنها تصور له الأمر بطريقة أخرى، وأحياناً أجهد نفسي في إفهامه المشكلة فيصمت لأنه يكون قد تفهم أني لست المخطئة ولكنه لا يستطيع قول شيء لأنه لا يريد أن تظهر أمي على خطأ وهكذا دائماً لا نستفيد شيئاً من معرفة والدي بالمشكلة.
أرجو المساعدة فأنا محتارة في أمري ومللت وتعبت من والدتي، حتى أني قررت الموافقة على أول شخص يتقدم لخطبتي فقط لأرتاح منها ومن وجودها قريبة مني بهذا الشكل، فهي تشكل حصاراً بأسئلتها الدائمة، تخيّلوا أني إن غبت عن عينها دقيقة في البيت تبحث عني وتحب أن تعرف كل واحد منا ماذا يفعل وتلاحقني بأسئلتها عمّا سأفعل الآن فإذا رأتني دخلت إلى غرفة النوم تلحق بي لتسألني هل ستنامين الآن وهكذا...
نسيت أن أذكر أني أحياناً ألاحظ أن لديها -أقصد والدتي- عادة التفكير بصوت مرتفع فلا أدري إذا كانت هذه مشكلة، فهي تحدّث نفسها أحياناً، وعندما أسألها تقول أنها تفكر بصوت مرتفع وأنا بصراحة لم أتأكد من حقيقة هذا. هل يلزمني طبيب نفسي؟ أم أكتفي بتعزيز ثقتي بنفسي؟ وكيف يجب أن أواجه والدتي؟ وهل الحل أن أتزوج أول من يطرق بابي بعد أن فشلت طرق النقاش والحوار؟ وهل يمكن أن تصفوا لي دواءً معيناً يساعدني؟.
لكم جزيل الشكر،
وأعتذر مرة أخرى على الإطالة.
23/11/2008
رد المستشار
أهلاً بالأخت الكريمة....
نعم ما تعانين منه هو حالة الرهاب الاجتماعي Social Phobia وسببها ضعف تقدير الذات Low Self Esteem بشكل جوهري، فهي ليست إذن حالة ذهانية أو نفاسية.
وهذه الحالة هي من الحالات التي يمكن علاجها دوائياً لعدة أشهر بأدوية مثل الم.ا.س.ا SSRIs، كما ويمكن وصف بعض الأدوية قبل الموقف المسبب للقلق. يجب أن يرافق العلاج الدوائي علاج نفسي من نمط العلاج التوكيدي Self Assertion وتقوية الأنا Ego Enforcement عبر جلسات مع أخصائي نفسي. من أهم أركان العلاج لحالتك أنت هو التداخل على العلاقة الثنائية Dyad ما بينك وبين أمك وتحسين نوعية هذه العلاقة، وكذلك دور والدك Father Role في حياتك كأب، والذي يجب العمل على تقويته وتعزيزه.
وليس الحل أبداً لمشاكلك هو الزواج، فأنت بهذه الطريقة تنقلين مشاكلك النفسية من بيت أهلك إلى بيت زوجك. لا بد أن تلجئي للعلاج النفسي بشقيه الدوائي والكلامي ولعدة أشهر قبل أن تنسجي خيوط حكاية جديدة مع رجل سيكون زوجك قد يحمل ما يحمل من المشاكل وينتظر منك المساعدة في حلها.
بالنسبة لما عبرت عنه بكلماتك التالية:
((بعد أن تغطيني والدتي أقوم بإنزال بنطالي وملابسي الداخلية دون أن اعلم السبب ولا احد علم ولا مرة بما افعل وكنت استمتع بذلك وبعدها بفترة تركت هذه العادة..)) هي تمثل حالة اللعب الجنسي Sexual Play عند الأطفال وخاصة إذا حصلت بعمر 5 – 10 سنوات، وهي حالة طبيعية تدخل في باب استكشاف الجسد عند الطفل وهي جزء مهم من النمو النفسي للطفل، فلا داعي للقلق من تلكم الحالة أو الشعور بالذنب فاطمئني.
بالنسبة لحالة اللجوء إلى التخيل والاستمتاع بذلك، هي باختصار حالة كثيراً ما تحدث للأشخاص الذين لا يعبُّرون صراحةً عن مشاعرهم ورغباتهم ويكتفون بالصمت، ثم يكون التخيل أحد أنواع الحل للتنفيس عن المشاعر.
وكذلك تترافق حالتك مع أعراض نفسجسدية Psychosomatic عبّرت عنها بكلماتك ((.. ويخفف آلام معدتي التي يسببها التفكير الكثير في ما يمكن أن يحصل معي في هذا اللقاء..)) وهي شكاوى جسدية سببها الحالة النفسية والقلق والتوتر مع عدم القدرة على التعبير عن التوتر بشكل ناضج.
والحل لتلكم الحالة تقوية الأنا والشخصية لتعبر عن المشاعر والرغبات الذاتية بطريقة هادئة راقية غير مؤذية للإنسان نفسه وللمقابل..
هذا باختصار وللحديث بقية مع معالجك النفسي...
الخطوات وملامح الحل:
- التقييم والتشخيص عند طبيب نفسي.
- العلاج الدوائي المستمر لعدة أشهر، وعلاج دوائي قبل الموقف، يتم وصفه من قبل الطبيب النفسي. واعلمي أن معظم الأدوية النفسية لا تسبب الإدمان ما عدا فئة واحدة منها، ولكن مع الإشراف الطبي الحكيم والدقيق لا خوف من الإدمان، وعموماً أدويتك الأساسية لا تسبب إدمان..
واقرأي على مجانين: الأدوية النفسية كلها مخدرات تسبب الإدمان ××
- العلاج النفسي التوكيدي والمعرفي السلوكي عند معالج نفسي متمرس، من خلال جلسات أسبوعية.
- الإرشاد الأسري وإشراك أهلك (أمك وأبيك) على السواء مع التركيز على العلاقة مع الأم وتعزيز دور الأب في حياتك.
وطالعي هذه العناوين على مجانين
بين الحياء والخجل تمشي على استحياء م
تفاءلوا بالخير تجدوه
الرهاب والتعتعات
تابعينا بأخبارك.. أتمنى لك كل القوة والخير والعافية.