مكرمش وعلى جنب..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا فتاة تعرضت لاغتصاب من أحد أهلي وكان عمري 23، عمري الآن 29 سنة. لم أكن أعرف ما معنى الجنس؛ كنت بنتاً مرحة أحب الحياة، فجأة أحسست أن حياتي انتهت.
قصتي كالتالي: كنت نائمة في غرفتي وفجأة أحسست بحركة، فقمت من النوم فزعة لأرى هذا الرجل في الغرفة. هذا الرجل مات منذ 3سنوات، لكن كان يمارس معي جميع أنواع العذاب وكنت أخشى أن أقول لأي أحد. هو رجل كبير في السن مارس معي الجنس 3سنوات، وفي يوم قلت لأختي فلم تصدقيني حتى أقسمت لها وكنت أبكي بحرقة.
صرت أخاف كل الرجال... أحياناً أقوم من النوم فزعة، حتى صديقتي لاحظت أني أفز من نومي... اصطحبتني أختي لطبيبة خضعت عندها لعملية الترقيع، لكنى أخشى الزواج. ساعدوني، والله العظيم أني ما مارست الجنس مع أي رجل، أتمنى أن يرزقني الله رجلاً يسترني بالحلال. جزاكم الله خيراً، وسامحوني لأني ما أحسن الكتابة، استروني ستركم الله.
ملاحظة: إذا إن شاء الله تزوجت أيعرف زوجي أني خضعت للترقيع؟
أفيدوني.
12/10/2008
رد المستشار
لقد ذهب لما قد أفضى إليه وسيظل معذباً بذنبك حتى تقوم القيامة، وإن بدأت حقاً له منذ وفاته. في مثل حالتك يتجاذبني نوعين من المشاعر؛ مشاعر الحنق والغيظ ومشاعر الرأفة، فأحنق على المغتصبة أنها ظلّت صامتة تاركة آخر ينال منها متصورة أنها تحمي الأسرة أو أنها قد تكون المذنبة لشيء ما بها! وتظل تحت سطوة الجاني سنوات وسنوات تدفع فيها الثمن في شكل خوف وقلق وكره للجنس والتعامل مع الرجال، أو تصبح إحدى فتيات المتعة حيث تجدها، ومشاعر الرأفة بها حيث لا يتملكني في النهاية إلا أن أحنو عليها حيث لا مفر مما حدث ويكفيها ما نالها من آلام وجراح نفسية لا تندمل بسهولة.
وأصدقك القول أن الاغتصاب تجربة قاسية على الفتاة تجعلها مشوشة الفكر قلقة مضطربة النوم، والحق يدفعني أن أقول لك أنه يجب أن تتواصلي مع طبيبة نفسية ماهرة وأمينة أو أخصائية نفسية لتقوم معك بتأهيلك مرة أخرى لممارسة حياتك من جديد من خلال ثلاثة مساحات؛ وهي المساحة السلوكية والمساحة الدوائية والمساحة المعرفية، حيث يتم مناقشة الأفكار الخاطئة وتعديل السلوك والتواصل مع الناس بشكل أفضل، وإعطاء بعض الأدوية التي نسميها مجموعة الأدوية "المطمئِنة" لتساعد في استعادة بنائك النفسي من جديد، وهذا ما أتمنى أن تفعليه، وحتى يحدث ذلك يمكنك تذكير نفسك بالآتي:
* رؤيتك لكل الرجال على أنهم سيئون واهتمامهم هو بالجنس فقط طريقة غير منطقية في التفكير، أو يمكن أن نسميه "التعميم"، فأحياناً نمر بخبرة صعبة تجعلنا نعممها على مواقف أخرى، فوجود بعض الرجال منحرفي السلوك كالذي قابلته لا يعني أن كل الرجال كذلك.
* هذا الرجل الذي فعل ذلك لا يفكر في العلاقة العاطفية والمشاعر وتكوين بيت وأسرة، ولكنه تصرف تصرفاً انحرافيً محضاً، لكن من سيتزوجك سيحبك وسيعتبر سعادتك مسؤوليته وسيختارك لتكوني شريكة حياته وأماً لأبنائه، والفرق كبير. يجب أن تتفهمي أن المشاعر الجميلة والدفء والعاطفة لا بد من ترجمتها على المستوى الجسدي بين الزوجين، ولتذكري أنك حين تتأثرين عاطفياً أو حين تريدين التعبير عن اشتياقك لصديقتك أو والدتك فأنت تقبلينها أو تحتضنيها لأنك تحبينها وهكذا.
* العلاقة الحميمة بين الزوجة وزوجها علاقة جميلة وممتعة تسبب القرب والسعادة، فلم يخلق الله لنا غريزتنا ليعذبنا بها أو لنتجاهلها أو لنبترها، ولكن لاستخدامها في الوقت المناسب مع الشخص المناسب في الموقف المناسب، وسيكون ذلك طبيعياً بمرور الوقت بينك وبين زوجك؛ وأي شيء في الحياة حين نستقبله في الموقف الخطأ يصير كريهاً مرّ المذاق، فحين نأكل اللحوم الطيبة ونحن نعاني البرد نجد مذاقها مقرفاً، وحين نجلس مع بعض الظرفاء ونحن في حالة مزاجية سيئة نجدهم سخفاء! وكذلك حين نستقبل تلك السلوكيات في الوقت غير المناسب مع الشخص غير المناسب نجده سلوكاً فظاً يثير الاشمئزاز، في حين أنه مع الزوج في فراش الزوجية يكون رائعاً جميلاً ممتعاً، فلقد أعطانا الله عزّ وعلا الجنس كنعمة من نعمه على الإنسان فكيف نخافها ونكرهها، بل ولا نحمد الله سبحانه عليها؟. وأن العلاقة بين الإنسان والآلات علاقات منفصلة إلا الزواج هي العلاقة الوحيدة بين بشر وبشر لتنتج بشراً! فيكون جزء منك ترعينه وتخافين عليه ويزيد السعادة بينك وبين زوجك.
* أتمنى أن تصلي في يوم من الأيام إلى تحقيق صفة "التسامح"، وأن تتركي الله تعالى يحاسب عباده. وإذا كانت الظروف قد هيأت ما حدث فهذا أمر الله تعالى، وكما علينا أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله علينا أيضا أن نؤمن بالقدر خيره وشره. فما حدث قدره الله لك وعليك أن ترضي بقضائه ولكن ذلك لا يعني الاستسلام أو أن تقولي أن الله قدر لي أن أخاف من كل الرجال، وإنما يعني أن تأخذي بأسباب الشفاء وتبحثي عنها كما فعلت بإرسالك لنا، وأن تبذلي الجهد في الفترة القادمة بالتوكل على الله أولاً وبمساعدة العلاج النفسي والتي ستأخذ وقتاً للخروج من الأزمة ومن حالة الخوف التي طالت.