الأخوة الأعزاء،
أود أن أشكركم على هذا الموقع وعلى مساعدتكم الجليلة لزواره. أرسلت لكم مشكلة منذ شهر ولم أتلقَ أي ردٍّ عليها، لكنى لم أغضب لمعرفتي بكم الرسائل والمشاكل التي تنهال عليكم، فكان الله في عونكم.
أما عن مشكلتي التي أرسلتها من قبل فكانت بعنوان الخوف من كل شيء؛ أنا أخاف من الحاضر والمستقبل ومن الماضي أيضاً رغم أني إنسان محبوب ممن حولي جميعاً، أما عن مشكلتي الحالية فهي التلعثم في الكلام. لا أستطيع التعبير عن أي شيء- وخصوصاً في بداية الكلام التي هي مشكلتي الأساسية- رغم أني لو أردت أن أكلم أحداً أكرر في نفسي أول جملة سأبدأ بها ومع ذلك أتلعثم فيها! حتى عندما أريد أن أكلم أحداً لا أعرفه في التليفون فإن قلبي يدق كثيراً قبل أن أكلمه وأتلعثم أيضاً في بداية كلامي، ولكن بعد أن أتكلم معه أبدأ تدريجياً في الكلام الطبيعي، علماً بأني سريع جداً في الكلام.
هذه المشكلة تسبب لي انطواء شديداً وخوفاً من الكلام مع أي شخص حتى مديري في العمل، مع أني إنسان ذكي جداً ولدي أفكار كثيرة ومبتكرة، حتى أني عملت مشروعاً لتطوير مكان عملي يدر على الهيئة التي أعمل بها ملايين الجنيهات شهرياً إلا أني لا أستطيع تقديمه لأي مسؤول خوفاً من أن يناقشني فيه! وابتكرت فكرة لتنظيم المرور في الميادين والشوارع الرئيسية دون وجود رجال المرور وتقضي على التكدس وتعمل على انسيابية المرور ومع ذلك لا أجرؤ على تقديمها! وأفكار كثيرة، فأنا طوال الوقت أفكر وأنتقد كل شيء حولي. أحس أني جئت في زمن غير زمني؛ فأنا مثالي لأقصى درجة، ووفيّ لأقصى درجة، أكره الخيانة، وبسبب طيبتي تعرضت كثيراًَ للنصب وضياع المال، ولا أهتم وأقول قدّر الله وما شاء فعل.
وعن حياتي الزوجية؛ فأنا أب لثلاثة أولاد: بنت وولدين، وزوجتي جميلة وطيبة، فهي وأولادي أجمل ما في حياتي، ولكني أحس أني لا أستطيع إسعادهم لأني موظف على "قد حالي" والحمد لله. أما عن علاقتي الزوجية فأنا ومنذ زواجي أقوم بها على أكمل وجه، تزوجت منذ 23 سنة وخلال الخمس عشرة الأولى من عمر زواجي كنت لا أقل عن الساعة أثناء الجماع دون أخذ منشطات، وأحياناً كنت أقطع الجماع بعد ساعة دون إنزال ولكن من التعب وخوفاً على زوجتي التي أحس أنها تعبت كثيراً، أما في سن الأربعين انخفضت المدة إلى نصف ساعة، ومنذ حوالي سنتين تحدث لي عندما أريد أن أجامع زوجتي وبعد المقدمات وعندما أريد إدخال القضيب يرتخي فجأة بعد أن كان منتصباً بشدة! كان يحدث لي ذلك على فترات، وفي الأيام الأخيرة تكررت معي بشكل دائم، فأثناء المقدمات يكون منتصباً وعندما أبدأ في إدخاله يرتخي مما أثّر في نفسيتي كثيراً رغم أن زوجتى تصبّرني وتقول لي لا تحزن ولا يهمك حتى لو كملنا عمرنا دون جماع فكفى ما قدمته خلال السنين الفائتة، ومع ذلك فأنا مكتئب خصوصاً أن زوجتي عمرها 44 عاماً وهي من النوع الذي لا يظهر عليه اثار السن، وكلما كبرت ازدادت جمالاً، وأنا أصبت بالشيب المبكر منذ أن كان عمري عشرون عاماً، يعني حين أسير بجانبها يحسب الناس أنها ابنتي رغم أن فرق العمر بيننا ثلاث سنوات.
آسف للإطالة، ومع ذلك فالمؤكد أن هناك الكثير الذي نسيت إضافته لأني نسيت أن أذكر أني أنسى كثيراً، فأنا ضعيف الذاكرة جداً ولا أستطيع التركيز مع شخص خلال جملة واحدة فأنا عندما يكلمني شخص يشت ذهني. معذرة على إطالتي وعلى عدم تنسيق المشكلة، ولكن عزائي الوحيد هي سعة صدركم، وفقكم الله لما يحب ويرضى.
أرجو الرد على مشكلتي هذه المرة فأنا أعاني كثيراً ولا أستطيع البوح لأحد بما في داخلي حتى زوجتي،
فأنا أحس أنني وحيد وغريب في هذه الدنيا.
12/4/2009
رد المستشار
أخي العزيز،
أهلاً ومرحباً بك على الموقع.
يبدو أن القلق معدٍ؛ فعند قراءتي لرسالتك كانت عيناي تمر على الكلمات بسرعة كبيرة تتسم مع سرعة أفكارك وتدفقها وحرصك الشديد على توصيل كل ما يجول بخاطرك من أفكار ومخاوف، بدأت بعدم القدرة على الحديث أمام الناس وهو ما نطلق عليه الرهاب الاجتماعي (لا أستطيع أن التعبير عن أي شيء وخصوصاً في بداية الكلام)، ثم تحول إلى القلق العام(الخوف من كل شيء؛ فأنا أخاف من الحاضر والمستقبل ومن الماضى) وهو ما أثر على علاقتك الزوجية فالجنس لا يتفق مع التوتر والقلق.
ولكي يتم تشخيص القلق العام نحتاج إلى:
(1) وجود قلق شديد وتوقع مكروه حول إثنين أو أكثر من ظروف الحياة لمدة 6شهور أو أكثر، وتكون الأعراض في أغلب الأيام.
(2) يجد الشخص في نفسه صعوبة في السيطرة على القلق.
(3) يشترط وجود ثلاثة أعراض أو أكثر من الستة الآتية- على ألا تكون من بينها أعراض تحدث فقط خلال نوبة الهلع-:
1- توتر العضلات.
2- عدم الاستقرار.
3- سرعة الشعور بالإجهاد.
4- صعوبة التركيز.
5 - اضطراب النوم.
6- سرعة الاستثارة.
(4) إذا وجد اضطراب آخر على المحور الأول فلا يكون القلق مترتباً عليه.
(5) أن بسبب القلق أو الأعراض الجسدية انزعاجاً ملحوظاً أو خللاً وظيفياً أو اجتماعياً.
(6) ألا يكون الاضطراب بسبب الأثر الفسيولوجي لمادة أو حالة مرضية جسمانية.
ومن هنا أرى أنك تحتاج إلى أن تعرض نفسك فوراً على طبيب لوضع خطة للتعامل مع هذا القلق من خلال:
(1) العلاج الدوائي:
يمكن السيطرة على النوبات بشكل فعال من خلال استخدام:
مضادات الاكتئاب الثلاثية tricyclic antidepressants ، أو مثبطات إعادة إنتقاء السيرتونين: وهي جيل جديد من الأدوية تؤثر في تركيز مادة السيروتونين يؤدي إلى نتائج إيجابية سريعة عند استخدامه مثل السيرترالين (لوسترال). أو استخدام المطمئنات الصغرى(Benzodiazipine) مثل الألبرازولام Alprazolam (زانكس) الديازيبام diazepam, (فالينيل). وأظهرت معظم الأبحاث فاعلية الجرعات العالية من البنزوديازيبينات (6-10) ملجم/يوم من البرازولام، وهي تمتاز بالبداية والتأثير السريع، كما أن التحسن الحاصل باستخدامها يكون أكبر من التحسن الحاصل باستخدام مضادات الاكتئاب (antidepressants) في الأسابيع الأربعة أو الخمسة الأولى من المعالجة، إلا أنها تفقد تفوقها بعد الأسبوع الخامس.
وتجمع الآراء في الكثير من دول العالم على تفوق المعالجة بمضادات الاكتئاب بالمشاركة مع المعالجة النفسية على البنزوديازيبينات في اضطرابات القلق.
ويحتاج العلاج الدوائي لحدوث استجابة جيدة حوالي 8 – 12 أسبوعاً حتى تتوقف النوبات، وهنا يجب الاستمرار لمدة كافية (من 8-12 شهراً) مع العلاج حتى يتحقق التحسن ولضمان عدم عودة الأعراض لهذه الحالة المزمنة حيث يحدث ذلك في نسبة 60% من الحالات بعد التحسن.
(2) العلاج النفسي بأشكاله المختلفة
العلاج المعرفي السلوكي: من أهم العلاجات المستخدمة والمفيدة، حيث يعيد تنظيم البنية المعرفية، وتؤدى فيها بعض التدريبات مثل التعرض التخيلي، ويكلف المريض ببعض الواجبات المنزلية، تدريبات التعرض في المواقف الحية، سواء بمعاونة المعالج أو على انفراد في البيئة الطبيعية. وفي العلاج يتم:
1- إعادة تشكيل البنية المعرفية: يركز العلاج المعرفي على تصحيح التقييمات الخاطئة المتعلقة بالإحساسات الجسمية باعتبارها مصدر تهديد، وتطبيق الاستراتيجيات المعرفية والسلوكية.
2- إعادة التدريب على التنفس: في ضوء أن 50% إلى 60% من المصابين بالقلق يصفون أعراض إفراط التنفس بأنها مشابهة لأعراض القلق، فإن تدريب المرضى على تنظيم التنفس يساعد في تقليل نوبات القلق، وقد أجريت دراسات علمية عدة أثبتت ذلك .
3- الاسترخاء العضلي: تتمثل أهمية اللاسترخاء العضلي في أن المريض يقارن فيه بين العضو في حالة التوتر والعضو في حالة ارتخاء وراحة، ويخبر هذا الفرق بصورة واضحة عبر أعضاء الجسم المختلفة، ويتعلم المريض أنه قادر على جلب الاسترخاء لنفسه من خلال سلوكه.
4- مراقبة الذات: هي محاولة للتعبير الموضوعي الدقيق عن الحالة (مثل: مستوى قلقي في الدرجة 5، ولديَّ أعراض رعشة، ودوار، وقد استغرقت هذه النوبة 10 دقائق)، بدلاً من استخدام كلمات عامة فضفاضة مثل: أشعر بالرعب الشديد، هذه أسوأ لحظات عمري.. ويتم ذلك من خلال سجل لنوبات الفزع، يتابع من خلاله المريض ما يجري له في يومه.
5- التعرض التدريجي: في نوع "الهلع الموقفي" أو "الهلع المصاحب لرهاب الساحة" يكون التعرض التدريجي للموقف المخيف وسيلة ملائمة للتخفيف من المخاوف. ويقاس النجاح في ذلك بالاستمرار في موقف التعرض حتى ينخفض القلق. وهذا مفيد جداً في حالة التلعثم التي تعاني منها.
وفقك الله.