السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بدايةً، أود أن أشكركم من أعماق قلبي على هذا الموقع الرائع النافع، وأسأل الله أن يكتب الأجر لجميع القائمين عليه.
((إنما أشكو بثي وحزني إلى الله)).. بعدما قرأت هذه الآية بدأت أقلل من كثرة التشكي عن حالي الذي أعيشه للخلق وقررت أن أتجه للخالق بعدما رأيت أنه لا يمكن لأحد أن يجد حلاً لمشكلتي. ولكني سرعان ما تهبط عزيمتي وينفد صبري فأعتزل الجميع، حتى العبادات أؤديها على عجل.. وما يزيدني ذلك إلا هماً وغمّاً.
أبكي كل ليلة على سريري بلا سبب، كثيرة التفكير، وإن خالطت الناس فإما أعاملهم بغضب شديد أو بلطف شديد حتى أصبح الجميع يستغرب أمري!.
لا أدري كيف أكتب عن معاناتي؛ كنت إنسانة طموحة، متفوقة، الكل يرى بأني إنسانة مميزة، بل إن كل من تعامل معي يقول لي: ((يا بنت تفكيرك أكبر من عمرك)).. أو يقولون:((أنت لك مستقبل عظيم))!!
كانت همتي تناطح السحاب، وعزيمتي لا يستطيع أحد أن يقف أمامها، كنت أحصل دائماً على نسبة 100% في دراستي وإن نزلت عنها فــ 99 %.
وصلت للصف الثاني ثانوي، وبدأت أشعر بحزن وكآبة شديدين، كنت أبكي كل ليلة في الظلام!! وأنظر من شباك منزلنا إلى السماء وبشدة بلا مبرر!! استمرت هذه الحالة معي حتى ذهبت بعدها إلى شيخ قارئ معروف تحسنت حالتي بعدها قليلا، ثم عادت لي حالة الكآبة والحزن، فاضطررت للذهاب إلى دكتور نفسي بدأت أتحدث معه وأخبره عما أشعر به وأن حالة الحزن تزداد بعد المغرب وتشتد في الليل، وتبدأ الأفكار السوداوية تدور في رأسي كالموت وأننا كلنا سنذوق مرراته، والقيامة وأهوالها، أهملت نفسي وأهملت الدراسة وأصبحت عصبية جداً.
عندما وصلت للصف الثالث ثانوي وفي نهاية السنة اختبرت الأربعة أيام الأولى من الأسبوع الأول، وفي يوم الأربعاء بدأت الحالة تعود لي بشدة، وزاد تفكيري بنهاية الدنيا وتفاهتها، بكيت في ذلك اليوم بكاءً شديداً حتى أشرقت الشمس ولم أذاكر شيئاً من المادة، ذهبت إلى المدرسة وأنا ما زلت أبكي، دخلت القاعة وأنا أبكي فحاول الجميع أن يريحونني ظانين أنها كحالة الطلاب أيام الامتحانات، بدأوا بتوزيع الأوراق وبدأت أسكت عن البكاء... لكن كنت أنظر إليها بلا تفكير، كتبت بعض الحلول لكني عدت إلى البكاء بعد أن تذكرت الموت ونهاية الدنيا، وأخذت أشطب على كل حلولي وأبكي. لم يتبق إلا اسبوع على تخرجي من الثانوية... إلا أن تلك الحالة جعلتني أنسحب من الدراسة ففاتني الامتحان واضطررت إلى أن أعيد سنة جديدة ولكن بقلب محطم، بلا هدف، بلا شعور ولا إحساس ولاهمة، كل تفكيري يدور حول نهاية الحياة.. حول الموت... بل أصبحت أضحك وأسخر ممن يسعى للتفوق أو يهتم بالدراسة والعلم!!.
ذكرت كلامي هذا لذلك الدكتور الذي قال لي بكل بساطة...((بصراحة لا أستطيع أن أشخص حالتك، اذهبي إلى دكتورة لعلك تأخذين راحتك معها أكثر))... لم أستطع أن أصل لتلك الدكتورة لظروف فبقيت على حالتي هذه 4 سنين.. دون أن أحدد هويتي ومن أكون، وماذا أريد من هذه الحياة؟؟
تدور في رأسي أسئلة كثيرة أتمنى أن أناقشها مع مشايخ لعلها تنير بصيرتي لكن لا جدوى؟؟.
باختصار.. أصبحت إنسانة أخرى غير تلك الإنسانة!!.
3/4/2009
رد المستشار
الأخت العزيزة،
تتضح من كلامك معاناتك من الاكتئاب الجسيم، وأتعاطف معك لما تركه ذلك من آثار سلبية على نفسيتك ودراستك، وأعرف أن هذا فوق طاقتك ولكن يجب أن تعلمي أن تفكيرك مشوش بسبب تلك الحالة المزاجية السيئة، ويتسم بالأفكار الخاطئة مثل كون الموت نهاية للحياة يفقدها قيمتها، إن الحياة ليست خياراً أمامنا بل واقع علينا تقبله والتعايش معه، فرفضه لن يفيدنا في شيء، وديننا يجعل من حياتنا رحلة علينا خوضها وامتحان يجب أن نمر به، والرضى هو كل السعادة.
على سبيل المثال لا التعميم: نجد إنساناً بسيطاً لا يملك إلا قوت يومه يشكر ربه وينام سعيداً بما لديه، وآخر يشقى بما حاز من أموال! وعموماً أريدك أن تستدعي أهدافك من مخابئها وتعملي على تحقيقها، ولا تعتبري الأوان قد فات، واجعلي ما مررت به تجربة مؤلمة يجعلها الله في ميزان حسناتك، وابدئي بداية جديدة.
أعتقد أنك بإذن الله قادرة على أن تحققي النجاح الذي حققته من قبل، ولكن أرى حاجتك للعلاج الدوائي الذي ييسر عليك تلك المحنة فقومي بزيارة الطبيب النفسي واصبري على التحسن، والله معك.
اقرأ أيضاً:
سنوات الضياع م
عبير والاكتئاب في العشرين
وحيدة وحائرة ومكتئبة! التفكير في الانتحار
صديق عماد والاكتئاب الجسيم
قطعة ثلج في قبر بارد
اضطراب القلق الاكتئابي
من عدم التأقلم إلى الاكتئاب