السلام عليكم،
الحقيقة لا أعرف من أين أبدأ! هل أبدأ من النهاية وتبعاً لتشخيص طبيب الأمراض النفسية المتابع لحالتي أنني مصابة باكتئاب مزمن ووساوس ونوبات اكتئابية بين هبوط وصعود؟ أم أبدأ من أنني الآن بوعد تناولي لأدوية مثل بروزاك كبسولتين صباحاً وايفكسور 150 ظهراً وبروثيادين مساءً لمدة سنتين بينهم فترات انقطاع إلا أنني الآن ومن دقائق كنت أنظر لابني وأقول في نفسي: "هذا الواقف هناك ابني" وأردد نفس الكلمة مراراً حتى أشعر به؟.
الأخوة والأخوات الأفاضل، بصدق لا أعرف ماذا أقول وكيف أحكي قصتي، أظن أن لو حكيت بالتفصيل فسأحتاج لموقع خاص ليكفي أن أصف حياتي، لذا سأكتفي بلمحات من كل مرحلة.
قبل زواجي وفي بيت أهلي كان حظي معاملة قاسية من أمي لإيمانها بمبدأ "اكسر للبنت ضلع وأحسن لو مش طلع لها غيره"، وكانت كلمات "أنا بكرهك ومش بقبلك" عادي جداً أن أسمعها من أمي. والسب والشتيمة بل الضرب لأتفه الأسباب من أمي وأبي، فكنت وحيدة قلباً وقالباً.. محرم عليّ الاختلاط حتى ببنات جنسي لشك أهلي أنني قد أتخذ صاحبتي وسيلة لمقابلة الشباب، فكانت النتيجة أني اعتدت العيش داخل نفسي ومع نفسي. مرّت عليّ لحظات بل ساعات حزن رهيبة قاتلة حتى أصبحت أكره نفسي، كنت أنظر في المرآة وأقول لنفسي: "كم أكرهك أكرهك، لولا أنك تستحقين الكراهيه ما كان أهلك عاملوك هكذا".
بعد المرحلة الجامعية تمت خطبتي لشخص قال أنه يحبني ولأنني كنت أبحث عن الحنان صدقته، بل أصبح هو كل عالمي، ووقفت بجانبه حتى نستطيع الزواج بالرغم من صعوبة ظروفه، وتمّ الزواج وعاهدت نفسي يومها أن أنسى كل ما سبق والماضي الحزين القاسي، وأن أبدأ من جديد وأن أكون زوجة محبة حنونة تقف مع زوجها، وكنت على جانب من التدين أقرأ القران وأصلي بانتظام لذا عاهدت ربي أن أعمل زواجي بأن له الأهمية بأنه لو أمر الله شخصاً يسجد لشخص لأمر الزوجة أن تسجد لزوجها.
بتلخيص وضعت زوجي داخل عيوني وقلبي وفوق رأسي. بعد شهرين من الزواج كافأني زوجي عندما ضربني بالحذاء، ومرة أخرى وجه إلي ضرباً قاسياً حتى تلطخت الستائر الجديدة بدمائي، وهنا عدت مره أخرى للتضحيات. أقنعت نفسي أن كل رجل به عيب، والحمد لله أنه مخلص ومتدين وصادق ويمكنني الصبر على عصبيته. وقفت بجواره أعمل معه وأساعده حتى تحول من موظف بسيط لصاحب شركة في بداية طريقها.
عندي طفلتين، وكنت أرى زوجي حياتي وملجأي، لدرجة أنني كنت أقبّله في نومه من فرط حبي له، أقبّل ملابسه عندما يسافر، وأعيش في اكتئاب حتى يعود من سفره. وعندما يسألني أحد عن أسباب الكدمات في وجهي كنت أقول أني ارتطمت في الحمام! فكرت مرة أن أذهب لأهلي بعد أن تعدى عليّ زوجي بقسوة، ما وجدت من أبي أو أمي غير الكلام القاسي وأنني لا بد مخطئة والرجل محترم وأنا لا أستحقه، وأن يجب أن أبقى عندهم لأتربى! فجمعت ملابسي وعدت لبيت زوجي ولسابق حالي. وزاد نجاح زوجي، وزاد ثراءً، وكان ما يصبرني يكفيني تدينه وإخلاصه حتى علمت يوماً أنه على علاقة مع امرأة، وببعض البحث علمت انه بدأ علاقاته ونزواته من بعد 6 أشهر زواج فقط.
هنا لكم أن تتخيلوا مدى انهياري؛ وصلت لدرجة من الهلوسة وعندما لجأت لأهلي قالوا لي: "أي نزوات؟ ليس مهماً، لكن الرجل محترم" وهنا قال لي زوجي: "لتعرفي أن ليس لك أحد غيري، فأنت بلا أهل". وبعد الانهيار التام لدرجة أني كنت أبكي في حضن زوجي وأشتكي منه له، وأقول له: "لم تفعل هذا بي؟" لأني ببساطة ليس لي غيره. بعدها راجعت نفسي وخرجت بنتيجة عبقرية هي أنني كنت مقصرة بحقه ولم أهتم بنفسي وكل هذا الكلام، وخلال شهرين تحولت إلى امرأة بمعنى الكلمة: أرتدي أحدث الموضات داخل وخارج المنزل، واهتمام كامل بي كأنثى من كل الجوانب الحسية والمعنوية، وبالفعل أعجب زوجي ذلك وقال لي أن هذا ما كان يتمناه.. وبعد 4 أشهر كافأني مرة أخرى بأنه خانني للمرة العاشرة أو العشرين عندها طلبت الطلاق، لكن هيهات أن أجد من يقف بجواري؛ قالت أمي: "لن أتعرف عليك، ولن أدخل بيتك لو طلقت" وأبي قال ما معنى نزوة!. عدت لبيتي ذليلة كعادتي من طفولتي، عندها اتفقت مع زوجي انه لا يعنيني ما يفعل خارج المنزل أما داخله فهو مطالب أن يعاملني بكل احترام دون أي إهانة... وبدأت طريق آخر بحياتي وهو طريق تعلقي بربي.
اتجهت لحفظ القرآن وقيام الليل وأصبح شغلي الشاغل هو محبتي لربي، ومرت الشهور وأنا أزداد تعلقاً بربي وإحساساً بحنان ربي ورحمته، حتى أصبحت أتودد لزوجي بالرغم من علمي من أنه من دقائق كان مع عشيقته إلا أني كنت أقول أنا أعامل الخالق وليس المخلوق. أصبح كل ما يحكم تصرفاتي هو ما يرضي ربي فقط، وبصدق كانت هذه الفترة أكثر فترات حياتي اتزاناً وسعادة، لكني كنت أشعر أنني لا أعيش بعالم الناس إنما أعيش بعالم خاص بي، حتى أصبحت أصاب بنوبات من الدوخة الغربية داخل مخي نفسه. لم يستطع الأطباء تشخيصها، أشعر كأن رأسي تدور بسرعة للحظة، أو أشعر بدوار غريب داخل رأسي، وبعد عمل الأشعة طلب طبيب المخ والأعصاب مني الذهاب لطبيب نفسي.
بعد جلسة مطولة مع الطبيب النفسي أخبرته عن إحساسي بالضيق كل صباح والنوم المضطرب والأحلام المبهمة والوساوس والكلمات برأسي تندفع رغماً عني ولا أستطيع إيقافها، وساوس قذرة أو وساوس سيئة عن الذات الإلهية، وساوس بأشياء بشعة عن أطفالي، بعد ذلك أخبرني أن عندي تغيراً بكمياء المخ نتيجة اكتئاب وأزمات. وبدأت العلاج النفسي، وهنا شاهدني زوجي وأنا مريضة وهو يعلم أن له دور كبير فيما أصابني، وكمحاولة منه لمساعدتي كان يتركني كل مساء للجلوس مع أصحابه واكتشفت أنه كان يذهب ليعاشر زوجة أحد أصحابه...! وكيف لي أن أتحمل كل ذلك؟. طبيبي لم يكن موجوداً وقتها كان مسافراً، ذهبت لطبيب آخر شاب ومشهور لكنه للأسف من أول جلسة لم ير غير إنسانة جميلة نوعاً ما منهارة فحاول التحرش الجنسي بي بحجة أنه يريد الاطمئنان أن الحزن لم يصبني بأمراض في الثدي؟! وخرجت من غرفة الكشف وأنا أكره نفسي وأكره زوجي وأكره الطبيب وأكره كل الرجال وأكره العالم.. كرهت وحدتي وكرهت ضعفي.. وهنا بدأت مرحلة جديدة أخرى من حياتي اسمها الضياع.
أصحو من نومي أكره اليوم قبل أن يبدأ، وأكره الساعات. لا أشعر بما عندي من نِعَم، لا أشعر بأطفالي، لا أشعر بأي شيء، بالضبط كما تصاب القدم بالتنمل تعلم أنه عندك قدماً لكن لا تشعر بها.. أنا أعلم أني شابة جميلة مثقفة، عندي المال والبنون لكنني لا أشعر بأي شيء أبداً أبداً.. لا أعلم لماذا أعيش وأتمنى النهاية بصدق، أتمنى النهاية ولولا أطفالي لكنت تخلصت من حياتي ومن نفسي. بعد فترة رضيت بالواقع وقررت أن أبني نفسي وأعمل لي عالماً خاصاً أنجح فيه وأستغل ذكائي وحبي للتعلم، وبدأت أذاكر للتميز في مجال الحاسب الآلي، وفعلاً شعرت بالسعادة لأيام وأن لي هدفاً خاصاً بي، لكن للأسف لا أستطيع الثبات على هدف أكثر من 48 ساعة بعدها أصاب بالإحباط والكسل والملل والرغبة في البعد عن الجميع، الجميع: أطفالي، أهلي.. الجميع.
الآن أنا لا شيء؛ ابتعدت عن التزامي، عن قرآني، عن قيام الليل، بعدت عن الدراسة والهدف أن أكون شخصية ناجحة.
R03;أتعامل مع أطفالي بصعوبة.. وكرهت العلاجات ويئست من حياتي.
07/06/2009
رد المستشار
أهلاً وسهلاً بالأخت الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
يا وحيدة الدرب؛ كثيرةٌ هي المحن التي وقعت بها، جعلها الله في ميزان حسناتك أجراً، ورِفعةً لدرجاتك.
أما بعد،
اكتئابك وما تعانين منه هو حصاد لسنين من الصدمات، لا يكفي علاجه بالأدوية المضادة للاكتئاب، لأن هذه الأدوية تقطع ساق وأغصان شجرة معاناتك وحسب، أما جذورها فتحتاج لجلسات العلاج المعرفي السلوكي لاجتثاثها..
هذه الخطة لمعاناتك من وجهة طبية نفسية، وهي تندرج تحت الاكتئاب الرئيسي أو الوسواس القهري...
أختي الكريمة،
من الآن -ودون أن تجلدي ذاتك- فكّري بتجرّد لمَ وقعت في هذه الظروف السلبية، طبعاً للآخر دور كبير كأسرتك غير الداعمة والحاضنة، أو زوجك غير المسؤول وغير الناضج، أو ذلك الطبيب غير الأمين، فكّري ما هي الأسباب في شخصيتك التي سهّلت وقوعك في تلك الصدمات؟! وما هي أخطاؤك؟!
ناقشيها مع معالجتك أو معالجك النفسي.. ثم فكري بالحلول لحالتك؟! هل هو الانتحار؟؟ ثم لمَ تركت طريق الحق، طريق النور؟ هل لأنك جرّبته كغيره من الطرق ولم تنتفعي منه؟! وأنت قلت أنك صرت أكثر اتزاناً!.
وأسألك تلك التساؤلات أرجو أن تجيبي عليها بمنتهى الهدوء والتدّبر:
من أصدق من الله معك؟! من أرحم من الله بك؟! من أسمع لكلامك والأقدر على إجابة دعائك؟! هل ستجدين كالرب الواحد الأحد القيوم على عباده لينتشلك مما أنت فيه؟! قال تعالى: ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَأِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ)) النمل/ 62.
اعلمي أن شفاءك من الكآبة كمرض وتفريج كربك بيد الله عزّ وجلّ.. ولك الخيار.
واعلمي أيضاً أنك لست وحيدة الدرب في الأرض بل ربك معك أينما كنت، وأن في موقع مجانين إخوةٌ لك يتمنون لك الخير ومستعدون لتقديم ما يستطعيون لك.
فرّج الله العظيم كرّبك.. أتركك في أمان الله وحفظه.
ويتبع>>>>>> : أحتاج لموقع خاص لوصف مشكلتي مشاركة