هل تعلقي به خطأ..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سيدي الدكتور وائل، تحية طيبة وبعد؛ لا يسعني إلا أن أعبر عن مدى امتناني لحضرتك وحضرات المستشارين الكرام على موقعك الكريم والخدمات الجليلة التي تقدمها، لنا جزاكم الله عنا خير الجزاء. (رجائي أن تجيب حضرتك على رسالتي).
لقد أرسلت لحضرتكم رسالتي السابقة بعنوان "أمي لم تعد كافية" باسم لا، وأكتب لك الآن لأستشيرك بخصوص أمر ما.
قبل أيام شاهدت حضرتك على قناة الجزيرة ولفت انتباهي قول حضرتك "الطبيب النفسي مينفعش يكون صديق المريض". من بداية شهر مارس/آذار بدأت مراجعة طبيب نفسي مشهود له بالتدين والاحترام، وكان جلساتي أسبوعية تقريباً، واتفقنا في بداية الجلسات أن أعتبره أخي الكبير فأحكي له كل ما لدي، وفعلاً تعاملت معه من هذا المنطلق والحمد لله تحسنت جداً. الآن أجد نفسي متعلقة جداً به وأحبه جداً جداً كأنه أخي -أخي وفقط، وليس باي صفة أخرى- فعلاً! ربما لطيبته. كان يطمئنني، وكنت أعاني بشدة من الوحدة -أنا بعيدة عن أهلي لظروف الدراسة كما ذكرت لحضرتك في استشارتي السابقة- فأنا لست اجتماعية بطبيعتي على حد قوله، ووجوده كشخص أتكلم معه وأستشيره في الصح والخطأ جعلني أتعلق به جداً وأحبه جداً، لدرجة أني أحسن بحزن شديد عند مغادرتي العيادة وأنتظر الموعد التالي بلهفة، فهو الوحيد الذي أعرفه وأستطيع التكلم معه هنا.
حالياً أراجعه كل أسبوع، لكني مسافرة لمدة شهر! فها تعلقي به خطأ؟ لقد ساعدني ذلك كثيراً إلا أنه أيضاً كان سبباً في ضيقي في بعض الأحيان التي لا أستطيع فيها الوصول إليه -كأن يكون مسافراً-. طبعاً لا هو ولا غيره يدري بمشاعري تلك التي أخشى أن تكون محرمة بذاتها، لكن صدقني والله شهيد على ذلك أني ما تعاملت معه على أكثر من افتراضه أخاً لي.
أريد أن أعرف إلى أي مدى يعدّ تعلقي به خطأ؟ وكيف كا بإمكاني تجنب ذلك؟ وهل كان الأمر في يدي وقصر في منعه؟ أنا بطبعي أحب الناس وأتعلق بهم بسهولة- حبّاً أخويّاً فقط. وأرجو ألا تسيء فهمي فأنا لا أنوي الزواج مطلقاً، سأعمل إن شاء الله وأعيش مع أهلي فقط. ماذا أفعل الآن؟
آسفة لإطالتي عليكم.
شكراً لحضرتك على سعة صدرك ومساعدتك لنا.
21/06/2009
رد المستشار
لا أستطيع مطلقاً أن أحمّل المريض النفسي ذنب مشاعر الحب التي يشعر بها نحو طبيبه النفسي لسببين؛ أولهما، أنه طرف في حالة ضعف وتشويش لا تجعله قادر على التفكير المنطقي والعقلاني، والثاني أنه يتعلم في الجلسات أن يثق في طبيبه ثقةً عمياء ولا يخوّنه، لذا فأرى وبصدق أن المذنب الحقيقي أو المذنب الأكبر هو الطبيب النفسي نفسه. هو يعلم تمام العلم أنه تحمّل أمانة هذه الثقة أمام الله سبحانه قبل أي أحد، ويعلم جيداً بما درسه وأقسم عليه أن لا بد له من أن يكون شخصاً محايداً تماماً مع مريضه ومنفصلاً تماماً عن أي حديث شخصي أو ظروف شخصية له أمام مرضاه، تجعل حدود العلاقة غير واضحة أو على غير ما يجب أن تكون عليه، حتى لا يفتقر لمبدأ الأصالة والحيادية.
من أخطر ما يمكن الوقوع فيه خلال العلاج النفسي هو مشاعر الحب التي قد تنشأ بين الطرفين، خاصة وأن هذا النوع من العلاج يتطلب الخصوصية وعدم الإزعاج مثلاً أو الاطلاع والتواجد لأي شخص كائن ما كان على الجلسة، مما يزيد من مسؤولية الطبيب أو المعالج نحو تقوى الله سبحانه وأمانته أمامه عزّ وجلّ، فالمتخصص النفسي إذا وقع في هذا المحظور عليه أن يتنحى عن الحالة مثلما يتنحى القاضي عن قضية قريبة من عائلته، ورغم أنك كررت مراراً ألا نفهمك خطأ إلا أن الحقيقة هو أنه ما لديك من مشاعر غير أخوية تجاهه! فأنت تفتقدينه حين يسافر أو يغيب لأي سبب، والصحيح هو أنك تفتقدين واجب الأسبوع الذي فاتك وخسارة تقدمك مع نفسك لفترة قادمة، ورغم أنك قلت أنه لا يدري شيئاً إلا أنني لا أتصور أن يكون طبيباً نفسياً ماهراً يتعامل مع نفوس البشر ليس لديه ميزان كافي للإحساس بمشاعرك نحوه، بل وأتصور كذلك أنه من الخطأ أن يقول لك أنا أخوك، فلا أخوة بين الطبيب والمريض خصوصاً وأنت كنت فتاة وهو رجل، فالعلاقة علاقة وظيفية وطبية لا يجوز أن تتعدى هذا الحد حتى لا تنقلب عيادات المتخصصين النفسيين لقصص حب وإعجاب وفضائح، ورغم ما أشعره من رفضك الداخلي لاقتراحي بأن تتركي العلاج معه، إلا أنها النصيحة التي أتمنى أن تقدريها لما فيه الخير لك وله، وأعتذر لك بالنيابة عن كل الأطباء أو المتخصصين لما قد يقعون فيه سهواَ أو عمداً مع مرضاهم.
ويتبع>>>>> : كواليس الطبيب النفسي م