حيرة من أمري
السلام عليكم،
باختصار، تعرفت على شاب من أحد مواقع الزواج على الانترنت، أعلم أنها طريقة غير آمنة للتعارف لكن يعلم الله أني راقبته تعالى في كلامي معه، وبصراحة هو لم يتجاوز أبداً معي حدود اللائق. تأكدت إلى حد ما وبطرق مختلفة من صدقه معي في الكلام فاطمأنت له كثيراً، بل شعرت أنه نصفي الآخر فعلاً.
كل كلامه كان يؤكد جديته في الارتباط الرسمي، لكن ما يحيرني جداً جداً جداً هو توقفه فجأة عن الاتصال بي والاطمئنان على امتحاناتي كما عوّدني، وبالرغم من شدة شوقي لمعرفة أحواله وسبب ابتعاده المفاجئ، إلا أني لم أتصل به خوفاً من أنه ربما قرر الانسحاب، وبالتالي اتصالي به سيكون إهانة لي لا أقبلها.
خلال فترة ابتعاده هذه استخرت الله مراراً بشأن ارتباطنا وبحثت عن تفسير ما رأيته بمناماتي فلم أجد إلا خيراً، وأخشى أن يكون ما رأيته بمناماتي ليس إلا انعكاساً لرغبتي بالارتباط به وليست رسالة من الله فعلاً، مع العلم أني بفضل الله متدينة وأراعي الله كثيراً.
خبرني بالله عليك رأيك ونصيحتك، والله الموفق.
والسلام عليكم.
19/6/2009
رد المستشار
السلام عليكم، الأخت الكريمة،
ليس من شرط الاستخارة أن تري رؤيا، وليس من الضروري أن يكون ما رأيته هو نتيجة الاستخارة، الإنسان يستخير بعد أن يأخذ بالأسباب المشروعة مفوضاً أمره إلى الله، ويمضي راضياً فيما يسَّره الله له وانشرح له صدره سواء سبق ذلك رؤيا أو لم يسبقه.
المحب الصادق يا بوسي لا ينتظر أن تلاحقيه، فمن عادة الرجل -إن كان رجلاً بحق- وكان راغباً أن يخطو خطوات جدية في طلب من أحب، أما هؤلاء الذين يستمتعون بالحديث مع إحداهن ويعدونها الوعود ثم يتركونها فجأة دون سابق إنذار بعد أن يملوا منها لينتقلوا إلى غيرها، فهؤلاء لو تقدم أحدهم لخطبتك فعلاً فاركليه برجلك...! لأنه قليلاً ما يغير طبعه بعد الزواج، فهو يريد متعة بلا مسؤولية، سيستمتع بك ويحملك مسؤولية المنزل، ثم يمل منك ليصيد غيرك.
لن أكرر لك ما يقال -وما ينبغي أن يقال-: من أن هذه الطريقة في التعارف غير آمنة بل ومضرة لهذا فهي غير مشروعة لما فيها من ضرر وغرر وخداع، بغض النظر عن حكم الكلام مع الجنس الآخر. أقول لك فقط: أعلم أن الأمر ليس بالهين، وأن النفس الإنسانية لها احتياجاتها التي لا تجدها هذه الأيام، وأعلم أن التغيير يجب أن يبدأ من الجذور، وأن مجتمعاتنا لا هي تقبل ذلك التغيير ولا هي تقبل الحلول الجزئية المرحلية المشروعة ريثما ينتهي هذا الوضع بحجة أنها لا تحب أن تخرج عن العادات، وكأنها بهذا الظلم الذي أنزلته برؤوس الشباب لم تخرج عن العادات بل عن المشروع والحلال!
طيب! المجتمع لا يتغير، والظروف لا تتغير، ونحن أين الصبر على الشدائد وعلى الالتزام بشرع الله تعالى؟؟ لو افترضنا أن أزمة الزواج قد حلت، أتعتقدين أن الحياة ستصبح جنّة؟ طبعاً لا، ستبقين ولا ريب بحاجة إلى الصبر في كل حين! نحن نخاطب الناس أن يعملوا على التغيير ولكن إن لم يغيروا هل يكون هذا لنا عذراً أن نحيد عن الصواب ونزيد الطين بِلَّة ونضيف إلى فساد المجتمع فساداً؟! إن لم تبرهني في مثل هذه المواقف على أنك أَمَة صادقة تحبين الله تعالى، فمتى تبرهنين؟؟ وهناك من يقول بملء فيه: لا أريد أن أصبر وأريد أن أفعل ما يحلو لي!! ولا نملك إلا أن نقول له: كما تريد! أنت حر، ارتحِ الآن، وأجل صبرك إلى يوم لا ينتهي فيه الصبر ولا ينفع فيه الندم!!
من لا يريد أن يصبر، ومن لا يريد أن يغيّر، هو خاسر، وأي خاسر! ولن يضر أحداً إلا نفسه! فلا أدري هذا العقل الذي غطته غشاوة الشهوات، هل سيعمل ويوازن فيختار ما فيه خير له في الدنيا والآخرة، أم أنه سيظل غارقاً في سبات عميق إلى أن يأتي الأمير ويقبّل الأميرة النائمة!!!