السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أشكر جميع أعضاء موقع مجانين على الجهد المبذول.
مشكلتي تتمثل في مرض أسميه أنا "الحنين لكل شيء أمتلكه"! فأنا لا أتخلى عن الشيء الذي اكتسبته بسهولة، خاصة إذا كان من الماضي الجميل؛ مثلاً لا أغيّر هاتفي النقال بسهولة إذا كان عندي من مدة طويلة. كما أنني أتذكر جيداً كيف أني غضبت كثيراً حينما باعت والدتي تلفازاً غير ملون (أبيض وأسود) من دون علمي، ببساطة لأني قضيت صغري مع هذا التلفاز الذي كان يمثل الزمن الجميل من دون تعقيدات الحياة التي نعرفها اليوم مثل الانترنت والفضائيات العديدة و... إلخ.
أمّا بيع المنزل الذي تربيت فيه فتلك قضية أخرى ومشكلة أكبر؛ فأنا لا أتصور أبداً أن نبيعه ونسكن في آخر. فقد كنت سبباً في عدم بيعه على الرغم من حاجة العائلة إلى ذلك والسكن في بيت أكبر! وإذا فعلت فإني سأشعر بأن المكان مظلم ولا يبعث على الارتياح أبداً، لا أخفيكم سراً أن هذا الأمر يحقق لي بعضاً من النشوة أو المتعة حينما أتمسك بأشيائي، لكن في الوقت نفسه فإنه يعيقني عن التقدم إلى الأمام مثلما أشرت سابقاً للسكن الذي نحتاج غيره، أو تبديل أشياء قديمة بأخرى جديدة.
إن الطامة الأكبر أنني أخشى أن أتعافى يوماً وحينها أصبح لا أهتم بكل ما هو قديم وأتخلّص منه بسهولة! وإضافة إلى كل ما سبق فإني أفكر في الماضي الذي كان من دون انترنت ولا فضائيات ولا هواتف نقّالة...إلخ وكان جميلاً على الرغم من بساطته، فما العمل؟!.
19/07/2009
رد المستشار
عزيزي، أهلاً ومرحباً بك. كنت أتمنى أن ترسل لنا بعض أحداث حياتك: مثل علاقاتك مع الآخرين، عملك ودرجة إتقانك له، وهكذا... إلخ.
المهم أن ما تعانيه إذا لم يؤثر بدرجة ملحوظة على مناطق مهمة في حياتك (العمل، العلاقات) فهو لا يصل إلى درجة الاضطراب النفسي، أما إذا أثر على تكيّفك فقط فهو من اضطرابات الشخصية.
لقد عرّفت منظمة الصحة العالمية اضطرابات الشخصية بالتالي:
«هو نمط من السلوك المتأصل السيئ التكيف، والذي ينتبه إليه عادة في مرحلة المراهقة أو قبلها. ويستمر هذا السلوك في معظم فترة حياة الرشد، وإن كان في الغالب يصبح أقل ظهوراً في مرحلة وسط العمر، أو السن المتقدمة. وتكون الشخصية غير طبيعية إما في انسجام وتوازن مكوناتها الأساسية، أو في شدة بعض هذه المكونات، أو في اضطراب كامل عناصر الشخصية، ويعاني بسبب هذا الاضطراب، إما صاحب هذه الشخصية، أو الذين من حوله، ولذلك تكون هناك آثار سلبية لهذه الشخصية المضطربة على الفرد، أو على المجتمع من حولها»، وحتى يتم تشخيص اضطراب الشخصية لابد من توافر شرطين وهما:
(1) أن يكون عمر الشخص المضطرب أكبر من 18 عاماً حيث تبدأ الأعراض قبل هذا العمر وتعرف بالسمات، وعندما تستمر هذه الأعراض مع الشخص حتى عمر 18 سنة تترسخ عنده ويصعب تغييرها، ويطلق عليها عندئذ اضطراب نمط الشخصية، ويستثنى من ذلك الشخصية المضادة للمجتمع إذ يكفي عمر 16 سنة لتشخيصها.
(2) ألا تعيق اضطرابات الشخصية صاحبها عن الاستمرار في حياته الاجتماعية والعملية، وإن كانت تحدث بعض الصعوبات لمن حوله أكثر مما هو له، فإن أقعدته عن عمله وسببت خللاً واضحاً في علاقته مع الآخرين أصبح ذلك مرضاً وليس اضطراب شخصية.
والسمات النفسية التي تشير إليها في رسالتك تشير إلى سمات الشخصية الوسواسية، وخاصة ما نطلق عليه وسواس التخزين. السمة الرئيسة في هذا الاضطراب هو نمط من الكمالية والتصلب يسود حياة المصابين به، ويبدأ هذا الاضطراب في بداية البلوغ، ويعتبر نموذجاً منتشراً من الانشغال بالترتيب، وإتمام العمل والضبط النفسي والبين شخصي على حساب المرونة، والانفتاح والفاعلية، ويظهر في سياق العديد من التصرفات، ويسـتدل عليه بتوفر خمسة على الأقـل مما يلي:
يتميز بالانشغال الزائد بالنظام والإتقان والسيطرة على علاقاته على حساب المرونة في العلاقة والصراحة والكفاءة.
* ينشغل بالتفاصيل والقواعد والنظم والجداول لدرجة تنال من كفاءته في إنجاز العمل ذاته.
* يظهر حرصه على الإتقان والكمال لدرجة تؤثر على إنجازه للعمل (لا يستطيع أن يتم عمله ما دامت معاييره لم تراعى على الوجه الأكمل).
* يستغرق في العمل على حساب هواياته وعلاقاته الإنسانية.
* يعاني الجمود والضمير الحي المدقق فيما يتعلق بأمور القيم والأخلاقيات.
* لا يستطيع أن يتخلص من الأشياء المهملة عديمة القيمة مع أنها لا تشكل قيمة معنوية لديه.
* يمتنع عن القيام بالمهام إلا إذا تأكد من أن الآخرين سيقومون بها على طريقته في العمل.
* يتبنى أسلوب مقتر في الإنفاق على نفسه والآخرين ويرى أن المال لا بد أن يدخر للمصائب المحتملة.
ولأنك لم تشر إلى وساوس التخزين والارتباط الشديد بالأشياء فقط فلا تمثل اضطراباً بل أعراض فقط، إلا إذا وجدت أعراضاً أخرى مما سبق أن ذكرتها في السمات. وبالتالي يظهر السؤال هل هذه الأعراض تسبب لك ضيقاً أم لا؟
إذا لم تكن تسبب لك ضيقاً فلا تعرها اهتماماً، ومجرد معرفتك بها كافياً بشرط تقييمها كل فترة، أما إذا سببت ضيقاً فعليك محاولة التخلص من الأعراض عن طريق التركيز على إيضاح دفاعات العقلنة أي Intellectualization (هي حيلة دفاعية نفسية إيجابية يتعامل بها الجسم لتقليل المعاناة عن طريق البحث عن الأسباب المنطقية خلف السلوك مما يساعد على تجاهله)، وهو ما نطلق عليه العلاج السلوكي المعرفي (يمكنك الرجوع للموقع لمعرفة بعض التفاصيل).
وفقك الله وتابعنا.
واقرأ على مجانين:
هل اضطرابات الشخصية لها علاج
وساوس الإنجاز: شخصية قسرية مشاركة مستشار
بين يقظة الضمير والشخصية القسرية شعرة
شخصية كئيبة؟ أم قسرية؟