رأي حكيم من مجانين مشاركة
أخي صاحب المشكلة،
أود أن أقول لك أن ما تمرّ به قاسٍ جداً، وهو بالتأكيد أكثر من مجرد "موقف مزعج"، وأتمنى على الله أن يهوّن عليك الرحلة!!. أما الدكتورة حنان، فإن من لا يمر بمثل هذه التجربة (وأدعو الله ألا يمرّ بها أحد) لا يستطيع تخيّل كمّ الألم الذي تجلبه، وهي وللأسف شيء يجلب العار والاشمئزاز!!.
فكيف له ألا يشعر بالحرج!!! أنا بالطبع لا أقول له أن يقتلها ويقتل نفسه، ولكن هذه ليست مشكلة موضة أو تسريحة شعر قديمة لـ "يشعر بالحرج" منها! هذه مشاعر إنسان تمنى أمّاً "قديسة" ليتعلم منها المثل والأخلاق ويورثها لأبنائه.. من منا لا يريد امه في نظره كالقديسة؟ من منا لا يغار إذا نظر أحدهم لأمه نظرة إعجاب؟؟ أنا أعرف جيداً أن الأم مثل باقي البشر، ولكن يا دكتورة عند المرور بالبلية لا أقول "لا حول ولا قوة إلا بلله مسكينة" وأمصمص شفايفي!.
وأيضا ماذا يعني "فكر بمنطقية أنك لست مسؤولاً عن سلوكها ولا عن تقويمها لأنك لا تملك سلطة عليها" كيف التفكير بمنطقية في مثل هذا الأمر؟.
يا دكتورة، من أساسيات الطب النفسي أن تشعري المريض أنك تقفين بجانبه وتشعرين بمحنته، لا أطلب منك البكاء بجانبه ولكن -واسمحي لي- كل ما قلته كلام غير واقعي بالمرة!.
24/2/2009
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
حيّاك الله وشكراً لمشاركتك سائلنا، رغم أنه بالكاد يمكن اعتبار سطورك مشاركة له بقدر ما هي هجوم عليّ، ومع ذلك اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.
جميع البشر ليسوا قديسين ولا معصومين، ولكنهم بالتأكيد ليسوا عصاة جبابرة فسبحان مقلب القلوب بين إصبعيه، يغيّر الله حال الناس من الصلاح للضلال وبالعكس، فأمه سيأتي وقت تصبح فيها النواحي الحسية فيها أقل أهمية بحكم التقدم في السن مهما قاوموا، تسري علينا جميعاً قوانين الخلق، عندها ستكون لديه فرصة ليتمتع ببعض الوقت بصورة الأم العادية والتي أرجو أن يحتفظ فيها بذاكرته لباقي أيام عمره فالأمور بخواتيمها.
في حين لو هجر أمه كما اقترح مشاركنا السابق ستبقى صورتها السالبة تقض مضجعه، فالمشكلة في الأم والوالدين عموماً أننا لا نتخلص منهم ولا من تأثيرهم لا بانفصالنا عنهم ولا حتى في حال وفاتهم، فهم بطريقة ما يبقون أحياء داخلنا يلزمنا في علاقتنا معهم الوصول إلى نقطة محايدة في أسوأ الأحوال، وقد نعجز أن نصلح علاقتنا معهم في بعض المراحل ولكن في شيخوختهم إن بقينا على اتصال بهم يصبح الأمر أكثر سهولة.
ليس دور المختص النفسي أن يكون "مطيباتي"! فنحن نسعى لنعلّم الناس كيف يعيشون مع انكساراتهم وخساراتهم لمحدودية سلطتنا كبشر على مجريات حياتنا، سنسعى ونحاول لحل المشكلة وهو ما فعله حين لفت انتباهها واشتكى لوالده، وهي الحلول العملية ولكنها لم تجدِ نفعاً معها، وحين تكون سيطرتنا محدودة تبقى خياراتنا أكثر محدودية بين الأمل في استطاعة التغيير مع تحييد مشاعرنا كي نستطيع الاستمرار، وإنكار المشكلة وهو الأمر المستحيل في هذه الحالة.
لا أذكر أني اعتبرت معاناته من سلوك أمه أمر سهل ولكنه بالتأكيد لا يجلب له العار، فلماذا نعيّره بسلوك غيره؟ هل لأن من الشائع التباهي بانجازات الوالدين بينما الحكمة العربية تقول ليس الفتى من قال كان أبي ولكن من قال هأنذا؟ ماذا يمكنه أن يفعل؟ سأنتظر اقتراحاتك الواقعية.