رفضت خاطباً، هل هو بطرٌ أم لا؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أرجوكم أن تفيدوني في هذا الأمر. تقدم لي عريس، كان ملتزماً جميل الخلقة حسن التعليم، يتقي الله ويعمل في شركة رائعة وعنده منزل، وكنت معجبة بشخصيته تماماً، وهنا المشكلة! رفضه أبي لأنه سيسكن في الطابق الأرضي، وظنّ أبي أن أمه ستعيش معنا في المنزل، برغم كل المميزات التي كنت أتمناها رفضه أبي! فهل يعاقبني الله سبحانه وتعالى لأني تبطرت؟ أرجو عدم الإهمال في مشكلتي.
المشكلة الأخرى، أن هذا العريس الذي تقدم لي بعد أن رفضناه تقدم لصديقتي وسيتم الفرح قريباً، هل أذهب لأبارك لها أم لا؟ وما وضعي؟.
19/7/2009
رد المستشار
وعليكم السلام أختي حبيبة الرحمن،
قبل كل شيء يجب أن تؤمني أن هذا الشاب منذ الأزل لم يكتب زوجاً لك، بل لغيرك، وما كان لغيرك فلن يكون لك مهما حصل وجرى، وبالمثل: ما كان لك فلن يكون لغيرك مهما حصل وجرى أيضاً.
بعد هذا أعود لسؤالك: هل كان رفض هذا الشاب بطراً يعاقبك الله تعالى عليه؟ ما جاء في رسالتك أن أباك هو الذي رفض وليس أنت، لهذا فالله تعالى لن يحاسبك على ما فعل أبوك، إلا إن كنت راضية بما فعله وموافقة له في ذلك.
ثم بالنسبة للسبب الذي رفضتم من أجله: فقد يكون عند أبيك سبب آخر لرفضه ووجهة نظر يدركها هو بفضل خبرته في الحياة وأنت لا تعلمينها، لهذا لا نستطيع أيضاً أن نحكم بأنه معاقب أم لا.
لكن بالنسبة لمسألة رفض الشاب من أجل السكن مع أهله فقط لا غير، ففي كثير من الأحيان يكون هذا نوعاً من البطر وفيه ظلم لكل من الشاب والفتاة وإعاقة لهما عن الزواج والاستقرار. لكنه قد لا يكون كذلك في أحيان أخرى، فقد يعلم الأهل من ابنتهم -مثلاً- أنها لا تحسن التصرف إن عاشت مع أهل زوجها، أو أن أفكار أم الزوج لا تناسب ما تربت عليه ابنتهم، لهذا فإنها ستتسبب بحرج شديد لها، فإما أن تعاني ابنتهم وتسكت، وإما أن تتسبب بعقوق الشاب لأمه، وإما أن ترجع إليهم تحمل في يدها طفلاً وفي قلبها جرحاً! لهذا فهم يفضلون الرفض من البداية حرصاً على مصلحة ابنتهم من وجهة نظرهم... وكل يؤاخذ بحسب نيته واجتهاده.
وأما سؤالك الأخير فلا أدري لمَ أنت مترددة في أن تباركي لصديقتك! هل لأنك محرجة من ذلك الشاب؟ أم لأنك ما زلت تحسين بإعجاب نحوه؟ أم لأنك تحزنين عليه؟... فإن كنت محرجة؛ فلا يوجد ما يستدعي الإحراج، إذ الفتاة وأهلها أحرار في أن يرفضوا أو يقبلوا وليس في هذا عيب، وهذا الأمر يحصل كثيراً بين الناس، فلا داعي لأن تجعليه سبباً للإحراج ولمقاطعة صديقتك.
وإن كنت ما زلت معجبة؛ فاذهبي إلى صديقتك وباركي لها ولكن حاذري من أن تجتمعي مع زوجها أو تنظري إليه، حتى لا تثقلي على نفسك وعلى مشاعرك، وتوقعي نفسك بحب غير جائز لا يثمر زواجاً.
وأما إن كنت حزينة عليه؛ فالجواب مرتبط بما ذكرته لك أولاً: هذا الشاب لم يقدر أن يكون لك زوجاً، وإنما لغيرك من الفتيات سواء كانت صديقتك أم غيرها، لهذا فيجب عليك ألا تكثري من الحسرات، ولا تدعي الحسد والغيرة يدخلان على قلبك... وانظري إلى الموضوع بتجرد: لو أن صديقتك تزوجت من شخص آخر هل ستذهبين لتباركي لها وتشاركيها فرحتها أم لا؟ طبعاً ستفعلين! إذن فاذهبي وباركي لها بنفس راضية ولا تظلميها بسبب شيء لا دخل لها به.
وأذكر لك قصة فتاة أعرفها: سمعت بأن صديق أخيها يخطب عقب طلاق لزواج دام ستة أشهر بفتاة لم تكن على مستوى من الأخلاق، وكان هذا الشاب خلوقاً متديناً تتمناه كل فتاة، فأرسلت الفتاة إلى أمه سراً من تعطيها رقم هاتف بيتهم ليتقدم لخطبتها من غير أن تعرف تلك الأم أن هذه أخت صديق ابنها، أو أن الفتاة هي التي أرسلت الواسطة، وفعلاً ذهبت الأم إلى أهل تلك الفتاة، وعرف الشاب أنهم أهل صديقه، ولكن شاء الله عزّ وجلّ أن تخطب الأم أختها وتدعها!! وتمّ الزواج فعلاً! فما كان من تلك الفتاة إلا أن قامت بمشاركة أختها فرحها بل وقامت بشراء جهازها معها بكل طيب خاطر!! وكنت أعجب منها كيف تقبلت الموضوع بكل رحابة صدر رغم أن التي تزوجته أقرب المقربات إليها! ولم تخبر أحداً بما جرى ولم نعلم نحن بالقصة إلا من الواسطة -التي أعطت الرقم لأمه- بعد أن تم الزفاف!!.
أظن أن الله عزّ وجلّ لن يضيّع أجر هذه الفتاة الراضية سليمة الصدر، وسيعوضها خيراً. علماً أن هذا الشاب لم يكتب لها أصلاً ولكن الله عزّ وجلّ أجرى هذه الأحداث ليكتب لها الأجر على فقد شيء لم تكن تملكه، فما خسرت شيئاً بل حظيت بعظيم الأجر والثواب!.
فلا تضيّعي الفرصة على نفسك، وتصرّفي بما يرضي الله عنك ويجلب لك خيري الدنيا والآخرة.
وفقك الله وعوضك خيراً.