لا للتعميم ونعم للسعي
حضرة الدكتورة حنان طقش،
أشكر اهتمامك بمشكلتي، ولكنك على ما يبدو قد حصرت المشكلة في أنني ضعيف الثقة بالنفس نتيجة لشكلي، كلا يا سيدتي فأنا أعرف أن الشكل رغم أهميته ليس كل شيء وأنا -وأعوذ بالله من كلمة أنا- لست ككثير من شباب هذا الجيل الذي صرفه المظهر عن الجوهر، ولكني عندما وصفت لك شكلي كان هدفي من ذلك بيان دلالة هذا الشكل -الخلل الهرموني الذي فشلت كل محاولات علاجه- وانعكاساته على الشعور برجولتي وثقتي بنفسي وقدرتي على ملء عيون زوجة المستقبل في زمن سادت فيه ثقافة الأجساد.
كما أنك -ومع كل التقدير لك على ما بذلته من وقت وجهد لمحاولة إيجاد حل لمشكلتي- لم تضعي حلاً لمخاوفي الطفولية؛ فأنا مثلاً أخاف الجرذان والسحالي! فكيف أتغلب على هذه المخاوف؟ في إحدى المرات طلبت مني أختي أن أقتل سحلية ظهرت في منزلنا إلا أنني لم أمتلك القدر الكافي من الشجاعة فصرخت في وجهي "ألست أنت الرجل"! و ذات مرة أيضاً قتل قطنا فأراً فلم أجرؤ على مسك جثته بيدي وهو ما فعلته أختي بعد لفها بكيس بلاستيكي. وبالمناسبة أنا معفىً من الخدمة العسكرية -فأنا لست أردني الجنسية- بسبب تمزق في الرباط المتصالب للركبة والذي حصل في مباراة الملاكمة التي أخبرتك بها، ولا أدري ما سيكون عليه حالي لو كنت قد أديت الخدمة العسكرية، بالإضافة لخوفي من المشاجرات وهو ما سبق وأخبرتك به وأكرر أني لا أريد أن أكون عدوانياً.
باختصار أنا أعاني من انعدام الثقة بنفسي وبرجولتي وذلك مرده إلى ظروف تنشئتي وبيئتي الأسرية بصفة أساسية، ولبنيتي الجسمانية بصفة ثانوية. فما الحل؟!؟.
شاكراً اهتمامكم وسعة صدركم.
23/7/2009
رد المستشار
السلام عليكم،
مرحباً بك مرة أخرى، الحل اختصرته في عنوان استشارتك: استمر بالمحاولة في التغلب على ما يزعجك في جميع جوانب حياتك وشخصيتك، فلا تتوقع وجود حلول سحرية فورية دون بذل جهد، وهو ما عبرت عنه في سؤالك عن أدوية تغير الشخصية. الأدوية النفسية قد تعمل على تقليل درجة شعورك بالقلق وقد تحسن مزاجك وتسيطر على أوهامك ولكن لن تغيرك دون سعي منك، ولا أعتقد أنك بحاجة لأدوية نفسية.
ركزت على شكلك لأنه احتل مساحة واسعة من سطورك ومن محاولاتك في زيادة ثقتك بنفسك لدرجة إجراء جراحة، ومع ذلك لنحاول مرة أخرى إن كنت ترى أن شكلك لا يزعجك.
الرجولة ليست شكلاً ولا حتى هرومونات، إنها أكثر من ذلك، وليتك تقرأ الروابط المضافة إلى استشارتك. يمكن أن تكون رجلاً وتخشى الفئران وسائر أشكال الزواحف، فهذه سمات جزئية لا تعيق حياتك، ومع ذلك بالسعي يمكنك التخلص منها باتباع أحد الأسلوبين الأشهر في علاج المخاوف: إما بالإفاضة وإما بإزالة الحساسية التدريجي، ولا بد أن هناك ما هو مكتوب حولهما على الموقع ومع ذلك سأوجزهما.
إزالة الحساسية التدريجي؛ نتعلم بداية كيفية الاسترخاء من خلال التدرب على تمارين الاسترخاء، حيث يصبح الجسد مرتاحاً بمجرد إصدار الأمر له، ثم نبني هرم القلق وهو تصنيف درجات الخوف من أي موضوع بصورة متدرجة، من الأقل حتى الأكثر. ففي حالتك مثلاً يمكنك أن تبدأ بتصفح صور الحشرات المقززة أو المخيفة بالنسبة لك، ثم اقتنِ بعض النماذج لها وشاهد برامج حية عن حركتها وحياتها، وهكذا... ولا تنتقل من درجة لأخرى حتى تتأكد أنك قادر على التعامل مع الصورة في البداية دون توتر وهكذا بالتدريج والسعي والمثابرة ستصل للتخلص من خوفك منها.
الأسلوب الثاني والذي قد لا يناسبك هو الإغراق أو الإفاضة؛ يعتمد على مواجهتك لأسباب مخاوفك بصورة غامرة ومباشرة، ذلك أن الخوف شعور يتغذى على التجنب ويزول بالمواجهة، وهو ما سبق به عليّ أبي طالب كل العلم فقال: "إن خفت من أمر فقع به".
يبقى عليك الصبر على علاجك الهرموني دون يأس، ويمكنك طلب استشارة طبيب آخر، ولا تقل أبداً دون فائدة قد لا تصل إلى النتيجة التي تريد الآن ولكن السعي نحوها أكثر نفعاً من الغضب، وواكب تطورات الطب فهي فتوحات من الله على العباد.
أداؤك أو عدمه لخدمة العلم لا تقلل من وطنيتك أو انتمائك ولا حبك لوطنك، إلا إن شئت أن يكون هذا تقييمك للأمر، فالخدمة المدنية للمجتمع لا تقل أهمية عن الخدمة العسكرية.
إن وجدت أنك غير سعيد بحياتك ولا قادر على السعي بتغيير طريقة تفكيرك ليزيد تقبلك لظروفك يمكنك الاستعانة بطبيب نفسي.