السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا شاب كنت أعيش حياتي بمنتهى السعادة وأصلّي وأصوم وأفعل كل ما يرضي الله وأثق أنّه سيوفقني، ولكن أخشى من عدم اكتمال حياتي وأتمنى أن تكتمل. أنا أخاف من الموت خوفاً شديداً وليس هناك أي شيء يقنعني بعدم الخوف منه! أتوسل الله أن أعيش وأصبح مثل بقية الشباب، ولكن أرى شباباً يموتون وأخاف أن أكون في عالم آخر وأترك أحبائي وأصدقائي وأمي وأبي وأرحل، أريد أن يكونوا بجانبي. أخاف من أن يأتي ذلك اليوم وأفكر بالساعات في هذا وأشغل نفسي طوال اليوم، ولكن الليل يكون السبب في التفكير ويأتي وأتفرغ للتفكير في هذا الأمر وهو الخوف والابتعاد عن الأحباء...
والأعراض التي أشعر بها هي: دوخة عند الأكل، وخز في منقطة القلب، إحساس بضيق تنفس وكأن روحي ستغادر جسدي، تنميل في اليد ووخز في الحلق وخوف واضطراب شديد، كانت تأتيني تلك الأعراض وأنا صغير واختفت وعادت مرة أخرى هذه الأيام. ذهبت إلى المشفى وقال الطبيب أنني أعاني من ارتجاع في المريء، ولكني أستحي من أن أقول أن السبب الرئيسي هو خوفي من الموت!
لقد قرأت ردودكم وتبني على أساس القلق المتعمم والاكتئاب ولكنني أريد أن آخذ منكم نصيحة تفيدني، وأرجوكم ابقوا بجانبي وساندوني بمعلوماتكم وكيف أتخلص من هذا الكابوس لأني كل ساعة أحس أنني على وشك أن أموت وأحس أن كل ما يحدث يكون إشارة لموتي، وكذلك أحلامي تسبب لي الإحساس بهذا أيضاً، أعاني من ضيق التنفس ولكن قالوا لي أنني سليم والتحاليل أثبتت ذلك، أخاف من ساعتي وأحس بقربها.
أرجو الرد في أقرب وقت.
شكرا.ً وأتمنى أن أكون سليماً إلى أن أقرأ رسالتكم.
18/08/2009
رد المستشار
صديقي،
إن أعراضك سببها الأساسي أنك لا تعيش الحياة التي تريد أن تعيشها أو التي يجب أن تعيشها... من يعيشون حقيقة من لحظة لأخرى لا يفكرون كثيراً في الموت ولا يخافون منه بصفة مستديمة ومستمرة مثل هؤلاء الذين يتنفسون فقط (مثلك)... أعراضك هي بمثابة زلزلة آتية من روحك أو من عقلك الباطن لتحثك على الحياة قبل أن تأتي لحظة الموت.. كلنا سنموت وأحبابنا أيضاً سيموتون لا محالة ولكن هذا لا يستدعي الخوف لأننا نحشر مع من نحب (هكذا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم).. تخشى عدم اكتمال حياتك قبل أن يأتي الموت ولكن ما هو اكتمال الحياة؟
لا توجد في الحقيقة حياة كاملة لأن الكمال لله وحده. إذا تزوج المرء ورزق بأطفال وعلمهم ورباهم وزوجهم ورأى أحفاده، فما يزال هناك المزيد مما يريد أو يستطيع أن يقدمه وأن يعيشه من خبرات وتجارب في الحياة... مهما طال بنا العمر فسيكون هناك المزيد مما نريد تحقيقه.
أنصحك بأن تركّز على تحديد أهدافك أو ما سيجعلك مقتنعاً بأن حياتك سوف تكتمل إذا ما حققته، ثم ابدأ في أخذ خطوات فعلية وعملية لإنجازه فوراً ولو لم تتوفر لك كل الإمكانيات.. يمكنك أن تشغل نفسك بهذا وقد تعيش طويلاً لتحققه وقد لا تعيش طويلاً ولكن عليّ الأقل ستكون قد بدأت في الطريق السليم وقد تحقق البعض منه. أسلوبك الحالي مثله كمثل من لا يريد أن يستمتع باللعب أو بفيلم سينمائي أو بوجبة لخوفه من أن تنتهي. كل شيء ينتهي في هذه الحياة، فلا تضع المزيد من الوقت في الخوف وواجه مخاوفك الحقيقية.
الخوف من الموت وترك الأحباب ليس هو الخوف الحقيقي في رأيي، خوفك الحقيقي هو الخوف من الحياة وليس من الموت... تخاف أن تعيش وتستمتع بالحياة لما في ذلك من مسؤولية.. ولكن لا مفر من هذا أيضاً.. تخاف أن تحب من تقول أنك تحبهم حقيقة لما يتطلبه ذلك من شجاعة وصراحة وأمانة مع نفسك ومعهم... تخاف أن تموت قبل أن تضع الأمور في نصابها ولكنك تشك في أنك سوف تستطيع.. هذا هو حال البشر عموماً بدرجات متفاوتة، فمنا من يخاف مثلك ومنا من يعيش الحياة بالكامل في كل لحظة وفي كل نفس ولكن لا يتعلق بها، ومنا من هم على درجات مختلفة بين هذين النقيضين.
هناك أربعة أشياء لا مفر منها في الحياة وسيكون التركيز عليها والقلق منها هو بمثابة الانتحار البطيء وهي: الموت، العزلة، المسؤولية، واللامعنى (أي أنك أنت من يحدد معنى أي شيء في حياتك من أحداث وأشخاص وليس هناك معنى واحد عام لأي شيء) أنصحك أيضاً بقراءة كتاب "دع القلق وابدأ الحياة" ل ديل كارنيجي، وإليك بعض نصائحه للتخلص من القلق والخوف والتوتر:
0 احرص على أن تشغل نفسك بالعمل البنّاء.
0 قلل من الانفعال الزائد على الأشياء البسيطة.
0 اسأل نفسك: ما هي احتمالات عدم حدوث ما أخشى؟.
0 تعاون مع الله والقدر – تقبل وابحث عن المزايا في كل شيء.
0 قرر كمية التوتر المناسبة للشيء الذي تخشى حدوثه – لا أكثر.
0 ادفن الماضي بعد أن تتعلم منه.
0 عش من يوم للتالي.
0 استعد للتعامل مع أسوأ الظروف وابدأ بفعل ما تقدر عليه.
0 تذكر المتاعب الصحية الناتجة عن القلق.
0 تقصى كل الحقائق –اتخذ قراراً– ابدأ في التنفيذ ولا تأبه.
0 ما هو التحدي؟ ما سببه؟ ما هي الحلول الممكنة وما أفضلها؟.
وفقك الله وإيّانا لما فيه الخير والصواب.
التعليق: بسم الله ماشاء الله
ردود تريح النفس وتطمئن بعد ذكر الله
وأسئلة نستفيد منها جزى الله كل من هو قائم على هذا الموقع خير الجزاء