سلام،
أنا شاب مريض بالوسواس القهري (من دون الحاجة لذكر العوارض، لأنني قارئ في علم النفس العيادي وأنا واثق من مرضي: 70% وساوس و30% أفعال قهرية)، وأمرّ باكتئاب ما بين الوسطي والحاد (مستمر منذ 3 أشهر: عدم الاستمتاع في الشيء، فقدان الأمل، الملل، عدم القدرة على العمل والدرس، اللامبالاة، الحزن، نقص الطاقة والتعب من دون سبب) كما أمارس العادة السرية، وإذا جاهدت بنفسي قليلاً يأتي الاكتئاب بسبب حياتي الصعبة (وتعود معه العادة السرية)، والآن لا همة لي للبدء من جديد بمحاربة العادة السرية بسبب الاكتئاب. أرجو التعليق على الأمور التالية وشكراً:
1) أحس أنني مريض نفسي بالفطرة، لأوضّح أكثر:
* "البرافيليا" أي اضطرابات التفضيل الجنسي: منذ صغري أحب التعري والظهور للعيان، وما قبل وبعد بلوغي، كنت أتعرّى وأمشي على الشرفة عارياً، لا أعرف لماذا كنت أفعل هذا؟! فقط كنت أحس بإحساس جميل، إلى أن حدثت لي صدمة ومن خلالها تخليت عن هذا السلوك.
من هذا الاضطراب إلى آخر ألا وهو "البدوفيليا"؛ أيضاً منذ صغري كنت أبحث على الانترنت عن صور فتيات صغيرات وأنجذب لهن وما زلت، وأيضاً لا أعرف لماذا أعجب بهن، "بالفطرة" ربما؟! لا أعرف، المهم لا تقل لي أنه داخل ضمن الوسواس القهري، فصحيح يوسوس المرض لي هذه الأمور وأنزعج، ولكن في الواقع المعاش أنا "فعلاً" أنجذب لهن، وعند ممارستي للعادة السرية، أفتّش عن صور لهن. علماً أنني أرفض التعرض لتلك البراءة الطاهرة، ومستحيل أن أفكّر حتى وأعوذ بالله بأن أمارس الجنس معهن.
نصل إلى "المازوشية" فأحب أن أعذّب نفسي "نفسياً" وليس جسدياً لأنني أحس أنني أستحق العذاب، وهذا كما تعرفون يدخل ضمن الوسواس القهري. كما أنجذب للمتحولين جنسيا: أي فتيات جميلات مع عضو ذكري (هل أنا شاذ؟ علماً أنني لا أعتقد أني كذلك، أحب الأنثى فقط، فهذه نوع من الفيتشية)، والآن بدأت أستمتع بلبس ثياب الجنس الآخر! كما أني مدمن عادة سرية ومواقع إباحية.
* رهاب اجتماعي خفيف وخصوصاً مع الفتيات، وعسر المزاج بدأ معي منذ 4 سنوات، أحس أني لدي شخصية الوسواس والشبه فصامي منذ الصغر.
2) تاريخ العائلة المرضي غير سليم بشكل عام (عائلة معقّدة ومليئة بالاضطرابات الشخصية). طفولتي صعبة ومراهقتي صعبة وحاضري أصعب أيضاً. تعرّضت لتحرش جنسي سطحي في عمر ال6 سنوان حسب ما أذكر، ولكن كانت حادثة عادية لم تؤثر كثيراً (هل لها الآن علاقة بحاضري؟) منذ الصغر تعرضنا لظلم والدي، وإلى الآن علاقتي معه صفر أي سيئة: هو مدمن للخمر(بالمناسبة أصبح لدي عقدة نفسية من الخمر، أحتقر كل شخص يشربه). طلقت أمي وحَملتُ مسؤولية أخي الصغير في المدرسة الداخلية، كانت تجربة سنة صعبة علمتني الكثير، صبرت وتحملت بسبب وجود ذاك "الأمل في المستقبل". عادت أمي إلى المنزل، هدأت حياتي ظاهرياً؛ فمشاكل أبي مستمرة منذ 25 سنة.
وصلت إلى الجامعة، كل مخطط الطفولة لم ينجح: جامعة غير مرغوبة، اختصاص غير مرغوب، عمل غير مرغوب... كل هذا وبدأ ينفد مخزون أملي في المستقبل، كل هذا مع وصول الوسواس القهري ومعه الاكتئاب، ويقول لي: علمك وعملك باطل، ومالك حرام... إلخ. مشاكل أبي مستمرة، وتطورت إلى عراكات جسدية للأسف والآن لا نتكلّم مع بعضنا كثيراً... لتخفيف كل هذا أمارس العادة السرية التي تدخلني في حلقة وسواس، احتقار، إدمان... وهكذا دواليك.
3) إنني فنان: أكتب قصائد، أتفلسف ومفكر عميق؛ أكره الطائفية كثيراً، أستمع إلى أغانٍ صاخبة بالنسبة لغيري أم بالنسبة لي هي قمة السلام النفسي فلا أحد يحبها أو يعرفها، منفتح بشكل كبير وبنفس الوقت أصلي وأصوم ولا أعمل المحرمات بشكل عام (ما عدا موضوع العادة السرية والمواقع الإباحية)، أصبح لدي عدوانية وكره لطائفتي، وعندي ضمير جبار لا يرحم.
أحب تعلم اللغات فأنا أتكلّم 4 لغات، أحس أنني لا انتمي إلى هذا المجتمع، أريد الهجرة والعيش في مجتمع آخر. لدي احترام لا يوصف للأنثى والنساء ومن المدافعين والمطالبين عن حقوقهم وآرائي في هذا الموضوع أي "حقوقهن" متطرّفة كثيراً حسب أبناء جنسي- أي لصالح الأنثى، ومع هذا أنا فاشل في التعامل معهن، أي ليس لدي أصدقاء من الجنس الآخر، ولكن كعلاقات حب وإعجاب أنا فاشل بالبوح وكيفية التعاطي، وقلق جداً من عدم وقوعي في الحب وزواجي في المستقبل.
الخلاصة: أمراض نفسية + مشاكل حياتية = أريد الرحمة، يكفيني حياتي الصعبة... هل أنا المسؤول عمّا وصلت إليه؟.
أرجوكم علّقوا عن كل مسألة طرحتها وقولوا لي:
* ما الذي يمكنني فعله لنفسي لمساعدتها.
* ماذا يمكن لمعالج أو دكتور نفسي أن يعالج من مشاكلي، وماذا لا يمكن أن يعالجه...(لم أزر أي طبيب نفسي فعلياً).
* هل هي صدفة أن كل اضطراب نفسي موجود بي؟ الله وحده يعرف مدى معانتي، فالناس تقول لي عفاك لأنهم يرون أنني أتعب وأتعّذب بالعمل والدراسة، فما بالهم إذا عرفوا أن نفسيتي مليئة بالأمراض والصراعات النفسية! والله إني أحس أحياناً أنني جبار لأنني أعرف كيف أخبئ اضطراباتي أمام الناس!.
* أحسّ أنني لا يجب أن أتعاطى الأدوية للعلاج لأنها لا تعالج أساس المرض، أي أنني سأكذب على نفسي، بل يجب أن أسعى للعلاج النفسي كبديل، ماذا تقولون لي لإزالة هذه الشبهة؟.
* أسعى جاهداً للتفتيش عن علاج البدوفيليا وللأسف لم أجد أي طريقة فعالة إلى الآن، إلى ماذا توصلت الأبحاث الحديثة عن علاج هذا الاضطراب الجنسي التفضيلي وليس"sexual orientation" كما تسعى بعض الجمعيات إلى اعتباره هكذا.
وشكراً.
30/08/2009
رد المستشار
صديقي،
فيما يبدو لي فإنك تعتقد أنك تفهم تشخيص حالتك لكن المشكلة هي أن كتب التشخيص مثل ال دي إس إم 4 تحتوي على شروط لدقة التشخيص، وللأسف لا يتبعها أغلب من يشخصون لاستعجالهم في الوصول إلى تشخيص ومن ثمة دواء مناسب وعلاج. من ناحية أخرى، يجب اجتماع عدة أعراض لمدة معينة؛ مثلاً الاكتئاب الإكلينيكي يتطلب 5 أعراض من 8 موجودة فجأة وباستمرار لمدة أسبوعين على الأقل ودون سبب على الإطلاق.
إذا قرأنا كتب التشخيص فسوف نرى سمات من كل الأمراض في كل شخص فينا! وهذا أيضاً يفسر عنوان كتاب سيجموند فرويد "المرض النفسي في الحياة اليومية"، فاترك الخبز لخبازه واستشر عدداً كبيراً (على الأقل 3) من المتخصصين قبل أن تقتنع بالتشخيص. من ناحية أخرى، تختلف نتائج الاختبارات النفسية من يوم لآخر، وإن كان الاختلاف ليس كبيراً، ولكن هناك اختلاف على أي حال.
لو كنت فعلاً تعاني من حالة مرضية متعلقة بالتعرّي أمام الغير (الاستعراضية الإباحية)، فلا أعتقد أنها تنتهي من حدث واحد والذي ذكرته أنت- على أنه "حادث ما". من ناحية أخرى، في حالة البدوفيليا فمن اللازم ألا تثار فقط وإنما تسعى إلى الممارسة لكي تطلق على نفسك لقب "مريض بالبدوفيليا"، ثم ما كل هذا التركيز على الجنس واضطراباته وعقده واستخدام العادة السرية كوسيلة هروب؟ أليس من الممكن أن تستمتع فحسب؟ لم لا؟.
إن وصفك لحالتك يقرب من اضطراب في الهوية أكثر من أن يكون بارافيليا أو بدوفيليا حقيقيتان، من الأفضل أن تراجع المعالج أو الطبيب النفسي لكي تصل إلى فهم وتشخيص علميان بدلاً من إصدار أحكام على نفسك بشيء من العلم السطحي.
صحيح الأدوية وحدها لن تعالج السبب الأصلي للمرض النفسي، ولكن إذا احتجت لها فيجب أن تصاحبها جلسات نفسية تتحاور فيها مع المعالج فيما يتعلق بمشاكلك. بالمناسبة، الوسواس هو ستار دخاني يخفي وراءه المشكلة الحقيقية، أليس هذا مثير للتفكير؟.
إذا كنت مفكراً عميقاً كما تقول، فمن الحريّ بك أن تفكر في أشياء أخرى في الحياة إلى جانب ما عرضته علينا هنا. الحياة الحقيقية لا يمكن أن تتمحور حول موضوع واحد فقط... في حالتك الموضوع هو الجنس أو بمعنى أصح محاولتك لإشباع رغباتك النفسية عن طريق الجنس: الرغبة في الظهور تعطيك نشوة التعري. الرغبة في الحب الذي يخلو من المسؤولية والمساءلة، الند بالند، تعطيك النشوة حينما تشتهي الصغار وتمارس العادة السرية وتزور المواقع الإباحية.
الرغبة في الهروب من ألم العلاقات مع أهلك تعطيك الراحة الخفية التي تصاحب حيرتك ووساوسك. الوساوس تعطيك الراحة الخفية من غضبك المكتوم نحو سلطة الأهل وخصوصاً إذا كانوا على حد وصفك لا يستحقونها.
التفكير والتنظير هما اثنان من أشهر وسائل الدفاع النفسية والتي تحمي الشخص من أن يعي ويحس حقيقة حياته التي يخاف (دون أي داع) أن يواجهها ويفعل شيئاً حيالها.
وفقك الله وإيّانا لما فيه الخير والصواب.