السلام عليكم ورحمة الله،
أنا شاب أبلغ من العمر 32 سنة، متزوج ولدي طفلة وحيدة وأعيش في المغرب.
مرّت بي في طفولتي عدة سلوكيات قهرية، لكن الفترة الصعبة التي أعيشها الآن بدأت سنة 1998 .
أنا أتناول حالياً "أنفرانيل" ولكن دون جدوى، جربت كذلك عدة عقاقير مثبطة للسيروتونين مثل "بروزاك" وغيرها لكن دون جدوى أيضاً.
مشكلتي هي أن موضوع الوسواس القهري أصبح يسيطر عليّ في كل حياتي؛ أصبحت مهووساً فقط بالقضاء على الوسواس، على مدار الساعة أقوم بشيء ما أقضي به على الوسواس.
أعطيكم مثالاً -وهو غيض من فيض- رأيت شخصاً مجروحاً في يده ويضع ضمادة، أقول لنفسي يجب أن تلمس ذلك الشخص ولا تكترث للمس الضمادة التي على يده، فأصبح خائفاً من التالي "أن يسيطر عليّ الوسواس فأصبح خائفاً من مواجهة ذلك الشخص"، لهذا أذهب للسلام عليه وألمسه في يده، ولكن هيهات فما فعلته كان فقط لطمأنة نفسي على أن ما فعلته هو ما يجب فعله. أعرف هذا من خلال العبارات التي أرددها والتي أهدف من خلالها طمأنة نفسي، يحدث لي هذا لأني في السابق كنت أتجنب مصافحة من به جرح، ولما قرأت في الانترنت أن هذا مجرد فعل قهري أصبح تركيزي فقط على تجنب الهروب من الوسواس.
نقطة أخرى، أنا أقبض "ذهنياً" على الأفكار والمخططات لكي لا تهرب مني، وأقوم بعمليات ذهنية معقدة، مثلاً: أخذ فكرة ما ورصّها جانب فكرة أخرى لكي تكون الأمور على ما يرام. هذه العمليات الذهنية أعيها أثناء القيام بها، لكن أجد صعوبة كبيرة بل قل مستحيلة أن أتذكرها أو أصفها بعد ذهابها عني! ابتعادها عني لا يأتي إلا عندما ينطلق ذهني لاإراديا في موضوع آخر، لكن إن أردت الانطلاق إرادياً في موضوع آخر فإن ضرب رأسك بالصخر أهون من ذلك... لقد أهلكت عقلي بعقلي.
أقدم لكم الآن سناريو أقوم به في غالب وقتي؛ الموضوع هو الذي يختلف لكن السيناريو هو هو:
مثلاً، زوجتي لم تطبخ ما كنت أريده، تهتاج أعصابي أبداً ب "منع نفسي من الغضب" فأتصور أن الغضب هو وحش أتصارع معه فأتوتر توتراً لم أكن لأتوتره لو صببت جام غضبي على زوجتي.
عقلي يعمل 24 ساعة على 24، حتى عندما أستيقظ من نومي الرديء الذي أكون فيه أيضاً مشتغلاً ب"القضاء على الوسواس"، عندما أستيقظ أطمئن على مدى التزامي بخطة القضاء على الوسواس، ثم أبحث عن النقطة التي انتهيت فيها البارحة في قضائي على الوسواس قبل أن أنام. أقوم بعمليات ذهنية متعبة لمخي لاكتشاف تلك النقطة والانطلاق منها لإكمال مسيرتي نحو "حياة بلا وسواس".
هذا المسمى باكتشاف نقطة النهاية والانطلاق منها أقوم به دائماً، إذا انطلقت لاإرادياً في موضوع آخر ثم تذكرت التزامي بالقضاء على الوسواس.
هدا الذي وصفته كله أعرف أنه أفعال قهرية أقوم بها، لكن عندما أود الابتعاد عنها أسقط في أفعال قهرية أخرى.
مثلاً عندما أكتشف أنني أقوم ب "القضاء على الوسواس بطريقة مرضية" أصبح ملتزماً ب"تجنب القضاء على الوسواس بطريقة مرضية"، بعدها أكتشف أن ما قمت به قبل لحظات هو أيضاً فعل قهري فأصبح ملتزماً ب"تجنب القيام بتجنب القضاء على الوسواس". هذه هي الدوامة التي أتخبط فيها وهذا هو تفكيري الذي أهلكني.
أكتشف دائماً أنه قبل لحظات خدعني الوسواس وقمت بفعل قهري، لكن ما أن تمر دقائق حتى أكتشف أنه خدعني مرة أخرى وقمت بفعل قهري آخر... وهكذا دواليك دائماً مخدوع.
بالنسبة الأفعال القهرية المادية كالتأكد من قفل شيء ما عدة مرات، أو غسل اليدين بعد لمس شخص ما أقوم بتجاهلها. لكن هذه الأفعال القهرية الذهنية لا حل لها عندي، إني ما أن أبدأ خطة علاجية رشيدة من موقعكم على الانترنت حتى أصير في هذه الفوضى.
أرجوكم أن تدرسوا حالتي جيداً وتفصّلوا علاجي السلوكي لأنه ما من مختص نفساني يقوم بهذا في المغرب.
ليس لي غيركم بعد الله. وجزاكم الله خيراً
الحسن من المغرب
15/11/2009
رد المستشار
الأخ الكريم، أهلاً وسهلاً بكم؛
أنت باختصار تهرب من وسواس إلى وسواس وتحل الوسواس بوسواس آخر!.
ساحاول أن أصف لك طريقة الحل وخطته، ودقق في كلامي:
لا تحارب الفكرة بحد ذاتها؛ فمن الطبيعي أن تمر هذه الفكرة على رأسي ورأسك ورأس كل الناس، لكن غير الطبيعي هو تكرارها وإزعاجها واستمرار التفكير فيها! والثلاثة الأخيرة هي هدف المعالجة للتتخلص منها مثال: جاءت على بالك فكرة مزعجة، قاوم تكرارها بهدوء واسترخاء دون تشنج بعمليات صرف الانتباه نحو أفكار جميلة جداً تحبها للغاية تكون محضرة مسبقاً لهذه اللحظات أو عبر إنشادك لشيء ما أو بالاستهزاء منها بأسلوب فكاهي. أول مرة تكون مقاومة التفكير بها كبير 100%، ثم تقل في المرة الثانية حتى 70%، ثم الثالثة 30%، والرابعة 10%، ثم في الخامسة 0%، وهنا تشعر بأنك خرجت من دوامة مزعجة للغاية وانتصرت، وما أجملها لحظات الانتصار!.
من ناحية أخرى تدرب على الاسترخاء، عن طريق موقع اليوتيوب Youtube مثلاً، ابحث عن تمارين الاسترخاء التخيلي والتنفسي.
فكر بإيجابية وقل دائماً بصوت مسموع أنا قادر جداً جداً على منع الوسواس وتحطيمه والعيش بسعادة وهناء.
ثم الدواء مفيد لك، وأقترح عليك أن تلجأ إلى طبيب يبدأ لك بعقار يدعى الفافيرين مع جرعة بسيطة من الريسبدرال ولكن تحت إشرافه وليس تحت إشرافي أنا.
تابعنا بأخبارك ونحن معك على الخط.
أتركك في أمان الله وحفظه، وأدعو لك بتمام العافية.
واقرأ أيضاً:
منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري