السادة المحترمين،
السلام عليكم ورحمة الله،
جزاكم الله كل الخير، فموقعكم المميز كان إجابة لأسئلة كثيرة في حياتنا (ساعدت نصائح د. وائل إحدى أخواتي على تخطي مرحلة صعبة..)، ونرجو أن نجد عندكم الحل الشافي لمشكلتنا المعقدة التالية:
ملخص المشكلة أن أختي تعاني من أنانية مفرطة؛ فهي لا ترى في الكون أحداً سوى نفسها وحاجاتها، وتهمل أسرتها وأطفالها تماماً، وقد حاولنا كثيراً أن نتحدث معها عن هذا الأمر لكن دون فائدة. نحن نرغب في وضع برنامج علاجي يساعدها على التغيير وبحاجة إلى مساعدتكم في هذا الأمر.
أختي (36 عاماً) هي الكبرى بين خمس فتيات ومتزوجة منذ 8 سنوات، تقيم مع زوجها وطفلين (صبي في السادسة وبنت في الثالثة من العمر) قريباً من منزل العائلة. الزوج كثير الانشغال في عمله وكثير الغياب عن البيت. هذه بعض جوانب معاناتنا ومعاناة زوجها معها:
- هي تعتمد علينا في كل شيء؛ كنا في بداية زواجها نلبي طلباتها برحابة صدر، ومع ذلك كانت تتهمنا دائماً بالتقصير في حقها، دون أن تدرك أن لدينا أعمالنا ومشاغلنا الأخرى بل تنتظر أن يكون الجميع متفرغين في أي لحظة لتلبية متطلباتها حتى غير المهمة منها.
- هي عصبية جداً جداً ولا تظهر أي محاولة للتحكم بأعصابها، وتكون ردود أفعالها على أي خطأ ممن حولها عنيفة جداً وغير مناسبة للفعل وخاصة مع أطفالها، فهي تصرخ دائماً وتضربهم أحياناً وذلك لأتفه الأسباب مما يخلق جواً عصبياً في المنزل يوتّر الأطفال والزوج.
- لا تظهر أي احترام لزوجها أو أي أحد آخر، حتى والديها، وتسيء إلى الجميع بالكلام على الرغم من أنها تندم على ذلك فيما بعد، إلا إنها لا تحاول حتى الاعتذار بل توجد دائماً مبررات لتصرفاتها ولديها دائماً من تلومه على أخطائها وأي شخص سواها.
- مهملة جداً فيما يتعلق بأنوثتها وملابسها، وتعاملها مع زوجها يخلو من أي رقة أو نعومة.
- هي تهوى الطبخ والأعمال اليدوية وبارعة فيها لكنها تستغرق كل وقتها وتفكيرها لدرجة أنها تهمل العناية بنظافة بيتها وأطفالها أو أداء احتياجاتهم أي أنها لا تعرف كيف ترتب أولوياتها.
- إن أي محاولة من شقيقاتها أو والدتها لنصحها مهما كانت لطيفة أو غير مباشرة تقابل منها بدفاعية وتعتبرها انتقاصاً منها وهجوماً عليها وترصداً لأخطائها.
- علاقتها بوالدي سيئة للغاية نتيجة لأخطاء من الطرفين، لكن دون أي مبادرة منها لتصحيح الوضع أو تحسينه.
- أما علاقتها مع أطفالها فهي متذبذبة حسب حالتها النفسية؛ عندما تكون منزعجة من شيء ما فإن الطفلين يكونان وسيلتها في تفريغ شحناتها وطاقتها السلبية.
- أظن أن أحد الأسباب التي تزيد الأمور سوءاً هي أن علاقتها مع الله تقتصر على أداء الفرائض لا أكثر، فهي لا تفكر بأي شيء سوى الحياة التي تعيشها وكأنها ستعيش إلى الأبد، وتتهرب دائماً من التفكير بالموت والحساب، وليس لديها أي وازع ديني فيما يتعلق بحياتها أو بتعاملاتها مع الآخرين.
كل ما سبق ذكره أثر وبصورة سلبية على ابنها البكر البالغ من العمر ست سنوات فهو صبي حساس جداً، عصبي وهو أمر طبيعي نتيجة لعصابية الأم وكون الأب عصبي وسريع الانفعال. وهو طفل غير مرن لا يستطيع تقبل التغيير ولو كان بسيطاً أو التكييف مع الأوضاع الجديدة أياً كانت، عنيد صعب المراس، وأحياناً صعب الإرضاء، كما لا يتقبل التوجيهات والتعليمات بسهولة وخاصة ما يتعلق بالواجبات المنزلية والدراسة، ويواجه هذه التوجيهات بحدة وعصبية وذلك في المنزل فقط، أما في المدرسة فإن مدرساته يحبننه ويعتبرنه تلميذاً ممتازاً. كما أن ثقته بنفسه ضعيفة ويخشى ارتكاب الأخطاء، أحياناً يكون خجولاً ويعاني من صعوبات في التأقلم مع الأطفال في مثل سنه واللعب معهم، فهو أحياناً يمضي فترات الاستراحة في المدرسة وحده. ليس لديه القدرة على التعامل والتعبير عن مشاعره أياً كانت: خوف أو غضب أو حزن.
وأخيراً هو غير مقبل على الأمور الدينية كالصلاة أو القرآن بالرغم من تشجيع الجميع له.
نود من مستشاريكم الأفاضل مساعدتنا وبيان كيفية التعامل سواء مع الأم أو الابن، وبالتالي تحسين الوضع العام للعائلة وجعل المنزل أكثر سعادة بالنسبة لجميع الأفراد.
وشكراً جزيلاً لكم
مع الاعتذار على الإطالة.
29/11/2009
رد المستشار
صديقتي،
يبدو أنكم جميعاً قد دللتم هذه الأخت إلى حد الفساد.. وقبل أن تفكري في الدفاع عن والديك وكيف أنهما فعلا كل ما يمكن معها، فإن هذا لا يغيّر من الأمر شيئاً.. هي امرأة تفتقد التقدير الذاتي الجيد، وتحاول تعويض هذا من خلال الغطرسة والإهمال وعدم الاعتراف بالخطأ.. الأسرة كلها تحتاج إلى علاج.. الصبي ذو السنوات الست والزوج والطفلة ذات الثلاثة أعوام.
أما من ناحية ما يمكنكم فعله فهو التجاهل التام لطلباتها غير المنطقية واتهاماتها بالتقصير أو التآمر ضدها، ومواجهتها دائماً وبمنتهى الوضوح من الجميع أن القيام بمساعدتها مرهون بمعاملة طيبة منها، وإن لم تفعل فستقطع جميع الصلات تدريجياً، وبناء على كمية الإجحاف من ناحيتها.. يجب أن يصلها المعنى أن الشكوى والاتهام بالتقصير يبعد الناس وأهلها عنها وينفرهم منها، وأنه من الآن فصاعداً لن يؤدي إلا إلى بعد الجميع عنها.
والسؤال هنا لك ولباقي العائلة: لماذا تريدون رضاها إلى هذا الحد غير المنطقي؟ ما الذي سيحدث إن غضبت ثم تجاهلتموها جميعا بعد إخبارها (وبصدق) أنكم قدمتم كل ما يمكنكم من مساعدة وأن عليها تقبل أن هذا هو ما بالإمكان ولا شيء أكثر؟ لمَ لا تتركونها وحيدة لبضعة أيام بما في ذلك الزوج والأطفال؟ أنصحك بالحب الصارم الصادق الذي لا مكان فيه للتدليل أو تقبل الظلم أو الانصياع لرغبات صبيانية من كهلة غير ناضجة.. شجعوها وأظهروا فرحتكم عند بادرة التحسن في أدائها وتعاملاتها، لكن لا تتراجعوا قيد أنملة في الحق.. أذكرك بالآية رقم 135 من سورة النساء:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً)(النساء:135).
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.