تحية طيبة،
حاولت أن أقدم نفسي ولكني فشلت، واحترت من أين أبدأ، لذا فسأترك هذا الأمر وأشرح المشكلة فوراً.
أعاني من الشعور الدائم بأني لا أستطيع عمل صداقات أو حتى علاقات اجتماعية مع زملائي، ولا أعرف ما السبب؟ هل السبب في أني دائماً أكتشف عيوب الآخرين ولا أتقبلها فأقرر البعد تماماً عن هذا الشخص، أو أن هذا الشخص يرى في عيني وتعبيرات وجهي عدم الرضى عنه فيقرر هو البعد عني؟
كثيراً ما حاولت تقبّل عيوب الآخرين وتحديد علاقتي بهم بحدود العلاقة التي تربط بيننا كالزمالة مثلاً، لكني لم أنجح ولا حتى على مستوى الزمالة وهي أضعف العلاقات الاجتماعية مقارنة بالصداقة أو علاقة الحب مثلاً. ويتسلل لي مشاعر أنني شخص غير مرغوب فيه وهذا الأمر مقبول وطبيعي بالنسبة لي إذا كان يقتصر على عدد محدد من الناس الذين أتعامل معهم، فلا يستطيع أحد في الدنيا أن يحوز على قبول كل البشر، فعادة يكون الشخص مقبول من أناس ومرفوض من آخرين. وهذا الأمر جعلني أشعر دائماً بالوحدة، فليس لدي أصدقاء ولا علاقات عاطفية جدية، علاقة أشعر بها بكل جوارحي كما يقولون.
المشكلة الحقيقة أنني أشعر أحياناً كثيرة بأني غير مقبولة من جميع الناس خاصة خارج المنزل، حيث أني علاقاتي بأخواتي وعائلتي إلى حد كبير متوازنة، وقد تكون هذه المشكلة هي السبب في أني لم أقم علاقة حب واحدة حتى الآن رغم أني أبلغ من العمر 30 عاماً، حقاً قد قمت بعمل علاقات ولكني لم أشعر في أي منها بإحساس الحب الذي أتصوره، فكثيراً ما أرى أن كل شخص حاول التقرب إليّ وراءه مصلحة من هذا التقرب، فقد تعرضت لهذا الأمر 3 مرات، حاول فيها بعضهم التقرب مني لأنه اعتقد أني أحصل على راتب كبير من عملي وأن عائلتي في مستوى مادي واجتماعي عالٍ جداً جداً وكان يسعى ليحقق من وراء هذا راحة شخصية له، وعندما اكتشف أن راتبي ليس كبيراً بالدرجة وأن عائلتي في المستوى المتوسط تعامل بمنتهى الوقاحة فسقط من نظري وفرحت جداً أنه علم ذلك قبل الارتباط الرسمي، وأعتقد أن الله يحبني لأنه أنقذني من هذا الشخص.
والثاني كان يبحث عن وظيفة ويرغب في أن يستغل علاقتي لإلحاقه بوظيفة، حيث أنني أعمل اجتماعي ولي شبكة علاقات لا بأس به، لكنه لا يعرف أنني أفصل تماماً بين المصلحة الشخصية وطبيعة عملي، وعندما عرفت غرضه هذا سقط من نظري وتعاملت معه بطريقة سيئة ورفضت هذه العلاقة.
أما الشخص الثالث فشعرت أنه لم يحبني ولكنه يريد فقط أن يستمتع بمشاعري نحوه ويستمتع بجسدي الجميل، ومع ذلك فقد قررت الاستمرار في العلاقة معه باعتباره "زوجاً وخلاص" وهذا الأمر آلمني كثيراً حتى أنني لم أستطع أن أقبله مرة واحدة طوال عامين نتبادل مشاعر فقط (وكانت مشاعر كاذبة)، فإحساسي بأنه يريدني أن أبدأ بالعلاقة معه وعلاقة عميقة كان دائماً يبعدني عنه ويشعرني بأنه لا يريد أن يتحمل أي التزام نحوي، هذا الإحساس أقام جداراً كبيراً بيننا فلم أقل له مرة واحدة بأنني أحبه حتى عندما طلب مني أن أقولها وأنه يريد أن يسمعها مني صراحة، لم أستطيع فعل ذلك ووقتها رددت عليه رداً دبلوماسياً بأن قلت له أن هناك أشياء نفقد كل إحساس بها حين تقال صراحة!
واستمرينا طوال هذه الفترة نتبادل مشاعر فقط؛ كثيراً ما كنت أشعر أنها كاذبة وكثيراً ما كان يشعر هو بأن مشاعري مسجونة أو حبيسة داخلي وأني لا أستطيع التعبير عن الحب، وكان في بعض الأحوال يستفزني لكي أقيم معه علاقة عميقة بإيهامي أني عاجزة عن إقامة علاقة حب مع الطرف الآخر، لكن كل هذه الأمور جعلتني أعتقد تماماً بأنه لا يحبني ولكنه فقط يريد الاستمتاع بي لفترة، خاصة أنني أعرف تماماً أن هذا الشخص وصولي وطبقي وحين يفكر في زوجة لن يفكر أبداً أن يتزوج من الطبقة المتوسطة أو الفقيرة بل يسعى لأن يتزوج من الطبقة العليا، وهذا ما جعلني طوال الوقت بعيدة عنه تماماً. وهذا بالفعل ما حدث فقد تزوج خلال الثلاثة أعوام الماضية مرتين، وفي المرتين تزوج ممن ينتمين للطبقة العليا.
لكن ليس كل العلاقات كانت على أساس المصلحة، فهناك شخص آخر لم أشعر نحوه بأي مشاعر حب ولم أستطع حتى التعامل معه بمنطق عريس وخلاص -بمعنى أنه لم تكن بيننا أي كيمياء- فقررت البعد عنه تماماً رغم أنه طلب مني الزواج.
بعد فترة من كل هذه التجارب التي أعتقد أنها لم ترق في أحداثها إلى وصف التجربة الحقيقة التي تشتمل، في اعتقادي على (مشاعر وأحداث وفترة زمنية كافية) قررت أن أتزوج ككل البنات (أقصد زواج الصالونات)! لكن حتى هذا الأمر لم يتحقق كما أرغب؛ فمؤخراً تقدم لي عريس، مصري يعيش في ألمانيا منذ 10 سنوات، تقدم لي عن طريق أحد أقاربنا ولكنه لا يريد أن يفصح عن أية معلومات تخصه (مثل الشغل، والسكن، وسكن عائلته) ويريد فقط أن يظل فترة يتحدث معي حتى يقرر ما إذا كنت مؤهلة لأن أصبح زوجة له فيقدم هذه المعلومات ويخوض في إنهاء إجراءات الزواج، وإذا لم يقرر بمنحي هذا الشرف العظيم فلا داعي لأن يقدم أية معلومات من هذا القبيل! كانت حجته عندما سألته لماذا لا تريد الإدلاء بأية معلومات دقيقة عن طبيعة عملك وسكنك وسكن عائلتك أن قال أنه لو قدم هذه المعلومات فسيقوم أهلي بالسؤال عنه وهذا سيتسبب له في بلبلة هو في غنىً عنها، وأنه لا يهتم بعائلتي بل يهتم بي أنا، فهو يريد امرأة تستطيع العيش معه ويرتاح معها وعلى استعداد أن يتزوج منها حتى ولو كان أبوها مسجوناً!!!
بالطبع هذا الكلام أقلقني كثيراً وأقلق أهلي لدرجة أنه أثار شكّاً أنه لا بد متورط في مصيبة ويخشى أن نسأل عنه فقرروا إنهاء الأمر، والغريب أنني رغم ضيقي الشديد لأن مشروع الزوج في حد ذاته فشل، إلا أني سعيدة لأني تخلصت من شخص مريب ومقلق، عدا عن أن مستوى الحوار بيننا كان في منتهى الوقاحة وقلة الأدب، فقد كان دائماً يبعث بداخلي وساوس ناحية أهلي بأنهم لا يريدون تزويجي لأني أساهم في مصاريف البيت رغم أنني لم أشر له من قريب ولا من بعيد لهذا الأمر!
غير أن هذه الوساوس نفسها غير صحيحة لأني بالفعل لم أساهم بأية مصاريف داخل المنزل فهذه ثقافة أسرتي: البنات لا يساهمن في مصاريف المنزل حتى ولو كنّ يعملن ويكسبن راتباً جيداً، ولها أن تستخدم راتبها في أي شيء تريده، وأنا بالفعل أستخدم راتبي في عمل دراسات عليا، وتعلّم اللغة الانجليزية لأطور نفسي في العمل. لهذا كانت طريقة هذا الشخص في بعث الوساوس تجاه عائلتي سبباً جعلني أعتقد أنه شخص غير مؤدب أو مادي أو مؤذٍ أو يريد إفساد علاقتي بأسرتي حتى يستطيع السيطرة على عقلي وأتزوج منه بالرغم من رفض أهلي له، وهذا ما جعلني أخافه لذا سعدت بفشل الموضوع.
الشخص الآخر الذي تقدم عن طريق المعارف، رجل يريد الزواج من فتاة جميلة ومن نفس طبقتي الاجتماعية أنا قبلته رغم إحساسي بالإهانة عندما قال لي بالنص (يا بنت الحلال أنا عايزة واحدة أتزوجها تقعد في البيت تخلف عيلين وتربيهم وبس) وكأنه يريد جارية يتزوجها كل مهمتها في الحياة أن تخدمه وتلبي له احتياجاته الحياتية والجنسية، وكذلك إحساسه بالأبوة دون مقابل غير تأمين الملبس والمأكل والمسكن لها!!! ورغم ذلك قبلت، وكنت على استعداد لترك عملي الذي أمضيت فيه 5 سنوات ودارساتي العليا ودراسة اللغة الانجليزية، ومع ذلك لم يعجبه ولم يقبل هو مني الزواج!! أظنه شعر أنه أقل مني علماً، وهذا ما جعله يتعامل معي بعنف نفسي شديد، فقد هاجمني بشدة وحاول التقليل من شأني، فأنا متعلمة تعليماً عالياً، وجميلة بقدر مناسب، وطموحة جداً. ورغم أنني تضايقت جداً حين فشل مشروع الخطبة هذا إلا أنني تقبلته وحمدت الله أن خلصني من هذا الشخص، فقد كان تعليمه متوسطاً وغير مثقف تقريباً، لكن مستواه المادي معقول.
وبرغم كل المبررات المقنعة التي أستطيع تقديمها لنفسي لتبرير الفشل في كل علاقة سواء كانت علاقة حب أو صداقة مع شخص يريد استغلالي أو حتى لا يريد استغلالي ولكني أراه غير مناسب لإقامة علاقة صداقة معه لأنه كاذب أو غير أمين على الأسرار أو لأنه حاقد أو لأنه يختلف عني في طريقة التفكير بصورة تجعله مضاداً لي تماماً أو غير متفقين طوال الوقت، أو لأنه لا يحترم أفكار الآخرين... أو لأي سبب آخر، تبقى المشكلة الحقيقية هي أني لا أستطيع إقامة علاقات اجتماعية جدية كالصداقة الحميمة أو الحب.
كثر يصفونني بالمجتهدة والجميلة والنشيطة والذكية والعصبية جداً والمتحفظة للغاية، بل والمملة أيضاً، وفي أحيان كثيرة أكون مبهجة للآخرين، واني استطيع تحقيق ما أريد. وفي هذا المناسبة، أنا قد قمت بعمل كل الاختبارات النفسية الموجودة علي هذا الموقع، وكانت النتيجة بأنني لا أشعر بالاكتئاب وأن حالتي المزاجية جدية، وأني راضية تماماً عن شكل جسدي، ولا أعاني من مرضي النهم والقهم في الطعام...
أيضاً أشعر أني كذلك، ولكن في الوقت نفسه يسيطر عليّ إحساس بالفشل العميق! فلا أقتنع بعملي رغم أنني أعرف تماماً مميزاته، والغريب أني لا أقتنع بأي عمل آخر، حيث أني دائماً ما أرى وأركز على عيوب كل عمل أقترح على نفسي أن أشتغل به. كما يسيطر عليّ إحساس بالفشل في دراساتي العليا، وهذا الأمر يؤلمني جداً خاصة وأني سأدخل امتحانات في الشهر القادم، ولا أستطيع تحفيز نفسي على المذاكرة.
أريد من سيادتكم: تحديد طبيعة شخصيتي، وما إذا كنت شخصاً يعاني مرضاً بالفعل أم كل ما يصيبني هو أنني أحلم بمواصفات للعيش في حياة غير وراد تحقيقها في الدنيا (فكما يقولون لي أنني أحلم بحبيب قادم من عالم آخر، من الكوكب المجاور، من عند الملائكة يعشقني لذاتي، يستطيع أن يثير كل أحاسيسي وغرائزي، ويتقبل عيوبي حتى ولو حاول إصلاحها، وأنا أفعل معه مثل ما يفعل معي) أو أريد أن أحاط بأصدقاء غير موجودين على أرض الواقع يتحلون الأمانة حتى ولو كانت ضد مصلحتهم الشخصية، ويستطيعون أن يتمنوا وهم خالصو النية في ذلك للآخرين مثلما يتمنون لأنفسهم من خيرات. أو أن أحاط بزملاء لا يحملون لأقرانهم أية ضغينة.
كما أود أن أعرف طريقة لأنزع إحساسي بالفشل، فأنا أكرهه وأريد النجاح، كيف أحفّز نفسي وأدعمها نحو ما أريد؟.
ملحوظة: أنا لا أدّعي أني مثقفة، ولكني أعتبر نفسي فقيرة جداً في الثقافة، ولكن لي اجتهادات بسيطة في قراءة بعض الكتب في مجال علم النفس فقد قرأت تقريباً معظم كتابات فرويد وبعض الكتابات الأخرى، وكذلك في الاقتصاد والسياسة، والقانون وفلسفته، والشعر والقصص القصيرة، والآن أتعلم فن الرسم كوسيلة لتخليصي من الألم النفسي الذي أشعر به.
ولكم خالص الشكر.
20/12/2009
رد المستشار
عزيزتي،
لقد استلمت رسالتك بعد تسعة أشهر من كتابتها لا أدري ما هو الجديد الذي طرأ في حياتك خلال هذه الفترة.
عزيزتي... الشيء الجميل أنه لم ترتبطي بأحد من هؤلاء الذين ذكرتهم بالرسالة، لقد أنقذك الله من هذه الزيجات.
ومن رسالتك أستشف بأنك تعانين من أعراض الاكتئاب وعدم القدرة على التوافق رغم الاختبارات النفسية التي أجريت لك. لا يعني هذا بأنك فاشلة كما ذكرت في الرسالة، وإن كنت لم توفقي في الزواج فذلك لأنه لم يحن القدر لك بالنصيب حتى لحظة كتابة رسالتك.
من حقك كأنثى أن تحلمي بالزوج المناسب وحياة الاستقرار في الزواج. ومن خلال السطور التي قرأتها يتبين بأنك إنسانة ذكية وعلى درجة عالية من الثقافة والتعليم، لا كما ذكرت بأنك فاشلة! ودليل نجاحك السنوات الخمس التي ذكرتها ورغبتك بالتعليم العالي فأنت طموحة ومجتهدة.
وإن كان هناك إحساس بالفشل كما تشعرين (أعاني من الشعور الدائم بأني لا أستطيع عمل صداقات أو حتى علاقات اجتماعية مع زملائي، ولا أعرف ما السبب؟ هل السبب في أني دائماً أكتشف عيوب الآخرين ولا أتقبلها فأقرر البعد تماماً عن هذا الشخص، أو أن هذا الشخص يرى في عيني وتعبيرات وجهي عدم الرضى عنه فيقرر هو البعد عني؟) فهذا إحساس طبيعي حيث أن المجتمع العربي ينظر للأنثى عند بدء المحيض بأنها قد بلغت وصارت مستعدة للزواج والإنجاب، وهذه النظرة تنعكس على بنات جنسك اللاتي فاتهن قطار الزواج مما يعتمل ذلك في اللاشعور دون إحساس المرء (الأنثى) بتلك لهذه النظرة حتى وإن كان المرء ناضجاً. وتبدأ المشاعر والأحاسيس تفرز على أرض الواقع كما ذكرت في رسالتك، فهذا لا يعني أيضاً بأنك فاشلة. ونستطيع أن نقاوم هذه الأحاسيس والمشاعر السلبية التي تنتابك بأن تتأملي الواقع بنظرة عملية... فأنتِ الآن في سن النضوج كأنثى ومن خلال تجاربك العملية استطعت أن تنفذي بجلدك من الأشخاص ذوي النظرة الضيقة والمحدودة في الحياة. والجميل أنكِ لم تنساقي وراء عواطفك خلال تجربتك الماضية.... هنا كان سيكون الفشل الأكبر في حياتك إذا ما كان ارتباطك بأحدهم.
من حقك كأنثى أن تحلمي وتعيشي الحياة الكريمة (أحلم بمواصفات للعيش في حياة غير وارد تحقيقها في الدنيا)، وهذا من حقك أن يكون لك حبيب من عالمك وليس من كوكب آخر (فكما يقولون لي أنني أحلم بحبيب قادم من عالم آخر، من الكوكب المجاور، من عند الملائكة يعشقني لذاتي، يستطيع أن يثير كل أحاسيسي وغرائزي، ويتقبل عيوبي حتى ولو حاول إصلاحها، وأنا أفعل معه مثل ما يفعل معي) أو أريد أن أحاط بأصدقاء غير موجودين على أرض الواقع يتحلون الأمانة حتى ولو كانت ضد مصلحتهم الشخصية، ويستطيعون أن يتمنوا وهم خالصو النية في ذلك للآخرين مثلما يتمنون لأنفسهم من خيرات. أو أن أحاط بزملاء لا يحملون لأقرانهم أية ضغينة.... سيأتي هذا الحبيب آجلاً أم عاجلاً، فلا تستعجلي أمرك.
لكن... يا عزيزتي أرجو أن يتسع صدرك للآتي:
سؤالك عن تحديد طبيعة شخصيتك.... الرسالة تعبر عن الصورة الذاتية والصورة الاجتماعية والصورة المثالية، والتوافق بين هذه الصور الثلاث هو أحد أبعاد الصحة النفسية، ويعتمد نجاح الفرد في الحياة على تفاعل عاملي الذكاء وسمات الشخصية، ولكن أضيف عاملاً هاماً وهو العواطف/المزاج (أو الانفعال) الذي يمثل التواصل والدفء في التعامل مع الآخرين.
الصورة الذاتية عما ما تعتقدينه عن نفسك (بأنك شخص غير مرغوب... لا أستطيع عمل صداقات أو حتى علاقات اجتماعية مع زملائي، ولا أعرف ما السبب... غير مقبولة من جميع الناس). والصورة الاجتماعية من خلالها حددت إدراك المجتمع والناس لشخصيتك وكيف ينظرون إليك ويقيمون صفاتك ويحتمل أن تكون مختلفة تماما عن الصورة الذاتية (كثر من يصفونني بأني مجتهدة وجميلة ونشيطة وذكية وعصبية جداً ومتحفظة للغاية، ومملة أيضاً)، (فكما يقولون لي أنني أحلم بحبيب قادم من عالم آخر، من الكوكب المجاور، من عند الملائكة يعشقني لذاتي، يستطيع أن يثير كل أحاسيسي وغرائزي، ويتقبل عيوبي حتى ولو حاول إصلاحها، وأنا أفعل معه مثل ما يفعل معي) أو أريد أن أحاط بأصدقاء غير موجودين على أرض الواقع... والشخصية الصورة المثالية التي من خلالها تسعين لتحقيق تطلعاتك وآمالك أو ما تصبو إليه نفسك، وهي الصورة التي تكافحين للوصول إليها (عمل صداقات.. الحب.. الزواج.. النجاح... الاستقرار).
الرسالة تعبر عن طبيعة أفكارك وأحاسيسك ومشاعرك وكذا طبيعة سلوكك في المواقف الاجتماعية والشخصية المختلفة. برغم أنك لم تصفي الكثير من الخصال والسمات- أو سمة على الأقل- تميّز سلوكك من خلالها يمكن أصف بها شخصيتك! لكن سأحاول قدر الإمكان من العبارات التي وردت بالرسالة.
كيفية تفكيرك عن ذاتك وإدراكك لكثير من الأمور وعن الآخرين يغلب عليها نوع من الشك؛ هذا أستشفه من خلال تساؤلك (هل السبب في أني دائماً أكتشف عيوب الآخرين ولا أتقبلها فأقرر البعد تماماً عن هذا الشخص، أو أن هذا الشخص يرى في عيني وتعبيرات وجهي عدم الرضى عنه فيقرر هو البعد عني؟) أي أنك تسيئين تفسير الأمور أو المواقف وقد تعتقدين بصحة ما تتوصلين إليه من استنتاج. وكذلك (فكثيراً ما أرى أن كل شخص حاول التقرب إلي وراءه مصلحة من هذا التقرب) (بأنك شخص غير مرغوب... لا أستطيع عمل صداقات أو حتى علاقات اجتماعية مع زملائي، ولا أعرف ما السبب... غير مقبولة من جميع الناس). أريد أن أوضح الصورة أكثر بان ما يحمله المرء من آراء وما يدركه عن أشخاص ومواقف وما يتحسس به وما يسلكه به، قد تبدو أموراً طبيعية ولا يشعر بأي انحراف ولا يدرك بوجود خلل في أفكاره وأحاسيسه وسلوكه.
أيضاً ردود أفعالك واستجاباتك كانت دائماً مضطربة وغير مناسبة في مواقف، وهذه الردود أيضاً بناءً على استنتاجاتك (فكثيراً ما أرى أن كل شخص حاول التقرب إلي وراءه مصلحة من هذا التقرب) (والشخص الآخر، كان يبحث عن وظيفة وكان يرغب في أن يستغل علاقاتي لإلحاقه بوظيفة... ولكنه لا يعرف أنني أفصل تماماً بين المصلحة الشخصية وطبيعة عملي، وعندما عرفت غرضه هذا سقط من نظري وتعاملت معه بطريقة سيئة ورفضت هذه العلاقة).
هذا يقودنا إلى التالي الذي كان واضحاً بجلاء وهو المبررات المقنعة التي من خلالها يكون الخلل لديك وليس الآخرين (ولكن رغم كل المبررات المقنعة التي أستطيع تقديمها لنفسي لتبرير الفشل في كل علاقة سواء كانت علاقة حب مع طرف آخر، أو علاقة صداقة، مع شخص يريد استغلالي أو حتى لا يريد استغلالي ولكني أراه غير مناسب لإقامة علاقة صداقة معه لأنه كاذب أو غير أمين على الأسرار أو لأنه حاقد أو لأنه يختلف عني في طريقة التفكير بصورة تجعله مضاداً لي تماماً أو غير متفقين طوال الوقت، أو لأنه لا يحترم أفكار الآخرين. أو لأي سبب آخر).
وعبارة (أو حتى لا يريد استغلالي ولكني أراه غير مناسب لإقامة علاقة صداقة معه لأنه كاذب أو... إلخ) تؤكد أن طريقة تفكيرك عن ذاتك وإدراكك لكثير من الأمور وعن الآخرين تشوبها الكثير من الضلالات أي الشك غير المبرر لسبب بسيط وهو أن ليس كل الناس غير أمناء أو حاقدين أو لا يحترمون الآخرين، بل إنك تفسرين ذلك وتقنعين نفسك بذلك. وهذا أيضاً يفسر عدم القدرة على التكيف وفشل العلاقات مع الآخرين (لا أستطيع عمل صداقات أو حتى علاقات اجتماعية مع زملائي) كما أن هناك ميولاً ذات طابع وسواسي.
وأخيراً، (فتبقى المشكلة الحقيقية هي أني لا أستطيع إقامة علاقات اجتماعية جدية مثل الصداقة الحميمة أو علاقة الحب)، أنت المشكلة!.
ختاماً، أسأل الله لك التوفيق،
ورهن إشارتك.