الكلام مع الفتياة خطأ..!!؟
أشكركم جداً على الموقع. لا أدري ماذا أقول! كل ما أود قوله أني أفعل الصح والخطأ وأتمنى ألا أفعل تلك الأخطاء، حين أرتكب الخطأ فإني أكون أفكر في الصح في نفس الوقت! حاولت كثيراً أن أمنع نفسي من الخطأ لكني غير قادر، ماذا أفعل؟ منذ سنتين بدأت أستخدم الانترنت، ليس لي في الحياة العادية أي علاقات مع الفتيات ولا حتى اختلاط بهن، لكن على الانترنت معظم كلامي معهن، عندي أصدقاء أولاد لكني مللت منهم حقاً. لا أستطيع النوم إلا حين أكلم بنتاً على النت، حينها فقط أحس أني مرتاح وأنام! أعرف أن في الأصل الكلام مع البنات خطأ، فماذا أفعل؟ أرجو أن تجد لمشكلتي حلاً بسيطاً.
وشكراً.
نسيت أقول أني لست مواظباً جداً على الصلاة، يعني قد أصلي يومين وأنقطع يوماً، يعني أحاول الانتظام لكني أفقد حماسي بسرعة.
شكراً جداً.
17/12/2009
رد المستشار
لو ظللت تقول لا "أقدر" ولا "أعرفر ستظل هكذا! ففي الحقيقة إن كنت تريد التغيير فلن يقوم به أحد غيرك أنت، ولا تتصور أن الحديث عن التغيير سيجعل التغيير يحدث، وأنا أوافقك أنك لا تعرف ولكنني لا أوافقك أنك لا تقدر حتى لو تاريخك مع نفسك يؤكد لك أنك خذلت نفسك مرات ومرات فتصورت أنك لا تقدر فعلاً، فهناك لعبة نفسية شهيرة جداً نلعبها مع أنفسنا تجعلنا ندور في دائرة لا تنفك ولا نتمكن من كسر قطرها لنخرج منها تعود لعدم فهم علاقة التفكير بالتصرف؛ والحقيقة أنها على بساطتها إلا أنها خطيرة وعذبت من لم يفهمها كثيراً، فكلما عرف الإنسان كيف تسير العلاقة بين التفكير والتصرفات الخارجية ونتائجها، تمكن من ترويض ما يشوب هذا الطريق من عقبات فتتحسن حياته؛ لأن علاقته بنفسه تكون قد تحسنت أولاً، فتصرفات الإنسان تنتج عن "دائرة" تبدأ بالتفكير، فتتحول إلى مشاعر فتترجم المشاعر لتصرفات فتتحقق النتائج!، وهكذا يحيا الإنسان، وهكذا يتغير، وهكذا يبدع بل ويخترع! لذلك ستجد أن الله عزّ وجلّ كثيراً ما خاطب عقولنا وكثيراً ما طلب منا إعمال العقل والتفكير، فالمخ البشري يتعامل مع الصورة الذهنية التي نرسلها له من طريقة تفكيرنا فيتعامل معها على أنها نتائج يجب الوصول إليها، فحين نفكر تفكيراَ مريضاً أو سلبياً –عن أنفسنا أو عن غيرنا- نشعر بمشاعر سلبية تتحول لتصرفات فتكون النتائج وفقاً للكتالوج الذي تم تقديمه من قبل!؛
وهذا ما تفعله بالضبط؛ حين تغرق في أفكارك السلبية دون وعي منك فتعزز صورتك الذهنية عن نفسك لمخك ليصل إليها كما أرسلتها له تماماً؛ فتفكر أنك تفعل الخطأ دوماً وأنك لا تعرف ماذا تفعل تجاه ما تقوم به، ويغلبك تفكير أنك لن تقدر وأنك هش ضعيف أمام أخطائك، فتتكون تلك الصورة الذهنية لدى مخك فتتحول لمشاعر لوم وخجل وشعور بالدونية وعجز، فتتحول لتصرفات مثل: عدم المقاومة للخطأ فتقع فيه مرات ومرات، فتتراكم تلك التصرفات فتكون النتيجة مطابقة للصورة الذهنية الأولى لتؤكدها!، إذن أهم حلقة أو نقطة في تلك الدارة هي طريقة تفكيرك؛ فهي المهارة المطلوبة منك فوراً وأولاً؛ فتتعلم كيف "تقاوم" طريقة تفكيرك السلبي عن نفسك وتتحاور مع نفسك بشكل أكثر تفاؤلاً وإيجابية حتى "تدمن" تلك الطريقة فتتغير مشاعرك، وبالتالي تصرفاتك فتتحقق النتائج التي كنت تسعى لها منذ البداية.
ولكي يحدث ذلك سأقترح عليك عدة نقاط:
* قوم بعمل جدول شخصي لك تحدد فيه مبدئياَ مهارة تساعدك على تغير طريقة تعاملك ورسائلك لنفسك واجعل لنفسك نظام للمكافأة يعينك على إحراز المزيد من النجاح والاستمرار والحماس؛ كأن تحدد مهارة توقف الرسائل السلبية ويقابلها مهارة تزيد من الرسائل الإيجابية فمثلاَ: تقوم بالتدريب على مهارة "قفر للفكرة السلبية حيث تتعلم مراقبة نفسك وكلما قلت لها أي فكرة سلبية مثل "أنت عاجز ولا تقدر"، فتنتبه أنك تحدث نفسك سلبياً، فتقول لنفسك "كُفّي" أو "قف"، وبالمقابل تتعلم مهارة "الحديث الإيجابي" فتقول مثلاً: أنا لست عاجزاً بدليل أن لي أياماً استطعت فيها المقاومة إذن أنا أقدر، أنا ناجح في عملي الحر، وهكذا.... فتخلع عنك الأسر في تلك الأفكار السلبية التي تقتنع بها وهي في الحقيقة محض خيالك.
* قم بعمل جدول آخر بسيط يشمل أمراَ واحداَ خطأَ تتمنى التوقف عنه، فتحدد هدف مقاومته لمدة أسبوع متواصل، وكلما نجحت في يوم كافئ نفسك بأمر محبب لك فسيشجعك هذا على الاستمرار، وفي نهاية الأسبوع كافئ نفسك مكافأة أكبر كنت تتمناها منذ فترة طويلة،ولا مانع أن تقوم بادخار مبلغ مالي كتحفيز لك في نهاية المدة لتشتري أو تسافر أو تقوم بأمر كنت تتمناه منذ فترة.
* إذا وقعت في الخطأ مرة أو مرات لا تيأس أبداَ وقم وحاول من جديد فيكفيك أن تتأكد أن الله سبحانه وتعالى يعلم عذابك ويعلم رغبتك في التخلص من أخطائك، فهو يدري بك تماماَ.
* أنا لا أحدثك حديث التنمية البشرية، ولا حديث التحايل على النفس، ولكنني أحدثك حديث "الواقع" الذي يستند للغة العلم والنفس الإنسانية.
* لكي تكون ثقتك بنفسك حقيقية وليست مفتعلة لابد وأن تدعمها بجانب تغير طريقة حوارك بالانجاز الحقيقي مثل انجازك الحقيقي في العمل والانشغال به بدنياَ وذهنياَ حتى تقتل عدوك اللدود وهو "الفراغ"؛ فتقوم بعمل تهواه وتحقق فيه انجاز، أو رياضة، أو عمل تطوعي.
* ساعد نفسك بالتواجد وسط بيئة نظيفة من الأصدقاء، الزملاء، الأقارب، تساعدك على مقاومة الخطأ وتجنبه.
* علاقتنا بالله سبحانه وتعالى تعتمد كثيراَ على معرفتنا به فكلما عرفناه كلما أحببناه وتمنينا أن نقوم بأوامره عن طيب خاطر وحب ورجاء -مثل الصلاة- وكلما بعدنا عن معرفتنا به ونظرنا فقط لأوامره فسنسقط مرة ونقوم بها مرة بل وسنقوم بتأدية واجباتنا نحو عبادته متكاسلين متأففين؛ لأننا لم نعرفه حقاً، فالله سبقت رحمته عقابه، وغفر وتاب عمن كانت ترتزق بجسدها، ويعفو ويغفر كل ما تقدم للعبد من ذنوب وتقصير إذا توضأ فأحسن الوضوء وصلى له ركعتين طلب فيها الصفح والغفران!، ويغفر لمن يصوم ذنوبه، ويعتق الرقاب لمن كانت له يد خير في مواقف الحياة، هذا هو ربي وربك يا أخي الذي يجب أن نعرفه فنحبه ونعبده حباَ ورجاءَ فلا نيأس حين نقع في الذنوب؛ لأننا نعرف بصدق انه التواب لمن صدقت نيته، ولا نتجرأ بعفوه على الغرق في المعاصي دون ضابط، فأرجو أن تعالج علاقتك بالله سبحانه وتعالى بأن تعرفه لتحبه وتتمنى عبادته لا خوفاَ منه فقط أو رجاء في النجاة من النار، وستجدك تهفو للقائه كل دقيقة وليس عند كل صلاة؛ فصار دورك في ضبط علاقاتك مع الله سبحانه وتعالى أن "تفتش" كيف ستعرفه وكيف "ستقترب"، هل بسماع دروس لمن تحبه؟ أو مشاهدة برامج دينية متوازنة لعلماء متميزين؟ أم للتواجد في المسجد أكثر من ذي قبل، أم بالقراءة..... إلخ حتى تعرفه.
يبقى أن أعترف لك بأمرين:
الأول... أن الصح والخطأ ليس شكلاً واحداً عند البشر؛ فقد تكون طريقة التربية مثلاً ذات أثر في توصيف الصح والخطأ وهما في الحقيقة ليسا الصح والخطأ؛ فمثلاً أن تتحدث لفتاة أنت تراه خطأ وعلى أرض الواقع لا تحدث أو تختلط بأي فتاة، في الحين أن الحديث مع الفتاة ليس كله مساحة شر وخطأ وأن الاختلاط لسبب عام وفي وجود الضوابط المعروفة لا يجعله اختلاطاً حراماً، وأن التجاوز بما لا يجوز أو الانخراط في علاقة خاصة بعيدة عن أعين العام هو "بيت القصيد"، وهكذا،
والثاني..... أن ما قلته لك من اقتراحات ليس سهلاً هيناً، ولكنه سيتطلب منك بذل جهد وتغير طريقة تفكير عشت لسنوات تتعامل بها، ولكن تذكر أنها ليست مستحيلة وأن نفسك ورضاك عنها لا يعدلها كنوز الدنيا بأسرها.