أحمد والوسواس... استعن بالله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أكتب إليكم هذه الرسالة وأنا في غاية اليأس والإحباط من هذا المرض الشيطاني الذي بدأت معاناتي معه منذ سنتين ونصف وربما أكثر، ولا أتمنى ولا أرغب بأي شكل من الأشكال أن يستمر معي لفترة أطول حتى لا أقع في أي شيء محظور.
كلامي عن الوسوسة والحمد لله على كل حال... مع مراعاة أن ما سأذكره هنا من مشاكل مررت بها أنا بريء من أي شخص تسبب له هذه الأشياء وسوسة، فأنا أذكرها فقط لأوضح موقفي، وقد يستفيد منها بعضهم ليعرف أن حيل الشيطان متكررة عند كل من عندهم وسوسة، وهذا ما اكتشفته من قرأتي للعديد من الحالات وهذا يدل على أنه فعلاً كما قال الله أن كيد الشيطان ضعيف، فهو يحاول مع الجميع بنفس الأفكار والطرق.
البداية الفعلية للوسوسة كانت منذ حوالي السنتين ونصف بعدما قررت أن التوقف عن معصية معينة كنت للأسف أفعلها وكأنها كانت طاعة للشيطان! منذ ذلك الوقت بدأت تأتيني أفكار غريبة في الصلاة بأن قراءتي وإخراجي لبعض الحروف والكلمات في الصلاة غير صحيحة فكنت أعيدها كثيراً من المرات، وكانت الصلاة وقتها فعلاً صعبة، ثم استمرت الوسوسة وتمادت إلى العديد من الأشياء؛ فمثلاً كنت إذا نظرت لليمين يجب أن أنظر إلى اليسار ظناً مني أنى مسؤول عن تعادل جسمي أو شيء من هذا القبيل! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
استمرت الوساوس وزادت في الصلاة، الوضوء، النجاسات، وتطهير النجاسات.. وخصوصاً أن لدينا طفلة في منزلنا هي بنت أخي، وكلما تبولت مثلاً على الأرض يصير كل ما تلمسه أو تدوسه نجساً بالنسبة لي، وللأسف هذه المشكلة مستمرة معي حتى الآن.
بالصدفة البحتة عثرت ذات مرة في النت وأنا أبحث عن حل لما أنا فيه على موقع للأخ الكريم الخبير النفسي وارتحت كثيراً عندما قرأت كلامه وقررت اتباع طريقته في العلاج، وبالفعل نجحت بنسبة كبيرة جداً في تطبيق علاجه هذا، ساعتها شعرت بسعادة كبيرة جداً لأني عدت كما كنت طبيعياً جداً. استمر هذا الحال لشهرين ثم بكل سذاجة مني انقلبت المعادلة رأساً على عقب وعدت كما كنت! بل وربما أسوأ في بعض الأشياء، ربما يكون أحد الأسباب الرئيسية هو تلك الطفلة بنت أخي.
أصبحت أتأخر عند قضاء الحاجة وفي الاستنجاء منها، واخترعت العديد من الطرق للتطهر، أصبح الوضوء مشكلة عويصة لي لأني كنت أبدأ فيه ثم أقطعه ظناً مني أن هناك ريح أو بول أو لعدم النية أو أو أو... فأصبحت أتأخر في الحمام، وعند خروجي تكون ملابسي كلها مبللة بسبب محاولاتي في التطهر والوضوء فأضطر لتغييرها.. عند الصلاة أيضاً كنت أتأخر جداً فيها وأفكار قطعها أو إعادتها كثيرة جداً، فكان مثلاً صلاة الفجر تأخذ مني من ربع إلى نصف ساعة للأسف.... واستمر موضوع الأماكن النجسة في البيت فأصبح لي مكان محدد في غرفة الجلوس في آخر الأريكة أجلس عليه ظناً مني أن كل الأماكن نجسة لأسباب كثيرة.
المهم أن هذه الأمور استمرت معي طوال السنة الأخيرة في الجامعة وللأسف أثرت على مستواي التعليمي ولم أحصل على درجات مناسبة في العديد من المواد، بعكس ما كان يحدث في كل عام بحصولي على الامتياز، لكن الحمد لله على كل حال... كذلك كنت لا أحضر المحاضرات في وقت الظهر لتأخري في الوضوء والصلاة والإعادة، وكنت أشعر بالحرج الشديد ممن حولي، وكنت تفادياً لذلك لا أصلي الظهر في الجامعة وأنتظر لأصليه في المنزل بعد العصر حتى لا أواجه أي موقف محرج، والحمد لله كانت الأمور تمر جيداً بالنسبة لذلك.
قررت مرة أخرى اتباع طريقة الخبير النفسي لكن لتمكن الوسواس مني لم أتمتع إلا يوم واحد فقط بطبيعتي.
الآن الحمد لله أشعر أني أفضل في كثير من الأشياء لكن ليس كثيراً، فعند الوضوء أواجه الأفكار الجنسية قبل البدء فيه وكذلك أواجه مشكلة في حدود الوجه عند غسله، وتواجهني فيه بعض الأفكار أني فعلت شيئاً خطأ ويجب أن أقطع الوضوء وأعيده وهكذا.
الغسل من الاحتلام لا يقل عندي عن ساعة إلا ربع أو زيادة! وتواجهني الآن مشكلة جديدة هي أنني أحلم أحلاماً مزعجة وأحياناً أحلم أني أتوضأ أو أصلي ولا أكمل هذه أو هذا، وأشعر أنني يجب أن أتبول بشدة وأستيقظ على هذا الشعور وبالفعل ربما تنزل بعض نقاط، ولكن معذرة بطريقة القذف فلا أستطيع أن أفرق إن كان هذا بولاً أم منيّاً أم ماذا بالضبط؟ وأشم رائحة هذا الشيء لأميزه لكن في النهاية أغتسل وأستمر في الاستحمام وقتاً طويلاً. وهذا بالطبع يشكل لدي مشكلة أني أؤخّر من في البيت عن دخول الحمام وأشعر بضيق شديد وتأنيب ضمير.
أمّا الصلاة فقد جاءني شيء جديد فيها وهي أنني أشعر أني أتحرك وأن هذه الحركة كثيرة ومبطلة للصلاة فأقطع الصلاة وأعيدها، حتى لو كانت حركة بسيطة جداً ولو حركة في العضلات ولا حول ولا قوة إلا بالله... أيضاً الأفكار الجنسية قبل تكبيرة الإحرام مما يؤخرني كثيراً في البدء في الصلاة... كذلك وسوسة أن هذه الصلاة رياء لو شاهدني أحد فأضطر أن أقطع وأعيد، أما لو كانت في جماعة فأكمل الصلاة وأنا على يقين بأن صلاتي قد بطلت وعند عودتي أعيدها حتى وصل هذا الأمر إلى صلاة الجمعة!.
وما زالت بنت أخي تسبب لي مشاكل عدة لدرجة أنني أصبحت أشعر بأني مقيد بقيود عديدة جداً وأصبحت للأسف لا أحب حتى أن تلمسني.
هناك العديد من الأشياء والأفكار التي لو ذكرتها لاحتجت إلى صفحات كثيرة لوصفها ووصف معاناتي منها، فأنا أشعر أني أحياناً في أقصى درجات الوسوسة، وأحياناً أخرى أن درجتها ليست عالية لكنها موجودة. وللأسف أشعر بعذاب شديد في كل شيء منها وبدرجات عصبية كبيرة لدرجة أني أشعر بحرقة في جانبي رأسي، أجد هذه الأيام أن تلك المناطق قد اسود لونها قليلاً من العصبية والضغط على أعصابي... وكم مرت أيام وأنا بملابس مبللة في عزّ الشتاء وكم نمت على السرير وهو مبلل ويسبب لي بعض المشاكل في جسمي... كم فعلت أشياء كالمجنون عند عصبيتي الشديدة من تلك الوساوس، وكم عشت أوقاتاً عصيبة وسيئة.
في تلك الأيام فكرت كثيراً في العلاج الدوائي وتوصلت بعد قراءتي للعديد من المشاكل النفسية للعديد من الأخوة والأخوات أن البروزاك هو أنسب شيء لكني لا أريد الذهاب لطبيب لأسباب كثيرة... فقررت أني سأعطي نفسي فرصة للتخلص من الوسوسة حتى شهر إبريل القادم فلو لم أنجح سألجا للبروزاك... وبعد قراءتي للعديد من الوصفات لهذا الدواء وجدت أن ربما الجرعة المناسبة هي قرص واحد لمدة أسبوعين ثم قرصين صباحاً ومساءً لمدة سبعة شهور ثم أخفض الجرعة إلى قرص لمدة 3 شهور ثم أخفضها تدريجياً إلى أن أقطعه... فما رأيكم؟.
علماً بأني أعاني من مشكلتين أخريين؛ الأولى هي أني أحياناً أفعل ما يسمى بأكل الشفة باليد، وخصوصاً عندما أكون أفكر في شيء أو مركزاً في شيء، ولا أتوقف حتى لو رأيت الدم وهذا الأمر أجد نفسي دون أن أنتبه أفعل ذلك.
الأمر الثاني، هو أني أعاني من صعوبة التكلم عندما أتكلم في الهاتف أو عند التكلم في جمع، وقد أكون أتكلم بهدوء وبطبيعية جداً وفجأة أجد صعوبة في إخراج الكلمات إذا وجدت أن من حولي حتى لو كان شخصاً واحداً منتبهاً إليّ ويركزّ فيما أقول.
آسف على الإطالة، لكن اعذروني فلا أحد يعلم وحتى أسرتي لا تعلم بما أمرّ فيه، فوجدت هذه فرصة كي أخرج ما بي وأفضفض.
وجزاكم الله خيراً
11/02/2010
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أحمد،
قد رجعت إلى البرنامج العلاجي الذي رجعت إليه وطبقته للخبير النفسي2 (http://alkhabeer2.jeeran.com) وقد وجدته برنامجًا رائعًا، ويكفي في روعته أن صاحبه كتبه عن خبرة، وجربه بنفسه، ونجح فيه، وعالج به كثيرين... مع أني لما قرأت معاناته مع الوسواس، لم أصدق أن مثل هذا الموسوس يمكن أن يشفى!!
ومهما بحثت عن برنامج علاجي ناجح للوسواس فلن تجد إلا ما يوافق ذلك البرنامج والذي اختصره سيد الخلق الذي أوتي جوامع الكلام -صلى الله عليه وسلم- بكلمتين وقال: ((فليستعذ بالله، ولينته))!!
ولا أدري ماذا أضيف وأقول بعدما سبق وجربت العلاج ونجحت فيه، ولكني أقول لك: خذ نفسًا عميقًا واستعن بالله، وقم من كبوتك وعد إلى تنفيذ العلاج، وابقَ عليه إلى أن تلقى الله تعالى. وهذا لا يعني أنك ستبقى مريضًا إلى أن تلقى الله، ولكن هذا البرنامج سيبقى وقاية لك إلى آخر عمرك فلا تفرط فيه...
وأما بالنسبة لعدم تفريقك بين البول والمني عندما تستيقظ، فقال الفقهاء: من استيقظ ووجد شيئًا في ثيابه ولم يعلم أنه مني أو غيره، عمل بما شاء، فإن شاء اغتسل وإن شاء توضأ فقط وفي كلا الأمرين فعله صحيح!!
وطبعًا غير الموسوس هو الذي يترك لمشيئته، أما الموسوس فيجب عليه أن يعتبره ليس بمني، لأنه من الواجب عليه أن يعالج نفسه ولا يتم علاجه إلا بذلك والقاعدة تقول: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).
فاطمئن وأهمل وسواسك....
وسائر وساوسك التي ذكرتها ليس لها حلّ إلا أن تعرض عنها وتهملها وترجع إلى البرنامج الذي سبق وعالجت نفسك به....
وأنصحك بالنسبة لابنة أخيك، أن تجبر نفسك على حملها وأخذها في نزهة قصيرة لمدة نصف ساعة يوميًا ثم تعود إلى البيت وتقاوم غسل يديك أو تغيير ثيابك. وأنت تعلم أن معاناتك لمدة قليلة خير من بقائك في هذا العذاب إلى آخر عمرك.
فإن بلغ بك القلق من عدم الاستجابة إلى حالة لا تحتمل، ووجدت الأفكار تلتصق بذهنك بدرجة لا تستجيب للإهمال، فلا مفرّ حينها من تناول الأدوية التي تعينك على طرد تلك الأفكار دون كبير معاناة، ولكن هذا لا يمكن أن يكون دون الذهاب إلى الطبيب بحال من الأحوال!! فتحديد الجرعة ومدى مناسبتها لحالة كل شخص، وكذلك مراقبة الأعراض الجانبية واختيار الدواء المناسب للمريض، لا يمكن دون رعاية طبية متخصصة. فإما أن تحاول إيجاد حلّ للعوائق التي تمنعك من مراجعة الطبيب. وإما أن تكون أكثر صبرًا على العلاج المعرفي السلوكي والمعاناة فيه. وإما أن تحكم على نفسك بالشقاء والموت كمدًا بالاستسلام للوسواس، فاختر من هذه الحلول ما يعجبك!
وأما مشكلة أكل الشفاه باليد، فهي حالة لها ارتباط بالوسواس القهري، وأترك الإجابة عليها إلى الدكتور وائل بارك الله به، وكذلك بالنسبة لمشكلتك الأخرى في صعوبة الكلام. عافاك الله.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الابن العزيز أحمد أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، يعتبر أكل جلد الشفاه شكلا من أشكال السلوكيات التكرارية التي فيها إيذاء غير متعمد للجسد وهي إلى حد كبير شبيهة بأكل الأظافر أو كشط الجلد ويمكن أن تتحسن من خلال برنامج سلوكي معرفي يضعه لك معالجك النفساني، وأما مشكلة صعوبة الكلام في وجود تركيز عليك من الآخرين فأظن أنه ذي علاقة بالرهاب الاجتماعي الذي كتبنا عنه كثيراً على الموقع فارجع إلى الاستشارات السابقة ففيها ليس فقط وصف الظاهرة وإنما أيضاً أكثر من برنامج سلوكي معرفي للعلاج... أهلاً وسهلاً بك دائماً على مجانين وتابعنا بأخبارك.