يتحرش يس وأنا سعيدة بذلك..!؟
السلام عليكم جميعاً، الحقيقة أني ترددت قبل إرسال مشكلتي، ثم رأيت أنكم خير ملاذ لي بعد الله، وأرجو أن أجد لديكم الراحة رغم قسوة الرد.
أنا فتاة عمري 22 عاماً أحمل شهادة جامعية، وأعمل مع مكافحة العنف الأسري لن أقول أني ملتزمة لأني اكتشفت أني لست كذلك مع عظيم أسفي.
بدأت مشكلتي بشهر أكتوبر حين كنت مشتركة بإحدى المنتديات ولي حضور فاعل، مما حدا بأحد المشرفين هناك ملاحقتي بشكل خفي حيث كان يتابع ردودي وكتاباتي.. للعلم هذا المشرف له أيضاً حضور فاعل، فقد كنت معجبة به بسري وألاحق ردوده أنا الأخرى، ومما لفت انتباهي به قصة حبه التي انتهت بخيانة حبيبته له وحزنه الشديد وآلامه التي لا يفتأ يذكرها باستمرار.
وبدأت تحرشات لطيفة منه كنت أفهمها وأدّعي الجهل رغم فرحي الشديد بذلك، وكم كنت حمقاء حين طرت فرحاً عندما صارحني بإعجابه بي وأنه يعرض عليّ علاقة بهدف الارتباط. تحدثنا على "المسنجر" ورأينا بعضنا ويا لدهشتي حين كان شديد الشبه بالصورة التي تخيلتها، للعلم هو أكبر مني بأربع سنوات وتطورت العلاقة للهاتف، وبدأنا نتعرف على بعضنا ليتضح لنا الكثير من الاختلاف في وجهات النظر والفجوة الكبيرة بين الحقيقة والخيال ما أدى بي إلى الإحباط، فرغم ذلك أحببت أشياء كثيرة به ووجدت فيه صفات أتمناها واتفقنا أن نبقى أصدقاء.
في إحدى المرات حين تحدثنا كان محطماً ويائساً وجاء يفضفض لي كيف أنه غير قادر على نسيان من أحبها وأنه يموت من الكم الهائل من الذكريات والصور والرسائل، وكنت أسمعه ومن داخلي أتألم فقد كنت بصدق أتمناه خصوصاً أن قلبي خالٍ وهو ملأه بالحب، وصارحني أنه بحاجة للنسيان وبحاجة لي لأبقى معه... وهنا بدأت الكارثة فقد قبلت أن أنسيه على حسابي.
الحقيقة لا أدري بم كنت أفكر، لقد كنت عمياء البصيرة بشكل لا يصدق، كنت أعلم يقيناً أني لن أنسيه حبه ولكن رضيت أن أكون له حضناً دافئاً، أغدقت عليه من الحب والاهتمام ما لم يحصل عليه مطلقاً وكان يصارحني بأشياء عن طفولته، أهله، أبيه، أحلامه وانكساراته، وكنت أسمع بالساعات وكم عبر لي عن امتنانه لصبري حتى أنه قرأ عليّ أدق خصوصيات رسائل حبه، لكن للأسف الشديد وسط كل ذلك كان يصحو شيء بداخلنا هو الشهوة... ولثلاث مرات قام بكسر الصمت بأن فعلنا الحب على الهاتف، طبعاً هو ليس حباً أصلاً -أعتذر لجرأتي ولكن لا أقوَ على نطق الكلمة فأنا أشعر بالعار- الحقيقة أنه لا يوجد شيء لم نفعله على الهاتف لقد أنطقني كلاماً لا أدري كيف نطقته وأشعرني بأحاسيس لم أشعرها، وفي المرات الثلاث كنت أبكي ولا أدري السبب الصريح للبكاء أهو النشوة أم الذنب أم...
لا أعلم وكان يهدئني وحين أخبره بشعوري بالذنب يهون الأمور عليّ ويقول أنه لم يلمسني حقيقة، وأنه يعيش معي إحساساً يريده لا أكثر. كل ذلك لم يقنعني، لقد كنت أعلم بأعماقي أنه خطأ ولكن انبهاري به وضعفي أمامه جعل كل ذلك يحصل، وكم كنت أخاف من فكرة أن يظن بي سوءاً.. ذات مرة سألته حين نفترق وأخطر بباله بعد سنوات ماذا سيشعر؟ فقال: "سأبتسم وأدعو لك بالخير!".
ويوماً ما حدث بيننا شجار لأمر تافه لا يذكر وانقطع عني انقطاعاً تاماً، لم يرد على رسائلي ولا هاتفي وبدأت الشكوك بقلبي وكنت دوماً أطمئن نفسي أنه من المستحيل أن يكون خسيساً أخذ مني عفتي ورماني، إلى أن اكتشفت صدفة عن طريق صديقة مشتركة أنه ما زال أسير حبيبته السابقة ولم تقدر أي فتاة أن تنسيه إياها، حينها بدأت أبحث وراءه بخفية ومن غبائي أخبرت الصديقة المشتركة أننا سبق وكنا معاً فصدمت وذهبت إليه تخبره لم لا أكون أنا الحبيبة؟ فأنا فتاة طيبة وشاعرية جداً فكان أن ردّ عليها برد رأيته بعيني؛ فقد نسخت لي رسالته وقرأتها، وهنا حدث الذي طالما خشيت حدوثه فقد كتب بأنه لم يحبني يوماً ولن يحبني لأنه رأى في أشياء من المستحيل أن يحبني بسببها! والصفعة القوية كانت أنه يرى في فتاة لا تصلح أن تكون زوجة وأم أطفال... هنا تصلب جسدي وبدأت البكاء بشكل هستيري.. سيدي، الحقيقة أنها المرة الأولى بحياتي التي أتمنى فعلاً الموت فيها.. كنت دوماً أردد أن لا مبرر أبداً لطلب الموت إلا أنني ذلك اليوم طلبته فعلاً فلم أقدر أن أتخيّل أن أمضي حياتي (وهذا الأمر يلاحقني)... نعم الموت أرحم، وبفضل صديق عزيز خرجت من المحنة وغادرت سريري خلال أسبوع.
الآن أنا أفضل، أضحك وأبتسم وأمارس حياتي، لكني لا أنكر أن الموضوع ما زال يلاحقني (لا يمر يوم دون أن أفكر به). الآن تقدم لي خاطب وأنا أدرسه جيداً، والجميل أني فصلت بين كارثتي وبين علاقتي مع الخاطب، فأنا أدرس خطواتي وأراقب نفسي وأشعر معه براحة لأنه رأى سارة الحقيقية وهو مقتنع جداً بي ويحبني ويصف نفسه بأنه محظوظ لأنني أعطيته فرصة، إلا أني تعبة جداً يا سيدي، حين يخطر الأمر ببالي حين نكون معاً وأعلم أن ما فعلته كارثة وطامة ومصيبة وأن أي خطأ أرحم من هذا الخطأ.
استغفرت وأعلم يقيناً أن الله غفر لي ولكنني ما زلت غير قادرة أن أغفر لنفسي، تعبت من جلد ذاتي بلا طائل. بصراحة أكثر ما يخطر ببالي الآن هو أن يعلم ذلك الخسيس أني لم أفعل ذلك لا معه وحده وأني ضعفت لأنني أحببته، أموت غيظاً حين أراه بالمنتدى يوزع النكات ولا يعبأ بي، وأحياناً أفكر لماذا يهمني رأيه؟ ولماذا هو لا يفكر مثلي؟ لقد تركت المنتدى بسببه لأنني أتضايق جداً حين ألتقيه هناك.
حين أنظر في عيون أفراد أسرتي أموت قهراً وحزناً... آه لو يعلمون ربما سأموت من العار، كثير من الناس يحبونني ويرون فيّ مثال البنت الواعية والنقية، أكاد أصرخ أحياناً: "لا، أنتم مغشوشون بي" ذات مرة أخبرني أبي كم يحبني وكم هو فخور بي، ذهبت لغرفتي وبكيت حتى جفت مآقي. أرجوكم، أرجوكم، أرجوكم كيف أتعامل مع الموضوع؟.
28/01/2010
رد المستشار
البقاء لله في تلك العلاقة وإكرام الميت دفنه، وبعد الدفن نتعظ ونعرف أن الحياة الطويلة التي كنا نحياها ونلهث وراءها لم تكن أكثر من سراب واختبار جاد ينبهنا لجبر الضعف فينا حتى وإن كنا لا نتصور وجوده بتلك القوة بداخلنا، ولأنك كما سميت نفسك مرشدة اجتماعية -لا اعلم هذا المصطلح- فهو يقول أنك تدرين شيئاً ليس بالقليل عن الإنسان والمجتمع وعلاقتهما ببعض، ولا بد أنك أخذت من الجانب النفساني نصيباً، لذلك لن أطيل معك في موضوع "مراحل الفقد"، ورغم أن فقدك لم يكن لشخص -لأنك عرفت جيداً أنه لا يستحق- إلا أنك معه قد فقدت الأغلى وهو "تقديرك واحترامك لنفسك" فسأترك لك رابط يحدثك عنه؛ فمن المهم جداً أن تعرفيه حيث سيفيدك في التعامل مع نفسك، أما ما يمكنني أن أقوله لك بشكل عملي الآن هو الآتي:
- مشاعرك السلبية كالاكتئاب والحقد عليه والرغبة في الانتقام منه والحزن الشديد على ما بدر منك لا بد من "تصريفه" أي التعبير عنه، فلا تكتميه دون تصريف حتى لا يتحول لمشكلة نفسية لا داعي لها. فلتصرفيه كما تهوين دون أن تتصرفي تصرفاً يؤثر على حسن أخلاقك التي ترتضينها لنفسك مثل: كتابات عامة لا تشير له، شعر، رسم، فضفضة لشخص مخلص، بكاء، كل ما هو من شأنه تصريف لها افعليه دون الاحتكاك به إطلاقاً؛ لأنه لا يزن عندك شيئاً فأنت الأهم في هذه اللحظة، وهذه الخطوة مهمة جداً لتتنسمي الحياة من جديد دون عقد ولا مشكلات نفسية.
- لا تتركي نفسك لاجترار الذكريات المؤسفة تلتهم إرادتك؛ فسيعيدك ذلك للوراء ويشل حركة العودة لطبيعتك السابقة، ويمكن القيام بذلك عن عمد، فحين تتصيدي نفسك وأنت تذكرين أمراً يخصه قومي بعمل آخر على الفور يشغل ذهنك أكثر من جسدك، وانخرطي كثيراً وسط أعمالك وأصدقائك المخلصين والأنشطة حتى وإن كنتِ حزينة أو غير راغبة، فالتكرار سيساعدك كثيراً.
- تدربي على مهارة "مسامحة النفس" فهي من أهم المهارات في التعامل مع الذات؛ لأنها المهارة التي يتعلم بها الإنسان من ماضيه دون أن يظل أسيراً لها تخنقه وتنغص عليه عيشه فلا يحيا حاضراً ولا مستقبلاً، فيتحول لحطام إنسان أو يعيش حياة لا معنى لها.
- تحتاجين كذلك لمهارة الحديث مع النفس بالشكل الإيجابي؛ فبدلاً من أن تقولي لنفسك "حقيقتك حقيرة وضعيفة" أو "خنت الله ونفسك وأهلك" ساعدي نفسك بالحديث الإيجابي وكرريه على نفسك لدرجة الإدمان، كأن تقولي "أخطأت ولكنني تعلمت درس العمر" أو "الحمد الله الذي نجاني قبل أن أقع في الأسوأ" أو "من علامات حب الله لي رغم ضعفي ومعصيتي أن الله عوضني برجل يستحق أن أعطيه طاقة الحب التي كنت سأهدرها مع من لا يستحق" وهكذا.
- البعد تماماً عن أي طريق يذكرك أو يتواجد به؛ لأنه سيكون شحناً جديداً لجلد الذات والذكريات والمشاعر السلبية التي قطعت فيها أشواطاً، فقد تعودي مرة أخرى ولكن ليس الآن.
- نحن بشر فلا نحن ملائكة فائقة الطهر ولا شياطين تستحق الرجم، ولكل منا بداخله بقعاً بيضاء تضيء أنفسنا من الداخل وتضيء للآخرين، وبقعاً سوداء نحاول تقليصها قدر الإمكان والله المستعان سبحانه، وهذا هو دورك المطلوب منك فوراً الآن فلتجتهدي في إنارة بقعك البيضاء ولتقلصي بقعك السوداء حتى تستعيدي نفسك ودورك في حياتك وحياة المجتمع.
- اسطري في خبراتك سطوراً لا تنسينها بعد الآن أبداً، فلا صداقة بريئة بين شاب وفتاة مهما بدأت مختلفة أو ذات نكهة دينية ما دامت دخلت في المساحة الشخصية، فمن نخدع؟ فالفطرة والميل للجنس الآخر جزء من تكويننا لن نستأصله ولا نستطيع التنكر له مهما طال الوقت، فها هو لم يحبك ولم تجديه الشخص المناسب لك وحدث ما حدث، ولا حب يتحول لصداقة مهما كذبنا على أنفسنا فهذا نصب ووهم كبير، ولا رجل شرقي مهما تشدق "بالجنتلة" يعرف التجاوز عما بدر من الفتاة حتى لو كان تحت ضغط شديد منه بالاحتياج لها، ولا يوجد أغلى من احترام النفس وتعهد الأمانة بيننا وبين الله سبحانه وتعالى، وأن الله سبحانه وتعالى إله هو فقط سبحانه من يستطيع أن يعفو ويغفر ويمسح الزلات ويمنحنا الفرص بصدق للبداية من جديد، فقط لأنه الله الذي خلقنا ويعرف حقيقة دواخلنا وكيف يمكن أن ننخدع من البشر ومن الشيطان لذا جعل لنا التوبة ذات أبواب كثيرة تفتح على مصراعيها معظم إن لم يكن أكثر من معظم حياتنا، وأن البشر لا يستطيعون ذلك أبداً. فلنتعامل مع أنفسنا كبشر ونبدأ دوماً من جديد مهما سقطنا، ونتعامل مع الآخرين على أنهم قد يجتهدون ولكنهم لن يغفروا -في تلك المساحة- لأنها خارج طاقتهم وقدراتهم، ولنتعامل مع الله سبحانه بالحب وكل الثقة؛ لأنه هو فقط عزّ وجلّ الذي يعرف الحقيقة ويعفو ويسامح فلا نتجرأ عليه ولا نُعلي أنفسنا ولا البشر مهما أحببناهم عن مكانته سبحانه وعن رضاه لأننا سنكون وحدنا الخاسرين.
- اقتربي من الله عزّ وجلّ وقوّي علاقتك به فهو سبحانه من وهبك كل خير ونجاك.