حائرة..!
شكراً لكل هذا المجهود الرائع في هذا الموقع.
أعاني اكتئاباً! ولا أدري إن كان اكتئاباً بالفعل أم مجرد واقعية زائدة؟! ففي بلدي الكثير من المشاكل، صدقني أحياناً أندم أني مصرية لكل الإهانات التي نتعرض لها من كل الدول وهذا يضايقني جدا ً. أشعر أن أطفالي مظلومون لأنهم يحملون هذه الجنسية على الرغم من أني أحب بلدي جدا ًولكني أكره الحكومة والذل الذي أشربوه الناس، وقدرتهم علي سلب أهم ميزة في الإنسان منه وهي إحساسه بآدميته.
نترك العامّ ونتحول للخاص بمشاكله التي لا تنتهي؛ الخلاصة أني أكره الحياة وأتمنى أن أسافر بعيداً إلى دولة أوروبية محايدة، طبعاً زوجي يرفض هذه الفكرة كما رفض عملي، حالياً أنا في البيت أرعى طفليّ -ولد وبنت- بينما هو غارق في العمل ولا يهتم بي مطلقاً. هناك فروق كثيرة بيني وبينه لكني بطبعي هادئة ولا أفتعل المشاكل، وكبقية المصريين "ماشية جنب الحيط" أقصد في علاقتي بزوجي... تخيّل أن هذا هو إحساسي!!!.
أعرف أن مشكلتي الأساسية هي الفراغ، ولكنه يرفض بشدة أن أعمل، أريد أن أكوّن صداقات كما في الماضي بدل علاقاتي بأصحابي القدامى التي أصبحت قاصرة على مكالمة هاتفية لأنهم مشغولون بأولادهم...
أنا لا أشعر بالسعادة مطلقاً..
أرجو الإفادة.
17/6/2010
رد المستشار
طيّب الله أوقاتك وأهلاً ومرحباً بك معنا..
يبدو لي يا "كريمة" أنك في إحدى حالات الموجة الهابطة التي صورها جون غراي في كتابه "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة" وفي هذه الحالة تشتكي المرأة من كل شيء وتنتقل بشكل غير متسلسل من مشكلة إلى أخرى ولا تحتاج إلا لمن يسمعها ومن المناسب أن تسمعها امرأة مثلها.
نعم يا عزيزتي، إننا نعاني بحق من انتهاك الحقوق الإنسانية لنا في بلادنا ونشعر بامتهان كرامتنا وكأننا مخلوقات من الدرجة الثالثة أو الرابعة لا كأننا آدميون كرمنا الله على سائر مخلوقاته... خليها على الله يا كريمة!.
لكن هل تعتقدين أن المشاكل العديدة يمكن لنا حلها بالسفر إلى الخارج. قد يكون في الأمر هروب من الواقع المرير ولكن تأكدي من أن مشاكل أخرى من نوع آخر غير متوقع ستظهر لك، وعلى كل حال فلن يكون الأمر ممكناً ما دام زوجك غير مرحب بالفكرة أساساً.
بقي لدينا حل وحيد وهو أن نسعى جهدنا للتأقلم مع الوضع الحالي مع محاولات جادة لتحسينه، وأرجو ألا تسأليني كيف! فأنا نفسي لا أعرف الطريقة، لكنني قد أعرف طريقة مناسبة لحل الشطر الثاني من مشكلتك وهي فراغك أثناء رعايتك لطفليك وانشغال زوجك.
إن النسبة الأكبر من السيدات اللواتي ترعين أطفالهن تعانين من نفس مشكلتك وأنا أرى أن السبب عائد إلى الزاوية الخطأ التي ننظر إلى الأمر من خلالها:
إن مهمة الأمومة التي تقومين بها والتي تضطرك للبقاء في المنزل هي واحدة من أرقى المهام على الإطلاق لأنها ليست إطعام وإلباس وتنظيف فحسب، بل هي بناء لفرد إنساني قد يكون في يوم من الأيام أحد مجددي الأمة أو أحد أكبر أطباء البلد أو راعي أحد أكبر المشاريع ويا حبذا لو كان إنساناً راقياً تقياً إضافة لكونه فرداً ناجحاً.
ثانياً، إن الفراغ برأي الغالبية لا يمكن ملؤه إلا بعمل وظيفي وهو ما يرفضه معظم الأزواج، وبالتالي فإنهن يستسلمن للأمر الواقع مع عدم الرضا أو يكافحن في شجارات جادة مستمرة لتغيير عقلية الزوج الذي يزداد تشبثاً بفكرته، وما ذلك إلا لأنهن غائبات تماماً عن فكرة أن الفراغ الحقيقي ناتج من ضياع الهدف وليس من عدم وجود فرصة وظيفية. إنني يا عزيزتي مثلك أرعى طفلين وكنت في فترة من الفترات متفرغة في المنزل لذلك إلا أنني لم أعاني يوماً من الأيام من الشعور بالفراغ! ولم أجد في يوم من الأيام وقتاً لشرب فنجان القهوة مع الجارات! كنت أعرف دائماً ما ينبغي عليّ فعله وأعرف طرقاً عديدة توصلني إلى ما أريد وقد يكون منها ما ينفعك:
حفظ القرآن وتعلم التجويد مهارة قد يكون هذا هو الوقت المناسب لك لاكتسابها. وقد تكون هناك علوم كثيرة ومهارات ومواهب تحبينها تنتظرك لتعلمها من شبكة الانترنت أو من الدوائر التي تعنى بذلك في منطقتك. كما أن الكثير من النشاطات المجتمعية لا تجد من يقوم بها ويرحب بها معظم الأزواج فابحثي عما يناسبك.
قد ينفعك أن تحاولي عمل اجتماعات مع صديقاتك القدامى بحيث تخططين لبرنامج مميز يتضمن بعض التثقيف وقراءة كتاب معين أو الخروج إلى مكان يناسب الأطفال ويتسنى لكنّ التحدث والتباحث في أموركن. لا تستسلمي للملل يا كريمة فالمشي جنب الحيطة ليس معناه اليأس، ولا يمنع من السعي للأفضل وللتحسين فاقرئي في التخطيط وتحديد الهدف، واقرئي في طرق الفهم على الزوج وكسب قلبه. وبانتظار متابعتك أدعو لك بالتوفيق....