ابنتي واضطراب الهوية ورفضها للعلاج
تحياتي؛
ابنتي في الخامسة والعشرين، كانت متفوقة في دراستها والآن موظفة متفوقة في عملها.
أتوجه باستنجاد وصرخة الأم المقهورة عليها، فقد صرحت مؤخراً أنها تعاني منذ طفولتها من إحساسها بالرجولة وهي تسكن الآن في الجسم الخطأ، حاولت الارتباط برجال ولكنها على حد قولها فشلت ورفضت تقدم أيٌّ منهم للزواج، شكلها أنثوي وهي تهتم كثيرا بشكلها وجمالها وترفض ما تتشبه به بعض الشاذات بالرجال عن طريق اللباس.
المصيبة العظمى أنها ترفض التدخل النفسي الطبي ولا تعتبر نفسها مريضة وهي تؤمن بالله وتقول أن الله أوجدها بهذه الطريقة، ويجب علينا جميعا أن نتأقلم مع هذا الوضع ناقشتها برأي الدين الصارم تجاه هذا الموضوع ورأي المجتمع لكنها تصر بأن الله هو من وضع فيها هذا الشعور وليس لها ذنب فيه، وبعد ضغط مني أقنعتها بمراجعة الطبيب النفسي ولكنها هددت بأنها إذا وجدت أن هدف الطبيب تغييرها سترفضه بشدة وتخرج من العيادة، إذن ما فائدة ذهابها للطبيب.
لا أدري ما العمل فالموضوع أكبر من طاقتي وتحملي خاصة في حالة رفضها للعلاج علماً بأنه كانت لها علاقات سابقه ببنات باعترافها، كما أنني لا أستطيع التحكم باتصالاتها التليفونية وأنا على يقين أنها لا زالت على اتصال بصديقتها الأخيرة وبكل من يدعم موقفها، والدها جاد جدا وعلاقتهما جافة.
لديها أخت في سن المراهقة طبيعية جدا وأخاف على سمعتها إن افتضح الأمر. أنقذوا ابنتي وأنقذوا عائلتي أرجوكم فأنا أعيش في كابوس مرعب فهي ترفض العلاج.
4/8/2010
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
سيدتي الفاضلة، رمضان مبارك وشهر كريم....
من العبارات الني وردت في رسالتك كما هي دون تغيير.........
(فقد صرحت مؤخراً أنها تعاني منذ طفولتها من إحساسها بالرجولة وهي تسكن الآن في الجسم الخطأ، حاولت الارتباط برجال ولكنها على حد قولها فشلت ورفضت تقدم أي منهم للزواج)
(شكلها أنثوي وهي تهتم كثيرا بشكلها وجمالها وترفض ما تتشبه به بعض الشاذات بالرجال عن طريق اللباس)
(ولا تعتبر نفسها مريضة وهي تؤمن بالله وتقول أن الله أوجدها بهذه الطريقة، ويجب علينا جميعا أن نتأقلم)
(تصر بأن الله هو من وضع فيها هذا الشعور وليس لها ذنب فيه)
(وبعد ضغط مني أقنعتها بمراجعة الطبيب النفسي ولكنها هددت بأنها إذا وجدت أن هدف الطبيب تغييرها سترفضه بشدة وتخرج من العيادة إذن ما فائدة ذهابها للطبيب)
(كانت لها علاقات سابقه ببنات باعترافها)
(أنها لا زالت على اتصال بصديقتها الأخيرة وبكل من يدعم موقفها)
السيدة الفاضلة..... فعلا أنت والأسرة في موقف حرج.. وأزمة حقيقية..
سيدتي........ برغم تهديد ابنتك (بأنها إذا وجدت أن هدف الطبيب تغييرها سترفضه بشدة وتخرج من العيادة)....هل ذهبت إلى الطبيب أم لا؟
هل لها إخوة ذكور؟.... هل كانت في طفولتها تعزف عن اللعب مع الأطفال الإناث وتميل وتلعب مع الأطفال الذكور سواء كانوا من الأهل أو الآخرين؟... إن لم يكن لها إخوة هل كانت لديك وأبوها رغبة بأن تكون ابنتك ولد؟........
الرسالة تشير إلى أن ابنتك لديها إحساس بالرجولة (صرحت مؤخراً أنها تعاني منذ طفولتها من إحساسها بالرجولة وهي تسكن الآن في الجسم الخطأ)...... فهي غير راضية وغير مقتنعة عن جنسها الجسدي (وهي تسكن الآن في الجسم الخطأ)، لأنها تشعر بأنها رجل بينما جسدها جسد أنثى، قد بدأ إحساسها بالرجولة منذ الطفولة وظلت هذه الأحاسيس حتى بلغت الخامسة والعشرين، وكما أشرت في الرسالة بأنها ترفض العلاج وأنها لا ترى أن هناك مرضا وأن الله أوجدها بهذا الإحساس (ولا تعتبر نفسها مريضة وهي تؤمن بالله وتقول أن الله أوجدها بهذه الطريقة، ويجب علينا جميعا أن نتأقلم مع هذا الوضع).
عزيزتي............. باختصار فإن ابنتك تعاني من حالة من عدم الارتياح والقلق حول نوع الجنس الذي ولدت به.
ببدو واضحا من العبارات أننا أمام اضطراب الهوية الجنسية, والذي بدأ في الظهور في مرحلة مبكرة من الطفولة. وكما ذكرتِ فإن هذا الاضطراب بدأ مع ابنتك منذ السنوات الأولى لطفولتها.
ويتميز هذا الاضطراب بضيق دائم وشديد بشأن الجنس الحقيقي أو الفعلي، ورغبة في الانتماء للجنس المغاير (المقابل) والانشغال الدائم بالملابس والنشاطات للجنس المغاير أو كليهما ورفض الجنس الحقيقي أو الفعلي.... بمعنى بسيط.... رغبة البنت أن تكون ذكرا, ورغبة الذكر أن يكون أنثى........ وتظهر هذه الحالة أثناء سنوات ما قبل المدرسة وتشخص قبل مرحلة البلوغ في الجنسين.
ويبدأ هذا الاضطراب عادة منذ سن مبكرة، من عمر سنتين إلى أربع سنين. هذا الاضطراب يكون أكثر في الأولاد منه في البنات، حيث يبدأ الولد بأنواع من اللعب وهوايات تمارسها البنت وارتداء ملابس البنات أو النساء، إضافة لتقليده لحركات البنات والاهتمام بمظهر شعره وثيابه وكذا مشاركة البنات في اللعب معهن. والبنت التي تعاني من هذه الاضطراب تلبس ملابس الذكور وتلعب مع الأولاد وتبدي اهتماما بالرياضة الجسدية الخشنة والعراك مع الأولاد، كما أنها لا تبدي اهتماما بألعاب البنات مثل العروسة.
الولد يتعرض للسخرية والنبذ الاجتماعي من الآخرين قبل البلوغ وقد يقل السلوك الأنثوي كثيرا أثناء بدايات المراهقة. وكذلك البنت تتعرض للسخرية والنبذ الاجتماعي من الآخرين قبل البلوغ, إلا أن الأغلبية من البنات تقلل من هذه السلوكيات عندما يقتربن من المراهقة، ولكن بعضهن يحتفظن بهوية الذكور وقد يتابعن التوجه باشتهاء الجنس المماثل. ولكن قليلات جدا منهن يبدون الرغبة في التحول الجنسي.
وسوف أُلخصُ لك تشخيص "اضطراب الهوية الجنسية" بأسلوب بسيط كالتالي:
0 رغبة عامة ودائمة عند الطفل للتحول إلى الجنس المقابل للجنس الحقيقي (أو الإصرار على الانتماء إلى الجنس المغاير) قبل الدخول في مرحلة البلوغ
0 رفض شديد لسلوك أو صفات أو ملابس الجنس الحقيقي أو لهما جميعا، وتظهر أثناء سنوات ما قبل المدرسة
0 رفض للأجزاء التشريحية الخاصة بالجنس الحقيقي من الجنسين
0 نادرا ما يصاحب اضطراب الهوية الجنسية رفض مستديم للأعضاء التشريحية الخاصة بالجنس الحقيقي، فالبنت تتبول وهي واقفة وتؤكد أن لديها قضيب، أو أنه سينمو لها قضيب وأن لا ينمو لها أثداء أو تكون لديها دورة شهرية
ففي حالة ابنتك..... لم تذكرِ في الرسالة أن ابنتك منذ طفولتها لها رغبة أو إصرار على التحول إلى الجنس المقابل للجنس الحقيقي. وكما يبدو أن ابنتك ظل إحساسها بالرجولة منذ طفولتها وحتى الآن, بمعنى آخر أنه كانت لديها رغبة بأن تكون ولد.
لا أستطيع أن أجزم بأن ابنتك كانت تلبس ثياب الأطفال الذكور أو كانت على احتكاك دائم بالأطفال الذكور والعزوف عن اللعب مع الأطفال الإناث في طفولتها.....
سيدتي... أنت لم تشيري إلى ذلك..... أيضا هناك نقاط لها أهمية مثل الرفض للأجزاء التشريحية الخاصة بالجنس أو عن ضيق دائم وعدم رضا من دورة الحيض عندما بلغتِ المحيض لابنتك. أي أن هناك أعراضا أخرى يجب أن تترافق مع الرغبة أو الإصرار, ومنها:
0 الإقرار بالرغبة في أن يكون من الجنس الآخر (فتاة تقر بأنها ولد أو العكس)
0 التصرف غالبًا كفرد من الجنس الآخر (فتاة تتصرف بأنها ولد أو العكس)
0 أو الرغبة في أن يعاملها الآخرون كفرد من الجنس المغاير،
0 أو القناعة التامة بأنها تتمي للجنس المغاير وتشعر بمشاعره
يبدو أن ابنتك لم تصرح بشيء من ذلك أو لم تلحظوا ذلك.
سيدتي؛ هذا ما يطلق عليه "اضطراب الهوية الجنسية". الذي بدأ في طفولتها. واحتفظت بهوية الذكر منذ الطفولة مروراً بالمراهقة حتى الرشد. وبعض ممن يعانين من هذا الاضطراب قد ينتهي الأمر بهن بالتوجه باشتهاء الجنس المماثل. وهذه ما حدث بالضبط لابنتك (كانت لها علاقات سابقه ببنات باعترافها) و(أنها لا زالت على اتصال بصديقتها الأخيرة وبكل من يدعم موقفها).
المثير في الرسالة...... أن ابنتك ترفض التشبه بالرجال أو لبس المتشبهات بالرجال (وترفض ما تتشبه به بعض الشاذات بالرجال عن طريق اللباس), وإنها تهتم بجسمها وبأنوثتها (وهي تهتم كثيرا بشكلها وجمالها), وإحساسها بأنها رجل ولها علاقات ببنات واتصال بصديقات، وتظهر الرسالة بأنها تميل جنسيًّا للإناث ولم تطلب التحول إلى رجل... هذا قد يقودنا لتساؤل ألا وهو هل الدافع لسلوك ابنتك أمرًا آخر تمامًا، ربما ترى مثلاً أن الرجل أفضل حالاً من النساء، وقد يكون الأمر متعلقًا بشذوذ جنسي (الجنسية المثلية) مثل السحاق (الأنثى التي تلعب دور الذكر), أو أنها تعرضت لتحرش جنسي في طفولتها وربما لا تذكر عن ذلك شيئًا.
وهناك أسباب كثيرة تتعلق بالأسرة والتربية مثل التدليل الزائد للأبناء وضعف الرقابة الأسرية والتفكك الأسرى أو يعمل الأهل على تشجيع سلوك جنسي لا يتوافق مع جنس الطفل لهويته الجنسية.
أنت لم تذكري الكثير عن ابنتك، لا عن تربيتها ولا عن سلوكها أو ميولها.....
ابنتك لا ترغب بالعلاج وترفض الذهاب إلى الطبيب بحجة أنها لا تريد أن تغير ما خلقه الله، بمعنى أنها تريد أن يكون حالها كما هو عليه, لأنها لا تدرك أن هذه الحالة تشكل حالة مرضية ويمكن التعامل معها إذا أبدى المريض رغبة في العلاج....
وأريد أن أوضح لك يا سيدتي بأن اضطراب الهوية الجنسية (مرض الرغبة في التحول الجنسي Transsexualism ) إنه الرغبة الملحة المستمرة الثابتة للتحول إلى الجنس الآخر، والشعور بعدم الارتياح بالانتماء إلى الجنس الذي ولد به والذي حددته أعضاؤه التناسلية وأكدته بعد ذلك المظاهر الجنسية الثانوية.
إن هناك ثلاثة أنواع من اضطراب الهوية الجنسية
1- الرغبة أو الإصرار للتحول إلى الجنس المقابل للجنس الحقيقي (الفعلي) دون أية ميول جنسية
2- الرغبة أو الإصرار للتحول إلى الجنس المقابل للجنس الحقيقي (الفعلي) مع ميول جنسية لنفس الجنس
3- الرغبة أو الإصرار للتحول إلى الجنس المقابل للجنس الحقيقي (الفعلي) مع ميول جنسية للجنس الآخر
فابنتك ليست لها رغبة أو إصرار على التحول إلى الجنس المقابل للجنس برغم إحساسها بالرجولة, ولكن لديها ميول جنسية لبنات جنسها، وأريد أن أكون صادقا يا سيدتي معك بأن الإحساس ليس كافيا لتشخيص حالة ابنتك, وما آلت إليه ظروف ابنتك يدل على أنها تعاني من اضطراب الهوية الجنسية -وحتى وإن لم تكن كثير من الأمور واضحة– وشذوذ جنسي (الجنسية المثلية) – السحاق- (الأنثى التي تلعب دور الذكر)
محاولتك جيدة يا سيدتي أن تأخذي ابنتك إلى المستشفى فهو الأمر المنطقي للمعالجة. وأنصحك أولا قبل الذهاب إلى طبيب نفساني, أن تتوجهي إلى طبيب اختصاصي في الغدد الصماء لعمل فحوصات وتحاليل هرمونية وجينية لإثبات أو نفي وجود أسباب عضوية لما تعانى منه ابنتك. وفي حالة نفي وجود أسباب عضوية أنصحك بالتوجه لطبيب نفساني حتى يتم عمل دراسة نفسية واجتماعية شاملة للابنة.
اقرئي على مجانين:
أنثى تحمل مشاعري ذكوريه
ذكر أم أنثى؟ خلل الهوية والتقصيات الهرمونية
اضطراب الهوية الجنسية
سارة وخلل التناغم والمستشار زعلان
هي والرجولة السجينة
ختاماً، أسأل الله لك التوفيق, وأنا رهن إشارتك
ويتبع >>>>>>>>>>>> : ابنتي واضطراب الهوية ورفضها العلاج م