سلام عليكم أولا؛
أنا دائما ما أزور هذا الموقع وأقرأ مشاكل الناس ولكنني بصراحة لم أتخيل يوماً أن أرسل لكم مشكلتي.
وحتى لا أطيل عليكم، فأنا تخرجت حديثاً من الكلية ومشكلتي هذه عندي منذ الصغر وهي أنني دائماً ما أشعر بأنني سأفشل في أي عمل من قبل أن أعمله، فمثلاً قبل أن أبدأ السنة الدراسية الجديدة أقول لنفسي أنني سأرسب فيهان واظل أفكر إذا ما رسبت فماذا سأفعل، وقد أنهيت سنوات الدراسة الأربعة في الكلية دون رسوب.
والآن أنا أنتظر ولا أعرف هل سأدخل الجيش أم لا؟ والذي يشغلني ليس هو أمر الجيش وإنما ماذا سأعمل بعد ذلك؟ وهل سأنجح في عملي أم لا؟
ودائماً ما أشعر بأنني لا أفهم وأنني سأفشل وهو ما يزعجني من نفسي جداً ويضايقني ويخنقني لدرجة أنني صرت أكره كل شيء في الدنيا.
أنا ولله الحمد أصلى وكويس إلى حد ما، لكن عدم ثقتى هذه بنفسى تضايقني لدرجة لن تستطيع تخيلها.
ارجو من حضرتك أن تخبرني ماذا أفعل؟
وسأكمل لحضرتك، والدي لديه تجارة خاصة وهي ناجحة والحمد لله، ولكنني خائف ألا أستطيع إدارة تلك التجارة وأخاف أن تفشل على يدي.
والثقة بنفسي منعدمة تمااااااااماً، ودائماً ما أرى الأمور السيئة أولاً، ففي الكلية مثلاً قبل ظهور النتيجة أقول لنفسي وللناس أنني سأرسب وأن يعدوا أنفسهم لذلك، وحينما أنجح أشعر بفرحة شديدة ولكن الناس يقولون أنني كاذب، رغم أنني أكون بالفعل متأكداً بأنني سأرسب.
دائماً ما أشعر بأنني فااااااااااااااشل ولن يكون لي فائدة في هذه الحياة، وأنني سأفشل في أي عمل. انا أنا متضايق ومخنوووق جداً ولا أجد حلاً.
أرجو أن تخبرني ماذا افعل؟ فانا أعيش أياماً فظيعة منذ انتهيت من الكلية، ولا أستطيع النوم من كثرة القلق والحزن لأنني سابقى فاشلاً طوال حياتي.
22/8/2010
رد المستشار
الأخ العزيز السيد "شادي" المحترم, عليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛
سوف يسعدني اليوم أن أجيب على استشارتك, ودعني أدخل في صلب الموضوع مباشرة, حيث أنني لا أتوق للانتظار لأبلغك بأنني أتفق تماماً مع كافة زملائك في الكلية الذين يصفونك بـ (الكذاب) لأنك في الواقع تكذب فعلاً... ولكنك تكذب على نفسك هذه المرة!!
فعلى الرغم من أنني وجدت في رسالتك عشرات الأدلة التي تؤكد على أنك إنسان منتج وناجح في حياتك, إلا أنك لا تريد أن ترى أياً من هذه الأدلة, ومازلت تصمم على التمسك بهذه الأفكار السلبية التي لا تمثلك والتي لا تمت إليك بصلة.
دعني أسألك... كم هو عدد المواد التي تجاوزتها بنجاح في كلية الحقوق التي تعد من الكليات المميزة والصعبة؟؟ 60 مادة؟ 50......؟؟ يا سيدي 40؟؟! ألم يكف نجاحك في 40 مادة على الأقل خلال حياتك الجامعية لتعزيز مشاعر الثقة بالنفس لديك؟؟ ألم يكفك.. أنك تخرجت من الكلية في أربع سنوات فقط دون أي سنة رسوب؟؟!! في الوقت الذي قد يقضي فيه غيرك ضعف هذه المدة حتى يتخرج وبدون أن يعتقد أنه فاشل أو فاقد للثقة بالنفس!!
كم أنت ظالم لنفسك يا سيد شادي, وكم أنت قاس في تقييمك لنفسك: (أشعر أننى سأفشل - أنا سأرسب ولا أدري ماذا أفعل – دائما ما أشعرأنني لا أفهم - سأفشل – أنا خائف- خائف من أن أفشل تجارة والدي - الثقة بنفسي منعدمة تماماً!! - أنا فاشل وليس لي أهمية في الدنيا ولن أعرف أن أنجح في عملي وسأفشل- أنا سأبقى فاشلاً في حياتي!!)
هل تعلم لمن هذه الكلمات يا سيد شادي؟؟؟ إنها كلماتك أنت... وهي الكلمات التي شكلت أكثر من 50% من رسالتك, أجل... إنها كلماتك التي قيمت من خلالها نفسك وحكمت عليها بالفشل المحتم!! قررت أنك سوف تفشل في موادك قبل أن ترى النتيجة! وقررت أنك سوف تفشل في إدارة تجارة والدك.. قبل أن تتدرب وتجرب!! قررت إعدام أي شيء إيجابي موجود لديك رغم وجود عشرات الأدلة التي تؤكد ما هو عكس ذلك... بهذا الحوار السلبي مع الذات وهذه التصريحات الغير فعالة والبريئة من الموضوعية.
لقد كتبت إلى الموقع وهذا دليل على توفر إرادة التغيير لديك, وجواباً على استشارتك, فإنني أرى ضرورة في التخلص من هذا الحوار السلبي مع الذات واستبداله بحوار آخر إيجابي فعال ومدعم بأدلة من واقع خبراتك الإيجابية, وهذا سوف يقتضي جمع كافة التصريحات السلبية التي قدمت لك عينة منها, ورميها خارجاً, والبدء بحوار مع الذات من نوع آخر, يكون صادقاً وموضوعياً مثل (أنك شخص ناجح بدليل نجاحك في كافة موادك, بدليل تخرجك بدون رسوب, أنك سوف تنجح في دراساتك العليا وفي إدارة تجارة والدك... بدليل خبرات النجاح السابقة لديك, أنك شخص تستحق الاحترام والتقدير لأنك إنسان ناجح ومنتج, أن خبرات الفشل حتى وإن حدثت, فإنها فرصة ثمينة للتعلم وتجربة سوف تقود إلى المزيد من النمو والنجاح.........) هذا النوع من الحوار الموضوعي والمنصف والذي يعبر عن الذات بشكل صادق, هو ما تحتاجه, وليس هذا الحوار السلبي الذي تقوم بجلد نفسك به بهذا الشكل المؤسف.
وأريدك أن تعلم أننا في ميدان الصحة النفسية نتعامل مع هذه التصريحات على أنها نتيجة لوجود ما نسميه بـ (المعتقدات غير الفعالة أو المختلة وظيفياً) والتي تكون عادة مسؤولة عن تطوير افتراضات غير فعالة تشبه افتراضات الفشل التي تحكم على نفسك بها, والتي تدخل أحياناً صاحبها إلى دائرة الأسى النفسي والقلق والاكتئاب. حيث تستهدف التدخلات العلاجية في مثل هذه الحالات عادة تعديل هذه المعتقدات المختلة واستبدالها بأخرى حقيقة وصادقة وموضوعية.
وفي حال وجدت صعوبة في تحقيق ذلك وحدك, فلست أرى مانعاً من مناقشة مستشارك النفسي في هذا الموضوع, على أن يكون من ذوي الخبرة في الإرشاد أو العلاج المعرفي, وفي حال أردت الاستفسار حول أي جوانب أخرى, فإنني أرجو أن لا تترد بالكتابة إلينا, وسوف يسعدني أن أجيب على كافة تساؤلاتك.
وإلى المزيد من النجاح والتفوق...