مأساة حياتي..!؟
لم أجد أحدا أتحدث معه عن حقيقتي المرة التي لم أجد أحدا يفهمني. أنا فتاة في 17 من عمري بكل صراحة لا يستطيع لساني أن لا يكذب في اليوم ألف كذبة لقد كذبت على أصدقائي ليس لأنني أحب الكذب بل لأنني لو لم أكذب لما أصبحت صديقة أحد لكن لا أستطيع أن أفهم حالي أكره كل العالم أحب نفسي فقط.
أنا إنسانة فاشلة في الحب والصداقة والأخوة والدراسة رسبت سنتين، لم يتحدث معي أي ولد بخصوص حبه لي، لم أتعرف على أي شخص حاولت الانتحار ثلاثة مرات ولكن محاولاتي باءت بالفشل، أحب الصدق ولكن لا أصدق، لا أعرف مالي؟!
أحب الأغاني الحزينة أفرض الصداقة على الناس لكن أنا فعلا فتاة لا أعلم ما أفعل لكن ماذا عسايَ أن أفعل حياتي ملخبطة أنا متحجبة لكنني لا أصلي كلما أجلس وحيدة يؤنبني ضميري كل مرة أقول أنني سأتغير ولكن من دون جدوى الرجاء أن تجد لي حلا وشكرا.
22/10/2010
رد المستشار
كثيراَ ما قلنا أننا كما نفكر نكون، وأننا نحتاج أن نصدق ونؤمن بأنفسنا حتى نتمكن من تحقيق أحلامنا، ولكن المصيبة تكون مفجعة حين يكون التفكير "مريض"، وحين نصدق أنفسنا في تصوراتها البائسة!، فلم يعد هناك مفر من الاعتراف بأن طريقة تفكيرنا هي البوصلة التي تحدد لأين سيكون المصير، فأفكارنا تؤثر مباشرة على مشاعرنا ومشاعرنا تؤثر على تصرفاتنا وبالتالي تؤثر على النتائج، لذلك حين تفكرين أنك تحققين لنفسك وجود بألف كذبة لابد وان تكذبيها، وأن البشر لا يقتربون إلا من الكذاب المنافق، وانك لا تستحقين أي خير لأنك كذابة لا تصلين رغم حجابك وأنك ضائعة.... الخ كيف ستشعرين؟، هل ستشعرين أن الصدق هو الأبقى؟، هل ستشعرين أنك تستحقين الحب؟، هل ستشعرين أنك شخص محترم؟!!،
بالطبع لا، لذا تأتي تصرفاتك متناسبة مع مشاعرك التي تحرقك كل لحظة، فتخرجين بنتيجة واحدة وهي أنك لا تستحقين حب ولا خير ولا صداقة فتكون النتيجة محاولات انتحار تتكرر، فلتفيقي من غيبوبتك وغيابك في أفكار غير حقيقية، لا ينتج عنها ضحايا غيرك، ولتذكّري نفسك دوماَ بالآتي: سيظل حتى قيام الساعة الصدق هو الأبقى، وستظل الحياة لا تأتي على لون واحد، وسيظل البشر مختلفون في تربيتهم وثقافتهم وطريقة تفكيرهم وميلهم لبشر آخرين، فما يؤخذ بالزيف والتصنع لن يدوم ولن يسعد صاحبه وهو ما وصلتي له يا ابنتي، فأراك تبحثين دوماَ خارج نفسك وتتلصصين على الراحة فيما سواها حتى لو اضطررت لسحق كل ما بداخلك لتطلي برأسك خارجها!، فلتعودي مرة أخرى لدائرتك الشخصية، وتحترمي نفسك وتقدريها وتجعلي هدفك الأول هو الرعاية بها والرفق بها وتهذيبها لتقفي على أرض ثابتة تعينك على التواصل مع الآخرين، وسأعينك ببعض النقاط لتعيها:
* أنت لازلت في بدايات مرحلة المراهقة؛ حيث يمر الإنسان فيها بالكثير من التخبط والصراعات وإعادة التفكير والتقييم في كل ما يحيط به من بشر ،وعلاقات، ومفاهيم، وعقائد، فجزء من معاناتك في مساحة طبيعية.
* رغم أن معظم المشكلات النفسية والاضطرابات تظهر بوضوح في بدايات المراهقة إلا أنني لست قلقة عليك، فأنت لم تذكري أنك كذبك مثلاَ دون إرادة منك، وكذلك أرسلت لنا لتعيني نفسك على السير في الطريق الصحيح، ولكن عليك أن تستحضري عزمك وإرادتك لتكوني ما تريديه لنفسك وهذا سيتطلب منك وقت وجهد ومقاومة، فالاستقرار والسعادة لا تهبط علينا من السماء ولكن نبذل لهما الجهد لنحصل عليهما.
* واجبك الآن وفوراَ هو أن "تنهلي" من كل ما يطورك ويجعلك أكثر فهما ونضجا، فلتلتحقي بدورات متخصصة في العلاقات والتواصل، وتزيدي من قراءاتك، وتجعلي لنفسك نشاطاَ اجتماعياَ ولتقتربي برفق من الله سبحانه لتتعرفي عليه وتحبيه فترجو رضاه عن بينه وثقة، ولترسمي ملامح للشخصية التي تريدي أن تكوني عليها وتحددي أهدافاَ للوصول إليها بقناعة وبمحاكاة وبالانخراط وسط أشخاص يتميزون بما تريدي أن تكوني عليه، ولتتدربي على أمرين لا فصال فيهما:
الأول أن تغيري من طريقة حديثك لنفسك وسيحدث كما أوضحت بأن تغيري الأفكار الخطأ بالأفكار الصحيحة، وأن تشجعي نفسك وتطمئنيها بأنها ستكون أفضل، وتكافئيها ولا مانع من معاقبتها بنضوج حين تخطيء؛ لأن الأمر ليس سهلاَ، فالتدرب على حب أنفسنا بعد صراع طويل لم نتعلم فيه سوى كرهها لن يكون سهلاَ ولكنه ليس مستحيلاَ أيضاَ؛
والثاني: أن تتذكري أن رضا وحب كل الناس لك ليس هدفاَ من الأساس، فهو هدف غير قابل للتحقق، ولو عاندت الواقع وظللت على هذا العند فلن تجني سوى التنازل عن شخصيتك فتجدي نفسك لا ترفضي شيئا ولا تعبري عن رأيك المخالف، ولن تأخذي موقف حاسم مع أحد حين يتطلب الأمر ذلك؛ فتزداد معاناتك وقلة راحتك، فالطيور على أشكالها تقع، وجعلنا الله سبحانه مختلفين ليحدث بيننا تكامل وتنوع ويزداد الجذب، وكلما وثقنا مما اخترناه لأنفسنا وكلما زدنا يقينا بالقيم التي نؤمن بها؛ كلما زاد الاستقرار وزاد الحب والاحترام لذواتنا وبالتالي كلما جنينا حب واحترام الآخرين لنا، فلا تتعجلي فكل من ترينه ذو شخصية محترمة لها ملامح وثقل لم يحصل عليها في جلسة، ولم يحققها دون مرات عديدة من الفشل والسقوط، ولكن الفرق بين الناجحين والفاشلين هي "الإرادة" و"الدأب" على تحقيق ما نتمناه، كوني قوية وخذي نفساَ عميقاَ لتبدئي مشوار حياتك التي ستفيض بالنجاح والحب والصداقة حين تبذلين الجهد أولا مع نفسك، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز" صدقت يا رسول الله.