أعراض حقيقية أم وهم؟
السلام عليكم؛ أود أن أسرد لكم مشكلتي شاكرة لكم تعاونكم وحسن إصغائكم وسعة صدوركم.
لا أدري من أي جزء أبدأ وبأي ترتيب أسرد لكم مشكلتي. عمري 26 متزوجة وعندي ولدين طولي 158 وزني 48 نشأت في أسرة ملتزمة لدرجة التشدد في بعض الجوانب فليس كل شيء مسموح وأنا ابنه من الزوجة الثانية لأبي ولي من أبي وأمي أخت تصغرني بـ 4 سنوات وأخ يصغرني بـ 19 عاما.... نشأنا فتاتين وحيدتين أنا وأختي لم نحيا حياة العائلة العادية. شخصية أمي المطيعة لكل أوامر أبي دون ملامح أو سمات، وللتوضيح أمي أصغر من أبي بـ 29 عاما.
لم أشعر بتعويض لمشاعر وحنان الأبوة المفقودة أو حتى مشاعر وحنان الأم لا أقول إنها أم غير جيدة، ولكن كان لترتيب أولوياتها دوما المحافظة على تعليمات أبي، وعدم مخالفته، وترتيب كل أموره ومتطلباته. لا أدري ما هو ترتيبنا في سلم الأولويات عندهما.
كنت فتاة ثقتها بنفسها ضعيفة ومهزوزة أخاف من كل شيء. ينقصني من الجرأة الكثير. كنت ولا زلت على هذه الحال رغم تغير ظروف حياتي الآن بعد زواجي!! فزوجي منحني الحرية والثقة التي لم أعرف طعمها سابقا لكن يبدو أنني أجهل استغلالها فبقيت متقوقعة على نفسي وأخشى الانطلاق.
كنت أول فتاة تدخل الجامعة في عائلتي طبعا شرط أن يكون تخصصي الشريعة مع إلزامي بغطاء الوجه حتى هذا لم يكفي! فبعد عدة أشهر من دخولي الجامعة بدأ الضغط علي كي أوافق على أن أخطب لأحد من يتقدمون لي مع أن مواصفاتهم كانت عادية، وأنا لازلت صغيرة، وكأني هم، ويجب أن يرتاح مني أبي!!... وأحمد الله أني نجوت من أكثر من زيجة كدت أتورط فيها بسبب ذلك الضغط حتى استجبت لأحدها أخيرا لكنه من ساقه الله لي في النهاية وإن كان عن طريق ضغوطات أهلي.
تزوجت بعد إنهاء السنة الثانية من الجامعة، وتابعت دراستي مع الزواج، بدت ملامح مشكلتي إن لم أخطئ التقدير في السنة الأولى من الجامعة، بدأت أشعر بنوبات من الخوف ودقات القلب المتسارعة والشعور بعدم السيطرة والإحساس باقتراب الإغماء.
أبي لم يكن يعير الجوانب الصحية الكثير من الاهتمام فنادرا ما كنا نتردد على الأطباء، لكن في ذات مرة وأنا في السنة الأولى أصابتني تلك الحالة، وأنا في الجامعة، يومها حضر والديّ وأخذاني إلى المستشفى، وقاموا بإجراء الفحوصات وتخطيط القلب، والنتيجة كانت زيادة في دقات القلب. وأعطاني الطبيب انديرال وطلب مني الذهاب لأخصائي القلب للاطمئنان، وأخذتني أمي بعدها إلى طبيب قلب، وقام بعمل تصوير ايكو وتبين أن كل شيء سليم. بعدها كانت تصيبني من فترة لأخرى تلك الحالة، وأقلق ولا نام جيدا!!
بعدها خطبت وتزوجت، وكانت تأتي لكن بفترات متباعدة. زرت خلالها قسم الطوارئ أكثر من مرة، وكالعادة لا يوجد شيء.
الجانب الآخر من مشكلتي الآن تتطور مع السنوات واتخذ شكلا جديدا من المعاناة، ولست متأكدة من ترابط تشخيصي له من أنه بسبب الحالة السابقة أم أنه عرض لمرض عضوي حقيقي؟؟
تصيبني من فترة لأخرى أعراض مختلفة وأهرع إلى الاختصاصيين، وأقوم بالتحاليل دون أن يظهر شيء آخر.
مرة ذهبت قبل 3 أشهر إلى طبيب قلب، وأجريت تخطيطا بسبب التسارع وارتفاع في ضغط الدم الذي يصل إلى 140-90 وغالبا يكون السفلي هو المرتفع، لكنه بنظر الطبيب غير طبيعي لمن هم في مثل سني... قام بعمل تصوير ايكو للقلب، وكان سليما، ثم طلب مني وضع جهاز هولتر، لكن زوجي بعدها لم يرد إكمال هذا الأمر لأنه يرى أنني لست بحاجة إليه وأن كل ما يحصل لي هو تداعيات نفسيه لا أكثر.
وقلت في نفسي ربما يكون ذلك صحيحا لأنني لمست ذلك من نظرات الطبيب وأسئلته لي من أنه متحير في أمري لكنني لا زلت أخاف، خاصة وأنه تأتيني في بعض الأحيان ومن وقت سابق أيضا شعور بضربه قويه في القلب وكأنه سيخرج من صدري فأنتفض من شدتها بعدها أشعر بخوف شديد، وتسارع كبير ثم يهدأ كل شيء تدريجيا... لكن هذا يأتي بشكل مفاجئ ومن دون سبب أو تفكير سلبي حتى إنني لا أتناول القهوة أو المنبهات التي من الممكن أن تكون سببا لمثل هذه الحالات.
طبعا لكم أن تتصوروا كم أنا مهووسة بأي عرض يصيبني، وأهرع إلى جهاز الكمبيوتر، وأظل أبحث في المواقع عن تشخيص لما أشعر به علني أطمئن في داخل عقلي صراعات منهكة لما يحدث لي، ومما أقرأه وأبحث فيه وجهاز ضغط الدم لا يفارقني وأقيسه عشرات المرات في اليوم، وهناك تذبذب واضح في قراءاته.
صرت أخجل من زوجي من كثرة زياراتي للأطباء من كافة التخصصات. صدقوني أحيانا أشعر أنني يجب أن أذكر الكثير من التفاصيل وأظن أن الطبيب غافل عنها، وقد يتسبب هذا في عدم اكتشاف مرض قد يكون خطيرا.
تصيبني حالات من الإمساك والإسهال في كل فترة ولاحظت مرتين وجود مخاط ودم مع أنني قمت بإجراء تحليل 3 مرات وكان سليما، وأعاني من فترة من نقص في مخزون الحديد رغم أن قوة دمي طبيعية، وهذا الأمر يخيفني لأنه حسب ثقافتي التي اعتبرها قاتله عبر النت، فإن نقص الحديد عرض لمرض، وليس مرضا بحد ذاته.
كما أن الضربة التي أشعر بها قد تكون خوارج انقباض لكنها تكون حميدة إذا ما كانت أذينية بينما إن كانت بطينية فهذا أمر خطير. فكيف لي أن أعلم أنني أعاني من أيهما؟ خاصة أنني لم أجري الفحص الذي طلبه الطبيب، وحتى إنها لا تصيبني دائما وقد تمر شهور ولا أشعر بوجودها حتى لو قمت بإجرائه!!
أنا أسيرة لأفكاري وأعراضي ولا أستمتع بحياتي أبدا رغم أن الكل حولي يحسدونني على حياتي وزوجي الذي يعطيني الحرية لأقوم بما أريد.
أحرم نفسي من الكثير وأخيب أمل زوجي بسبب خوفي من الخروج والتجربة، وأشعر بالتعب بعد كل مشوار أقوم به خارج البيت، وأتوتر وأتمنى أن أعود سريعا خاصة عندما أكون في مكان واسع كالسوق أو مكان مزدحم أشعر بأنني سأسقط....
تصيبني أحيانا حالات من الشجاعة فأخرج وحدي بالسيارة وأقودها وأعود لكنه كالحلم أستيقظ منه لأعود إلى حالي.
نسيت أن أخبركم أنني ذهبت إلى طبيب نفسي -قبل 4 سنوات- من أشهر الأطباء في بلدنا لكن أنا وزوجي لم نرتح له أبدا! لم يكن يعطيني الوقت الكافي، وفي كل زيارة كان لا يمنحني أكثر من 3 دقائق ليقوم بإعادة كتابة الدواء. وأنا أشعر أنني بحاجة لأعبر عما بداخلي فيقول لي (انتهينا من هذا) بعدها لم يعد زوجي يقتنع بفكرة الأطباء النفسيين، وصرت أجد حرجا كبيرا عندما أريد فتح هذا الأمر معه فهو يرى أن التغيير يجب أن يكون من إرادة بداخلي.
الآن أشعر أن ناقوس الخطر اقترب باقتراب موعد سفرنا إلى ماليزيا ليكمل زوجي دراساته العليا مع تشوقي للسفر لأول مرة في حياتي ورغبتي في التجارب التي أرى صديقاتي مررن بها إلا أنني أرى أن ذلك قد يكون كابوسا لي ولعائلتي من جانب آخر، فماذا سيصنع بي زوجي إذا أصابتني تلك الحالات وإلى أين ومن سيكون بجانبي هناك؟؟ أظن أن الخوف سيكون أضعافا وتأثير ذلك سيكون مريرا على نفسي وأولادي خاصة أن ابني ذي ال 6 أعوام الآن يملك نفس ملامح شخصيتي الخائفة المترددة من كل جديد ومجهول وأي شخص لا يعرفه!!!
هل ما أعانيه أعراض حقيقية أم إنه القلق والهلع والرهاب؟ وما الذي يؤكد لي ذلك؟ قد أصدق لبرهة لكن ذلك يزول بعدها وأعود لدائرة الشك والخوف وتسارع الضربة القوية في القلب ارتعاش وبرودة شديدة في الأطراف الغثيان أحيانا والإحساس بعدم التوازن!!
أشعر أنني لا أستحق أن أكون أمًا لهؤلاء الأطفال الرائعين. أنا مقصرة كثيرا في حقهم وحق زوجي الرائع الذي تحملني كثيرا وأخشى أن يصير بي الحال كالراعي الكذاب عندما يصيبني ما هو حقيقي ولا أجد من يعيرني انتباها!
هل تجربة السفر مناسبة لي؟ وما هي التدابير التي يجب أن أتخذها خاصة وأنني لا أملك هناك تأمينا صحيا، ولن يستجيب زوجي لأعراضي المتكررة في حال حدوثها؟ ما هو الحل؟ وهل أنا أتوهم؟ أم أن ما يجري لي عرض خطير؟؟
ربما تعتبرون شخصية زوجي غير مبالية لكنني أتمنى حقا أن أكون مثله. أخاف عليه كثيرا فوق التصور فأنا أعتبره هو من جعلني أرى الحياة، وأعطاني الحرية.
هو مصاب بمرض الاختناق الليلي، ويتوجب عليه أن يضع عندما ينام جهاز لضغط الهواء (سي باب) وعنده ارتفاع في الكولسترول والدهون الثلاثية لكنه لا يقلق ولا يخاف مثلي هو مرتاح البال ولا يشغل نفسه بالتفكير في هذه الأمور!!!
أما أنا فخوفي عليه كبير، وتأتيني الكثير من التخيلات السيئة! قبل أيام ذهبت أخيرا إلى طبيب نفسي جديد، ويبدو أنه صاحب خلق ودين وشرحت له عن حالتي باختصار وليس بكل التفاصيل التي سردتها لكم. أعطاني دواء بيرلكس 10 ملغم والبراناكس 025 وتوفرانيل 25 من قرائتي للنشرات رأيت أنها كلها لنفس المرض فلماذا كل هذه الأدوية ألا يكفي أحدها؟ وبدأت أشعر أحيانا بالنعاس والدوخة وفقدان الشهية!
ساعدوني أنا في أمس الحاجة..
31/03/2011
رد المستشار
الأخت الكريمة؛
دعيني أبدأ معك بجزء من رسالتك لن وهو: أنا أسيرة لأفكاري وأعراضي ولا أستمتع بحياتي أبدا. ويمكننا إعادة صياغتها ب: أنا مريضة نفسياً وأحتاج لعلاج. وليس صحيحا أن تجربتك مع طبيب نفساني كان يجلس معك ثلاثة دقائق تعمم على كل الأطباء.. أنت طريقك للشفاء هو البحث عن معالج نفساني كفؤ وستجدين المئات في كل مكان.
وعلى سبيل البشرى فإنه يوجد في ماليزيا أستاذ جهبذ في العلاج النفسي هو عالم النفس السوداني الأشهر د. مالك بدري ولاشك أنك ستجدين مدرسة علاجية أسسها هناك في ماليزيا.. والشاهد من الكلام أن العلاج موجود وعليك الحرص على تعاطيه.
وأنصح لك بالأتي:
- إنك مصابة باضطراب نفسي.. وهو مرض له علاج متوفر وسيكون للعلاج شِقان أحدهما دوائي والأخر سلوكي معرفي.
- عليك بمحاولة التوقف عن الذهاب لأطباء غير نفسيين لأن ألمك النفسي يأخذ منحى جسدي في التعبير عن نفسه من خلال هذه الأعراض ولا يوجد لديك مرض عضوي.
- ما تشعرين به من قلق وتوتر وكآبة هو جزء من الاضطراب النفسي.. وسيزول أو يخفت مع العلاج.
- إن ما مررت به من خبرات تربوية سيئة في الطفولة والشباب قد أثر عليك.. وأنه له صلة كبيرة باضطرابك النفسي.. ولعل جلسات العلاج السلوكي المعرفي ستخفف من حدة تذكر هذه الأمور.. ولعلها بعد العلاج تتذكرينها كخبرة ماضٍ ولا تجدين في نفسك غضاضة من الحديث عنها بلا ألم.
- لديك مقاومة كبيرة تجاه العلاج الحقيقي.. وأرجو أن لا تجعلي أفكارك ورؤاك الخاصة عائقا أمام العلاج
اقرئي على مجانين:
جسدنة الآلام النفسية إلى عضوية
عصاب القلب: أعراض القلق والاكتئاب الجسدية
أعراض قلق جسدية مزمنة
ألم مفاجئ في الجسد... ليس بدون سبب
القولون العصبي
قلق وامرأة وسيكوسوماتيك!!
السبب: علاج الأعراض وإهمال الأمراض
وتابعينا دائما.... على مجانين....