ثورة العشرين: رغبة، عاطفة، وأساطير
الحمد لله وكفى, والصلاة والسلام على الرسول المجتبى, وعلى من سار بدربه وبسنته اهتدى. الإخوة والأخوات بموقع مجانين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد جزاكم الله خيرا على عملكم ومجهودكم المبذولان في هذا الموقع الرائع, الذي أصبح بالنسبة لي أول موقع أتصفحه على شبكة الإنترنت -جعله الله في ميزان حسناتكم إن شاء الله-, فما أمتعها من لحظات تقضيها مع الردود المنطقية للدكتور وائل أبو هندي, أو مع الفائدة الفقهية التي تكتسبها من أ.رفيف الصباغ, ثم تقرأ لكل من د.داليا مؤمن و أ. أميرة بدران ود. آمنة الشامسي ود.علاء مرسي و د.محمد المهدي فيما أسميه ب(قطف الثمر وصيد الدرر), ثم تتجه للرائع د.أحمد عبد الله الذي أريد أن أقول له: (إني أحبك في الله), وأتمنى أن يرد هو على رسالتي هذه.
أنا شاب لي من العمر أربعة وعشرون خريفا, متخرج حديثا من كلية الهندسة بإحدى الجامعات المرموقة في الوطن العربي -ولله الحمد والمنة-, الوضع المادي والاجتماعي جيد جدا, حياتي الأسرية جيدة ولكنها لا تخلو من المشاكل العادية. من النواحي المهمة في حياتي التي أريد توضيحها -لتداخله في المشكلة- الجانب الجنسي, أحس أني ذا رغبة جنسية شديدة, وذا خيال جنسي شديد منذ بلوغي (كيف عرفت؟!!!), بالمقارنة مع أقراني من خلال المواقف المختلفة, فمرة مرت بنا فتاة ترتدي عباءة ساترة ولكن الفتاة نفسها ممتلئة بعض الشيء فأثارتني جدا وذكرت بعض العبارات التي تدل على ذلك بين رفاقي فتعجبوا, ومرة رأيت شعر إحداهن –وكان جميلا– فأثرت أيضا, باختصار أنا أثار من النساء بشكل شديد حتى أن أصحابي لاحظوا ذلك, وهم الذين نبهوني لذلك.
نأتي الآن إلى مشكلتي, كما قلت سابقا أنا حديث التخرج, في بداية دراستي الجامعية أعجبتني فتاة في نفس دفعتي ولكن في قسم آخر, لم أسعى إلى التعرف إليها, فعلاقتي بها حتى اليوم أقل من سطحية. بصراحة ونظرا إلى تديني إلى حد ما فأنا لم أقم علاقة مع أي فتاة (أرفض الخوض في علاقة لا أعرف كيف تنتهي, أغضب فيها ربي, وألعب بفتاة لا ذنب لها, ثم في الغالب الانفصال).
المهم الآن ها أنا ذا قد تخرجت, وخلال كل هذه السنين ومن خلال المناسبات القليلة التي جمعتني بهذه الفتاة, ومراقبتي لبعض تصرفاتها عرفت الآتي: لديها ذلك الحياء الأنثوي الشديد الذي ظننت أنه اندثر, ذلك الحياء الذي يثير جنونك ويجعلك تريد أن تتقرب منها, على المستوى الديني لا أرى فيها تدينا بالشكل المطلوب (بالنسبة لي), ولكن ومن خلال تعرفي لبعض محيطها وأهلها (ليس عن طريقها بالطبع), أقول أنها من ذلك النوع ليس شديد التدين ولكن ما نطلق عليه بنت ناس (رغم أنها كلمة مطاطة, لكن أتمنى أن تكونوا فهمتم ما أقصد).
مع مرور الزمن أدركت أني أحب هذه الفتاة, لقد وجدت في نفسي مشاعرَ تجاهها لم أجدها في نفسي تجاه فتاة أخرى ممن تعاملت معهم في نطاق الدراسة والنشاطات الجامعية. والآن وبثقة كبيرة أستطيع أن أقول أني أحبها جدا أحبها بشدة, هذا من الناحية العاطفية.
بالنسبة لرغبتي الجنسية الشديدة والخيال الجنسي وعند دخولي الجامعة كان الأمر كمن فتحت لها مغارة على بابا, فتيات رائحات غاديات. تتفاوت الفتيات في مدى الإثارة الجنسية بالنسبة لي, وفي الغالب أني إذا ما قررت الزواج سأتزوج من فتاة تثيرني وتشبعني جنسيا. ستقول لي (what's your point?)حسنا (my point is), تلك الفتاة التي أحبها على المستوى العاطفي بشدة, رغم أنها تمتلك جسدا جميلا إلا أني لا أتخيلها على المستوى الجنسي. (ملحوظة هي تمتلك كل المواصفات الجسدية والشكلية التي أتمناها في زوجتي) ما يحيرني أني لا أشتهيها جنسيا كما أشتهي غيرها من الفتيات مع أنهن يكن أقل جمالا منها, عندما أفكر فيها أفكر فيها عاطفيا فقط, بل وتحقق لي إشباعا عاطفيا شديدا إذا صح هذه التعبير. في الغرب يطلقون على الجنس (making love), أذكر نظرية نفسية قرأتها في مكان ما, أن الرجل لا يمكنه الجمع بين مشاعر الحب والجنس (فهل هذا صحيح؟) قرأت أيضا أن الجنس مع من تحب يكون جميلا بحد لا يوصف.
هناك نقطة أخرى, هي تماثلنا في العمر, فهي من نفس سني, وكلما استشرت أقاربي –الكبار منهم والشباب- يكون ردهم واحد أن الرجل لابد أن يتزوج امرأة أصغر منه بسنوات, فما هو رأيكم. على كل حال أنا مقتنع بها, وحتى الناحية العمرية قررت أنها لا تهمني لتلك الدرجة إذا وجدت الفتاة المناسبة بالنسبة لي, ولكن لا زلت أريد رأيكم في هذه المسألة.
وما أريده أيضا الرد بوضوح على هذه الأسئلة:
1- إذا تزوجتها (إن شاء الله), هل سأستطيع إقامة علاقة جنسية بصورة جيدة معها؟
2- هل ستكون هذه العلاقة مشبعة (بضم الميم وكسر الباء) جنسيا بالنسبة لي؟
3- هل هناك احتمال أن اشتهي غيرها بعد الزواج؟
4- ما هي نصيحتك الشخصية سيدي المستشار في المشكلة ككل؟
لكم مني عميق الشكر والتقدير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
26/3/2010
رد المستشار
أحبك في الذي أحببتيني فيه، وشكرا على ثقتك.
لو أنك تتابع إجاباتي كما تقول فستظهر إجابة لي، أو لعلها تكون قد ظهرت بعنوان "خيالنا وواقعنا الجنسي..."، وفيها حاولت أن أشرح ناحية من الخلل في تصورنا عن العاطفة والجنس، ومن نتائج هذا الخلل ما تشعر به من انفصال بين ميلك العاطفي لتلك الفتاة، ورغبتك الجنسية في غيرها!!
خرافة أن الرجل يهدف للجنس، والمرأة تبحث عن الحب هي تشويه للحقيقة البسيطة، وهي أن كلا من الرجل والمرأة يحتاجان إلى العاطفة، والجنس، وربما تختلف طريقة التعبير، وقدر الحاجة بين رجل وامرأة، كما بين امرأة وامرأة، وسن وآخر، ووقت وغيره، لكن القول بأن كل الرجال في كل وقت وظروف هم مجرد كائنات جنسية، وكل النساء هن مخلوقات عاطفية.. هو الترديد لكلام شائع سخيف لا يستند إلى برهان علمي محترم، وكان من شأنه تشويه علاقتنا بأنفسنا كما فطرها الله، وتشويه العلاقة بين الرجال والنساء، وركام من الالتباسات والأغاليط بطول الكوكب وعرضه!!
إذن أنت شاب في منتصف العشرينات، وهو سن اشتعال الرغبة الجنسية، وتعتقد أنك مختلف عن أقرانك، وهذا أيضا مجرد ظن لم تسنده أبحاث علمية فسيولوجية، أو اختبارات نفسية، أو غير ذلك من أساليب البحث عن أدلة أو براهين!!
وأنت بذهنية الفصل بين العاطفة والجنس تضع زميلتك في جانب من دماغك مخصص للحب، وتضع الرائحات الغاديات في جانب آخر بوصفهن موضوعا للرغبة والشهوة، وتعتقد أنه لا يمكن الجمع بين هذا وذاك، ويعيقك ذلك الاعتقاد عن أن تتصور زميلتك، وهي ستكون زوجتك لو حصل هذا، لا تتخيلها أنت عارية في أحضانك تمارس معها الفعل الجنسي، لأنها في ذهنك موضوعا للعاطفة والرومانسية الجميلة!!!
الملائكية مع "بنت ناس"، أما الجنس فله شأن آخر عندك، مثلما هو عند أغلبية ساحقة منا رجالا ونساءاً، والحصاد تعاسة واضطرابات لا حدود لها مما تحول معها الزواج نفسه إلى منظومة فشل ومعاناة بدلا من أن يكون فرصة استقرار ومودة!!
وعلى خلفية هذا الوضع أجدني لا أملك أدنى قدرة على إجابة تساؤلاتك، لأن الزواج عندنا يا عزيزي صار مجرد رمية نرد كما قلت في إجابة سابقة، وفي رمية النرد لا يمكن التنبؤ بنتائج محسومة، فقط تخمينات!!!
أما نصيحتي في المسألة كلها فأقول لك أن ما لديك عن الفتاة لا يكفي للقول بأنك تحبها، فما وصلك، ويجول في ذهنك هو مجرد صور وانطباعات ومشاعر ذاتية لا تعطي أساسا قويا للارتباط بالزواج، وإن كان الزواج السريع، وعلى غير أساس صار شائعا هو الآخر، وبعده الفشل الذي أندهش ممن يندهشون له!!!
اقترب أكثر، واجمع معلومات أكثر، وانطباعات أقرب، وأعط نفسك فرصة كافية قبل أن تتقدم، وأعط الفتاة الفرصة نفسها لتشعر بك وتفكر فيك، وتقبلك أو ترفضك.
ومسألة فارق السن هي محدد هام يؤخذ في الاعتبار ضمن بقية المشهد والمواصفات، والأصل أن يكون الرجل أنضج وأعقل وأقدر على قيادة علاقة تحب المرأة فيها مهما كانت شخصيتها أن يكون زوجها هو قائدها، وهي ترى في ذلك نوعا من اهتمامه بها، وحبه لها، ومسئوليته عنها، كما ترى في الأمر نوعا من الاطمئنان والاستقرار الذي تتحراه كل امرأة في علاقة زواج ناجحة، والناس تربط بين النضج والقيادة، وبين فارق السن، وهو معيار سليم غالبا، وقاعدة صحيحة في كثير من الأحوال، ولكن الصورة تبدو أوضح حين نراها بإجمال، والله الموفق.