فرط الشعور بالمسؤولية: وسوس يوسوس!
القانون الرباني
السلام عليكم أستاذة رفيف أولا أسجل إعجابي الشديد بك وبما تكتبين فأنا أشعر أنني أمام عقلية نادرة، عقلية موزونة جدا، بارك الله فيك وزادك علما ورزقك الإخلاص...
قرأت الرد ولكن أشعر بحيرة ما بين أن الأذكار تحصننا وبين أن البلاء أيضا مقدر لنا، هل عندما أنسى الأذكار فيقع القدر الذي كتبه الله لي أكون وقتها مقصرة؟ وماذا إن قلتها فأصابني ضرر؟ وهل الجزاء أني نسيت مرة الأذكار أن أصاب بالبلاء؟
الله لا يظلم، الله كريم رحيم حاشاه أن يظلم أحدا فكيف إذن هذا الإشكال الذي أشعر به؟
ولكم الشكر
22/7/2011
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله يا "نوارة"، وشكرًا على مشاعرك الطيبة، وأسأل الله تعالى أن يغفر لي ما لا تعلمين، ويجعلني خيرًا مما تظنين...
لعلك تستفسرين عن قولي في الرد على الاستشارة: (فإذا أراد الله تعالى أن يمضي أمرًا قدّره، أنساك أو شغلك عن الأذكار فوقع القدر!! وإذا أراد الله أمرًا يسر أسبابه).
إن الله تعالى عليم، علمه قديم أزلي، ولا يغيب عنه شيء صغير ولا كبير، فالجهل محال على الله، ولا يليق بالذات الإلهية.
كذلك فإن الله تعالى مريد، أي يتصف بالإرادة، ولا بدّ أنه مريد لكل ما يقع في الكون، لأنه إن لم يكن كذلك، كان هناك أشياء في الكون تقع خارج إرادته، وكان مكرهًا، وهذا أيضًا منافٍ لعظمته، ولا يليق بذاته سبحانه.
فالله تعالى علم بعلمه الكاشف منذ الأزل أن فلانًا من الناس سينسى أذكاره في اليوم الفلاني، وسيزول الدرع الواقي له من البلاء فيصيبه...، وأراد هذا الذي علمه...، ثم لا بدّ أن يقع كما أراد وإلا كان عدم وقوعه نقصًا في قدرته وعلمه وإرادته...
إذن العلم صفة تكشف ما عليه الأشياء وتحيط بها، ولا علاقة لها بالإجبار والظلم، والإرادة تقع على وفق العلم حتى لا يخرج شيء عن إرادته سبحانه، والقدرة توجد الأشياء على وفق الإرادة حتى ينتفي العجز عن الله تعالى. فالله لا يظلم الإنسان حين ينسيه ويقع البلاء عليه، ولا يجبره على النسيان، وإنما يعلم أن هذا سيقع منه، فيقع حسب علمه، حتى لا ينقلب هذا العلم جهلًا...، فهذا هو القضاء والقدر، وهذا معنى أن ما قدره الله تعالى لا بدّ أن يقع.
وأما بالنسبة للإنسان، فإنه لا يحاسب على النسيان، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ))، وبالتالي لا يعاقبه الله تعالى عليه، وليس البلاء جزاء عليه أيضًا. لكن الأذكار والدعاء سبب من أسباب دفع البلاء، إذا ترك- سواء عمدًا أم نسيانًا- فإن البلاء قد يقع لعدم وجود ما يدفعه، فمثلًا: لو تركتُ الباب مفتوحًا، من المحتمل أن يدخل اللص، سواء تركته عمدًا أم سهوًا، ولكني في المرة الأولى أكون مقصرة وفي الثانية لا.
نفس الشيء: إذا تركتُ الدعاء، من المحتمل أن أصاب بالبلاء، سواء تركته عمدًا أم سهوًا، كذلك فإني أنسب إلى التقصير حالة العمد، لا حالة السهو...
فإذا قلتُ الأذكار فقد اتخذتُ الأسباب لدفع البلاء، وتتناسب قوة التحصين مع شدة اليقين والتوجه إلى الله تعالى، فتأثير الأذكار التي يقرؤها الغافل في تحصينه، ليس كتأثير الأذكار التي يقرؤها حاضر القلب.
وعلى هذا يمكن أن يقع البلاء مع التحصين إذا تم مع الغفلة، أو فقدت شروط استجابة الدعاء، كمن يدعو وهو يأكل الحرام، إذ من شروط استجابة الدعاء ألا يكون الداعي آكلًا للحرام.
أرجو أن أكون بهذا قد أجبتك عن سؤالك وأزلت اللبس عما يجول بخاطرك...