هل هو ضعف تأكيد الذات..!؟
أعاني دوما من الخوف من مواجهة الناس وأشعر أني شخص سيئ جدا غير فعال إطلاقا في المجتمع وأشعر بالرفض من الآخرين دوما وأني أقل منهم، أود أن أعرف مميزاتي حتى أستفيد منها أشعر بأني غير جذابة إطلاقا ولا شيء مميز لدي، وأنا الآن أعاني في قصة حب من طرف واحد وأخشى الاقتراب منه حتى لا يرفضني ويراودني أحيانا شعور بأنه يكرهني ولا أعلم لماذا ولم أستطع نسيانه ودوما أسأل نفسي لمَ أنساه؟ وقد تكون هذه فرصتي لأكمل حياتي معه سعيدة، دوما أرتجف عند رؤيته وأحاول الهرب من مواجهته ولا أعلم إن كان هو حقا يشعر بمشاعري تجاهه ويرفضني أم أنني متوهمة أنه يعلم؟
وفي الفترة الأخيرة حاولت أن أبدأ بالسلام عليه ولم أشعر عندها برفضه أو قبوله
أعتذر عن الإطالة، وشكرا
15/12/2011
رد المستشار
ابنتي، لقد وضعت يدك تماماً وبصورة فائقة على حقيقة ما تعانين منه؛ فأنت بالفعل تعيشين "أزمة" ثقة في نفسك وبالطبع القدرة على توكيدك لذاتك، وتوكيد الذات يظهر أكثر ما يكون في مواقف الرفض أو النقد أو عدم الانصياع لرأي آخر؛ أي: تتأكد ذاتك حين ترفضين أمرا "ما" أو تنتقدين موقفا أو فكرة لأحد أصدقائك أو زملائك أو غيرهم ممن يحيطون بك، وكنت أتمنى أن تتحدثي إلى جانب مشاعرك عن المناخ الذي تعيشين فيه وعن طبيعة العلاقة بينك وبين عائلتك وإخوتك وزملائك، ولكن على أية حال سأجيب على سؤالك عن.. كيف تتعرفين على نفسك ومواطن تميزها؟؛
وهذا يتطلب أولاً وقبل التعرف أن "تغيري" نظرتك البشعة وغير المنصفة لنفسك حتى تلين العلاقة بينك وبينها؛ فأنت تجليدها صباح مساء بضعفها، وعجزها، وضياعها، وقبحها..... إلخ، حتى تمكن منك الشعور "المزيف" برفض الناس لك، فهذا الشعور هو شعور مصطنع ومزيف يوجد برأسك وحدك غذيته أنت بتكرارك الكثير لمثل ما قلت لك، فهل تتصورين أن أحد يستطيع أن يقنع أحد أو يجعله يلين له ويتوافق معه وهو يكرهه كره شديد أو دائم اللوم له؟، فكيف ستلين نفسك لك وأنت تفعلين بها كل ذلك؟، فالخطوة الأولى لا محالة، أن "تكُفي" وتتدرجي في تعلم كيفية النظر لنفسك بإنصاف، وأن تتدربي على وقف أي رأي محبط يزيد من ضعفها، وأن تتدرجي في تعلم ممارسة الحوار الإيجابي مع نفسك وتشجيعها، وكل ذلك ليس "نصباً" ليتغير شعورك ولكن كل هذا الجهد فقط لهدم الشعور المصطنع الذي تتضخم وتعملق بداخلك دون وجه حق؛
والخطوة الثانية أن تفهمي وتستوعبي أن وجود بشر تام الصفات والكمال هو الوهم بعينه، وأن من ترنه يُمثّل لك شخصاً ناجحاً واثقاً من نفسه لابد وأن يكون له "زلات" أو مواطن ضعف حتى يكون بشراً ولكن قد تتمكنين من رؤية ذلك أو لا حسب علاقتك بالناس لا أكثر ودرجة القرب منهم؛
والخطوة الثالثة هي أن تعالجي الأفكار الخطأ التي سببت تلك المشاعر المزيفة ونتعرف على الأفكار الخطأ حين نجد تلك الأفكار فيها "تعميم" أو "وجوب"؛ أي حين تجدي نفسك مثلاً تقولين أن كل تصرفاتك تافهة، أو أن كل الرجال خونة، أو أن الشخص الذكي لابد أن يكون متفوق، أو أن الشخص الواثق في نفسه لابد وأن يكون ناجحاً طول الوقت.... إلخ؛ فكل تعميم وكل وجوب يشير لأن الفكرة فيها قدر من الخطأ، أما التعرف على النفس ومواطن قوتها فأتصور أنه يأتي من ثلاث مصادر:
* الأول: سؤال من حولك عما يميزك ويعيبك ولكن، السؤال لابد وأن يكون لأشخاص يحبونك ويفهمونك ويريدون مصلحتك؛ فلا تأخذي رأي من يغير منك مثلاً أو شخص صادق ولكنه لا يعرفك ولا يفهمك، ولابد أن يتوفر فيمن ستسألينهم شرط ضروري جداً لنجاحه فنحن لن نكون سلة لآراء الناس طوال الوقت فلن نخرج بشيء وقد نتحطم أكثر لذا؛ لابد وأن يكون هؤلاء الناس كذلك "متنوعين" بالإضافة لما قلت سابقاً؛ فحتى نقرر أننا سنأخذ هذا العيب في الاعتبار، أو أن نضع تلك الميزة لدينا في الاعتبار؛ يجب أن نكون قد سمعنا تلك الميزة أو هذا العيب من أشخاص مختلفون في حياتنا؛ لأننا في علاقات متنوعة طوال حياتنا فهناك صديق قد يكون أكثر فهماً لي من والدي، وهنا زميلة دراسة جمعتني بها مواقف لن تتوفر في الجيران، وهكذا، فتنوعهم مع تأكيدهم لعيب أو ميزة حينها سيكون له معنى.
* الثاني: التجربة والخطأ؛ فنحن نكتشف أنفسنا حين نخوض تجارب في حياتنا ولن نتعرف على مميزات أو عيوب إلا من خلال المرور بتلك التجارب؛ فنتعلم مثلاً أننا نستطيع العمل مع فريق حين نتطوع، ونتعلم أننا جبناء حين نتعرض لموقف فارق في حياتنا، وحينها نتعرف على قدراتنا لنقوّيها ونفعّلها، ومواطن ضعفنا لنهذبها؛ من خلال أنشطة اجتماعية، تطوعية، ثقافية، ترفيهية، رياضية... إلخ.
* الثالث: العلم؛ فلقد اجتهد علماء أجلّاء في النفس والاجتماع ودرسوا الشخصية وأنماطها وأنواعها وتقسيمها وغيره، فلماذا لا تقرئي في ذلك لتتعرفي أكثر على نمط شخصيتك أو معرفة تصنيفها وعيوبها ومميزاتها؛ مع العلم أنه ليس شرطاً أن يكون كل التوصيف وكل العيوب وكل المميزات التي يتم وضعها بالضرورة أن تكون موجودة تماماً كلها فيك، ولكن هذا العلم يقربنا كثيراً من رؤيتنا ومعرفتنا لأنفسنا.
يبقى أن أؤكد عليك في هذا الأمر: أن كلمة السر ستكون في تغيير نظرتك لنفسك فتتمكني مثلاً من أن تري أنك جادة دراسياً والدليل التحاقك بكلية عملية تحتاج جهد، وأنك ترفضين الضعف وإن كان فيك، وأنك لست مرفوضة بدليل أن الشخص الذي تحدثت عنه لم يتصرف معك بشكل يدل على ذلك وهكذا.
أما ما تحدثت عنه فيما يخص هذا الشخص فهو يحتاج لوقفات سأسردها لك في صورة نقاط لتعيها وتدركيها:
- ليس هناك شيء اسمه حب من طرف واحد!؛ فهذا الوضع اسمه "استنزاف" للمشاعر، وعدم فهم لحقيقة الحب التي لا تستقيم أبداً إلا بالمبادلة بين الحبيبين؛ ثم أريد أن أسألك سؤالاً هل تعرفيه؟؛ ما هي خصاله، ما هي مشكلاته، ما هي حقيقة تحمله للمسئولية المطلوبة للارتباط، هل يحب أخرى، هل هو خاطب، ماذا يريد هو في شريكة حياته؟؟؟، فكيف نحب من لا نتواصل معه على الإطلاق؟، أم هو "احتياج" فطري للحب ووجود شريك فيتم إسقاطه على من تعجبنا ملامحه أو ملابسه؟؟، وحتى تحسمي هذا الأمر فيتوج بالارتباط أو يقف نزف مشاعرك، أقترح عليك المزيد من القرب "المنضبط" لتتعرفي عليه من خلال الدراسة والمواقف الجامعة لكما، أو من خلال الأنشطة العامة التي تجمعكما ثم تقرري فقد يظهر الرفض منك أنت حين تقتربين أو العكس.
- السعادة، قرار ينبع من داخلنا حين نتمكن من أدواته ونستخدم خطط نجاحه فنحصل حينها على السعادة؛ فالسعادة أبداً أبداً لا ترتبط بشخص أو مكان، أو مال، أو موقف؛ فالسعادة قرار، فقد أسير معك في نفس المكان المملوء بالخضرة والمناخ جميل مع حبك لي ووجود مال يجعلنا نأكل ألذ الطعام وأكون أنا حزينة وأنت سعيدة، أليس كذلك؟، فلا توقفي السعادة على أي شيء إلا في رضا الله العظيم عنك وكونه قرار ينبع من داخلك تساعده الأسباب الأخرى التي ذكرتها.
والآن أترك لك مزيداً من الروابط التي تتحدث عن اكتساب الثقة بالنفس والتوكيد وتدريباتهما لتبدئي في الواجب المطلوب منك فوراً الآن وهو "أنت".
التعليق: لعل تجربتي تفيدك:
عانيت من سوء نظرتي لذاتي مما كدر علي صفو حياتي، ولقد بدأت بارسال الاستشارات إلى الموقع منذ 6 سنوات ولقد مررت بعدة مراحل أتمنى أن تفيدكم :
1- محاولة التطبيق على أرض الواقع قبل أن أعي جيدا ماذا علي أن أغير، فقد كنت أفهم رد المستشار فهما سطحيا، وبالتالي باءت محاولاتي بالفشل 2- مرحلة اليأس من التغيير والاستسلام، حتى أرسلت استشارة أخرى ، فأخبرتني الأستاذة أميرة بدران أن مشكلتي هي بنظرتي إلى ذاتي، وهنا دخلت في مرحلة الإنكار، فلم أصدق أن المشكلة في نظرتي لذاتي، ورحت أبرر لنفسي أن مشكلتي منذ صغري بسبب الظروف ولست أتحكم بها، لكني عند مرافبتي الصادقة لنفسي وجدت أن هذه هي المشكلة الحقيقية.
3- مرحلة المجاهدة والتغيير - فكلما أتت فكرة سلبية وأحاور نفسي حوار سلبي، أولا أكون واعيا أنني الآن أهين نفسي، وثانيا أسعى ألى التفكير بأمر آخر .
أتمنى أن أكون قد ساعدتكم بتجربتي