السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أعلم من أين أبدأ بطرح مشكلتي ولا أدري متى بدأت من عهد قريب أو بعيد، كل ما أعرفه أنني لا أشعر بالسعادة وانتهت أيام الفرح والمرح، وأشعر دوماً بالضيق والكآبة، ربما بدأت حالتي تدريجياً لا أعلم ولكن شعرت بها جيداً منذ سنتين وفي أثناء الحمل، لقد كرهت نفسي وكرهت وجودي في الحياة وكرهت العالم، لقد تمنيت الموت مراراً، لم تنتهي حالتي بعد أن ولدت طفلاً بل ازدادت، فأنا لا أشعر بالفرح والسرور وكثيراً ما أضجر من صراخ ولدي... في أيام النفاس كنت مصابة بصدمة الولادة حتى أنني زعلت من طفلي لأنه تسبب في إيلامي أيما إيلام، لم أكن أشتهي الطعام ولا حتى الحديث.
لقد فكرت حينها في الطلاق لكي لا أحمل مرة أخرى واستشرت أمي في الموضوع فوبختني، لقد أصبت بالتأتأة مدة أربعة أشهر، كلماتي مشقلبة وغير مرتبة. دخلت في دوامة النسيان المريع، لا أستطيع التركيز ولا أستوعب بسرعة، كانت نظراتي لمن حولي بلهاء، أسمع ولا أفهم إلا بشق الأنفس، كنت أهز رأسي مجاملة من يتحدث إلي لأني لا أستطيع التركيز، كنت أشعر بأن رأسي كالهواء... شعور غريب وكريه.
تحسنت حالي تدريجياً ولكن الأمر الذي ازداد سوءاً هو الضيق والعصبية وتعكر المزاج، تارة أريد الخروج وفجأة لا أريد، تارة أحب وتارة أكره، كنت أحب القراءة.... الآن أمل منها حتى قراءة القصص الشيقة، فجأة أشعر بأني أريد أن أغلق الكتاب، أعيد الجملة حتى 6 مرات ولا أعي ليس فيها صعوبة ولكني لا أستطيع التركيز، والآن أنا في حيرة من أمري ساءت حالي أصبحت أكره الاستيقاظ من النوم لا شيء مثير، ملل.
لا أريد الشغل في البيت -كسل فظيع- تتكدس الأواني 3 أيام لا لشيء إلا أني أشعر بأني لا أستطيع العمل وكأن يداي موثوقة بكلابيب، أوبخ نفسي، أكره فعلي، لكن لا جدوى الأمر يزداد سوءاً، كنت مثالاً في النظافة والخدمة والآن العكس تماما.
حاولت تغير واقعي لم يفد، مللت من نفسي وأعلم أن زوجي أيضا قد مل.... هم ثقيل، نكد، ضيق، أريد الهروب من واقعي، من حياتي، أنا فاشلة لا يمكنني أن أستمر في حياتي الزوجية، حدثت نفسي بالانفصال رغم أني أعشق زوجي، تفكير غبي أعرف ذلك!، لكن ماذا أفعل حالي لا يطاق، لا أريد أن أظلم زوجي معي فأنا لا أستطيع خدمته أو الاهتمام ببيتي، لقد تمنيت أنني لم أعرفه ولم أتزوج.
الآن أنا أحبه ولا أقوى على تركه، ربما لو أنني لم أتزوج لكنت مرتاحة، على الأقل لا أشعر بالذنب تجاهه، حتى الأمراض الجسدية انهالت علي من مرض لآخر، فقر دم, انخفاض الضغط، القولون، أوجاع الظهر. نظرات زوجي تقتلني، بالتأكيد لا يعجبه حالي.
لجأت للصحة النفسية وصف لي الدكتور كبسولة بروزاك حبة صباحا ومساء، وأيضا زناكس ربع ثم نصف حبة، بعد شهر شعرت بتحسن في بعض الأمور فقط ثم عدت لحالي, داومت عليها قرابة أربعة أشهر -كنت متذبذبة فيها- لقد جعلتني لأبالي بشيء وصرت ثرثارة وجريئة، لكن لم أخرج من حالة الضيق والكسل، تركت العلاج تدريجياً.
أكاد أن أنفجر شعور بالإحباط والملل، لا أريد الخروج من المنزل أعلل ذلك بأني سوف أقوم بالتنظيف لا جدوى، يرغمني زوجي أن أذهب لأهلي لتغير الجو، إذا خرجت لا أريد العودة.... لا أفهم نفسي!!
كنت أبكي كثيراً ولأتفه الأسباب، الآن أحياناً لا أستطيع البكاء رغم شعوري بالقهر ولكن أشعر بالاختناق.
عذراً لم أستطيع ترتيب كلماتي، فكري مشوش.
20/4/2012
رد المستشار
دمعت عيناي وأنا أقرأ إفادتك يا ابنتي، وأعطتني إضاءاتٍ على مناطق ظلمة كثيرة تعيشها مجتمعاتنا، في علاقتها بالأعراض النفسية إذ هم جاهزون لإرجاعها لأي شيء عدا الأسباب النفسية، أقول ذلك يا ابنتي لأن من الواضح أن معاناتك كانت طويلة قبل الذهاب إلى طلب العلاج النفسي، بدأت أعراض الاضطراب الوجداني المتمثل في صورة اكتئاب عليك أثناء الحمل وهو اكتئاب خاص جدا، فلم تطلبي العلاج النفسي منه وإنما صُبِّرْتِ عليها بمقولة أن كل شيء سيتحسن بعد الولادة، ولكنك للأسف لم تتحسني بعد الولادة وإنما ازدادت حالتك سوءا حيث اكتملت أعراض الاكتئاب الجسيم، وأخذت شكل اكتئاب أو ذهان ما بعد الولادة، حيث تبدو الأعراض المعرفية واضحة وكذلك عدم القدرة على التركيز إلى آخر ما وصفت من أعراض.
بعد ذلك بكثير لجأت إلى طلب العلاج من مقدمي الرعاية الصحية في منطقتكم ومن الواضح أنك قابلت أحد المشتغلين بالكيمياء لا بالطب النفسي إذ اقتصر دوره على وصف عقار الفلوكستين في جرعة ربما أكثر من المطلوب فلا أنت استفدت الفائدة المرجوة ولا أنت استطعت تحمل آثار العلاج الجانبية وبالتالي تركت العلاج لأنك لم تشعري بالتحسن المطلوب، وكان من المهم أن يكون تواصل بينك وبين الطبيب المعالج لكي يغير لك العقَّار أو جرعاته أو غير ذلك مما يرى... وهذا الوضع هو أيضًا أحد المناطق المظلمة في مجتمعاتنا مع الأسف فالطبيب النفسي في كثير من الأحيان لا يقوم بدوره كما ينبغي وإنما يسارع إلى وصف العقاقير.
لا أريد أن أظلم أحدا وأنا غير متأكد من خطئه فربما هم أهلك الذين ألحوا عليك بوقف العلاج خوفا من كونه عقَّارا نفسيا وهم كغيرهم من الناس في مجتمعاتنا يرون: أن الأدوية النفسية هي مجرد مسكنات ومنومات، وأن الطب النفسي سيدخلك في الدوامة فاحذري منه.
كل الأفكار التي تتهمين نفسك فيها بالفشل وبالتقصير هي أفكار سلبية عن الذات وعن العلاقة بالآخرين وكلها عوارض اكتئاب إن شاء الله عابرة وبالتالي لا يصح أن تتخذي قرارات من نوع ترك الزوج وغيرها في ذلك الوقت لأنك ستبخسين نفسك حقها مرتين مرة في عدم الحرص على طلب العلاج الناجع ومرة لأنك تفجعين زوجا تحبينه بطلب الطلاق والعياذ بالله.
ربما هي خبرة شخصية لي ولكنني تعلمت أن أصف لحالات اكتئاب ما بعد الولادة أحد العقاقير القديمة من مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة أو ربما استخدمت العلاج بالكهرباء، في حالات الاكتئاب أو الذهان الشديد التالي للولادة خاصة عندما تظهر الأعراض شديدة في الفترة التي تلي الوضع وتكون الحاجة إلى رعاية الطفل بواسطة أمه مطلوبة وبشكل عاجل.
لا أقول أن حالتك تحتاج علاجا كهربيا بالتأكيد وإنما أرى أنك تحتاجين طبيبا نفسانيا يحسن الاستماع إليك ثم يصف لك عقَّاقير أكثر مناسبة لحالتك ويشرح لك كيفية عملها وماذا نتوقع منها ومتى، وإن شاء الله يكون التحسن قريبا فتابعينا.