الاستشارة الأولى
(محمد، طالب، 18 سنة، مصر)
الجبن
ساعات كتير بحس إني جبان، يعني ممكن أسامح في حقي وأقول بدل ما أدخل نفسي في مشاكل أعديها، لحد ما حصل موقف لحد دلوقتي مش عارف إزاي عملت كده، أنا البنت اللي بحبها لسه مارتبطناش بشكل رسمي، مش بمشي معاها في الشارع عشان لسه الموضوع مابقاش رسمي، النهارده كانت ماشية في الشارع قريب مني وبعدين فيه عيال كده كانوا ماشيين في الشارع، أشكال متسولة كده، فجأة واحد فيهم عاكسها، أنا وقفت مكاني كده وبعدين روحتلها قولتلها عملك حاجة قالتلي لا -مش عايزة تقول عشان ما يحصلش مشكلة- بس أنا معملتش حاجة، أنا كنت عايز أضربه بس مش عارف أيه اللي وقفني، المهم إن أنا مش طايق نفسي وحاسس أني غلطت غلطة كبيرة أوي
10/05/2012
الاستشارة الثانية
(هيثم، 28 سنة، مصر)
لماذا؟
سلام عليكم، قد تبدو استشارتي تافهة قليلا بالمقارنة مع الآخرين، ولكن أرجو أن تتفضلوا بالإجابة فأنا متابع للموقع منذ 4 سنوات تقريبا واثق به إلى أقصى درجة، سأحكي قصة شاهدتها منذ 3 أسابيع تقريبا، كنت أنتظر في محطة أتوبيس عادية في القاهرة عائدا من العمل، رأيت سائق سيارة أجرة يتشاحن مع راكبين (فتاتين في العشرينات تقريبا) وبالبلدي بيعلي صوته عليهم إن الأجرة قليلة وإن لازم يدفعوا له أكثر.
الخلاصة أن الموضوع طال وبدأ الناس يتجمعوا متابعين للموقف الذي بدا وكأنه سيزداد سخونة، المهم إن البنتين رفضوا أن يدفعوا أجرة زيادة وسابوه ومشوا بعيد عنه. ركب سيارته وهو يسب ويلعن وينوي أنه ميسيبش حقه، كان واضح عليه أنه ناوي يمشي ورآهم ويقولهم حاجة أو يشتمهم على الأقل، في اللحظة دي بالضبط قررت أني أروح ادفعلو اللي هو عايزه عشان يسيب البنتين في حالهم عشان -والله ده السبب- ما يقولهمش كلمة تجرح حيائهم، خصوصا أنه كان واضح عليه الغضب الشديد بجانب أن البنتين كان شكلهم كما نقول في مصر (ولاد ناس) ويبدو عليهم الأدب والاحترام وأقصى شيء قالته واحدة فيهم للسائق لما صوته علي عليهم "أنت معندكش ذوق" يعني مفيش شتائم أو كلمات مهينة، في اللحظة اللي قررت أني أعمل كده وأنا مقتنع 100% باللي هعمله ده ماذا حدث؟ لا شيء، لا شيء على الإطلاق!
لم أتحرك خطوة واحدة وشفت السائق يقترب من الفتاتين وبعدين وقف بجانبهم وطلع دماغه من الشباك وسبهم في عرضهم وعرض أمهاتهم وسار مبتعدا! قذف المحصنات الغافلات عشان 2 جنيه زيادة! وأنا واقف بتفرج! وماذا فعل الناس؟ ضحكوا وقالوا "يستاهلو"!!! ومشى كل واحد منهم إلى حال سبيله!!
أنا لي بس سؤال أو عدة أسئلة كلها تبدأ بكلمة واحدة "لماذا"؟ لماذا لم أتحرك رغم أني مقتنع باللي هعمله 100% وليس عندي ذرة شك أنه شيء صحيح وأنا مؤمن بيه؟ لماذا انتهك السائق الحرمات والأعراض عشان 2 أو 3 جنيه؟ لماذا ضحك الناس كلهم وكأنه شيء عادي ولو كانت أخت أو زوجة واحد فيهم كان ممكن يقتل السائق بدلا من الضحك؟؟ لماذا هذه الازدواجية الخارقة؟؟ لماذا لم أستطع الدفاع عما أؤمن به؟؟ لماذا أصابني الشلل ووقفت متفرج على هذا الجنون وهذا الذل اللي أصاب البنتين؟؟ رغم مرور 3 أسابيع أنا لم أنس هذا الموقف وأرجو تفسير أو على الأقل رأيكم فيما حدث.
10/05/2012
رد المستشار
منذ فترة طويلة لم أجب على أكثر من رسالة في إجابة واحدة، ولكن تصادف أن هاتين الرسالتين تستحقان القراءة معا، والإجابة معا!!!
أود أن أتناول في إجابتي هذه عيبا خطيرا وشائعا في التنشئة الأسرية والاجتماعية مما ينعكس على حياتنا، ويؤثر تأثيرا فادحا، ثم كيف يمكن إعادة بناء وتصحيح ما تصدع، أو تشوه فينا؟!!
أنا أشرف حاليا على طالبة ماجستير تعتزم أن تدرس في بحثها لنيل الدرجة موضوع الإساءة البدنية، وآثار ذلك نفسيا فيما بعد!!
وأنواع الإساءة إلى الأطفال متعددة منها الإهمال، وسوء التعامل العاطفي، والإساءة البدنية (العنف بأشكاله)، والإساءة الجنسية، وبقية أشكال التعامل المختل مع الأطفال!!! وأنبه أن التدليل الزائد هو نوع من الإساءة أيضا، ونوع من إفساد النمو الطبيعي لشخصية الطفل، ونضجه الصحي المنتظر!!
دعني أنقل مترجما هذا المقطع من أوراق الأعمال التحضيرية لهذه الرسالة الجامعية التي في طور الإعداد:
"حين تحصل الإساءة إلى الطفل (بأنواعها) تصلهم رسالة واضحة ممن يسئ إليهم، من قبيل: أنت بلا قيمة، ولا تستحق / تستحقين التقدير!!!
ورغم أن هذه الرسائل ليست صحيحة، ولا منطقية، ولا موضوعية إلا أن الصغار يقبلونها من الكبار البالغين (الأكثر دراية، وإدراكا!!!)، ويتم استبطان هذه المعاني المشوهة الهادمة بداخل نفوس الأطفال حتى إذا كبروا سيظلون يشعرون بتدني الشعور بالقيمة، والثقة الضعيفة أو المنعدمة في أنفسهم!! انتهى النقل.
هل تخلو حياة أحدنا من إساءة المعاملة؟! أم نحن جميعا نعيش في ملكوت وبيئة انتهاك براءة ونمو الأطفال بمختلف أنواع الإساءة، والانتهاك!!
عملية بناء الذات والخبرات، والنمو النفسي والروحي عندنا تكتنفها معوقات وقيود وعقبات يمكنكم رؤيتها بسهولة، وأغلبنا عاشها ويعيشها، بل ويمارسها حين يأتي عليه الدور ليشارك بنصيب في تكوين البشر، وصناعة المعاني!!!
لا أريد أن أشتت تركيزي ولا تركيزكم في الإجابة على سؤال: لماذا انتهك السائق الحرمات والأعراض، أو لماذا ضحك الناس؟! ولا قفزة من قبيل واحد فيهم كان ممكن يقتل السائق بدلا من الضحك؟!
ببساطة ضعف الثقة بالنفس، وغياب اللياقة، والمسئولية الجماعية، وخيال من قبيل أن عقاب العدوان اللفظي هو القتل!!!
هذه الاعتلالات التي تبدو متنوعة جذورها متقاربة تكمن في تمرير أسلوب معين في التنشئة والتعامل، أسلوب لا يحترم الفطرة ولا الإنسانية، ويهدر كرامة الإنسان، واحترام الآدمية بدرجات، سواء بغفلة أو تغافل، بحسن نية، أو بسوء أدب!!! ولا أستطيع هنا أن أختصر كلامي تحت كلمات من قبيل غياب الأخلاق، وضعف الدين، واسطوانات مشروخة كثيرة مللنا من كثرة ترديدها دون أن يتحرك الواقع أي خطوات إلى الأمام!! إذ لابد من تحديد نوع ومصدر المرض وتشخيصه جيدا، وبوضوح!!
إذ هناك أخطاء فادحة نرتكبها بإجرام في التنشئة والتعامل اليومي، وكلنا يلقي بالمسئولية على الآخرين!!
وفيما يخص الثقة بالذات فإن عملية إصلاحها، وإعادة بناءها يستلزم فهما وتفهما لطبيعة التشوهات الموجودة بداخل كل إنسان، والتعامل طويل المدى معها معالجة وتجاوزا بإجراءات وقراءات وجهد كبير، وتعاون مشترك، ولا أعتقد أن السائلين والقراء يتوقعون في أن أختزل ذلك في سطور!!!
واقرأ على مجانين:
ملف نفس اجتماعي: الثقة بالنفس والتوكيدية Self Assertion
ملف تأكيد الذات