والديّ بعيدين عني جدااااااا ..!؟
السلام عليكم؛ أريد منكم مساعدتي في حل مشكلتي، فأنا طالبة جامعية عمري 21 سنة، أعاني من مشكلة البُعد النفسي عن أبي وأمي فهما بعيدين عني وعن إخوتي الصغار بعدا كبيرا فنحن مثل الأشياء المهملة في البيت، فعلاقتي بأمي لا تتعدى حدود العمل في البيت وترتيبه، وأنا أفتقر إلى علاقة الصداقة المتبادلة فيما بيننا، فأنا لم أعد صغيرة كي تحضر لي الطعام فقط، بل أريد علاقة نفسية بيني وبينها مثل علاقة زميلاتي بأمهاتهم، وقد حاولت كثيرا التقرب منها كي أوطد العلاقة بيني وبينها لكنها بقيت سرحانة كأني لم أتحدث معها بل كنت أتحدث مع نفسي وحاولت كثيرا الشكوى لها عن علاقتي بها حتى تتغير لكننها استهزأت بي واعتبرت أن كلامي هبل!!..
ووضعي النفسي كل يوم يسوء أكثر من الأول فأنا أريد التحدث معها وأشكو لها ما يحدث معي في الجامعة لكنها لا تسمع لي، على الرغم أن أبي وأمي يعطيان أولوية لأهلهما فكلاهما مشغولين بقضاياهم ويقضون كل وقتهم مع أهلهم حتى ابتعدوا عنا ابتعادا تاما فأصبحنا في المنزل مثل الغرباء كل واحد منهم عقله مع أهله حتى أصبحت تملكني الغيرة من أهلهم لقربهم منهم أكثر منا، فما الحل؟؟
أنا في حالة نفسية محبطة وشديييييييدة وبحاجة لمساعدة ممكن بعد الإجابة تبعثوا لي رسالة حتى أعرف أنه تمت الإجابة...
ووفقكم الله على هذه الجهود...
06/06/2012
رد المستشار
ابنتي، أنت تحتاجين لدفء المشاعر والمشاركة النفسية والعاطفية من أمك، وهذا احتياج وطلب مشروع لك، ولكن هل تسمحين لي بالحديث معك بلغة المنطق؟، أمك هي مثال لكثير من الأمهات التي تربت على أن الأبناء هم جزء منها لا يحتاج للحديث عن أهميته أو الكلام عن درجة ارتباطه به فهو لها بديهي، وهذا ما عبرت عنه بكلمة "هبل"، وأن مسؤولية الأبناء هي أن نكفل لهم حياة كريمة ونلبي احتياجاتهم المادية ونعلمهم ونضع لهم حدود الحلال والحرام ونزوجهم في النهاية وفقط، ولكن حين نحتاج لشخص وهو من أقرب الناس إلينا ونحاول محاولات نراها لا تؤتي ثمارها رغم قناعتنا التامة بحبه لنا فيجب علينا إذن أن نعترف بأننا لم نختر المحاولة الصحيحة أو المدخل الصحيح، فالحديث عن الاحتياج النفسي والغربة وغيره كلمات لن تستوعبها وسترفض الاعتراف بها؛ لأنها ببساطة من وجهة نظرها تقوم بواجبها كأم فهي لا تتعمد الإهمال الذي تعانين منه على المستوى النفسي ولكنها لا تعرفه ولا تستوعبه في قاموسها فعلى ماذا تحاسبينها؟، على الوعي الذي لم تتحصل عليه؟ أم على الإرث التربوي الذي ورثته عن أهلها؟
فلتكوني أكثر ذكاء في الحصول على ما تريدين وحطمي أصنام الحديث عن أن الكبير هو الذي يفهم كل شيء وهو الذي يقرر وهو الذي يبادر وهو الذي يعطي فقط؛ فكل هذا ليس كلامًا مطلقًا ولا مقدسًا فهناك صغير أوعى وأكثر نضجًا، وهناك ابن يبدأ هو العلاقة مع والديه؛ فلتكرسي جهدك في هذا بدلًا من البكاء على تلك المفاهيم المغلوطة؛ فهي امرأة قبل أن تكون والدتك؛ فماذا عن أحلامها هي؟، ماذا عن همومها هي؟، ماذا عن اهتماماتها هي؟،
هذه هي الخطوة الأولى، أن تعطي وتشاركي وتسمعي وتدخلي في حياتها هي بحب وود وصداقة،
الخطوة الثانية أن تنخرطي معها في البداية مع علاقاتها وزياراتها وحواراتها مع أهلها فغيرتك ورفضك وحنقك لن يغير شيء؛ فلتكوني جزء مرافق لها في تلك الاهتمامات، وهذا سيحقق الكثير من الحديث والقرب رغم أنه لا يهمك كثيرًا،
الخطوة الثالثة أن تكفي عن تلك الطريقة المستفزة والمملة في طلب القرب بالشكوى والبكاء والانتقاد، ولكن غيري الطريقة وانتقي الكلمات، فمثلًا بدلًا من "أنت لا تشعرين بي"، أو "أنا أحتاجك وأنت لست هنا"، أو "لماذا لا تفهمينني"...يمكن أن تكون "رأيك إيه في كذا يا ماما؟"، "هو لما واحدة تقول لي كذا ده معناه إيه؟"، أو "صاحبتي قالت لي كذا"... إلخ،
الخطوة الرابعة، أن ترضيها بما تحبه منك حتى لو كان هذا هو شئون المنزل،
الخطوة الخامسة، ألا تحبسي نفسك بنفسك في دائرة والدتك فقط، فهي جزء مهم وكبير في حياتك ولكنها ليست كل الحياة؛ فالحياة فيها دراسة، ترفيه، رياضة، تطوير ذاتي، عمل تطوعي، أصدقاء، زملاء، جمال في الطبيعة والكلمة والقصة والعطاء، والكثير الكثير، فلتنهلي من تلك الأمور وتكسري قيد محبسك، هيا ابدئي.