محتار
أنا شاب أبلغ من العمر 29 عاما خاطب والحمد لله منذ مدة بسيطة والخطوبة عن طريق المعارف وليس عن حب أو سابق معرفة مع خطيبتي مشكلتي تتخلص في أنني محتار بالنسبة لأمور كثيرة مع خطيبتي. هي إنسانة متدينة لدرجة كبيرة وأشعر، لا.... لا أشعر بل إنني متأكد أنها أكثر مني تديناً، ولكن هناك أمورا كثيرة أحتاجها فيها ولكني لا أشعر بها، هي تصغرني بحوالي 8 أعوام.
بالنسبة لي أعتقد أن موضوع الخطوبة والزواج هو أول خطوة ناحية الراحة النفسية والاستقرار العاطفي وأنا بالفعل مفتقد للاستقرار العاطفي. أهم مشكلة أشعر بها مع خطيبتي أني لا أشعر معها باستقرار عاطفي، أنا أحب المرح والهزار ومشاهدة التليفزيون ومعرفة الأخبار ومشاهدة أفلام ومسلسلات لأني أجدها ليست حراما طالما هادفة ولها مضمون ولكن خطيبتي محصورة في مشاهدة البرامج الدينية فقط وهذا شيء بالطبع جميل ولكني خائف من ألا أجد بعد ذلك معها تفاهما أو مناقشة في أي موضوع قد يشغل بالي لأنها بالتأكيد لن يكون عندها خلفية.
بعض الأمور التي تقولها بالنسبة للشخص الذي تريد أن تتزوجه لا أجدها في شخصياً كتشجيعها علي ممارسة بعض أنواع الطاعات كقيام الليل، أو حضور دروس دينية في المسجد، فأحيانا كثيرة أثناء حديثي معها في التليفون أتوقف ولا أجد ما أتكلم فيه وهي لا تفتح أي مواضيع جديدة حتى عندما أخبرها أو أطلب منها طلبا معينا ترد دائماً بـ"حاضر" أو "ماشي" ولكني أجدها لم تنفذ كل ما طلبته.
بدأت بعد الخطوبة بفترة تتضح لي أشياء تؤثر في مثل عندما أذهب يوم عندهم عشان أشوفها وأقعد معاها وأمشي ماتتصلش تطمئن أني روحت ولا لسه وده أمر أنا أعتقد أنه عادي وجميل ومحبب بالنسبة للرجل أن يشعر أن خطيبته أو زوجته تقلق عليه وتريد الاطمئنان عليه، ولم تبدأ في فعل هذا الأمر إلا عندما أخبرتها أنا عنه.
حضرتك تقدر تقول علي متدين بادي الفروض اللي علي والحمد لله ولكن مشاغل الحياة وظروف ومتاعب العمل قد تضطرني في معظم الأوقات إلى عدم القدرة للذهاب للمسجد لأداء الصلاة وشعرت أحيانا أن هذا الأمر يضايقها ولكن ماذا أفعل.
الشيء الآخر أنها جاءت في يوم وصرحت لي أنها خجولة لدرجة قد تمنعها من البوح بما في داخلها صراحة أو قول كلام حلو كما تفعل معظم الفتيات وقد قدرت هذا وأخبرتها أن الكلام ليس مهم الأهم أن تكون أفعالها وتصرفاتها معي أشعر فيها أنها تحبني ولا يفرق معي إن قالتها صراحة أم لا، أخبرتها أنني قد لاقيت في حياتي الكثير من المتاعب والصعاب والمشاكل التي من الممكن أن تدمر أي إنسان ولكن بالتماسك وتوفيق الله أمكنني أن أتغلب عليها، فقالت لي أنها تشعر بما قلته واستشعرت ما في قلبي من ألم وأنها ستبذل كل جهدها لكي تسعدني ولا تجعلني في يوم من الأيام أشعر بنفس المتاعب مرة أخرى وأنها ستعوضني عما رأيته، ولكنني أشعر أنه مجرد كلام.
أخبرتها أن من أكثر ما يحبه الرجل ناحية خطيبته أن يشعر أنها تحتاج إليه وأنها إذا شعرت بأي مشكلة أو ألم فإنه يسعد إذا كان هو الشخص الذي تكلمه لتخبره بما تشعر به ولكن من خطوبتنا حتى الآن لم تتصل ولا مرة في أي موعد غير الذي أكلمها فيه لتخبرني أن هناك ما يزعجها وكأنني ليس لي وجود عندها، وعندما أكلمها في موعدنا تخبرني أنها كانت عايزة تتصل بس خافت تلاقيني مشغول ولا حاجة فتعطلني وأنا قلت لها أني ممكن أسيب الشغل ولو دقيقة عشان أشوف مالها.
من كام يوم أخبرتني أنها كانت مريضة وأخذوها للطبيب ولكنها لم ترد أن تخبرني لكيلا تزعجني واتصلت بها في اليوم التالي في غير موعدنا الذي نتكلم فيه ولكنها لم ترد فرجحت أنها نائمة وعندما كلمتها في موعدنا قالت لي بالفعل أنها كانت نائمة وصحيت عندما سمعت رنة الموبايل، وقالت أنها فكرت ترن علي بس انشغلت في حاجات في البيت فزعلت وأخبرتها أنها كان من الممكن أن تتكلم ولو دقيقة لكي تعرف ما الذي جعلني أتصل بها في غير موعدنا، فقالت لي كالعادة أنها آسفة و"حاضر" حتى عندما تبعث لي برسالة تكون كرد لرسالة قد بعثتها أنا من قبل ورسائلها كلها رسائل دينية على صورة أدعية وأذكار التي من الممكن أن يبعثها أي شخص لصديقه أو أي بنت لصديقتها أو تجدها مكتوبة على كروت أو لوحات إعلانية، وقلت لها هذا إن الرسائل بين المخطوبين تعبر عما بداخلهم وتكون خاصة لمشاعرهم وما لا يستطيعون أن يقولوه بألسنتهم فيكتبونه في صيغة رسالة.
عذراً للإطالة ولكني يهمني أن أذكر هذا الموقف، في آخر زيارة لهم وكنت جالسا معها وسكت لفترة لأني لم أجد موضوعاً أتحدث فيه تفاجأت بها تنادي على والدتها وهي جالسة في الصالة لكي تأتي وتجلس معنا وهذا موقف لم أسمع به من قبل ولا ذكر أمامي من أي أحد من أصدقائي فاندهشت من تصرفها هذا ولكنني لم أعقب.
هي ذكرت كثيراً أنها تسمع كلاما من الجيران ومن أصدقائها المتزوجين على أن فترة الخطوبة هي أجمل فترات العمر وأن من بعد الزواج لن ترى مثل هذه الأيام الجميلة وقد طمأنتها من هذه الناحية وأخبرتها أنني أيضا كنت متخوفا من هذا الأمر ولكنني عاهدت نفسي إذا أكرمني الله بمن تحبني وأحبها سأحافظ على محبتنا طوال العمر وليس بعد الزواج فقط ماذا أفعل بعد كل ما أخبرتكم به؟
أشعر في أحيان كثيرة أنها لو لم تتصل لن يهمني أو حتى لو وصل الموضوع لمرحلة فسخ الخطوبة فأنه لا يكون فارق معي. تصارحني كثيراُ بأن مكالمتي لها هي الشيء الوحيد الذي يخفف عنها متاعب يومها ولكني لا أشعر في تصرفاتها بهذا،
عذرا مرة أخرى للإطالة والرجاء الرد سريعاً وإخباري كيف أعرف أنكم رددتم حيث أنني أول مرة أستخدم موقعكم الممتاز هذا الذي كنت أسمع عنه كثيراً
وجزاكم الله خيراً.
06/06/2012
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بك يا ولدي، الزواج... مسؤوليات وتحديات كثيرة ومتنوعة؛ فيه التربية، وسد الحاجات، والرعاية، والاحتواء، والقرارات، وغيره، وهو كذلك متعة؛ ففيه السكن والحنان، والعلاقة الخاصة بين الزوجين، والأطفال، ولعل الله تعالى أراد أن يوضح لنا أهمية وجود "الحب"، أو على الأقل "القبول" كشرط من شروط صحة الزواج؛ لأن الحب هو ما سيهون على الزوجين طريق المسؤولية والتحديات، وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من أهم أساسيات الزواج المستقر، ولكننا عند التطبيق ننسى كل شيء إلا من رحم ربي، ننسى أن الزواج يحتاج للتكافؤ؛ والتكافؤ معناه التقارب وليس التشابه؛
فالتشابه يوجد في عالم الجماد فقط، وننسى أن من ضمن التكافؤ، التكافؤ في درجة التدين، فالتدين بالطبع هام ومؤثر على كل نواحي الحياة فهو يؤثر على قراراتنا وسلوكياتنا واختياراتنا وطريقة تربيتنا لأبنائنا وتعاملنا مع من حولنا وفي عملنا وفي كل شيء، لذا التكافؤ هنا مهم، والأهم من ذلك أن يكون الفرق بين أننا نحب شخصا ونحب شيئا جميلا في الشخص لابد أن يكون فرقا واضحا أمامنا؛ فدرجة التدين العالية تكون مساحة إغراء للرجل؛ فهي تعني الاطمئنان لاستقامة الزوجة، وخوفها من الله وطاعتها وتربيتها لأولادها، ولكن هل الزواج هو التدين فقط؟؟، هل ديننا نفسه لم يذكر إلا التدين فقط؟؛
لا لم يحدث، وأوصى دومًا على التقارب النفسي بين الزوجين، حتى حين أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعلم الفتيات حين الاختيار قال لهن: إذا جاءكم ترضون دينه وخلقه فزوجوه، وتصور الناس أن البوصلة في حديث النبي صلوات الله وسلامه عليه في "الدين والخلق" وهو بديهي فهل ترغب فتاة فيمن لا دين له ولا خلق؟؟، إنما كانت البوصلة في "ترضون"؛ فكل إنسان له درجة تقبل تختلف عن الآخر ما دمنا لم نبتعد عن إطار الخلق والدين، فهل نأخذ على أمنا زينب أو سيدنا زيد أي مأخذ على المستوى الديني والخلقي؟؟، وإنما كانت قصة "ارتياح" و"قبول" لم تتوفر فكان الطلاق، والكثير من القصص تقول نفس المعنى؛
وكذلك الشاب عليه أن يطمئن لدرجة التدين الذي يرتضيه في شريكة عمره، وأن يكون إطار عام ومهم لمن سيختارها ولكن عليه كما وجهه النبي صلى الله عليه وسلم أن ينظر لما يدعوه لنكاحها؛ ويدعوه هذه تتوقف على طبيعته وتكوينه واحتياجاته هو تحديدًا؛ فقد يدعو شاب للزواج من فتاة ثقافتها، أو ذكائها، أو أنوثتها... إلخ، وفي قصتك أنت ركزت على الجميل لديها ولم تنتبه لما تحتاجه أنت، والفرق كبير، فليس كل جميل مناسب، واختلاف طبيعتكما لن يتوقف على تلك التفاصيل البسيطة التي تحدثت عنها، ولكنها ستمتد بعد ذلك للكيان الجديد الذي يبنى بين الزوجين واسمه "نحن"، وسيمتد كذلك للأبناء فهل سيتربون على مشاهدة التليفزيون والمرح، أم ستختلفان حين ترغب في تدين أبنائها كما ترى هي؟؛
وغيره من الأمور التي لا تراها اليوم، إذن اختلافها عنك ليس فقط في تدينها ودرجته، ولكن هي تختلف عنك في الطبيعة والتفكير والسلوك، وأنا لن أقرر لك؛ فواجبنا هنا أن نضع فقط كل الأمور التي قد لا يراها صاحب المشكلة أمام عينيه، فيأخذ قراره بالإكمال أو الانفصال وهو على علم بتبعات كل اختيار، والحياة خيارات يا ولدي، وحين نختار نكون أحرار، ولكن بعد أن نختار نكون مسؤولين عن اختيارنا، أي: نحن نختار ما نحب، وبعد الاختيار علينا أن نحب ما اخترناه، وسأترك لك عدة نقاط لتذكرها:
* التدين أساس متين للشخص، ولكنه قابل للتغير عن ثباته، وهي لم تذكر رفضها لدرجة تدينك فأظنها ستتكيف معك.
* الأهم هو تركيزك لطباعها وصفاتها ودرجة التقارب بينكما على المستوى النفسي والفكري، أما العاطفي فهي صارحتك بأنها لا تعبر فهي طبيعة شخصية، وقد تكون تصرفاتها تجاهك من وازع تدينها فعليك أن تتأكد من تلك التصرفات هل تعود لتدينها وحرصها على رضا ربنا من وجهة نظرها فلا تتواصل معك أكثر مما تؤمن به في مرحلة الخطوبة، أم أنها لا تعبر لا بالكلام ولا بالتصرفات؟.
* الحب، يضمن اقتناعك بالطرف الثاني رغم قصوره وعيوبه، فإن لم تصل لتلك الدرجة فتمهل، فالزواج ليس نزهة ولا قرار من ضمن قراراتنا اليومية، فهو قرار مهم يحتاج فقط للتركيز على احتياجاتنا من شريك حياتنا ومدى توافرها فيه، مع تقبل حقيقي لعيوبه دون زيف أو خداع لأنفسنا، والله تعالى في آية الزواج في سورة الروم آية 21 ختمها "إن في ذلك لآيات لقوم "يتفكرون".
وفقك الله يا ولدي.
التعليق: مع كل احترامي, اللي بتوصفه ده تدين ظاهري, التدين بيبان في التعاملات /اختلاف المصالح ووجهات النظر/ التعامل مع الطرف الضعيف / البخل والكرم / النميمة والحقد والكره وعكسهم من الرضا برزق الله وصفاء النفس. فبلاش تحكم بالمظاهر ديه وخصوصا إن فيه ناس كتيرة متدينة ظاهريا في الأيام ديه...
موضوع الخطوبة ديه أحلي أيام برده خدعة كبيرة ومبني علي خلفية الأفلام العربي العبيطة ..الحيقية هي : بفرض وجود حب حقيقي من الطرفين (مبني علي احترام الآخر وحب الخير للآخر والتفاهم واللغة المشتركة بين الطرفين والاتفاق علي أولويات الحياة المشتركة -فهم طريقة مشاعر وتفكير الآخر . الخ ) فالنتيجة تكون أن كل مرحلة في الحياة لها جمالها .. الخطوبة لها جمالها, بداية الزواج له جماله, أول مولود له جماله, لغاية سن الشيخوخة له جماله..
النقطة المهمة حاليا أنك تفهم مشاعرك واحتياجاتك أنت وكذلك تفهم مشاعرها واحتياجاتها وطريقة تعبيرها عن مشاعرها, علشان تقدر فعلا تحكم علي مستقبل الحياة بينكما.
و مع تحياتي وتمنياتي بأنك تفوق من الكلام اللي بتقوله ده