عاطفية
السلام عليكم، أنا كنت على علاقة بفتاة لمدة 12 سنة كنا متفقين على الزواج لكن القدر أراد غير ذلك نظرا لتفاقم المشاكل بسبب كلتا العائلتين واتفقنا على الفراق لإنهاء هذه المشاكل وهذا ما كان، لكن الآن أنا أمر بمرحلة اكتئاب شديدة ويأس شديد أيضا مع انشغال تفكيري بها طيلة اليوم دون انقطاع مما سبب لي مشاكل في الشغل وفي حياتي اليومية خاصة مع الأصدقاء والمقربين مني حيث أصبحت شديد القلق والتوتر وسريع الغضب من أتفه الأشياء مع بعض الوساوس التي تراودني تجاه حبيبتي السابقة خاصة إذا فكرت أنها سوف تتزوج يوما ما أو تتعرف على شخص آخر أو شيء من هذا القبيل.
أرجو منكم مساعدتي للتخلص من هذه المشاكل فحقيقة أصبحت لا أطيق وأريد التخلص من هذا التفكير نهائيا أو نسيانها.
أملي ورجائي في الله كبير وفي نصائحكم
07/06/2012
رد المستشار
كثيرة هي قصص الحب التي لم تتوج بالزواج، كما تعرف، وذلك لأن الزواج رابطة مركبة تجمع بين العائلات، بينما الحب وحده فيجمع بين طرفين لا ثالث لهما!!!
من الأسباب التي تطيل الشعور بالألم بعد الفراق.. أن يعترض الإنسان على وصلت إليه الأمور!! أن يرفض الواقع، والألم الناشئ عنه، ورفض الألم يبقيه فترة أطول، بينما القبول به لفترة يسهم في رحيله إلى غير رجعة!!!
ومن الأسباب أيضا أن يدخل العاشق في وهم أن من فقدها كانت هي الفرصة الوحيدة للحب في حياته، وأنه لن يقابل بعدها من يميل لها قلبه، أو يسكن نفسه، أو يدق قلبه من جديد!!!
ومن الأسباب أن يتناثر تركيز المرء موزعا بين الذكريات مضيعا عليه فرصة الانتباه لما يحصل له في كل وقت، وآن...
بما يتضمنه هذا من لحظات وفرص كانت من رصيد السعادة والإنجاز.. لو أنه انتهزها في وقتها، وعمل لاستثمارها!!
وما لم تبدأ فورا في التدريب على التركيز فيما بين يديك من أحوال وأعمال، والتركيز فيما أنت بصدده من تواصل مع من حولك، وتخطيط لوقتك، ومستقبلك.. إن لم تفعل هذا فيمكن للعمر كله أن يضيع في الخواطر، والمشاعر المتألمة!!!
أحيانا نتألم لأننا نتوهم أننا فقدنا شيئا أو شخصا، ولو تأملنا بعمق لوحدنا أننا لم نكن نملك أصلا... لا هذا الشخص، ولا ذاك الشيء!!!
نحن عابرون في سرد عابر، ولا نملك شيئا غير هذه اللحظة التي نحن فيها، والاختيار دوما يكون أمامنا إما أن نمسك بها، ونعيشها، ونستثمرها، أو نفقدها حزنا على ما لم نكن، ولا نملك!!
من حقك الألم يا صاحبي... اقبل به حتى يمر مع الوقت، ولا تعترض طريق الألم بسخط، ولا رفض، ولا استعجال!!!
تدريجيا ستتعافى شريطة ألا تتوقف حياتك، وألا تفقد تركيزك في اللحظة الراهنة، واستثمارها لصالح مستقبلك، ومصالحك!!! انفصالك عن اللحظة بكل ما فيها، وعمن حولك محبين أو متواصلين هو السبب فيما تشكو من قلق، أو توتر، وسرعة غضب!!!
لست أول السائرين على طريق الفراق بين المحبين، ولن تكون آخرهم، وربما هي المرة الأولى التي تعيش خبرة مثل هذه، والإنسان حين يرفض الخبرات والتجارب الجديدة عليه... فإنه يتألم أكثر!! لكن لو أنه تقبل هذا الجديد في مشاعره، وأحواله، وتأقلم معه، ولم يفرط في استغرابه واستنكاره له... فإنه يمر... صدقني... الألم يمر حين نقبل به، ونمرره، أما من يسخط ويجزع ويرفض فلا يلومن إلا نفسه، وسيبقى محصورا محبطا!!!
أذكرك إذن، وأكرر أن عليك التركيز في شئونك وتفاصيلها، واجباتك، علاقاتك، هواياتك، اهتماماتك عوضا عن التركيز في الذكريات، والمشاعر، والأفكار التي لا تجلب سوى الألم!!
مارس حياتك وأنشطتك وعباداتك، وتقبل الألم حتى تبرأ منه، وتمرره، والله معك!!!