الشذوذ والفراغ في حياتي
السلام عليكم، أول شيء أريد أن أوضح أني لأول مرة سأروي قصتي، أنا شاب عمري 22 سنة أقطن بالعاصمة في بلدي، أعيش وسط عائلة متكونة من أب صعب المزاج لكنه يعمل جاهدا من أجلنا ومن أجل نجاحنا في دراستنا وحياتنا وأم تحبنا وتعمل هي أيضا من أجلنا، لدي أخت وأخوين، وأنا أكون آخر العنقود، ليست لنا مشاكل، نعيش حياة طبيعية كأية عائلة، لنا المال ما يوفر لنا السكن والعيش القريب من الرفاهية ولكن ليس البذخ فعائلتي محافظة.
قصتي بدأت منذ كان عمري 7 سنوات، ذهبت مع والدي وأخواتي إلى المسبح كالعادة، وبعد مضي الوقت عدت لكي أتحمم (هناك حمام خاص بالرجال)، تحممت ولما كنت بصدد ارتداء ملابسي رأيت رجلا عاريا تماما بالرغم أن كل الناس كانو يسترون أنفسهم ولا يكشفون عوراتهم، للأسف في ذلك السن رأيت عضوه الذكري وهو في الحجم الذي يكون عليه وقت ممارسة الجنس، لم أستوعب ما رأيته وبقيت لأسابيع أفكر في المشهد الذي رأيته وإلى يومنا هذا لا أزال أتفكر ذلك المشهد، فقد أعجبني بعد فترة وجيزة بعد ما كان يمثل لي صدمة.
في عمر الثاني عشر، وقعت في أول تجربة للعادة السرية ولم أكن أعرفها أبدا، كنت أتخيل رجلا في خيالي، ولم أفكر قط في النساء، مضت الأيام وأنا على هذه الحالة ولم أتخيل يوما أن لدي توجه جنسي غير طبيعي، في صغر سني فكرت أنه شيء طبيعي والحمد لله أنني لم أخطئ ولم أبح به لأحد ما.
عندما بلغت ال 15 سنة بدأت أتعرف على توجهي عبر الإنترنت، قرأت وتمعنت في الأسباب اللتي يمكن أن تجعلني شاذا، ولكن لم تكن إلا افتراضات ولا شيء مؤكد، أحسست بالضياع، كثيرا من الأسئلة تطرح، لماذا أنا شاذ، لماذا ليس غيري، كيف سأعيش مع هذا، كيف سأقنع مجتمعا ينعت الشواذ باللوطيين ويشبهونهم بقوم لوط بالرغم أنني لم أختر شيء كهذا, عرفت أيضا أنه ليس إحساسا عابرا، بل هو شيء في وأحس أني طبيعي به. .
في سن ال 16، بدأت بمشاهدة الأفلام الإباحية لمثليين وغير المثليين حيث زادني هذا الشيء تعلقا بحياتي الجنسية كأنه ليس هناك في حياة الإنسان إلا الجنس. ومازاد الطين بلة، هو أصدقائي فالمعهد الذين كانوا يعاملونني معاملة سيئة (خاصة لما كان عمري في ال 13 و 14 سنة)...
عانيت وحدي من كل هذه المشاكل من دون أن ألفت نظر عائلتي أبدا، فلم أسمح أن يؤثر هذا حتى على دراستي... كنت أبحث دائما على الرجل الذي يعجبني، كنت أحب بعضهم ولكني لا أتجرأ على القيام بخطوة واحدة إلى الأمام، فمجرد التفكير يخيفني، هذا عدا ما تربيت عليه..
لما بلغت ال 18 سنة كنت أحس بالفراغ، نظرا لأن عائلتي كما قلت سابقا محافظة ولا أستطيع الذهاب إلى أي مكان غير المعهد والمنزل أو القهوة، لم أستطع أن أتعرف في الحقيقة على أناس مثلي، أو أدخل في مجال كنت أسمع به ولا أراه حتى، بدأت في التعرف على مسلسلات غربية تتمحور حول حياة الشواذ، فما كان لي إلا أن أشاهدها حتى أعيش حياة لم أسمح لنفسي أن أعيشها في الواقع، فأصبحت متعلقا بشذوذي ولا أعار منه، هذا لا يعني أني ألفت الانتباه، بالعكس، فلم يشك في أحد أني مثلي، لقد جعلت من سخرية أصدقائي ومشاكل حياتي قوة في هذا السن، كنت لا أحتمل نفسي، أكرهها بالأحرى، ولكني أصبحت أحب نفسي ولا أعار منها أبدا.
اجتزت الباكالوريا، ودرست في الجامعة وأصبحت من الأوائل، حيث أصبحت لي مكانة لدى أصدقائي، تغيرت 180 درجة على ما كنت عليه في الماضي، لكن إلا شذوذي ما زال على حاله، لم أستطع تغيره ولست مقتنعا بإمكانية تغييره, أصبحت أحس بفراغ، فلا أصاحب فتاة لأني لا أشعر تجاههن بأي حب، ولا أصاحب رجالا لأني لا أعيش في محيط يسمح لي بهذا ولم تأتني حتى الفرصة... أتعذب لما أحس بهذا وأحس بالوحدة خاصة لما أرى أصدقائي يعيشون حياتهم بشكل طبيعي أو بالأحرى أخواتي.
أنا شخص أؤمن بالله، أصلي أوقات وأوقات أترك الصلاة ككثير من الشباب، أتضرع أحيانا إلى الله وأعصيه أحيانا، أتوكل دائما على الله وأنجح فيما أوكله فيه، أحس أن الله لا يتركني يبعد عني كل المساوء، لما أدعوه يستجب لي، وليس كما يعتقد الكثير أننا من قوم لوط ولله سيفعل بنا مثلهم، أنا أحس أن الله لا يؤاخذني على شهوتي لأني لم أخترها.
للتوضيح، لم أمارس إلى هذا السن أي علاقة مع رجل (أي كانت)، بالرغم أني كنت أتعلق بالكثير لكني كنت لا أتجرأ على الاقتراب منهم بالرغم أني أتوق إلى علاقة مع رجل أحبه، كأي شخص يحلم بشريك حياته وليس فقط للمتعة... لم تكن لي علاقة أبدا مع أي بنت، لم أصاحب ولو واحدة،، ولا أعرف إن كنت أستطيع يوما الزواج، حتى أن أمي بدأت تلاحظ أني لا أكترث للبنات، وهذا سبب لي الكثير من التوتر كل أخواتي لديهم شركائهم إلا أنا، ولا أريد شيئا كهذا، فسيعذبني ويعذب الفتاة التي تظلم.
كيف لي أن أتخلص من شذوذي بالرغم من أنني لست مقتنع من إمكانية ذلك؟
وهل للإنسان القدرة أن يعيش في كذبة ويوهم الناس أنه الشخص الذي ليس هو؟
وهل نعتبر فعلا من قوم لوط؟
ألم يكن لقوم لوط أبناء وزوجات ولكنهم هم من اختاروا أن يفعلوا هذه الفاحشة؟
حاولت أن أبتعد عن الشذوذ بالدين لكن لم أستطع، تقربت إلى الله كثيرا لكن هذا لم يبعدني عن شذوذي... هل تدركون أني لا أفكر أبدا في الزواج؟ بل أريد أن أعيش مع رجل أحبه كأي زوجين!
أنا في مفترق طريق، يجب أن أختار اتجاهي وإن اخترت الاتجاه الخاطئ فسأعيش حياة تعيسة.
أرجو المساعدة وسامحوني إن أطلت عليكم وإن اقترفت أخطاء في اللغة العربية، فقد تعودت على الفرنسية.
في النهاية أشكركم على قرائتكم ويجب أن أوضح أن لدي حياة طبيعية، يعني أن هذا الأمر لا يجعلني منغلقا، هو يقلقني لكن ليس بدرجة أن أكون إنسانا مريضا نفسيا...
21/06/2012
رد المستشار
الأخ الفاضل "كامل" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، لعل من المهم بداية أن أشير إلى أن الحدث الذي تعتبره بداية لمشكلتك والذي كان في سن 7 سنوات في الحمام الخاص بالرجال إنما كان تعرضا غالبا لنزوة من نزوات أحد المصابين بنوع من أنواع الخطل الجنسي أو الشذوذات الجنسية Paraphilias هو خطل الاستعراء Exhibitionism الجنسي وهو داء نفسي جنسي يتمثلُ في ميلٍ متكررٍ أو دائمٍ لكشف الأعضاء الجنسية للغرباء –من الجنس الآخر غالبًا-، أو للناس في الأماكن العامة، دون دعوتهم إلى اتصال أوثق أو محاولة إقامة علاقةٍ معهم ودون وجود نيةٍ حتى لذلك....
وفي العادة ولكن ليس دائمًا تكونُ هناك حالةٌ من الإثارة الجنسية (أي الانتصاب) وقت فعل الاستعراء (أو الشعور بالرغبة فيه)، ثم يلي ذلك القيام بفعل الاستمناء، وأغلب الاستعرائيين يجدون صعوبةً في السيطرة على رغباتهم تلك، والتي يستشعرونها غريبةً عن ذواتهم، وإذا بدا مشاهد فعل الاستعراء أو مشاهدوه مصدومين أو خائفين أو متأثرين بشكل أو بآخر فإن ذلك كثيرًا ما يزيدُ من إثارة القائم بالاستعراء Exhibitionist ، وهو دائمًا رجل وغالبا ما يكونُ ذكرًا طبيعيا من ناحية التوجه الجنسي.
ليس هناك بالطبع دليل مؤكد على أن لتلك الحادثة بعينها أثرا على ما حدث بعد ذلك من انحراف في ميلك الجنسي فالعلم هنا عند الله، إلا أنني أحسب أن كتمانك لما حدث وعدم إخبار أحد به في وقت حدوثه ربما مهد الفرصة لتنحرف على مستوى التخيلات الجنسية -وكأنك تحسبها لعبة- فإذا بك معجب بما مثل لك في البداية صدمة كما تقول.....
وربما تكرر معي وأنا أعالج أكثر من مريضة من انعدام الرغبة الجنسية أو الاشمئزاز ( القرف Disgust ) من الجنس أن أسمعها تصف حادثة مشابهة (أي التعرض لأحد الاستعرائيين) كسبب لا في حبها للجنس بل في اشمئزازها منه، لكن ما حدث معك يبدو مغايرا تماما.
ثم عندما بلغت ال 15 سنة بدأت تتعرف على توجهك الجنسي غير الطبيعي أو المخالف تماما لأقرانك لكنك ربما كنت تستشعر ميلا للاستمرار في تخيلاتك المثلية مدعما ميلك هذا بأنك لا تثيرك النساء أو هكذا تتخيل... ثم أكملت رحلة الصمت والسرية بينك وبين نفسك، ولم توضح هل استخدمت الإنترنت فقط للحصول على المعرفة والتسلي أم أنك استخدمتها كذلك في التواصل مع آخرين لهم مشكلات مشابهة ؟ ما أنا متأكد منه هو أن للإنترنت أثرا كبيرا ولا شك في المنحى الذي اتخذته حالتك وحالات غيرك كما يبين مستشارنا د. سداد جواد التميمي في مقاله: نفوذ عالم الفضاء على الصحة النفسية الجنسية
ورغم لومنا لك على التزام السرية بما فاقم مشكلتك، لابد من تحيتك على عزيمتك التي مكنتك أن تجعل من سخرية أصدقائك ومشاكل حياتك قوة في تلك السن الصغيرة، وهو ما جعلك قويا على المستوى الاجتماعي الظاهر وإن اقتصر على ذلك، فلست من الداخل كذلك رغم قولك أنك تتقبل نفسك بميلها الجنسي الشاذ، كذلك لست أدري من أين جئت بأن قوم لوط عليه السلام كانوا أناسا طبيعين ثم اختاروا الانحراف بينما أنت لست كذلك؟ لكأن علينا تقسيم الشواذ إلى صنفين صنف يختار وصنف لا يختار! وأقول –على مسئوليتي- هذا غير صحيح ولا يخرج الأمر عن حدود الوسوسة والسرية الطويلة والإدمان السلوكي ولست بصدد التفصيل هنا.
بالرغم من أن كل ما تحياه من مشكلات ما يزال خيالا في خيال إلا أنك تكرر في سطورك أكثر من مرة ما يشير إلى شبه اقتناع بأنك منحرف التوجه الجنسي ورضا بذلك، بل أحسب أن أجزاء كاملة من إفادتك يمكن أن تتضمنها استشارة من أحد المعذبين باضطراب الهوية الجنسية وهذا ينم عن قناعتك الكاملة بأن تتخذ دورا جنسيا شاذا رغم أنك لا تشتكي من شعور بأنك لست ذكرا، على كل فمن الواضح أنك تبحث عن تغيير في المجتمع ربما.... لكي يقبل المثليين!
قرأت على الإنترنت بالتأكيد يا كامل أنه لا حل لمثل مشكلتك إلا بأن تحيا حياة المثليين وهذا كلام شائع على الإنترنت يستند إلى بعض الخبرات الغربية الفاشلة في العلاج وإلى بعض نتائج بعض الأبحاث "العلمية" ناقصة الموضوعية والحياد في الأغلب الأعم من الأحوال..... وبينما تحاول أنت تطويع الأحكام الدينية لما تحسبه علما فنحن في مجانين لا نشارك في ذلك وقولك (أنا أحس أن الله لا يؤاخذني على شهوتي لأني لم أخترها) لا علاقة له حقيقة بكل ما ينسب إلى الله من أقوال وأحكام..... وبالتالي فإن أمر الاختيار راجع لك أو لمن يفتيك بما تريد.
عنونت إفادتك لنا بعبارة : "الشذوذ والفراغ في حياتي" وما أتوقعه أنا شخصيا طريقا للخلاص إذا أردت أنت الخلاص ربما سيكون أن ندع مسألة الشذوذ الآن ونبدأ في حل مشكلة الفراغ عليك أن تبدأ بتطبيع شكل حياتك متناسيا تماما حكاية الميل الجنسي الشاذ تلك، وعليك كذلك أن تكف عن متابعة قصص المثليين ومواقع المثليين على الإنترنت وأن تكف كذلك عن الاستمناء المدعوم بالتخيلات أو المواد الإباحية المثلية فإذا نجحت فعلا في تنفيذ ذلك لستة أشهر مع الاندماج الكامل في مجتمع طبيعي أي فيه رجال ونساء وأولاد وبنات يتعاملون سويا في كل مجالات الحياة (لاحظ أنك لم توضح بلدك وإن تعددت إشارات أفهمها ترجح إحدى بلدان المغرب العربي وهذا مطمئن إلى حد كبير) تأكد يا كامل –إن فعلت- أن كثيرا من التغييرات سيطرأ على تخيلاتك وعلى مشاعرك.... باختصار سوف نعالج الشذوذ بملء الفراغ في حياتك بما هو طبيعي وما هو طبيعي يضاد ويتنافر مع ما هو شاذ.... بالتالي أتوقع جدا أن ينحسر مد الشذوذ وربما اكتشفت أن الواقع مختلف عن الخيال، فإن لم يحدث ذلك يا كامل أنصحك بأن تكتب لنا وأن تتواصل مع معالج قريب من سكنك يساعدك إن أردت.
وأخيرا اقرأ عن أصحاب التجارب الناجحة في الخلاص من الشذوذ كمثال حكاية عبد الله الرائع وغيره كثيرين على مجانين:
الخروج من سجن المثلية: ما ظهر وما بطن!
يا عزيزي ... كلنا مجانين !!!!
الميول المثلية والزواج : كل هم له انفراج مشاركة3
أهلا بك....