فصام عائلي: في انتظار الشبح!
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. الحمد لله الذي جعل الأطباء مجلبة لرحماته على المرضى من خلقه أعرض عليكم تخوفي من مرض نفسي قابل إن لم أكن قد مرضت فعلا، أبلغ من العمر خمسا وأربعين عاما وعشت في أسرة كان الوالد فيها طيبا لكنه كان مبتلى بشرب الخمر ولم يكن يهتم كثيرا بمجريات حياة عائلته لكنه كان حنونا وقد عفى الله عنه من شرب الخمر وحسنت خاتمته ونذكره على خير من غير أن نزكيه على الله.
بالنسبة للوالدة كانت نوعا ما شديدة علينا وتحملت مسؤولية البيت في رعاية ثمانية أبناء وما يستلزم ذلك من مشقة، وجازاها الله على ما بذلت لأجلنا مرض أحد إخوتي بمرض نفسي وعايشت معه مرضه بكل تفاصيله وما كانت العائلة آن ذاك تدرك معنى لهذا المرض علمت فيما بعد أن أخي أصيب بالفصام فانتهى به الأمر بعد معاناة مع المرض لست سنوات أو سبع أن انتحر (انتقل إلى عفو الله سنة 95).
بالنسبة لي، طلبت مني جارتي أن نعين بعضنا بعضا في دراستنا وكنا نتابع الدراسة في نفس المستوى طلبت مني أن أحضر لبيتها كل مساء ونراجع دروسنا بشكل مشترك وما هي إلا مدة إلا وقد افتتنت بهذه الفتاة وصرت لا أصبر على بعدها كنا كل ليلة نغلق علينا الباب، لندرس لساعات ونتحدث في كل شيء لساعات وكانت من أجمل لحظات عمري من جهتها كانت تعتبرني أخا لها مرت السنة الدراسية الأولى والثانية لتخبرني أنها تعرفت على شاب وهو عازم على خطبتها وكان نزول الخبر علي كنار أحرقت فؤادي وآلمتني ألما شديدا، لأني أحببت هذه الفتاة فملكت علي فؤادي وجوارحي وكل شيء.
المشكلة أني لم أبتعد عن من أحببت بل بقيت أزورها وهي تحكي لي مشاكلها مع حبيبها وفي تصورها أني أخوها الذي عليه أن يشاركها حلو ومر حياتها كان هو يقيم بديار الغربة وكان من المفترض أن يتزوجا وترحل هي إليه وكم بذلت من الجهد لعلي أيسر حصولها على تأشيرة السفر لعلها تسافر وأرتاح من قربها وفعلا سافرت لكنها بعد عام اضطرتها الظروف للعودة للوطن ولتعود معاناتي من جديد ولأكون أقرب إليها من ذي قبل وأقف إلى جانبها بعد أن علمت أن حبيبها تخلى عنها صبرت لعشر سنوات متصلة وأنا ساكت وفي ليلة أخبرتني أن خطيبها متزوج وله أبناء وأنه فعلا تخلى عنها رغم محبتها الكبيرة له، في لحظة انهرت أنا وأخبرتها أني أعتز بمشاعر الأخوة التي تكنها لي لكني تعبت وأني أحبها.
اضطرت محبوبتي ولظروف معينة أن تقبل بزواجي وأنا متأكد أنها تزوجتني لاعتبارات اجتماعية. وكنت أتصور أن زواجنا سيمتد شهرا أو شهرين وكنت على استعداد لطلاقها متى طلبت ذلك مني إكراما للعشرة الطيبة التي جمعتنا لسنوات قبل الزواج، لكن الذي جرى أن زواجنا نجح بكل المقاييس ولا زلنا نعيش بعد مضي أزيد من خمسة عشر عاما ورزقنا الذرية الطيبة. وأشهد الله أني راض عن هذه الزوجة الطيبة وأنها تمكنت من أن تبدلني كل لحظة شقاء عشتها بلحظات هناء وسعادة ومتعة.
أعلم أني أطلت ولكن الذي جرى أن أخي الأكبر مرض بما مرض به الأخ المتوفى الذي ذكرته سلفا ولكننا صرنا هذه المرة أكثر معرفة بهذا المرض فسارعنا لطبيب نفسي وأخي هذا يتعايش مع هذا المرض الصعب. الأمر الذي لم أتصوره ولم يخطر لي ببال هو مرض أخ آخر لي نظرا لقوة شخصيته ومكانته الاجتماعية وعلو موارده المادية أصيب بحالة الضلالات والهلوسة كأخويه. ومرضت أختي بضلالة الشم.
المهم أني أرى إخوتي يتساقطون تباعا بسبب الفصام. وأنا من أعلم الناس بما يحدثه هذا المرض على الفرد ومحيطه. إنه فعلا مرض مدمر. قد يمرض الإنسان بسرطان ويعي مرضه ويستسلم لقضاء الله ذكرا وحمدا وتسبيحا إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، أما الضلالات والهلوسة والمعاناة فهو أمر لا يحتمل.
لا زلت أذكر أخي وهو يكتب مئات الصفحات عن أي خبر يتلقاه من أي شخص، كان يراكم المعلومات وكأنه يحمي بها نفسه من ملاحقة الاستخبارات والأمن. كان يقضي الساعات الطوال في تجميع معلومات غير منطقية ويحررها بأسلوب رصين في مئات الصفحات. دمره الاكتئاب والأصوات التي كانت تلاحقه وتخبره أنه محكوم عليه بالإعدام مشكلتي أني أب لطفل واحد ومنذ سنوات تكفلت بطفل يتيم وصرت خائفا أن يصير بي ما جرى بإخوتي. أنظر في عيني مكفولي وتدمع عيني وأقول من لك بعدي يا صغيري.
أعلم أن الذي خلقني وخلقه لن يضيعه ولكنها مخاوف. صرت أتابع المواقع المهتمة بالصحة النفسية ويرعبني أن أرى رجلا مثلا قتل أولاده الثلاثة ويقول المحلل أنه مصاب بفصام بارنوي. من يديريني أن أحد إخوتي يفعل بأولاده ما فعل هذا المريض الذي انهال على أولاده ضربا بسيف. هل يمكن أن أمرض وأفقد اتزاني وأصاب بالضلالات والهلوسة. هل يمكن أن تمتد يدي لولدي الاثنين بسوء. أنا خائف.
سؤالي: إن كان مرض الفصام وراثيا وأنه لا بد أن يصيبني ما أصاب إخوتي. فبالإمكان تأجيل الإصابة به بتعاطي أدوية استباقية علما أن أخي الأول مرض وهو ابن ثمان وعشرين عاما والأخ الثاني مرض وهو ابن خمس وثلاثين عاما والثالث مرض وقد بلغ التاسعة والثلاثين من العمر.
يبقى أن أشير أن مخاوفي ازدادت نوعا ما منذ مرض أخي الأكبر مني بثلات سنوات وهو الذي كنت أستبعد أن يصاب بما أصيب به الآخرون. وقد بدت حالة أخي المرضية تظهر منذ أربع سنوات.
اللهم أنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.
26/10/2012
رد المستشار
استشارة نفسية تعليمية Psychoeducational Consultation
نظرة عامة Overview :
رجل متزوج في الخامسة والأربعين من العمر يستفسر عن احتمال إصابته بالفصام. يوجد تاريخ عائلي شديد حيث ظهر المرض في ثلاثة من ثمانية أبناء لأم وأب غير مصابين بالفصام. كان الوالد رحمة الله عليه مصاباً بالإدمان على الكحول وتعافى منه. أول ابن ابتلاه المرض فارق الدنيا منتحراً.التوصيات Recommendations
٠ شكراً على استعمالك الموقع.
٠ سأجيب عليك بكل صراحة علمية وليس الغرض من الجواب هو الطمأنينة.
٠ إن احتمال الإصابة بالفصام عند وجود أخ مصاب به هي 8% أما احتمال الإصابة بالمرض في عامة السكان فهو 1%.
٠ يتم تصنيف الفصام أحياناً لغرض الدراسات العلمية والميدانية إلى صنفين. الأول هو الفصام المبكر والثاني هو الفصام المتأخر بعد 45 عاماً من العمر.
٠ الفصام المتأخر هو أقل شيوعاً من الفصام المبكر وتراه أكثر شيوعاً عند النساء. كذلك ترى العوامل الوراثية أقل وضوحاً على ضوء ذلك فإن احتمال إصابتك بالفصام أقل بكثير من 8% بعد عمر 45 عاماً. بعبارة أخرى يمكن القول بأن عدم احتمال إصابتك بالمرض هي أكثر من 95% الآن.
٠ العوامل الوراثية للفصام تتفاعل مع عوامل بيئية في معظم الحالات. الواضح من رسالتك بأنك على درجة عالية من الاتزان العاطفي والمعرفي مما يؤكد عدم وجود أي دليل على تواجد أعراض معرفية أو سلبية طفيفة تسبق المرض في معظم الحالات.
٠ إذا تم إضافة عوامل العمر (45 عاما)، عدم وجود علامات مرضية واتزان عاطفي واضح، يمكن الجزم بثقة بأن احتمال إصابتك بالفصام في المستقبل لا تختلف عن بقية السكان.
٠ ما يجب أن أحذرك منك هو القلق من هذا الأمر ومراجعة الموقع بعد الآخر فهذا قد يؤدي إلى قلق مزمن واكتئاب. عليك أن تمضي في حياتك دون القلق من احتمال الإصابة بالفصام.
٠ وفقك الله دوماً.
واقرأ إن شئت على مجانين:
الفصام
الفصام والوهام Schizophrenias & delusions
في انتظار شبح الفصام: أزمة نمو!
الشبح والمنطقة الرمادية م
ويتبع>>>>: فصام عائلي: في انتظار الشبح ! م
التعليق: شكرا سيدي.طمأنت خاطري