شاب ذكي وقلق مزمن وسحب السيروكسات
السلام عليكم؛ أنا شاب عمري 26 سنة، مشكلتي تتمثل بالرهاب الاجتماعي والقلق الزائد مع اضطرابات نفسية اجتماعية متداخلة أخرى, قد يُصعب فصلها عن بعضها البعض,
بداية هذه المشاكل يٌصعب تحديدها لكنها قديمة وأشعر أن الباب مفتوح أيضا للإصابة باضطرابات أخرى بسبب طبيعة الشخصية وما يشاع تسميته بالعامل أو الاستعداد الوراثي حيث لاحظت أن والدتي تعاني بعض الاضطرابات أيضا كالقلق الزائد والخوف والمزاجية وغيره, وربما عززت وجود هذه المشاكل جملة من التراكمات الماضية, إلا أنني لاحظت تحسن في الحالة بشكل عام منذ عامين تقريباً وتراجع بعض المشاعر السلبية كحالة الرهاب والخوف والقلق وشيء من الثقة بالنفس ومحاولة تفهم واستيعاب الحالة المرضية ومواجهتها قدر الإمكان,
هذا التحسن ساهم فيه المرور ببعض التجارب واكتساب الكثير من المهارات والخبرات الاجتماعية وزيادة التفاعل الاجتماعي خلال فترات زمنية متقطعة, لكن مازال الأمر فيه تباين دون ثبات بمعنى أن الرهاب والأعراض ليست ثابتة فأحيانا الموقف الاجتماعي بسيط وتكون الأعراض شديدة والعكس صحيح فيكون الموقف الاجتماعي شديد والأعراض شبه معدومة ولكن ومع ذلك دون مستوى ما أطمح الوصول إليه عالأقل مقارنة بالفرد الطبيعي بالإضافة لكوني شخص طموح وهذه المشكلة أحد العقبات التي تقف أو تحد من طموحي.
قبل 6 شهور قررت زيارة طبيب نفسي الذي شخص حالتي بأنها نقص في مادة السيروتونين وهناك فجوات في المخ بحاجة لملئها عن طريق حبوب السيروكسات وكانت الجرعة نصف حبة لمدة ستة أيام وبعدها حبة واحدة كاملة لمدة شهر وبعد الشهر لم أجد تحسن في حالة الرهاب الاجتماعي لربما لأنني في هذه الفترة قليل التفاعل الاجتماعي وعاطل عن العمل ورحلت عن مقاعد الدراسة بما تحمله من مواقف وواجبات, ولكن هناك تحسنا في الحالة المزاجية والكآبة وظلت حالة من القلق والخوف تراودني أحيانا وهذا ما أخبرت الطبيب به عند زيارتي الثانية له وأخبرني علينا الانتظار أكثر ليأتي الدواء (السيروكسات) مفعوله وزاد الجرعة إلى حبة ونصف أي 30 مغ وصف لي أيضا كبسولات اوميغا 3 .
لدي عدة أسئلة وملاحظات أرجو التكرم بالمساعدة:
1- بعد 6 أشهر من تناول السيروكسات بجرعة نصف حبة لمدة 6 أيام ثم حبة واحد 20 مغ لمدة شهرين ثم حبة ونصف 30 مغ لحتى نهاية الشهر السادس ولا أعرف الآن هل أتوقف عنه أم أرفع الجرعة وكميتها ومدة استمرار تناول الدواء؟ لكن ذكر الطبيب لي بالبداية أن أقل مدة هي 8 أشهر ولكني قطعت زيارتي للطبيب بسبب الظروف المادية ناهيك عن سعر الدواء المكلف, مع العلم طيلة هذه الفترة ظلت المخاوف الاجتماعية أو جزء أو شكل منها تراودني بين الحين والآخر.
2- منذ سنوات طويلة وخصوصاً مع تشغيل جهاز المكيف أثناء النوم تنتابي حالة من الانزعاج والضغط بالرأس مع الخوف والقلق المزعج أثناء النوم أو في بداية الاستيقاظ بشكل خاص في الفترة ما بين الساعة 6 صباحا لغاية 11 تقريبا فعندما أستيقظ في هذه الفترة الزمنية للذهاب للحمام مثلا أجد صعوبة للعودة للنوم مجددا بينما في بقية الساعات واليوم لا تراودني هكذا حالة فما السبب في ذلك؟
3- أحيانا في حياتنا نتجاوز مشاكل وأزمات أو مواقف ونتغلب عليها ويمضي وقت أو فترة على ذلك بحيث نشعر بحالة من النضج واستيعابها وتجاوزها, إلا أنني بعد ذلك أجد نفسي أعود للمربع الأول وأرجع للوراء خطوات يفترض أني تجاوزتها بمراحل وتعتبر بمثابة تقدم نحو الأمام, بمعنى أحيانا ما أن أستذكر موقفا أو حالة معينة (بوجود مثير أو بدون) مررت بها في الماضي, أشعر أني أعيشها بذات الحالة النفسية والمعنوية والانفعالية التي كنت عليها آنذاك مع أنني في لحظة الاستذكار أكون أكثر نضجاً ورشداً وتمكنا (هذا ما يفترض أن أكون عليه)، ولكن أشعر أني رجعت للوراء,
مثلا مواقف ومشاعر اجتماعية نفسية قديمة كنت حينها أكثر ضعفاً وخجلاً, أو مشاعر أو خوف ماقبل المدرسة فأرجع بمثل الحالة التي كنت عليها عندما كنت طالبا بالمدرسة وبذات الأجواء التي أعيشها وقتها وكأني لم أتجاوز هكذا حالة وتعديتها (بمراحل) وكذلك الحال في أمور الخبرة أو التعلم بمجال معين فمثلا أنا الآن لدي خبرة بسياقة السيارة 10 سنوات ولكن عندما أستذكر ماكنت عليه في بداياتي من مواقف بقيادة السيارة فكأني أرجع لتلك الحالة وكذا الحال خصوصاً مع المواقف والخبرات الاجتماعية، فما السبب في ذلك وكيف أتغلب على هكذا شعور مزعج يسبب لي نوع من الاختلال النفسي وتشوش وتيهان فكري اجتماعي؟
4- مشكلة تضايقني ربما هي عاطفية بمعنى أني أجد نفسي أتعلق عاطفياً بالزمان والمكان والأشخاص فعندما يجمعني أي محادثة وإن كانت عابرة, أتعلق بهذا الشخص عاطفياً وكذلك الحال بالزمان والمكان, وغالباً ما أن أستذكر كل هذا بعد الابتعاد عنهم أشعر بالضيق في صدري والرغبة بالبكاء ,هذه الصفة لدي موجودة منذ القدم وحتى الآن وهي شعوري بالرغبة بالارتباط العاطفي والاجتماعي إن صح التعبير عند الحديث أو التعامل مع أي فرد وخصوصاً الجنس الآخر, حتى لو جمعنا حديث عابر أو مجرد سؤال واستفسار, حتى لو حدث ذلك صوتياً أو كتابياً.
5- أبرز ما لاحظته من تأثيرات للحبوب سيروكسات أثناء تناوله, هي اضطرابات بالنوم وكثرة الحركة بالفراش قبل النوم ليلاً وانقطاع الاستحلام بشكل شبه تام من بداية تناول السيروكسات حتى بداية الانقطاع عنه مؤخرا مع صعوبة القدرة على النوم أحيانا بالليل وكثرة التقلب والحركة على الفراش قبل ذلك فهل من الطبيعي حدوث ذلك؟
6- لاحظت وجود علاقة بين تناول الشاي والقهوة (وربما أي شراب يحتوي على مادة الكافيين) والشعور بالقلق والخوف وأعراض باطنية أخرى كصدور أصوات, تعرق غزير, بوقت قصير من الانتهاء من شربها ولا أعلم سبب ذلك وإن نصحني الدكتور بتجنبها دون تسبيب ذلك.
7- هناك الكثير من الحالات العقلية أو النفسية (رغم قلة حدوثها) التي أمر بها ولا أستطيع شرح ماهيتها لوجود صعوبة بالغة في ذلك وكلما حاولت ذلك, مجرد محاولة أشعر بأن عقلي بدأ يعلق أو يفكر ويحلل بطريقة غريبة بمعنى عند التفكير أو تحليل أمر ما, أشعر بشيء من الهذيان كلخبطة بين أمور لا علاقة بينهما بشيء وكأنما العقل لايحلل أو يفسر أو يستقبل الأمور بشكل صحيح كمثلاً التفكير أحيانا ًبالجماد ككائن حي, أو عند التفكير أو السؤال عن وجبة الغذاء القادمة فالخيارت والأجوبة تكون عبارة عن أمور بعيدة عن الموضوع كأن تكون الوجبة عبارة عن أسماء مدن أو مواد دراسية.... إلخ وتتردد في بالي أحياناً أسئلة مثلاً القناة الفضائية الفلانية ياترى مانوع البهار المستخدم فيها أو الأشخاص بالفرقة الموسيقية الفلانية على أي نوع بطارية أو طاقة تحركهم.
8- أتأثر سلبا وإيجابا بسهولة بالروائح والألوان والأصوات, وخصوصا بحالة الجو والطقس بشكل كبير فعندما يكون الطقس مشمس ومستقر أشعر بالراحة أما في حالة الغيم والغبار وتقلبات الجو أشعر بالكآبة لاسيما بالشتاء والبرد تكون في أشدها وكذلك التأثر بالمناسبات والأشهر والأيام الدينية الاجتماعية كالحال مثلاً بشهر رمضان والأعياد حيث يضطرب المزاج وحلولها تسبب الكآبة.
9- شخص مثلي بهكذا وضع و وصف, وكوني شخص طموح (ولو أني حالياً أعيش اليأس والإحباط وتناقص أي شعور إيجابي) ولدي شيء من الطموح والذي يتعارض مع ما أعانيه, هل يمكن تكييف أي طموح أو خطة مستقبلية وبما يتناسب مع وضعي النفسي والاجتماعي بمعنى أتراجع عن أي هدف يتطلب نفسية مستقرة وقوية ويتطلب مهارات اجتماعية أو جرأة لا أملكها؟
۰ أخيراً وبهذه الأيام وعندما تم قبولي في دورة عسكرية وتحقق أحد أحلامي وأمنيات طفولتي تركت تناول السيروكسات أو تناولها بنص حبة بشكل متقطع في محاولة مني لتركه لدخول المعسكر التدريبي بدونه طبعاً, بعد دخولي للمعسكر ومنذ أول يوم لي هناك لم أشعر بالراحة النفسية بالذات, خصوصاً بالسكن والمعاملة هناك وللأسف اتخذت قرار إنسحابي من هناك, بعدما عقدت آمال وطموح على هذه الوظيفة وتوديع البطالة المزعجة وإعالة عائلتي؛
ومنذ لحظة خروجي وبعده بكم يوم شعرت بأعراض قد تكون نتيجة ترك السيروكسات أو صدمة ماحدث في موضوع المعسكر والمواقف هناك, أو كلاهما معاً, أبرز الأعراض إسهال, كثرة الاحتلام وقوة الشهوة الجنسية, قلة الشهية للطعام بشكل كبير, صداع خفيف أعلى الرأس, مع شعور بضربات أو تحرك بأعلى الرأس على شكل نوبات متكررة, كثرة النوم والرغبة فيه, الإحساس بالخوف والقلق الشديد مع اضطرابات نفسية وعاطفية, اجتماعية متداخلة, التحسس بشدة من المكيف فيسبب لي انزعاج وتشوش ذهني نفسي, أصبحت عاطفي بشدة وأحلامي عاطفية, وحالياً أمر بحالة من الاكتئاب والإحباط وأني شخص بلا قيمة بالمجتمع ولست بفاعل ومنتج فيه.
عموماً بدأت بالرجوع لتناول السيروكسات نص حبة فقط يومياً بعد انقطاع عنه, فما التعامل المثالي مع السيروكسات حالياً, هل أتركه أو أرفع الجرعة أو أستبدله بعلاج آخر أو هل بحاجة لدواء آخر بجانب السيروكسات؟ مع العلم فترة تناولي للسيروكسات بالوصف السابق المذكور أيضاً كانت تراودني مخاوف وقلق لا أعلم هل الخلل من الجرعة أو طريقة تناولها, المهم الآن أني أمر بأيام صعبة وسيئة جداً لا تخلو من الاكتئاب وهل يوجد أدوية معينة تساعدني لتجاوز مرحلة الكآبة والإحباط, أتمنى مساعدتي مع الشكر الجزيل.
۰ علماً إني سليم عضوياً بشكل عام وأجريت على فترات بعض الفحوصات الطبية مثل فحوص للدم وضغط الدم والغدة الدرقية وتخطيط القلب وكذلك الأسنان الحمدلله كلها جيدة وسليمة.
أنتظر ردكم مع جزيل الشكر
01/11/2012
رد المستشار
استشارة عقار نفسية Psychopharmacology Consultation
نظرة عامة Overview : شاب عمره 26 عاماً يطرح رحلته مع القلق بصورة ذكية ويسأل عن 9 أسئلة عن عقار السيروكسات (الباروكستين) Paroxetine الذي يتناوله لفترة ليست بالقصيرة.
التوصيات Recommendations :
۰ شكراً على استعمالك الموقع.۰ ليس هناك شك في أنك تعاني من أعراض قلق مزمنة ربما من الأفضل أن تستوعب حالتك على أن استعدادك للشعور بالقلق أسرع من غيرك من الناس وإن شعرت بالقلق تكون أعراضه أكثر شدة من بقية الناس من الأفضل لكل إنسان يعاني من أعراض القلق أن يستعمل هذا النموذج في مسيرته مع القلق بدلاً من وضعه في إطار مرضي بحت الإطار الأخير لا يؤدي إلا إلى الشعور بالهزيمة والاستسلام لأعراض أثبتت البحوث أنها تميل إلى التحسن في الكثيرين مع تقدم العمر والابتعاد عن البيت والدخول في علاقة عاطفية سعيدة.
۰ عقار السيروكسات لا يخلو من المشاكل ولا أميل إلى وصفه في هذه الأيام، إن شاهدت مريضا يتناول هذا العقار فهو بدون شك يتناوله منذ أعوام عدة لا يعني هذا بأن الدواء غير فعال ولكن ما حدث لك بعد ترك الدواء هو السبب في الابتعاد عن وصفه هذه الأيام، إن كان هناك مجال لاستبداله بعقار آخر تحت مراجعة طبية فعليك بهذا الاختيار وإن لم يكن ذلك ممكناً فلا بأس لا يتم استبدال العقار بعقار آخر لكن تحت إشراف طبي.
۰ السؤال 1: العقار يساعد أعراض الاكتئاب ويحدث ذلك خالا 2 – 6 أسابيع إن لم يحدث ذلك فيمكن القول بأن الاستجابة للعقار لم تحدث فعالية العقار ضد القلق أقل بكثير من الاكتئاب وإن لم يحدث ذلك خلال 6 أسابيع فلن يحدث بعد ستة أشهر عليك تجنب زيادة الجرعة لزيادة الاستجابة فلا يوجد دليل علمي على ذلك.
۰ السؤال 2: تميل أعراض الاكتئاب والقلق إلى الزيادة في الشدة في الصباح وحتى منتصف النهار وبعدها تميل إلى التحسن جزئياً هذا طبيعي بسبب التفاوت في تركيز الهورمونات في الدم وزيادة إفرازاها في ساعات الصباح وخاصة الكورتيزون.
۰ السؤال 3: ظاهرة استرجاع ذكريات الماضي والإحساس بالعواطف المصاحبة لها طبيعية وما لا يقل عن 65% من الناس يشعرون بها بين الحين والآخر هذه الظاهرة ليست بالضرورة مرضية ولكن الإنسان الذي يميل إلى القلق ينزعج منها أكثر من غيره عليك القبول بأن هذه الظاهرة طبيعية ولا تجعلها مصدراً من مصادر القلق.
۰ السؤال 4: هذه صفة شخصية يمكن وصفها بالإفراط العاطفي وهي ظاهرة تطورية تميل إلى التحسن في المستقبل، وليست بالضرورة مرضية يميل البعض إلى وضعها في إطار القلق من الفراق (فراق الأم) الذي يصاحب الطفل الذي يشعر بالقلق على صحة أمه والخوف من أن يصيبها مكروه هناك مدارس نفسية تضع جميع أنواع القلق في هذا الإطار نصيحتي لك أن تعمل على الابتعاد عن البيت والمدينة بين فترة وأخرى للاستجمام وتوسيع شبكتك الاجتماعية.
۰ السؤال 5: هذه الاضطرابات في النوم مصدرها القلق والعقار أيضاً.
۰ السؤال 6: حسناً فعلت بتجنب الكافيين. هناك بعض الأفراد الذين يتخلصون من القلق بمجرد الإقلاع عن الكافيين.
۰ السؤال 7: هذه أعراض من أعراض القلق التي تأخذ إطار الحصار المعرفي (الوسواس القهري) وهي شائعة معظم المرضى المصابين بالقلق.
۰ السؤال 8: هذه أيضاً من أعراض القلق المعروفة وأحياناً قد تكون الأعراض الوحيدة التي يشكو منها المريض وتدفع نحو استشارة طبية أما التفاوت في شدة الأعراض بين موسم وآخر فهو كثير الشيوع في اضطراب القلق والاكتئاب أما زيادة الأعراض في المناسبات والأعياد فهي ظاهرة يعاني منها مرضى القلق لأنها تزيد من احتكاكهم بالغير.
۰ السؤال 9: ليس هناك أفضل من وضع خطة يمكن أن تطلق عليها خطة تلبية الاحتياجات الناقصة Unmet Needs. هذا البرنامج هو الذي يتم تطبيقه هذه الأيام لمساعدة المصابين بأعراض القلق وغيرها هذه الاحتياجات:
1. احتياجات عاطفية.
2. احتياجات جسدية.
3. احتياجات روحية
4. احتياجات مهنية.
5. اجتياحات الشعور بالأمان.
6. الشعور بالاستقلال.
7. الشعور بتقدير الآخرين.
۰ إن التمعن في هذه الاحتياجات وتلبيتها هي الطريق الوحيد للتخلص من القلق.
۰ وفقك الله دوماً.