وسواس
لا أعلم من أين أبدأ فحياتي ومشاعري وما ينتابني متشعب ولا أستطيع السيطرة عليه لعل مشكلتي قديمة ولم أعرها في البداية اهتماما حتى تفاقمت وأصبحت معقدة جدا.
عمري 30 سنة متزوجة علاقتي مع أفراد أسرتي جيدة الحمد لله لكن لا أستطيع التحدث معهم بكل ما أشعر به خوفا من انتقال الحالة لهم فتجدني أتحدث معهم إذا تعبت جدا وأردت أن أنفس عن ما بداخلي، زوجي جربت الحديث معه عن بعض ما أشعر به لكن وجدته من النوع الذي يتنرفز بسرعة لذلك تجدني لا أتحدث معه بخصوص ما أشعر به وأيضا لدي وسواس حساس جدا أخاف إن تكلمت معه بخصوصه تنتقل له الحالة أنا يا دكتور كمن يعيش بدوامة دائم الدوران حول أفكار لا يستطيع أن يجد لها حلا؛
وكل ما أهملت نفسي أجد هذه الأفكار تزداد وأصبحت ظاهرة علي حيث لم أعد أهتم بنفسي وبأكلي من أصحى من النوم وحتى أنام وأنا شغلي الشاغل هذه الأفكار وتحليلها لإيجاد حل لها لكن سرعان ما أكتشف أني بتحليلها زدت تعقيدها وتشابكها في البداية بدأت معي بالوضوء والاغتسال حيث أرى الماء يسري على جسدي لكن أحاول إمراره مرة أخرى احتياطا كذلك بعد استخدام الحمام أطول بالغسل خوفا من أن لا يكون الماء وصل بشكل جيد وكنت أتجرد أحيانا من ملابسي عند دخول الخلاء خوفا من أن تصاب بنجاسة هذه الأشياء لم ألتفت لها لأن سرعان ما تنتهي المشكلة بخروجي من الحمام وكنت أمارس حياتي بشكل طبيعي جدا ماعدا ما ذكرت.
بعد زواجي بدأت تهاجمني الوساوس بشكل شرس جدا حيث أصبحت أشك بصحة عقد زواجي خصوصا بعد ما قرأت عن بعض الشروط التي اختلت بالعقد فتألمت جدا وكلمت قاضيا وأخبرني أن لا ألتفت لهذا الأمر وأن عقدي صحيح فرحت لكن سرعان ما انتكست وشككت بكلامه وأنه ربما لم يكن صادقا معي وأصبحت أبحث هنا وهناك فكثرت اجتهادات العلماء بهذا الأمر البعض يجد صحة العقد والآخر يجد فساد العقد وأنا مرة أنجر لهذا الرأي وتارة الأخرى أتأثر بالرأي الآخر إلى أن بدأت معي وساوس أخرى تمس الدين "اللهم اغفر لي".
وأشياء تتحدث بداخلي لا أستطيع السيطرة عليها أشياء تحسسني بكل مرة أسمعها بداخلي أني إنسانة مهما عملت بدنيتي فلن يرضى الله عني تحطمت جدا وبدأت أقرأ عن تأثير الردة أعوذ بالله منها على عقد النكاح مما أدى إلى تفاقم الحالة لدي مما أدى إلى عدم اشتهائي للأكل وعدم إحساسي بالجوع وأصبح الضعف واضحا علي حيث خسرت الكثير من وزني وأنا ما بين التفكير بعقد الزواج وبين التفكير بالأفكار التسلطية التي تمس عقيدتي "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".
أتاني وسواس النذر وأنا قصدت في قولي هذا وذاك ما يوقعني به فزدت حرجا وتألما عندها دخلت الدوامة التي لا أعلم إلى أين ستأخذني انقلب حالي وأصبحت كثيرة البكاء حتى أثر هذا البكاء على خشمي وأصبت بحساسية مزمنة منه بعدها بدأت بقراءة ما تيسر لي من القرآن حتى هدأت وتحسنت حالي.
بعدها انتقلت وساوسي حول ألفاظ زوجي هل قصد بهذه الألفاظ كنايات الطلاق.... ما كانت نيته أصبحت أسأله عن أغلب الألفاظ حتى قال لي يوما إذا استمريت على هذه الحالة ربما أصبح نفسك توسوس بهذا الأمر فانتبهت لنفسي وأصبحت أسرها بداخلي.. حتى وصلت لقناعة أنني لست محاسبة عن نواياه مما خفف الثقل علي.
لكن ما هي إلا سويعات وعلمت بأمر أن الزوج بإمكانه تفويض زوجته وجعلها تشاركه في العصمة فأصبحت أسترجع أحاديثنا ورجعت لمحادثات قديمة بيننا في الماسنجر أبحث ما بين السطور عن كلمة أو جملة فوضني بها وجدت الكثير من الكنايات أحزنت قلبي وما زلت مصرة بداخلي أنه قد يكون فوضني بهذا الأمر أصبحت أخشى الكلام والألفاظ التي تخرج مني على هيئة كنايات دائما ما تجدني أتلعثم كي أبعد نية ال... عني.
هاجمتني أفكار متسلطة بداخلي أنني إن فعلت كذا فسأصبح كذا... لا أخفيك أمرا أحيانا أتجنب فعلها خوفا من أن يكون لساني تحرك ببعض الحروف أصبحت أخاف جدا جدا... أصبح شغلي الشاغل ما تلفظت به وما هي نيتي حتي أنني قرأت أن السلام يعتبر كناية فأصبحت أقفل الخط بوجه المتصل تحاشيا من السلام ولا أرد على من يسلم خوفا.
حتى في صلاتي أتأخر عند السلام منها وأصابعي تتشنج خوفا من استحضار النية أريد أن أعرف هل ما أمر به يعتبر طبيعي؟
هل له علاج سلوكي أم لابد من تدخل دوائي؟
هل إذا أهملت حالتي ستسوء أم ماذا؟
هل الفراغ له دور بتفاقم هذه الحالة حيث أنني لست موظفة وزوجي موظف وإلى الآن لا يوجد لديَّ أطفال حتى أنشغل بهم فحياتي بشكل يومي أصحى الظهر زوجي يأتي من الدوام نتغدى ينام أجلس على التلفاز أو الهاتف بعدها يصحو المغرب يذهب إلى النادي وأنا بالبيت أحيانا يتمشى مع أصحابه وأنا لا يوجد لدي أصحاب فأغلب وقتي ملازمة البيت بعدها أنام وباكر نفس أمس.
15/11/2012
رد المستشار
أهلا بك وسهلا يا "Some1"، على صفحة مجانين، وأسأل الله تعالى لك العافية التامة...
سأبدأ إجابتك من آخر سؤالك، طبعا يا أختي حالتك ليست طبيعية...، الطبيعي ألا تعطي لهذه الأفكار أية أهمية، لأنها مجرد أفكار لا وجود لها في عالم الحقيقة... والطبيعي أن تستطيعي رمي هذه الأفكار بسرعة من ذهنك عندما تجدين أنها غير منطقية، أما أن تقلقك إلى هذا الحد، وأن تعجزي عن طردها من تفكيرك فهذا غير طبيعي... والطبيعي ألا تتصرفي حسب ما تمليه عليك الأفكار الوهمية..، أما أن تمضي وقتك في التأكد من صحتها، أو تجنب الوقوع في مستلزماتها، فهذا غير طبيعي...
هذا وسواس قهري، الوسواس القهري حالة غير طبيعية، حالة مرضية تختل فيها بعض الناقلات العصبية في الدماغ، وتستلزم العلاج، ولا دخل للفراغ بها. ويكفي العلاج المعرفي السلوكي في بدايتها، لكن حين تتطور وتزداد، فالغالب اللجوء إلى الدواء إضافة إلى ما سبق...، والطبيب هو الذي يقرر هذا بالنسبة لك...، وكل تأخر وإهمال للعلاج يزيد من سوء الحالة، فبادري اليوم قبل الغد واطلبي الحل... والعلاج المعرفي السلوكي يتلخص: في تصحيح المعارف لديك حول موضوع الوسواس، ثم التعرض إلى ما يثيرها لديك مع عدم الاستجابة لما يدعو إليه...
فمثلا: في وسواس الطهارة، على الموسوس أن يستحضر القاعدة الفقهية التي تقول: "اليقين لا يزول بالشك"، ويعلم أنه إن لم يتم التأكد من وجود النجاسة بنسبة 100% فكل شيء طاهر، وعليه بعد إذ أن يتصرف وفقا لهذا، فيعتبر الأشياء طاهرة، ويعاملها على هذا الأساس...
وكذلك بالنسبة لصحة العقد، فحيث أجاب القاضي بصحة العقد، فكلما خطر في بالك بطلانه، قولي: لا بل هو صحيح واتركي الأفكار في حالها، لا تهتمي لها سواء دارت في عقلك أو فارقته.. ويقال الشيء نفسه في حق الردة، فحيث لم تعقدي العزم على الردة –أعاذك الله وإيانا منها- وإنما بقيت فكرة تخافين منها، أورثت لديك شكا، فالأصل بقاؤك على ما كنت عليه من الإيمان، ودعي الأفكار، وما يترتب عليها من فسخ العقد، أو.. أو..، دعيها جانبا، لا تهتمي بها سواء دارت في ذهنك أم ذهبت...
والنذر لا يلزم إلا بيقين وقوعه منك أيضا، وعقد العزم عليه، وفي القاعدة الفقهية: "الأصل براءة الذمة" فذمتك بريئة منه ما لم تتيقني وقوعه منك دون شك...
وأخيرا وسواس الطلاق، فالحمد لله أنك وصلت لقناعة ألا دخل لك بنية زوجك، ولا بسؤاله عنها...، فقولي نفس الشيء بالنسبة للتفويض بالطلاق. إذا لم تعلمي تفويضه لك صراحة فليس لك أن تبحثي عن الكنايات، ولا أن تفسريها... ومنطقيا وواقعيا يندر أو يستحيل أن يفوضك زوجك بالطلاق دون أن يعلمك صراحة بهذا... ثم على فرض أنه فوضك أو وكلك ولم تعلمي، يمكنه بكل سهولة –عند الشافعية- أن يسحب هذا منك الآن، فيقول: عزلتك عن تفويضك، أو توكيلك بالطلاق...
غير أني لا أنصحك بطلب العزل منه، لأنه ليس علاجا لوسواسك، بل لعله يزيده...، كل ما عليك أن تفعليه، أن تقولي عندما تخطر هذه الفكرة ببالك أن تقولي: لم يفوضني، ولم أطلق، والهَيْ عن التفكير.
في كل هذه الأحوال السابقة، ستشعرين بقلق متزايد في بداية عدم الاستجابة، ثم ما يلبث أن يخف خلال أيام إلى أن يزول...
أخيرا، -وريثما تذهبين إلى الطبيب- أحضري ورقة وقلما واكتبي الكلمات التالية كل واحدة 50 مرة كل يوم: (طلّق، يُطَلِّق، زوجة زيد طالق، طَلُقَت زوجةٌ قال لها زوجها: أنت طالق، فوض زوج زوجته بالطلاق، فقالت له: طلقت نفسي، السلام عليكم جميعا)...
أهلا وسهلا بك دائما وعافاك الله من كل شكوى...
* ويضيف د. وائل أبو هندي: الأخت الفاضلة "Some1" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، فعلا يبدو أنك أهملت حالتك أكثر من اللازم.... أنت الآن موسوسة + مكتئبة + تعيشين في فراغ + تفتقرين للدعم الأسري والاجتماعي.... يعني المشكلة مرشحة للتفاقم.... فهناك وسواس قهري مزمن + نوبة اكتئاب جسيم شدتها بين المتوسطة والخفيفة وهناك غياب لكافة أشكال الدعم وفراغ شبه كامل... عافاك الله
نصيحتي لك هي طلب العلاج بصورة عاجلة والخيار الأمثل هو مزيج من العلاج العقاري بأي من الم.ا.س.ا إضافة للعلاج المعرفي السلوكي المناسب والأخير هذا خذيه من على مجانين وعبرها إن لم تجدي –وهو الأغلب للأسف- من المعالجين من يحسنه.
ملحوظات:
1- يا ترى ما هو المقصود بانتقال الحالة منك إلى غيرك ؟ زوجك أو أفرد أسرتك ؟ هل المقصود أن الحالة معدية أو انتقالية بشكل أو بآخر ؟ أم المقصود أن مجرد سماع أفكارك يوقع الإنسان في شَرَكِها؟ لأنه "وسواس حساس جدا" كما تقولين؟
2- تقولين في أول إفادتك (بدأت معي بالوضوء والاغتسال حيث أرى الماء يسري على جسدي لكن أحاول إمراره مرة أخرى احتياطا كذلك بعد استخدام الحمام أطول بالغسل خوفا من أن لا يكون الماء وصل بشكل جيد) وآخذ لك من رد قديم لمجيبتك رفيف الصباغ قولها: (بالنسبة للغسل المطلوب إيصال الماء إلى جميع البشرة والشعر نعم، لكن لا يشترط الدلك، ولا يشترط اليقين، أي لا يشترط أن تكوني متيقنة 100% من وصول الماء إلى كل ذرة في جسدك، ولكن يكفي غلبة الظن -وغلبة الظن هنا المراد بها ما بين "51-99%" -، وهذه قد تكون يسيرة على غير الموسوس، لكن بالنسبة للموسوس أقول: إذا صببت الماء بمقدار لو صبه غير الموسوس لقال إنه عمم جسده فإنك في هذه الحالة تكونين قد بلغت جسدك وإن لم تشعري بأنك فعلت هذا حقًا، الموسوس بطبيعته لا يشعر باكتمال الفعل، فلا يعول على مشاعره، وإنما نقيس على أفعال الآخرين...) فنفس هذا الكلام يقال لك.
3- وتقولين كذلك: (وكنت أتجرد أحيانا من ملابسي عند دخول الخلاء خوفا من أن تصاب بنجاسة هذه الأشياء لم ألتفت لها لأن سرعان ما تنتهي المشكلة بخروجي من الحمام وكنت أمارس حياتي بشكل طبيعي جدا ماعدا ما ذكرت..) ولي تعليق ليس على مشكلة التطهر فقد ردت رفيف لكن المشكلة هي قولك أن هذه الأشياء لا تلتفتين لها لأنها سرعان ما تنتهي بخروجك من الحمام لتعيشي طبيعي! هذا الطبيعي للأسف يعني أنك تتعايشين مع وساوس وقهورات وهو ما يبقيك في الفخ وإن بدا لك غير ذلك، أي تبقين معرضة دائما لهجوم الوسوسة في أي من الأمور وربما الاكتئاب... يجب لاكتمال العلاج ومنع الانتكاس أن نتخلص من أشكال الوساوس والأفعال القهرية.
وأخيرا أشكر زوجك لأن نرفزته وعدم قدرته على التحمل بلا شك تحد من تفاقم وسوستك، وفي نفس الوقت أدعوه من خلالك لتحمل مسئوليته بأن يبحث لك عن أفضل الطرق للعلاج وأهمها العلاج المعرفي السلوكي لكن المُلِح منها الآن هو العلاج العقاري وألف من يستطيع وصفه لك في الكويت.