إحباط عام
سلام عليكم؛
صراحة مش عارف أبتدي منين، قد يكون البوست ده ليا على الفايس بوك ممكن يديكم مقدمة علي مشكلتي: "النهاردة المياه مقطوعة في الحي (انقطاع اضطراري لمدة 12 ساعة من شركة المياه)، عادي الواحد اتعود من الصيف على منظر الناس في الشارع بالزجاجات البلاستيك الفاضية بيدوروا على حد يملاها منه ولون المياه البني بقى عادي برده، والمياه المعدنية بقت غالية الضعف وأساسا ده لو لقتها، وهي في الأصل مياه من الحنفية وإحنا عارفين كده كويس بس عادي، تركب تاكسي، استغلال وقلة أدب من السواق وأبسط شيء موجود في أي دولة إن فيه قيمة للعداد لكل كيلو ديه موش موجودة في مصر أم الدنيا لسه معرفوش الاختراع ده... ولو ربنا كرمك ومعاك عربية (حتشتريها أساسا بضعف ثمنها في أي مكان تاني في العالم، مع العلم أن مرتبك حوالي نصف مرتب أي موظف في أي دولة تانية).
المهم لو ربنا كرمك ومعاك عربية حيطلع عينك طول السكة ما بين قلة أدب سواقين التاكسيات والميني باصات وما بين تكسير وتزنيق ملوش أي داعي (كأن الناس ديه عندها قيمة للوقت!!) وما بين تكسير في الشوارع يقصف عمر عربيتك... المهم لو وصلت شغلك سليم... تكتشف أنك بتتعامل مع 90 في المائة من الزملاء ناس معقدة نفسيا وكل همك ازاي تتجنب خاذوق من زميلك أو تتجنب أنه يفهمك غلط أو بسبب إنه معقد نفسيا أو.. أو.. أو.. ممكن تلاقي نفسك بتقول معلومة إنت عامل فيها ماجتسير أساسا بس ازاي تطلع زميلك غلطان، لو فكرت تحضر اجتماع حتكتشف أد إيه الناس ديه همها أي شيء غير الشغل.
لو حاولت تنزل تصلي الجمعة تكتشف أن الخطبة كلها زعيق وكلام أبعد ما يكون أنه يعالج أخلاقيات المجتمع وازاي يعالجها والخطيب أساسا إنسان مريض وموش حاسس بمرض المجمتع.... تشغل التليفزيون أو الراديو تتفرج على أي برنامج، تكتشف مدى التفاهة والهبل الناس عايشة فيه، تغير القناة على الألمانية أو البريطانية، تكتشف كأنهم في عالم تاني عاملين إذاعات للناس موش للبقر، تكتشف إن لسه فيه مواضيع مهمة في العالم!!
تكتشف إن الناس في مصر بيبقى همها أنها تعمل أي شيء غير الهدف اللي أدامها... ترجع البيت كل همك أن الكهرباء ماتتقطعش والمياه يكون ضغطها كويس والعربية تكون سليمة وماتتخانقشي مع أي واحد، يعني اليوم يعدي على خير، تحاول ترتاح في السرير لكن صوت الزحمة والصوت العالي في كل مكان حتى الوقت المتأخر، الواحد كان فاقد الأمل الأول في الناس أصحاب الدقون وبيقول أنهم بيمثلوا وأنهم ناس مرضى نفسيين، لكن الحقيقة إن ده ينطبق على البلد كلها. ربنا يطلعنا منها على خير، وإلى كل واحد نصحني إني أسيب البلد من 10 سنين وأنا لسه مخلص الجيش وقالي متستناش بعد ماتكمل الثلاثين وتندم، فعلا كان عندك حق".
أنا عايش حالة من الإحباط العام من كل شيء ومن كل شخص في مصر، مصر بقت كل ناسها كذابين منافقين جبناء، العاطفة بتاخذهم أبعد ما يكون عن المنطق. الأخلاق في النازل، أسهل شيء الشتيمة والإهانة، الدين أبعد ما يكون عن المجمتع، أنا قعدت مدة كبيرة بعيد عن الصلاة وحاليا غير منتظم، لو صليت الفجر والظهر يبقى كويس جدا، أنا فقدت الثقة والاحترام لكل الناس اللي بيتكلموا باسم الدين سواء في العائلة أو الشغل أو على منابر المساجد والتليفزيون السبب هو التناقض الكبير في كلامهم أو أن المشاكل اللي بيناقشوها أبعد ما يكون من مشاكل المجتمع، زمايلي في الشغل اللي بدقون هم أوضح مثال يعني إيه تشدد ويعني إيه تسبيب الأسباب لمصلحتهم... ممكن هما يغتابوا حد بحجة ومائة سبب شرعي لكن غيرهم لو الكلام موش على هواهم يبقى غيبة ونميمة و.. الخ.. آخر ناس بشوفهم بيشتغلوا، والشغل كله بيترمي علي أو على غيري.
الخطب في التليفزيون وكلام الشيوخ كله هجص وأبعد ما يكون إنه فيه منطق أو حق... الشغل زبالة، محدش بيشتغل, المديرين موش فاهمين حاجة، سياسة الشركة وسياسة المؤسسة اللي بتنتمي إليها الشركة تضحك، بل تفطس من الضحك، لو أي شركة أجنبية في اجتماع بيضحكوا علينا من سذاجتنا ومن أخلاقنا الواطية وغبائنا حتى في الغش.
بكمل دراساتي العليا في الجامعة، برغم شهادتي إن فيها أستاذة محترمين لكن ازاي بحث علمي بدون تفرغ وبدون ميزانية وبدون أساتذة مهتمين وعندهم وقت إنهم يشرفوا على بحث علمي، ازاي بحث علمي بدون معامل وتجارب.... تبقى إيه، الشوارع والسواقة، يطلع عينك فيهم مابين شتيمة الناس وقلة ادبهم، اللي يحبط أكتر, إن النموذج الناجح في مصر هو مزيج ما بين صفات البلطجة والعافية وما بين الفهلوة والكذب(بيسموه هنا ذكاء اجتماعي بالغلط...)، أي قيمة فيها اجتهاد أو صدق أو أمانة أو علم هي شيء موش مكانها مصر بجد موش عارف أعمل إيه...
ثم أرسل مرة أخرى متابعاً يقول:
معلش، نسيت أقول في استشارتي السابقة الآتي، أن كل شئ في مصر بقي زائف، بمعني إن كل شئ بيتعمل من أجل أنه يتم رؤيته بين الناس كذلك ممكن واحدة قريبيتي تروح تزور واحدة تعبانة موش لسبب فقط إنه يتقال إنها عملت الواجب وليس فعلا حبا فيها، الناس بتنزل تصلي في الجامع علشان يبقي منظرها فقط انها نزلت تصلي ويتقال انها كويسة من جوه... المديرين في الشغل بيعملوا حركات موش اكتر من انهم يبان انهم بيفهموا كويس وامخاخهم كبيرة، وتلاقي الاجتماعات في الشركات ليست الا خناقة مين يثبت انه اذكي واشطر ولكن الحقيقة ابعد من ذلك بكتير، مين فعلا عايز المصلحة وتحقيق الهدف الحقيقي من الموضوع، قليل جدا.
المشاعر طاغية زيادة عن اللزوم، بتخلي الناس ابعد ما يكون عن المنطق، الناس بتتخانق علشان فقط تقول ان هي الاذكي والاشطر والاصح والطرف التاني يبقي حمار بديل... ممكن تسوق في حارتك وواحد ييجي من حارة مخالفة ويكسر عليك وكان حيعمل حادثة وتخبطوا في بعض لولا ستر ربنا، لكن هو موش غلطان، إنت اللي غلطان طبعا... للأسف المثل ده في كل شيء في حياتنا...
الناس عندها تجمع فريد من نوعه من نوعية الذكاء المتوسط اللي هو كل همه إنه يثبت إنه أحسن وأفضل ويلم فلوس أكتر لكن أبعد ما يكون من إنه يبني نظام ودولة... الناس عندها رغبة كبيرة في السلطة كل شخص عايز يكون مدير ويتحكم في الآخر ويهين الآخر، الناس معندهاش أي رغبة في كلام منطقي يدخل العقل، جرب اسأل أي حد عن أي شيء عمله حيكون رد فعله دفاعي جدا، أو هجومي جدا علشان يثبت إنك حمار وبالتالي يدافع عن نفسه الناس العاطفة ببتحكم في أفكارهم بطريقة زيادة عن اللزوم.
أنا شفت الأم اللي موش بتدي بنتها الحقنة بالرغم من إنه العلاج الوحيد، موش لسبب إنها متخليش بنتها تعيط جامد، في حين إن المرض قوي جدا وممكن يعمل عاهة مستديمة بدون الحقن، لكن ازاي نزعل البنت الصغيرة، الناس أبعد ما يكون عن الدقة في وصفها لأي شيء، توصل لدرجة الكذب في الحديث، وبمناسبة الكذب ففي مليون مبرر ومبرر علشان كذب وميتقالشي عليه كذب، ولو اعترضت يبقى إنت إنسان مثالي جدا ومحبكها جامد، كل شيء زيف، جارك اللي بدقن هو في الحقيقة أفاق وكذاب... الشيخ اللي في الجامع اللي بيخطب الجمعة بيقول كلام كله هجص، المستمعين كلهم بيمثلوا إنهم بيسمعوا، حتى اللي بينصح مجرد غرضه موش النصيحة لكن إنه يثبت إنه أحسن منك وأكبر منك، لكن هو موش بيتمنى إنك تكون كويس، إحنا عايشين في نكتة كبيرة وأنا موش عارف أتأقلم على المسرحية ديه.
أنا تعبت كتير الموضوع ملوش علاقة بالثورة، ده أخلاق المصريين قبل وبعد الثورة، الفرق فقط أن الظروف فقط اختلفت... يارب العن البلد ديه اللي أهلها كلهم كذابين وغشاشين وأفاقين، يارب إنهي حياتنا من البلد ديه، أنا موش شايف إسلام ولا دين ولا أخلاق، دول كلهم ناس بتمثل، وبيجيدوا التمثيل، وأنا كاره أكون جزء من المسرحية السخيفة.
27/12/2012
رد المستشار
الأخ السائل؛
انتظرت رسالتك طويلا!! أهلا بك، ومرحباً يا عزيزي.
أعتقد أنني منذ وقت طويل جدا كنت أعتقد أن التمرد على المسرحية التي نعيشها يتلخص في الاعتراض بطريقة: يا جماعة مش معقول اللي بيحصل ده!! ولعلك حين تصغي لمن حولك ستجد الشكوى مستمرة، وهي من المعالم الأصيلة لشخصية أغلب المصريين!!.
يمكن أن أكتب لك أنا أيضًا يومياتي مع "القرف"، وتمنيت لو أن باحثا يقوم بتحليل كلام الناس في بلدنا الجميل هذا، ليحصي لنا كم نكرر هذه الكلمة؟! وتمنيت أن أسأل من يشكو كما سأل الحسن البصري –على ما أتذكر- وقد التفت بعد موعظة أبكت الحاضرين في المسجد فوجد كتابه قد سرق فقال: كلكم يبكي فمن سرق الكتاب؟!!
وددت أن أقول لمن يشكون: كلكم يشكو فمن أفسد الأحوال؟!! إذن أرجو ألا تعتقد أنك خارج عن أدوار المسرحية تشكو منها... المصري الشكاء (كثير الشكوى) هو دور رئيس في المسرحية مثله مثل المصري الصامت سواء بسواء!!!
ولدى أغلبنا من مهارات الشكوى، وحكايات الهري عن "القرف" ما يمكننا أن نملأ به موسوعات مطولة تدخلنا موسوعة جينيس للأرقام القياسية!!!
تحدثني عما أعرفه وأعيشه يوميا في الشارع والإعلام، والمسجد، وأنقل لك ما أطلعني عليه صديق عزيز بالأمس كمثال : تفضل صديقي هذا وأراني موقعا لديانة أمريكية حديثة نوعاً يقول موقعهم أنهم الأوسع والأسرع انتشارا في العالم!!!
الموقع متاح لتطلعوا عليه، وأريد أن أشير إلى مسألة واحدة فيه، وهي أنهم لا يقدمون لأنفسهم بوصفهم أصحاب مواعظ ومقالات مطولة حول كلام نظري يذكر للبشر ما هو الصواب والخطأ، أو أي سرد ممل مما تشتكي منه، كما لا يرهقون القارئ ببكائية على أحوال الإنسانية، وما تقترفه من آثام، أو تعيشه وتمارسه من قرف!!!
تركيز الموقع هو على تقديم الحلول، والبرامج، والدورات، والقراءات التي من خلالها يصبح الناس أنجح وأسعد ويستطيعون إصلاح وتحسين حياتهم!!
هذه المهارة منقرضة وغائبة عن حياتنا يا صديقي!!!
أنت ترى أن المجاملات الفارغة، أو الفهلوة المتعالمة، أو الجهل المتفشي، أو التذاكي، والادعاء بالباطل، ترى هذه وغيرها آفات تجعل من حياتنا جحيما أرضيا، وأنا أضيف الشكوى التي أغرقتنا بها، وتغرق بها حياتك!!! هي زهرة في نفس الباقة النكدة، وحلقة في نفس المنظومة البائسة!!!
كل الناس من حولك يفسدون ويشتكون، ويحلمون ويتمنون، ونشر كلامهم قد يحمل توثيقا لبعض الأنين، لكنه لا يحرك الواقع قيد أنملة!!
إدمان الشكاوي، وتبادلها، وزخرفتها، ومضاعفتها... وسيمفونيات ألحان الهري والقرف تراث خالد منذ قدماء المصريين، ولن يتقدموا إلا إذا كفوا عن هذا الهراء كله، وغيروا من طباعهم هذه إلى تبادل الخبرات البناءة، ومقترحات عملية لتحسين حياتهم، ولا بأس أن يتعلموا من غيرهم!!!
قبل أن أتركك لا يفوتني أن أقول لك أنني كثيرا ما أنتقد أشياءًا حولي، وكثيرا ما أتلقى ردودا معتادة من قبيل: لماذا هذا التشاؤم ولماذا لا تنشر التفاؤل؟!
وأنا أعتقد أن وضع كل نقد على مسطرة (تفاؤل/ تشاؤم) هو من جملة السخف، والضعف العقلي العام، ولكنني أيضًا أستطيع أن أقول لك بضمير مستريح أن العقل الذي لا ينتج إلا الشكوى هو عقل كسول يسرد لنا ما يراه دون أن يعمل فيه أدنى درجات التأمل والتحليل، ودون أن يبحث له في خبرات العالمين عن حلول نسبية، أو جزئية، أو حتى مقترحات ممكنة لتحسين الأحوال!!!
وأزعم أن لدينا من هذه العقول الكسولة ما أوصلنا إلى التخلف الذي تشكو منه، ولا أحب أن تكون جزءًا منه!!!
التعليق: دكتور أحمد ،
نرجو أن تشاركنا لينك الموقع المذكور في رد حضرتك.
شكرا