أريد حلا لمشكلتي
السلام عليكم؛
أنا هاجر مطلقة أريد أن أجد حلا لا أقدر على الصلاة أو قراءة القرآن وأحس أني مقيدة ولا أقدر على القيام بأي عمل مهما كان بسيطا، كنت أجاهد نفسي للقراءة لكن أتعذب حينما أبقى وحيدة ولا أعلم أي العذاب أحس به ما نوعه؟ فقط إن شيئا ما بداخلي يتعذب أتألم لترك القرآن والصلاة فكم من مرة سقطت أرضا أبكي لعدم قدرتي على قراءة القرآن، في الصلاة أحس وكأن لساني ثقيلا ومن الصعب تحريكه أخاف أن أموت وأنا لم أقم بواجبي بعد.
ومرة أحس أني منافقة وأن لا شيء يحدث وذلك حينما أنوي التكلم مع أحد في هذا الموضوع فأحس بالبلادة والسذاجة وكأني أريد أن أسخر من نفسي، أود لو أنفجر ضحكا وأنا أكتب هذه الكلمات لا أعلم، أنا أتعذب فقط يداي مقيدتان ففي السابق استدعيت رجلا من الدين ورقاني لكنه قال إنه الخوف فقط، ساعدوني فحبي للصلاة يعادل خوفي منها وحبي لله يجعلني أظن أني منافقة وأني لست مسلمة قط، أعينوني لا أريد شيئا فقط أن أصلي ولو كما يصلي الناس وقراءة القرآن الذي كلما سمعته يخشع قلبي لذكر الله ويزداد في الخوف.
ساعدوني أرجوكم
6/5/2013
رد المستشار
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد:
أختنا الكريمة "هاجر"؛
على خلاف ما تظنين فعندما قرأت كلماتك وجدتني أمام امرأة مؤمنة عمر قلبها الحب لله تعالى والخوف منه، فأنت يا سيدتي لا تشتكين عرضا من الدنيا رغم ما تعانينه من أمور دنيوية كما قرأت من بين السطور في رسالتك، لكن الذي أهابك وأخافك وأقلق مضجعك هو أنك لا تقدرين على الصلاة وقراءة القرآن، وكل ما تتمنينه هو أن تعودي لسالف عهدك من حسن العلاقة بالله تعالى، كل هذا يتلاشى معه وساوس الشيطان لك أنك منافقة، بل أنت مؤمنة شديدة الإيمان.
وعدم قيام الإنسان ببعض الواجبات أو تقصيره لا يعني نفي الإيمان عنه، فقد شرب رجل الخمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان كلما شرب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقيم عليه حد الشرب، حتى سبه أحد الصحابة، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال عنه: "إنه رجل يحب الله ورسوله".
كل ما هنالك أن وساوس الشيطان معك شديدة، فهو يحاول أن ييئسك من رحمة الله تعالى، وأن يبعدك عن طريقه سبحانه، وما ذاك إلا لأنك على الطريق الصحيح، ولو وجدك بعيدة لما وسوس إليك، إن غايات الشيطان مع الإنسان متعددة، وله أهداف يريد أن يحققها، فإن لم يستطع واحدة نظر إلى الأخرى، المهم أن ينال منه.
وأول مقاصد الشيطان مع الإنسان: الكفر والخروج عن الملة.
فإن لم يستطع، وسوس له حتى يوقعه في الشرك والبدع.
فإن لم يستطع وسوس له بفعل الكبائر من الذنوب والمعاصي.
فإن لم يستطع وسوس له فعل الصغائر.
والشيطان يدخل للإنسان من مدخل الخير كما يدخل له من مداخل الشر.
ووساوس الشيطان تؤثر على الحالة النفسية للإنسان، مما قد يوصله إلى المرحلة التي قد وصلت إليها من كونك لا تستطعين الحركة أو فعل أي شيء.
والحل هنا هو الخروج من هذه الحالة النفسية، فما أنت فيه ما هو إلا وهم ضاغط على نفسيتك، اخرجي منه بحسن الثقة بالله تعالى وعدم اليأس من رحمته، كما قال سبحانه: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]، لكني أرى أن الحل ليس مدخله دينيا فحسب، ولكن الحل يكمن في أن تخرجي من تلك الحالة التي أنت فيها، وأن تعيشي حياتك بشكل طبيعي جدا، كأي امرأة في الوجود، مارسي حياتك الطبيعية، اخرجي وتزاوري مع غيرك، مارسي الأنشطة التي تحبينها، لا تحبسي نفسك في تلك القوقعة التي أوقعك الشيطان فيها، حاولي أن تشتركي في بعض الأعمال بالجمعيات الخيرية، عاودي التواصل مع صديقاتك الطيبات، تزاوري مع قريباتك ورحمك، تنزهي في الحدائق والأماكن التي تعيد لك الحياة.
وأنت تعيشين الحياة الطبيعية ستجدين نفسك قادرة على أداء الصلوات وقراءة القرآن، ثم إن الصلاة قد يسرها الله تعالى لنا غاية التيسير، فالإنسان الذي لا يستطيع أن يصلي واقفا فليصلي قاعدا، فإن لم يستطع فعلى جنب كما أخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم.
وعليك بالدعاء والابتهال إلى الله تعالى أن يخفف عنك ما أنت فيه.
تحاملي على نفسك وصلي ركعتي حاجة واسأل الله تعالى بقلبك الصادق الذي كأني أراه رؤيا العين أن يزيل عنك ما أنت فيه.
رددي تلك الآيات بتمعن: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64) قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}
اقرئي آية سورة الفاتحة:
اقرئي آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255]
تعوذي بالله تعالى من كل شر كما جاء على لسان الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام ومن ذلك ما يقوله الإنسان عند الكرب:
"لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ العظيم الحليم، لا إله إلا اللَّه رَبّ العَرْشِ العظيم، لا إله إلا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأرْضِ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمُ".
"يا حَيُّ يا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أسْتَغِيثُ"
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أهمّه الأمررفع رأسَه إلى السماء فقال: سُبْحانَ الله العَظِيمِ، وإذا اجتهد في الدعاء قال: "يا حَيُّ يا قَيُّومُ".
وعن عليّ رضي الله عنهم قال: لَقَّنني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات، وأمرني إن نزل بي كرب أو شدّة أن أقولها: "لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ الكَرِيمُ العَظِيمُ، سُبْحانَهُ، تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ العَرْش العَظِيمِ، الحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العالَمِينَ".
وقد قال صلى الله عليه وسلم" دَعَوَاتُ المَكْرُوب: "اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أرْجُو فَلا تَكِلْنِي إلى نَفْسي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وأصْلِحْ لي شَأنِي كُلَّهُ، لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ".
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرأ آيَةَ الكُرْسِيّ وَخَوَاتِيمَ سُورَةِ البَقَرَةِ عِنْدَ الكَرْبِ، أغاثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ"
وفي الحديث: "إِني لأَعْلَمُ كَلِمَةً لا يَقُولُهَا مَكْرُوبٌ إِلاَّ فُرِّجَ عَنْهُ: كَلِمَةَ أخي يُونُسَ صَلَّى الله عليه وسلَّمَ، (فنَادَى فِي الظُّلُماتِ: أنْ لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ سُبْحانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة عند الفزع كلمات: "أعوذ بِكَلِماتِ اللَّهِ التَّامَّةِ من غضبه وشر عباده، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وأنْ يَحْضُرُونِ".
فهذه بعض الأدعية التي ستنزل على قلبك بردا وسلاما، فرددي الآيات القرآنية المذكورة وادع الله تعالى بما ذكرت لك من أدعية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكلي ثقة أنك ستعودين أفضل مما كنت.
ونحن – بعد الله- معك في أي شيء عندك.
حفظك الله تعالى من كل شر، وعافاك في دينك ودنياك.
اللهم آمين